تعريف بالشاعر:
هو ( ألكسندر بوشكين (
ويكتب بالروسية ( Алекса́ндр Серге́евич Пу́шкин) أمير شعراء روسيا وكاتب روائي ومسرحي، ولد في موسكو في 6 يونيو عام 1799 م. نشأ في أسرة من النبلاء كانت تعيش حياة الترف. كان والده شاعرًا بارزًا فساهم ذلك على إنماء موهبته الشعرية. ترجع جذوره إلى أصول حبشية والدته ( ناديشد أوسيبافنا ) كانت حفيدة (إبراهيم جانيبال او هانيبال)، أفريقي ومن الضباط المقربين لدى القيصر بطرس الأكبر، ورث بعض الملامح الإفريقية، حيث امتلك شعرا أجعد، وشفتين غليظتين.
اظن ان غرابة العنوان تسترعي منا ان نثبت ماذهبنا اليه، ولعل المتتبع لهذا الشاعر العظيم والمهتم بالشأن الشعري لادباء روسيا سيعلم بعد ان يراجع التاريخ الفني والابداعي لهذا الشاعر ان كلامنا صحيح ولا يجانب الحقيقة باي شكل من الاشكال. وللاطلاع اكثر على ماهية هذا الانسان الذي يختلف اختلافا جذريا عن غيره في بنائه وتأملاته وافكاره وطريقة ايمانه وتناوله لمواضيع اعماله الادبية المتعددة...
يعد "بوشكين" من أعظم الشعراء الروس في القرن التاسع عشر، ولقب بأمير الشعراء. ودراسة هذا الشاعر تدفعنا إلى دراسة الادب الروسي جملة، ومعرفة مراحل القيصرية الروسية منذ "بطرس الأول" حتى "نيقولا الأول"، وكذلك معرفة الحوادث التاريخية التي وقعت في النصف الأول من القرن التاسع عشر.
وبالرغم من أن بوشكين لم يعش أكثر من 36 عامًا، فإنه قد ترك الكثير من الآثار الأدبية؛ لدرجة أن قراءه يشعرون أنه قد عمَّر كثيرًا..
يعتبر عصر بوشكين هو العصر الذهبي للشعر الروسي، وهو عصر التقارب بين الأدب الروسي من جهة والآداب العربية والشرقية من جهة أخرى.
وعُرف العهد الذي عاش فيه بوشكين بالاستبداد الاجتماعي؛ فكانت السلطات مركزة بين القيصر والنبلاء، وكان بوشكين الذي انحدر من أسرة نبيلة يعبر عن انحلال وسطه، ويطالب بحرية الشعب، بوصفه المرجع الأول والأخير للسلطة، وكان أول من دعا إلى الحد من سيادة النبلاء في روسيا، وكان ناقما على مجتمعه مطالبًا بتقييد الحكم القيصري وإعلاء شأن النظام الديمقراطي بين الناس.. ولكن ما يؤخذ عليه أنه حصر بعض آماله في الحصول على بعض الحريات السياسية والثقافية.
تأثر في بدء طلعته بالأدب الفرنسي، ولكنه ما إن نضج واحتك بالمجتمع حتى اتجه صوب الأدب الإنجليزي، وتأثر باتجاه بيرون وشكسبير الذي نحا نحوه في مسرحياته مع احتفاظه بالطابع الروسي.
ومن الجدير بالذكر أنه قد زار القرم والقوقاز وتأثر بالمحيط الإسلامي، وكتب بعض القصائد التي تشير إلى هذا التأثير: "الأسير القوقازي" و"القوقاز"، و"الليالي المصرية" التي لم يكمل كتابتها، وفي أثناء هذه الزيارة اهتم بتعلم اللغة العربية.
هو ( ألكسندر بوشكين (
ويكتب بالروسية ( Алекса́ндр Серге́евич Пу́шкин) أمير شعراء روسيا وكاتب روائي ومسرحي، ولد في موسكو في 6 يونيو عام 1799 م. نشأ في أسرة من النبلاء كانت تعيش حياة الترف. كان والده شاعرًا بارزًا فساهم ذلك على إنماء موهبته الشعرية. ترجع جذوره إلى أصول حبشية والدته ( ناديشد أوسيبافنا ) كانت حفيدة (إبراهيم جانيبال او هانيبال)، أفريقي ومن الضباط المقربين لدى القيصر بطرس الأكبر، ورث بعض الملامح الإفريقية، حيث امتلك شعرا أجعد، وشفتين غليظتين.
اظن ان غرابة العنوان تسترعي منا ان نثبت ماذهبنا اليه، ولعل المتتبع لهذا الشاعر العظيم والمهتم بالشأن الشعري لادباء روسيا سيعلم بعد ان يراجع التاريخ الفني والابداعي لهذا الشاعر ان كلامنا صحيح ولا يجانب الحقيقة باي شكل من الاشكال. وللاطلاع اكثر على ماهية هذا الانسان الذي يختلف اختلافا جذريا عن غيره في بنائه وتأملاته وافكاره وطريقة ايمانه وتناوله لمواضيع اعماله الادبية المتعددة...
يعد "بوشكين" من أعظم الشعراء الروس في القرن التاسع عشر، ولقب بأمير الشعراء. ودراسة هذا الشاعر تدفعنا إلى دراسة الادب الروسي جملة، ومعرفة مراحل القيصرية الروسية منذ "بطرس الأول" حتى "نيقولا الأول"، وكذلك معرفة الحوادث التاريخية التي وقعت في النصف الأول من القرن التاسع عشر.
وبالرغم من أن بوشكين لم يعش أكثر من 36 عامًا، فإنه قد ترك الكثير من الآثار الأدبية؛ لدرجة أن قراءه يشعرون أنه قد عمَّر كثيرًا..
يعتبر عصر بوشكين هو العصر الذهبي للشعر الروسي، وهو عصر التقارب بين الأدب الروسي من جهة والآداب العربية والشرقية من جهة أخرى.
وعُرف العهد الذي عاش فيه بوشكين بالاستبداد الاجتماعي؛ فكانت السلطات مركزة بين القيصر والنبلاء، وكان بوشكين الذي انحدر من أسرة نبيلة يعبر عن انحلال وسطه، ويطالب بحرية الشعب، بوصفه المرجع الأول والأخير للسلطة، وكان أول من دعا إلى الحد من سيادة النبلاء في روسيا، وكان ناقما على مجتمعه مطالبًا بتقييد الحكم القيصري وإعلاء شأن النظام الديمقراطي بين الناس.. ولكن ما يؤخذ عليه أنه حصر بعض آماله في الحصول على بعض الحريات السياسية والثقافية.
تأثر في بدء طلعته بالأدب الفرنسي، ولكنه ما إن نضج واحتك بالمجتمع حتى اتجه صوب الأدب الإنجليزي، وتأثر باتجاه بيرون وشكسبير الذي نحا نحوه في مسرحياته مع احتفاظه بالطابع الروسي.
ومن الجدير بالذكر أنه قد زار القرم والقوقاز وتأثر بالمحيط الإسلامي، وكتب بعض القصائد التي تشير إلى هذا التأثير: "الأسير القوقازي" و"القوقاز"، و"الليالي المصرية" التي لم يكمل كتابتها، وفي أثناء هذه الزيارة اهتم بتعلم اللغة العربية.
ونتيجة لتأثره بتاريخ جده إبراهيم جانيبال، فقد خصص رواية كاملة بعنوان "عبد بطرس العظيم" يحكي فيها قصة هذا الجد الذي تم إهداؤه إلى القيصر بطرس الأول، وأصبح من المقربين إليه، وتعد هذه الرواية من أعظم الروايات التاريخية الواقعية في تاريخ الأدب الروسي.
تلقى بوشكين تعليمه في معهد النبلاء للتعليم الثانوي والعالي معا، ومدة الدراسة به ست سنوات، وقد أنشأ هذا المعهد "ألكسندر الأول" لتجهيز شباب الأسر الروسية العريقة لتولي المناصب الهامة في دائرة الحكومة القيصرية مستقبلا .
من المعروف أن بوشكين في حياته الدراسية التفت حوله حلقة من عشاق الأدب والمفكرين والشعراء، وقد لاحظ الكثير من أساتذته موهبته العالية في نظم الشعر، وتميزت أحاسيسه بالقوة، وكان محبا وعطوفا على عامة الشعب، وحدثت بعض الوقائع التاريخية في أثناء دراسة بوشكين بالمعهد، وهى: مساهمة روسيا في السياسية الأوربية، وغزو نابليون لروسيا، وحرق موسكو، وزحف الجيوش الروسية على أوربا، وسقوط باريس، والقبض على نابليون ونفيه.. كل ذلك دفع بوشكين إلى المطالبة بالحرية في روسيا.
أثرت سنوات دراسة بوشكين في تعزيز نزعته الأدبية والسياسية، كما كتب العديد من القصائد الشعرية في أثناء دراسته بالمعهد، مثل: "أمنية " و"العلم" و"رسالة إلى بودين". وبعد أن تخرج من المعهد أُسندت إليه وظيفة في وزارة الخارجية الروسية، وما تكاد ساعات العمل تنتهي حتى يفر إلى مجتمعات "بطرسيبورج" فيرتاد أنديتها الأدبية والعلمية
عرف عن بوشكين حبه للتجديد في شعره الذي كان يهدف من خلاله إلى إلغاء القيصرية، والقضاء على حق استرقاق الفلاحين.
كتب بوشكين الكثير من المؤلفات التي عبّرت عن الحياة الثقافية والاجتماعية لروسيا في ذلك الوقت، مثل: "المصباح الأخضر"، و"إرزاماس"..
انعكس حبه للحرية والعدالة في كتاباته، مثل:
"إلى تشاداييف"، و"حكايات"، و"القرية"،
كما كتب العديد من القصائد الشعرية، مثل: "الأسير القوقازي"، و"الأخوة الأشرار"، و"النور"،
كان بوشكين متحمسًا للاتجاه العاطفي الرومانتيكي؛ لأنه كان يعتبره منافيًا لسائر الأساليب التي يقوم عليها الأدب الكلاسيكي المزيف، وكذلك فإنه يعطي للكاتب حق التصرف بالفكرة الموضوعة، ولكنه ما لبث بعد فترة أن غير اتجاهه إلى الواقعية، وألَّف بعض الأعمال التي عبّرت عنها فجاءت من صميم الحياة. وقدم بوشكين للقارئ من خلال أعماله صورًا من حياة أشراف روسيا، ونمط معيشتهم، وما اتسمت به الطبيعة الروسية.
أراد بوشكين إحداث تغيير جوهري في المسرحيات الروسية وانقلابًا في المسرح الروسي كله؛ فاتجه إلى شكسبير، ووجد في مسرحياته الانطلاق، والإخلاص، والحقائق، والأهداف السامية، ورأى أن المسرح الروسي يتلاءم ومسرحيات شكسبير الشعبية في ذلك الوقت
في نوفمبر عام 1852 توفي "ألكسندر الأول" فجأة، وتولى "قسطنطين" الحكم، الذي تخلى عنه لأخيه نيقولا ، لم يكد "نيقولا" يعتلي العرش حتى هبت ثورة "الديسمبرين" في 14 ديسمبر عام 1825، والتي تعد أول حركة ديمقراطية منظمة في روسيا، وكان بوشكين منحازا للديسمبرين، ونتج عن هذه الثورة قتل بعض زعمائها ونفي آخرين إلى مجاهل سيبريا
لم يستطع القيصر نيقولا أن يجد في مؤلفات بوشكين ما يشير إليه أو إلى سياسته فنقله من قرية "ميخايلوفسك" إلى موسكو، مستخدمًا معه أسلوب اللين والمراوغة .
أراد القيصر أن يجعل بوشكين شاعر البلاط، ويتغنى بالسلطات الرسمية خالعًا عليها كل آيات الثناء والتمجيد، وقد استطاع بوشكين بذكاء وحيلة التقرب من القيصر بالرغم من انتقاده له ولسياسته، ونتيجة لهذه العلاقة وجهت لبوشكين تهمة الخيانة.
وفي عام 1831 تزوج بوشكين من أجمل فتيات روسيا "نتاليا نيقولا لايفنا جونتشاروفا"، وأنجب منها 4 أبناء، وقبل وفاة بوشكين كان مضطهدا من القيصر الذي كان يضايقه دائما؛ إما بنقله من مدينة لأخرى، أو إعطائه بعض الوظائف التي لا تليق بمكانته.
توفي بوشكين مقتولا في مبارزة له مع أحد النبلاء الفرنسيين، والذي كان يدعى "دانتس"؛ دفاعا عن شرفه في وجه الشائعات التي أشيعت حول علاقة زوجته "نتاليا" بهذا الشاب الفرنسي، وكانت زوجته بريئة منها.. حدث له هذا عام 1837 عن عمر يناهز 36 عاما.
اهتم بوشكين بتراخي الشعب الروسي وقضاياه؛ سواء كانت اجتماعية سياسية أو تاريخية، وظهر ذلك بوضوح في مسرحيته التاريخية التراجيدية "بوديس جودونوف" التي توخى فيها الدقة التاريخية والتحقق من صحة الأحداث، وكان موضوعها الشعب والسلطة..
أراد بوشكين أن يقول من خلالها إن السلطة لن تكون مهيبة إن لم تعتمد على الرأي العام
كما كتب روايته الشعرية الشهيرة "الغجر"، والتي ظل عاكفا عليها لمدة سنتين، وكتب قصة "الأمية القائدة"، والرواية الشعرية "الفارس النحاسي" التي استوحاها من تمثال بطرس الأكبر، القائد بساحة مجلس الشيوخ في "بطرسبورغ" .
وكان بوشكين من أشد المعجبين بهذا القيصر، وكتب الكثير من المؤلفات عنه،
وتعد رواية "دوبرفسكي"، التي تحكي عن شاب هارب من إحدى طبقات النبلاء، أعظم ما كتب في تاريخ الأدب الروسي؛ فمن خلالها رسم بوشكين صورة للحياة الروسية في بداية القرن التاسع عشر، وما كان سائدا من استبداد النبلاء واسترقاق الفلاحين في ذلك الوقت
تحدث عن الطبيعة، والحب، والصداقة، ووطنية الشعب الروسي في كثير من أشعاره، مثل: "إلى البحر"، و"أحبك"، و" الخريف في بولدينة" ، أما رواية "أوجين" أو "نيجين" فتعتبر أول رواية شعرية واقعية في تاريخ الأدب الروسي، وقد حصلت على لقب "موسوعة الحياة الروسية"؛ حيث يظهر فيها أمام القارئ جميع طبقات المجتمع الروسي في ذلك الوقت .
يرى بوشكين أن هناك رابطة بين الشعر والمجتمع وبين الفن والتعليم، كذلك يرى أن الفن يجب أن يكشف عن حقيقة الحياة، وأن يمتلك علاقة عميقة بإبداع الشعب، بل وأن يكون له طابع وطني . تميزت كتاباته بالواقعية؛ فكان أول من دعا إلى (المذهب الواقعي) في الأدب الروسي الذي يقوم على وقائع الحياة البشرية، وصور جميع المجتمع الروسي من فلاحين، وأشراف، وصناع، وحرفيين، وأعيان نبلاء نتيجة لاطلاعه على الحقائق الروسية التاريخية، وتعرفه على مختلف نواحي الحياة في بلاده ومعرفته لتاريخها، وتتبعه للعلاقات بين طبقات الشعب..
يقول الاستاذ عنتر عبدالطيف :
« قرأ تفسيرا للقرآن الكريم باللغة الفرنسية ليبدع رائعته» ليلة القدر «متأثرًا بالتراث الإسلامي»..أنه الشاعر الروسى الشهير«ألكسندر بوشكين» والذي يعد من أعظم الشعراء الروسي، كما أن مؤلفاته ترجمت إلى كل اللغات العالمية
«بوشكين» هو أول من دعا إلى المذهب الواقعي وله الفضل في صياغة اللغة الروسية ففي زمنه كانت اللغة الفرنسية هي لغة القصور والأدب وتوفي «بوشكين» عن 36 عاما، وسميت فترة إنتاجه في القرن التاسع عشر بالعصر الذهبي للشعر الروسي.
***
قيل عن بوشكين أنه القلم الحر الذي دافع عن المظلومين، فبالرغم من انتماءه إلى طبقة ارستقراطية إلا أنه جسد بأعماله الشعرية والنثرية الشخصية النموذجية، أعمالاً تنتمي إلى مختلف طبقات المجتمع الروسي من فلاحين وأميين.
حذرته إحدى العرافات من أنه سيلقى مصرعه على يد امرأة تدعى ناتاليا جاتشروفا، ورغم ذلك تزوجها وأنجب منها 4 أبناء.
عقب ترويج شائعات عن ارتباط زوجته بالنبيل الفرنسي جورج دانتس، طلب بوشكين مبارزة هذا النبيل ليتلقى طعنة مات على إثرها متأثرًا بإصابته بعد ثلاث أيام لتتحقق نبؤة العرافة".
كل هذا أتى بثماره في تبلور نزعته الواقعية في الأدب والشعر ، وقد استوقفتني اعماله بشكل مذهل ينم عن شيء مخفي لا يزال سرا، يكمن في بناء روحية وايمان هذا الانسان العبقري العظيم في شأنه، ومن يتمعن هنا في هذه القصيدة على سبيل المثال لا الحصر سيواجه صحة كلامي ودقة تنبؤي، يقول بوشكين هنا في واحدة من قصائده الكثيرة في هذا المجال:
من سلسلة " محاكاة القرآن "
أقسم بالشفع و بالوتر ،
أقسم بالسيف و بمعركة الحق ،
أقسم بنجمة الصبح ،
أقسم بصلاة العصر .
كلا ، أنا ما هجرتك .
فمَن إذن شملتُ برعايتي ،
و أنزلت السكينة عليه ،
و حميته من المطاردة القاسية .
ألستُ أنا الذي سقيتك
من ماء الصحراء في يوم العطش ؟
ألست أنا الذي وهبت لسانك
سلطاناً عظيماً على العقول ؟
كُنْ شجاعاً إذن ، احتقر الخداع ،
اتبع درب الحق بهمة عالية ،
أحبب اليتامى ، و بشر بقرآني
للمخلوقات الضعيفة .
2
يا نساء النبي الطاهرات ،
يا مَن تتميزن عن كل النساء :
بالنسبة لكنَّ مرعب شبح الخطيئة .
في ظلِّ الطمأنينة الرغيد
عِشْن بتواضع : وجب عليكن
حجاب الفتاة العازبة .
و لتحفظنَ قلوبكن وفيةً
لأجل التنعّم شرعاً و حشمة ،
و لكي لا ترى عيون الكفار
الماكرة وجوهكن !
و أنتم ، يا ضيوف محمد ،
حين تتوافدون للسهر عنده ،
احرصوا على ألا تعكروا
النبي بشؤون دنياكم .
عند تحليق أفكاره بالصلوات
هو لا يحب المتحذلقين
و الكلام الفراغ غير المحتشم :
اكرموا مائدته بوداعة
و بانحناء عفيف
لزوجاته الشابات .
تلقى بوشكين تعليمه في معهد النبلاء للتعليم الثانوي والعالي معا، ومدة الدراسة به ست سنوات، وقد أنشأ هذا المعهد "ألكسندر الأول" لتجهيز شباب الأسر الروسية العريقة لتولي المناصب الهامة في دائرة الحكومة القيصرية مستقبلا .
من المعروف أن بوشكين في حياته الدراسية التفت حوله حلقة من عشاق الأدب والمفكرين والشعراء، وقد لاحظ الكثير من أساتذته موهبته العالية في نظم الشعر، وتميزت أحاسيسه بالقوة، وكان محبا وعطوفا على عامة الشعب، وحدثت بعض الوقائع التاريخية في أثناء دراسة بوشكين بالمعهد، وهى: مساهمة روسيا في السياسية الأوربية، وغزو نابليون لروسيا، وحرق موسكو، وزحف الجيوش الروسية على أوربا، وسقوط باريس، والقبض على نابليون ونفيه.. كل ذلك دفع بوشكين إلى المطالبة بالحرية في روسيا.
أثرت سنوات دراسة بوشكين في تعزيز نزعته الأدبية والسياسية، كما كتب العديد من القصائد الشعرية في أثناء دراسته بالمعهد، مثل: "أمنية " و"العلم" و"رسالة إلى بودين". وبعد أن تخرج من المعهد أُسندت إليه وظيفة في وزارة الخارجية الروسية، وما تكاد ساعات العمل تنتهي حتى يفر إلى مجتمعات "بطرسيبورج" فيرتاد أنديتها الأدبية والعلمية
عرف عن بوشكين حبه للتجديد في شعره الذي كان يهدف من خلاله إلى إلغاء القيصرية، والقضاء على حق استرقاق الفلاحين.
كتب بوشكين الكثير من المؤلفات التي عبّرت عن الحياة الثقافية والاجتماعية لروسيا في ذلك الوقت، مثل: "المصباح الأخضر"، و"إرزاماس"..
انعكس حبه للحرية والعدالة في كتاباته، مثل:
"إلى تشاداييف"، و"حكايات"، و"القرية"،
كما كتب العديد من القصائد الشعرية، مثل: "الأسير القوقازي"، و"الأخوة الأشرار"، و"النور"،
كان بوشكين متحمسًا للاتجاه العاطفي الرومانتيكي؛ لأنه كان يعتبره منافيًا لسائر الأساليب التي يقوم عليها الأدب الكلاسيكي المزيف، وكذلك فإنه يعطي للكاتب حق التصرف بالفكرة الموضوعة، ولكنه ما لبث بعد فترة أن غير اتجاهه إلى الواقعية، وألَّف بعض الأعمال التي عبّرت عنها فجاءت من صميم الحياة. وقدم بوشكين للقارئ من خلال أعماله صورًا من حياة أشراف روسيا، ونمط معيشتهم، وما اتسمت به الطبيعة الروسية.
أراد بوشكين إحداث تغيير جوهري في المسرحيات الروسية وانقلابًا في المسرح الروسي كله؛ فاتجه إلى شكسبير، ووجد في مسرحياته الانطلاق، والإخلاص، والحقائق، والأهداف السامية، ورأى أن المسرح الروسي يتلاءم ومسرحيات شكسبير الشعبية في ذلك الوقت
في نوفمبر عام 1852 توفي "ألكسندر الأول" فجأة، وتولى "قسطنطين" الحكم، الذي تخلى عنه لأخيه نيقولا ، لم يكد "نيقولا" يعتلي العرش حتى هبت ثورة "الديسمبرين" في 14 ديسمبر عام 1825، والتي تعد أول حركة ديمقراطية منظمة في روسيا، وكان بوشكين منحازا للديسمبرين، ونتج عن هذه الثورة قتل بعض زعمائها ونفي آخرين إلى مجاهل سيبريا
لم يستطع القيصر نيقولا أن يجد في مؤلفات بوشكين ما يشير إليه أو إلى سياسته فنقله من قرية "ميخايلوفسك" إلى موسكو، مستخدمًا معه أسلوب اللين والمراوغة .
أراد القيصر أن يجعل بوشكين شاعر البلاط، ويتغنى بالسلطات الرسمية خالعًا عليها كل آيات الثناء والتمجيد، وقد استطاع بوشكين بذكاء وحيلة التقرب من القيصر بالرغم من انتقاده له ولسياسته، ونتيجة لهذه العلاقة وجهت لبوشكين تهمة الخيانة.
وفي عام 1831 تزوج بوشكين من أجمل فتيات روسيا "نتاليا نيقولا لايفنا جونتشاروفا"، وأنجب منها 4 أبناء، وقبل وفاة بوشكين كان مضطهدا من القيصر الذي كان يضايقه دائما؛ إما بنقله من مدينة لأخرى، أو إعطائه بعض الوظائف التي لا تليق بمكانته.
توفي بوشكين مقتولا في مبارزة له مع أحد النبلاء الفرنسيين، والذي كان يدعى "دانتس"؛ دفاعا عن شرفه في وجه الشائعات التي أشيعت حول علاقة زوجته "نتاليا" بهذا الشاب الفرنسي، وكانت زوجته بريئة منها.. حدث له هذا عام 1837 عن عمر يناهز 36 عاما.
اهتم بوشكين بتراخي الشعب الروسي وقضاياه؛ سواء كانت اجتماعية سياسية أو تاريخية، وظهر ذلك بوضوح في مسرحيته التاريخية التراجيدية "بوديس جودونوف" التي توخى فيها الدقة التاريخية والتحقق من صحة الأحداث، وكان موضوعها الشعب والسلطة..
أراد بوشكين أن يقول من خلالها إن السلطة لن تكون مهيبة إن لم تعتمد على الرأي العام
كما كتب روايته الشعرية الشهيرة "الغجر"، والتي ظل عاكفا عليها لمدة سنتين، وكتب قصة "الأمية القائدة"، والرواية الشعرية "الفارس النحاسي" التي استوحاها من تمثال بطرس الأكبر، القائد بساحة مجلس الشيوخ في "بطرسبورغ" .
وكان بوشكين من أشد المعجبين بهذا القيصر، وكتب الكثير من المؤلفات عنه،
وتعد رواية "دوبرفسكي"، التي تحكي عن شاب هارب من إحدى طبقات النبلاء، أعظم ما كتب في تاريخ الأدب الروسي؛ فمن خلالها رسم بوشكين صورة للحياة الروسية في بداية القرن التاسع عشر، وما كان سائدا من استبداد النبلاء واسترقاق الفلاحين في ذلك الوقت
تحدث عن الطبيعة، والحب، والصداقة، ووطنية الشعب الروسي في كثير من أشعاره، مثل: "إلى البحر"، و"أحبك"، و" الخريف في بولدينة" ، أما رواية "أوجين" أو "نيجين" فتعتبر أول رواية شعرية واقعية في تاريخ الأدب الروسي، وقد حصلت على لقب "موسوعة الحياة الروسية"؛ حيث يظهر فيها أمام القارئ جميع طبقات المجتمع الروسي في ذلك الوقت .
يرى بوشكين أن هناك رابطة بين الشعر والمجتمع وبين الفن والتعليم، كذلك يرى أن الفن يجب أن يكشف عن حقيقة الحياة، وأن يمتلك علاقة عميقة بإبداع الشعب، بل وأن يكون له طابع وطني . تميزت كتاباته بالواقعية؛ فكان أول من دعا إلى (المذهب الواقعي) في الأدب الروسي الذي يقوم على وقائع الحياة البشرية، وصور جميع المجتمع الروسي من فلاحين، وأشراف، وصناع، وحرفيين، وأعيان نبلاء نتيجة لاطلاعه على الحقائق الروسية التاريخية، وتعرفه على مختلف نواحي الحياة في بلاده ومعرفته لتاريخها، وتتبعه للعلاقات بين طبقات الشعب..
يقول الاستاذ عنتر عبدالطيف :
« قرأ تفسيرا للقرآن الكريم باللغة الفرنسية ليبدع رائعته» ليلة القدر «متأثرًا بالتراث الإسلامي»..أنه الشاعر الروسى الشهير«ألكسندر بوشكين» والذي يعد من أعظم الشعراء الروسي، كما أن مؤلفاته ترجمت إلى كل اللغات العالمية
«بوشكين» هو أول من دعا إلى المذهب الواقعي وله الفضل في صياغة اللغة الروسية ففي زمنه كانت اللغة الفرنسية هي لغة القصور والأدب وتوفي «بوشكين» عن 36 عاما، وسميت فترة إنتاجه في القرن التاسع عشر بالعصر الذهبي للشعر الروسي.
***
قيل عن بوشكين أنه القلم الحر الذي دافع عن المظلومين، فبالرغم من انتماءه إلى طبقة ارستقراطية إلا أنه جسد بأعماله الشعرية والنثرية الشخصية النموذجية، أعمالاً تنتمي إلى مختلف طبقات المجتمع الروسي من فلاحين وأميين.
حذرته إحدى العرافات من أنه سيلقى مصرعه على يد امرأة تدعى ناتاليا جاتشروفا، ورغم ذلك تزوجها وأنجب منها 4 أبناء.
عقب ترويج شائعات عن ارتباط زوجته بالنبيل الفرنسي جورج دانتس، طلب بوشكين مبارزة هذا النبيل ليتلقى طعنة مات على إثرها متأثرًا بإصابته بعد ثلاث أيام لتتحقق نبؤة العرافة".
كل هذا أتى بثماره في تبلور نزعته الواقعية في الأدب والشعر ، وقد استوقفتني اعماله بشكل مذهل ينم عن شيء مخفي لا يزال سرا، يكمن في بناء روحية وايمان هذا الانسان العبقري العظيم في شأنه، ومن يتمعن هنا في هذه القصيدة على سبيل المثال لا الحصر سيواجه صحة كلامي ودقة تنبؤي، يقول بوشكين هنا في واحدة من قصائده الكثيرة في هذا المجال:
من سلسلة " محاكاة القرآن "
أقسم بالشفع و بالوتر ،
أقسم بالسيف و بمعركة الحق ،
أقسم بنجمة الصبح ،
أقسم بصلاة العصر .
كلا ، أنا ما هجرتك .
فمَن إذن شملتُ برعايتي ،
و أنزلت السكينة عليه ،
و حميته من المطاردة القاسية .
ألستُ أنا الذي سقيتك
من ماء الصحراء في يوم العطش ؟
ألست أنا الذي وهبت لسانك
سلطاناً عظيماً على العقول ؟
كُنْ شجاعاً إذن ، احتقر الخداع ،
اتبع درب الحق بهمة عالية ،
أحبب اليتامى ، و بشر بقرآني
للمخلوقات الضعيفة .
2
يا نساء النبي الطاهرات ،
يا مَن تتميزن عن كل النساء :
بالنسبة لكنَّ مرعب شبح الخطيئة .
في ظلِّ الطمأنينة الرغيد
عِشْن بتواضع : وجب عليكن
حجاب الفتاة العازبة .
و لتحفظنَ قلوبكن وفيةً
لأجل التنعّم شرعاً و حشمة ،
و لكي لا ترى عيون الكفار
الماكرة وجوهكن !
و أنتم ، يا ضيوف محمد ،
حين تتوافدون للسهر عنده ،
احرصوا على ألا تعكروا
النبي بشؤون دنياكم .
عند تحليق أفكاره بالصلوات
هو لا يحب المتحذلقين
و الكلام الفراغ غير المحتشم :
اكرموا مائدته بوداعة
و بانحناء عفيف
لزوجاته الشابات .
ان المتتبع بشكل دقيق لشعر بوشكين يرى عمق التاثر بالاسلام وبالنتاج الحضاري والارث التاريخي الاسطوري لعصر ماقبل نشوء اللغة العربية الى عصر الرسول العربي الاكرم صلى الله عليه وسلم ، وقد بدا ذلك واضحا بعد ان قضى فترة من النفي عاش فيها بالقرب من سماع القران الكريم والاطلاع على بعض من احاديث الرسول (ص) لقرب منفاه من القوقاز والقوقازيين الذين كانوا يؤدون الطقوس العبادية الاسلامية، خصوصا وانه كان ينشد الاطلاع والتعرف على ماهية الدين الاسلامي لعوامل عديدة كان رفضه لبعض من نواميس الكنيسة واعتراضه عليها واحدا من الاسباب التي دعته لا يقتصر فقط على الاطلاع والتعرف المكثف فحسب انما ظهر ذلك علانية امام الناس وفي روسيا من خلال كتاباته ذائعة الصيت والشهرة لدى الناس وحتى داخل اروقة القصر الامبراطوري القيصري...
(( كانت سنوات النفي فرصة رائعة ليطلع بوشكين على ثقافة المسلمين وحضارتهم في القوقاز. شاهد الشاعر المسلمين وعاش بين جنباتهم وجالسهم ورآهم كيف يصلون وقرأ القرآن الكريم وأصغى إليه مرتلاً، وتعرف على سيرة النبي محمد (صلى الله عليه وسلم). وقد أثّر كل ذلك عليه فكتب قصائد (أسير القوقاز) (رسلان ولودميلا) (قبسات من القرآن) (الرسول) (ليلى العربية) (محاكاة العربي). كانت كل هذه المؤلفات تشير إلى إعجاب الشاعر بالإسلام ونبي الإسلام، وتدل على احترامه الكبير للثقافة الإسلامية. اعتبر الشاعر بوشكين العرب والمسلمين أمة ذات تراث عريق وأخلاق نبيلة. ...
يتناول الشاعر في قصيدة الرسول قصة نزول الوحي على النبي محمد (صلى الله عليه وسلم)، وقد أرفقها بمجموعة من القصائد المشفرة دلالة على تحديه للكنيسة الأرثوذكسية المتشددة.
يقول في هذه القصيدة عن ترجمة للدكتور شهاب غانم :
" مهموماً بالظمأ الروحي
كنت أجر خطاي في برية غير ذات زرع
عندما ظهر لي في مفترق الطريق
ملاك ذو أجنحة ستة وبأصابع من نور،
في مثل الحلم،
لمس حدقتي عيني،
فاتسعت الحدقتان النبويتان،
كما لو كانتا لنسر مذعور
ويصور بوشكين النهوض بعبء الرسالة التي بُعث من أجلها الرسول والتي سيسري نورها عبر البحار والأراضي ليخترق لهيبها قلوب الناس:
وناداني صوت الله انهض،
يا رسول وأبصر..
لبّ إرادتي وجب البحار والأراضي
وألهب بدعوتك قلوب الناس..))
ولو تمعنا دقيقا ومليَّا فيما بين سطورها وبالدقة الرؤيوية لهذا السيل المتتابع من الالتزام المتبصر لكل مفردة لراينا انه ليس من السهل على غير المسلم ان يتناول وفي مثل ظروف بوشكين مثل هذه القصائد او الطروحات لانها قد تودي بحياته الى نهاية لاتحمد عقباها، وربما كانت بالفعل هي السر غير المباشر الذي يقف وراء عملية اغتياله عن طريق المبارزة المفتعلة والمدبرة من ذي قبل...
وكما يقول الاستاذ (حسين علاوي):
"مثلما كان القرآن الكريم ملهماً لشعراء وأدباء كثيرين تأثروا بقيم الإسلام وتعاليمه الروحية في الشرق والغرب.. كان للقرآن الكريم دور كبير في التطور الروحي والإبداعي لشاعر روسيا الكبير ألكسندر بوشكين، بل وفي التكوين الروحي والفكري لرواد الحركة الوطنية الروسية.. إضافة الى السيرة النبوية.. التي صارت للكثير من صفوة المثقفين الروس ورواد الحركة الوطنية أنموذجاً للقدوة الحسنة الصابرة على الرسالة والمكافحة في سبيلها..
ورغم التباعد الذي تفرضه على بوشكين ثقافته وتربيته وديانته المسيحية الى إن الكثير من آرائه تتفق والفكر الإسلامي.. وإعجابه واحترامه الكبير لشخصية النبي.
فتناول المرحلة المبكرة من النبوة من خلال قصيدة الرسول التي كتبها عام 1924.. وقبسات القرآن عام 1926.. وهذه القصائد ليست محاولة لتقليد القرآن الكريم، أو كتابة شيء مشابه له، كما يدعي البعض، بل إن بوشكين قام بنقل بعض المواضيع الإنسانية
*****
العظيمة التي يزخر بها القرآن الكريم ليطرحها شعراً على أبناء قومه بلغتهم الأصلية وبأسلوب أدبي شيق وسهل.. فحاول أن يقدم تصوراً موضوعياً عن القرآن وعن النبي.
يستهل بوشكين قصيدة (الرسول) بمقطعين يلقيان الضوء على ظروف الرسول قبل تلقي الوحي مباشرة.. حيث التأمل في الكون.. والبحث عن حقيقة الوجود.. والعزلة في الصحراء للبحث عن إجابات شافية لأرق الفكر..
الرسول.
يضنينا عطش الروح،
وفي الصحراء الموحشة كنا نتمدد..
ثم يرسم بوشكين صورة شعرية لظهور جبريل على الرسول:
فظهر لنا في مفترق الطريق،
سارافيم ذو الأجنحة الستة،
وبأصابع خفية مثلما في حلم
لمس قرة عيني..
فانفرجتا مقلتاي النبويتان،
كأنهما عينا نسر مذعور..
وهنا يتخيل بوشكين صورة جبريل بستة أجنحة، أي ثلاثة من كل جانب ولعل بوشكين قد تسلم صورة جبريل من سورة فاطر (الحمد لله فاطر السموات والأرض جاعل الملائكة رسلاً أولى أجنحة مثنى وثلاث ورباع يزيد في الخلق ما يشاء أن الله على كل شيء قدير).
وفي رواية لابن مسعود، ان رسول الله رأى جبريل في صورته وله ستمائة جناح منها ما قد سد الأفق.. فهل كان بوشكين على بينه من قول ابن مسعود..؟ ربما فقد كان مصدر بوشكين في التعرف على السيرة النبوية والقرآن الكريم.. الى الترجمة للقرآن وللسيرة النبوية عام 1796 وكتابات المستشرق الروسي بولديريف وكتابه (رحلة محمد الى السماء) وكتاب (حياة محمد) لايرفرينج.
وصورة ظهور جبريل على الرسول وإصابته بالهلع الذي يرسمه الخيال الشعري لبوشكين في صورة (النسر المذعور) اشتقاها من كتب السيرة التي تروي أن رسول الله لما جاءه جبريل وهو في غار حراء، في أول ظهور للوحي، رجع الى زوجته خديجة يرجف فؤاده.. فقال زملوني زملوني أي دثروني..
ثم يصور بوشكين التغيير الذي يحدث مع الرسول بعد أن أوتي النبوة، إذ تكشف أمامه أسرار العالم وما وراء الطبيعة الذي لا يدركه العاديون من البشر وظهور جبريل للرسول يحدثه..
فأصغيت الى رعدة السماء،
وتحليق الملائكة في الأعالي،
وسريان حركة أغوار البحار،
ونمو الكرمة النائية،
ويصور بوشكين النهوض بعبء الرسالة التي بعث من أجلها الرسول والتي سيسرى نورها عبر البحار والأراضي ليخترق لهيبها قلوب الناس..
وناداني صوت الله
انهض، يارسول وابصر..
لب إرادتي
وجب البحار والأراضي
والهب بدعوتك قلوب الناس..
وهذا المقطع مستلهم من معاني الآيات.. (1-3) من سورة المدثر (يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ، قُمْ فَأَنْذِرْ، وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ).
وقد اختلف النقاد الروس في تحديد شخصية الرسول المقصود في قصيدة بوشكين الرسول.. فبينما ذهب البعض الى ربط الصورة الشعرية للرسول عند بوشكين بسيرة المسيح عيسى نجد البعض الآخر يؤكد أن النبي المقصود هو الرسول محمد وربما يكون مرجع هذا الاختلاف ظهور إسم أسارافيم محل جبرائيل، وهو الإسم المكلف بأن ينفخ في الصور يوم القيامة..
وفي المسيحية إسم لملائكة التسبيح.. إلا أن بوشكين تأثر بمشهد القيامة التي يصفها القرآن.. وفي ليلة القدر التي ظهر الملاك جبريل للرسول محمد في الصحراء حسب بعض الروايات.
أما القصائد التسع التي يجمعها العنوان (قبسات من القرآن) فتظهر تأثر بوشكين الكبير بالقرآن وبالتراث الروحي للمسلمين.. وعلى قدرة القرآن على عبور آفاق الزمان والمكان والتغلغل في نفوس البشر من غير المسلمين.
فكان القرآن الكريم وحسب المصادر الروسية أول كتاب ديني يدهش خيال الشاعر بوشكين ويقوده الى الدين إلا أن بوشكين وخوفه من القيصر كان يخفي عن أصدقائه ذلك التأثر والانتقال من العلاقة غير الجادة بموضوعات الدين الى العلاقة الجادة به، وما كان يحدث في داخل روحه..
وهناك آراء ووجهات نظر كثيرة من الباحثين والنقاد الروس باهتمام بوشكين بالقرآن الكريم وما أثارته قبسات من القرآن ومحاكاة القرآن من ضجة واسعة في الأوساط الأدبية آنذاك..
ويستهل بوشكين قصيدته (قبسات من القرآن) باقتباس من سورة الضحى..
أقسم بالشفع وبالوتر،
وأقسم بالسيف وبمعركة الحق،
وأقسم بالنجم الصباح،
وأقسم بصلاة العشاء،
لا لم أودعك..
ثم يصور بوشكين خروج الرسول مهاجراً الى المدينة ويؤسس على معاني الآية (40) من سورة التوبة المقطع الثاني من القصيدة الأولى..
يا من في ظل السكينة
دسست رأسه حباً
وأخفيته من المطاردة الحادة
ألست أنا الذي رويتك في يوم قيظ
بحياة الصحارى؟
ألم أهب لسانك
سلطة جبارة على العقول..؟
إحمد إذن وازدري الخداع..
ثم يعود لاستلهام سورة الضحى في ختام القصيدة من الآية/ 9 (وأما اليتيم فلا تقهر..)
أحب اليتامى وقرآني
وبحر المخلوقات المهتزة..
وتعكس القصيدة الثانية تأثر بوشكين بالآيات القرآنية التي تدعو الى آداب الحجاب ونبذ التبرج، والتي تعلي من عفة زوجات الرسول ونزولهن عن الرغبة في التزين والحياة الدنيا مقابل البقاء مع الرسول.. وبخاصة الآيات (32-33) من سورة الأحزاب.
(يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً، وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى)..
*****
وكذلك الآية (53) من سورة الاحزاب: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ...).
إن بوشكين يؤسس على هذا المضمون صورته الشعرية في القصيدة على النحو التالي:
أية، يا زوجات الرسول الطاهرات
إنكن تختلفن عن كل الزوجات
فحتى طيف الرذيلة مفزع
لكن
في الظل العذب للسكينة
عشن في عفاف فقد علق بكن
حجاب الشابة العذراء
حافظن على قلوب وفية
من أجل هناء الشرعيين والخجلى
ونظرة الكفار الماكرة
لا تجعلنها تبصر وجوهكن
أما أنتم يا ضيوف محمد
وأنتم تتقاطرون على أمسياته
احذروا فبهرجة الدنيا تكدر رسولنا..
فهو لا يحب الثرثارين
وكلمات غير المتواضعين والفارغين
شرفوا مأدبته في خشوع
وانحنوا في أدب
لزوجاته الشابات المحكومات..")
ولو امعنا النظر بشكل موسع لمفردات النصوص التي تم تناولها من قبل النقاد، لاكتشفنا اننا امام انسان مؤمن مثلما يعتمر قلوبنا الايمان، وانا هنا عندما اثبت رأيي هذا وبهذا الشكل لانني عندما اقرا شعر انسان وما يصدر عنه في ظروف كالتي مر بها وعاشها بوشكين، وما يحيط به منضغوط وتاثيرات كنسية تكاد لاتفرق مسار وجزيئيات حياتهن وبهذا الانثيال والانهمار الوجداني الابداعي الشعري وبصريح المفردة لا بتضمينها او الاشارة اليها، لم يكن بوشكين - وهذا ما اتوقعه في تقديري – خائفا من طروحاتهن والا كيف تم تداول ما صدر عنه من منجز ابداعي في مختلف بقاع العالم، مع العلم انه اطلع على القران الكريم وعلى النصوص التي تخص الاحاديث وبعض التفاسير من اللغة الفرنسية التي كانت لغة القياصرة آنذاك وهي الاكثر شيوعا من الروسية، لحين ظهور انجازات وابداعات بوشكين الذي نادى الى الادب باللغة الروسية، وايده بذلك كثيرون، ومنذ عهد بوشكين بدأت اللغة الروسية بالانتشار الاوسع في التعاملات الثقافية وشيئا فشيئا بدأ نجم الفرنسية بالافول، وهذا الامر تأريخيا يثبت لبوشكين، وعلى لسان كبار الاعلام الروس، يقول الأديب الروسي العالمي دستويفسكي في أعماله الكاملة الآتي :
"كل الكوكبة الحالية من الأدباء تعمل على هدى بوشكين، ولم تصنع الجديد من بعده، فكل البدايات كانت منه، أشار بها علينا، ونحن صنعنا أقل مما أشار به علينا"
وتقول مكارم الغامري لموقع رصيف 22 :
"أن ألكسندر بوشكين يعد شمس الأدب الروسي وبداية البدايات، وأن تأثره بالشرق والإسلام يعود إلى عدة أسباب، منها أنه عاصر فترة ازدهار الاستشراق في روسيا، وأنه قرأ القرآن في ترجمة ميخائيل فيريوفكين 1790م ، ولكن هناك سبب أخر وهو أصول بوشكين الإفريقية والتي كانت دافعاً كبيراً لغوصه في أعماق الشرق."
يذكر أن بوشكين له في الأساس أصول إفريقية، تعود إلى إثيوبيا، وأنّ جد والدته كان يدعى إبراهيم هانيبال، عثر عليه وهو بعمر الـ8 سنوات، وتم اقتياده إلى تركيا ومن هناك اشتراه سفير روسي أهداه إلى القيصر بطرس الأول، واقتناه القيصر على عادة النبلاء في ذلك الوقت ، سرعان ما وضع بطرس الأول ثقته في إبراهيم وكان يوكل إليه الكثير من المهام وأرسله للتدريب العسكري في فرنسا، ثم عاد إلى روسيا ونصّب بمرتبة جنرال في الجيش الروسي، ونال من الأوسمة ما لا يناله الكثير من الروس، وقد تمكن عالم الأنثروبولجي أنوشتين من إثبات هذا النسب في التسعينيات.
كل هذا جعل بوشكين يحنّ إلى الشرق، وتذكر "الغمري":
" أنه خلال إقامة بوشكين في أوديسا توطد العلاقة بينه وبين بحّار مصري يدعى علي، وكان هذا في سنة 1823م، ويذكر بوشكين تلك الفترة بأنها مصدر "المتعة الوحيدة"، ويقول عن علي "من يعرف فربما جدي وجده من أقرب الأقارب " ، تأثر أمير شعراء روسيا بالقرآن والسيرة النبوية بشكل كبير وأخرج للمكتبة الروسية والعالمية قصيدتين الأولى حملت عنوان "محاكاة القرآن" والثانية "الرسول"، فقصيدة محاكاة القرآن كتبت في 1824م والرسول كتبت في 1826م .
تتحدث قصيدة الرسول عن الصعاب التي واجهت نبي الإسلام قبل نشر الدعوة، وهو ما تلامس مع الحس الثوري الذاتي عند بوشكين، ليتناول ما حدث في غار حراء وليلة القدر في صورة شعرية أسقطها على نفسه
فعندما كتب بوشكين عن النبي، إنما كان يرى فيه رسالة عظيمة كالتالي يحملها إلى روسيا، ورأى في صفاته كقائد عسكري ما حمله على الإعجاب به، متلامساً مع سيرة جده إبراهيم هانيبال اليتيم الذي كافح حتى أصبح من أعظم القادة العسكريين في جيش القيصر الروسي
تجدر الإشارة إلي أن دوستويفسكي وقف خلال حفل افتتاح النصب التذكاري لبوشكين في 1880م، وقرأ تلك القصيدة
"بانفعال وتوتر حتى بات من الصعب سماعه "
أما قصيدة "محاكاة القرآن"، فقد حملت الكثير من الجدل بداية من ترجمة عنوان القصيدة مروراً بالترجمة التي استند عليها بوشكين في محاكاته، ففي حديث مع موقع رصيف22، أبدى أستاذ الأدب الروسي، الدكتور محمد الجبالي، اعتراضه على ترجمة عنوان قصيدة بوشكين إلى "قبسات من القرآن" مؤكداً أن الترجمة الحرفية الأدق لها هي "محاكاة القرآن"
وعن هذا تقول مكارم الغمري أنها اختارت في كتابها "مؤثرات عربية وإسلامية في الأدب الروسي"، أن تستخدم عنوان قصيدة بوشكين كـ"قبسات من القرآن"، في حين أكدت أن الترجمة الحرفية هي "محاكاة القرآن"، ولكنها فضلت الترجمة الأولى لأن وقعها خفيف وغير صادم على القارئ.
*****
وعن التركيب البنيوي للقصيدة، فهي مكونة من تسع قصائد غير معنونة اعتمد بوشكين على ترقيمها فقط، وتشير الغمري أن القصائد تم استلهامها من القرآن مباشرة، فكما يشير الدكتور ممدوح أبو لوي،
فعلى سبيل المثال " مؤثرات الادب العربي في ادب بوشكين" استلهم في دراسته بوشكين القصيدة الخامسة من سورة لقمان والقصيدة السادسة من سورة الفتح" والقصيدة التاسعة من "سورة البقرة""
ويسترعي الانتباه أن القصيدة الثانية أعلى فيها بوشكين من قيمة العفة وحشمة المرأة في القرآن، فقد أتى على ذكر الحجاب وآدابه مستنداً إلى "سورة الأحزاب" والنصح بعدم الاتجاه إلى تبرج الجاهلية الأولى، وتشير الغمري، أنّ سبب هذا تجاوبه مع نفور بوشكين من البهرجة والتبرج السائد في طبقته الأرستقراطية، وميله إلى النموذج الإسلامي للعف.
كما يذكر فيكتور بوكاديف أن دوستويفسكي قال جملته الشهيرة عن تلك القصيدة: "ألا نرى فيها كاتباً مسلماً؟ ألا نستشف فيها الروح الحقيقة للقرآن والسيف والعظمة والقوة والإيمان الثابت؟"
وتجري كل عام مراسيم تقليدية لإحياء ذكرى بوشكين بجميع أنحاء البلاد وخارجها، كذكرى يوم ميلاد الشاعر والكاتب البارز، والذي يعتبر يوم اللغة الروسية تجدر الإشارة إلى أن تصنيف بوشكين من قبل العلماء كمؤسس اللغة الأدبية الروسية، لا يعني أنه كان أول كاتب أو شاعر يبدع روايات أو قصائد مثالية بهذه اللغة، بل إن بوشكين بات أول شخص استطاع الاستفادة في مؤلفاته من الفرص الغنية التي توفرها اللغة الروسية، وفي كل كتاب له يختبر بوشكين ليونة اللغة الأدبية الروسية ليرسم حدودها، ولو خسرت هذه اللغة جميع ناطقيها لكان بوسع العلماء إحياؤها استنادا إلى اعمال بوشكين كـ "ابنة الضابط" أو "يفغيني أونيغين" حصرا.
لقد اشغل بوشكين المشهد الثقافي الروسي والاوربي والعربي على حد سواء لنتاجاته المتميزة والعديدة والمتنوعة فمن الرواية الى القصة الى الشعر الى مداخل اخرى بالصوفية والفلسفة وغيرها حيث نشر اول أهم دواوينه الشعريه " رسلان و اودميلا "وعمره 15 عاما .
فى 1820 كتب بوشكين قصيده عنوانها " عن الحريه " و كانت سببا فى لفت نظر السلطات الحاكمه له و كانت النتيجه انه طرد من سانت بطرسبورج فذهب وعاش فى جنوب روسيا لمدة ثلاث سنوات و تعرف على اشعار لورد بيرون لأول مره.
وفى أوديسا بدأ بوشكين اعظم اعماله " يفجنى اونيجن " ( 1823 - 1831 ). لكن بعد سنه اضطر للعيش فى ميخائيلوفسكوى بعد ما وقعت فى ايدي السلطات مراسلات خاصة به و هناك عاش تحت المراقبه.
تقول " ناتاليا سيرغفنا" - متخصصة في الأدب الروسي –
( أن بوشكين ظاهرة لا تتكرر فقد جسد روح الحياة الروسية وهو كان أول من دعا إلى المذهب الواقعي وله الفضل في صياغة اللغة الروسية ففي زمنه كانت اللغة الفرنسية هي لغة القصور والأدب، مما يعني أن بوشكين هو الذي أعاد للروسية كرامتها وأصبحت بفضله لغة جبارة، كما أن مؤلفاته ترجمت إلى كل اللغات العالمية.
وأضافت ناتاليا أن" ليلة القدر" من بين أهم مؤلفات بوشكين والتي كتبها متأثرا بالتراث الإسلامي بعدما قرأ تفسيرا للقرآن الكريم باللغة الفرنسية.
وكان ألكسندر بوشكين من أوائل من ترجم القرآن الكريم إلى اللغة الروسية. ولديه 9 أشعار مستوحاة من بعض السور والآيات القرآنية أطلق عليها اسم "محاكاة القرآن".
ولم تكن مؤلفات بوشكين مجرد موسوعة الحياة الروسية، كما وصف الناقد الأدبي الشهير، "فيساريون بيلينسكي"، رواية "يفغيني أونيغين" الشعرية، بل وموسوعة اللغة الروسية بالدرجة الأولى، وذلك يفسر تخلف بوشكين في شعبيته خارج روسيا عن دوستويفسكي وتولستوي الَّلذين كانا يخلقان نماذج العالم الأكثر تعقيدا من حيث نفسية أبطال قصصهما، غير أن حب القارئ الروسي لبوشكين ما زال مستمرا على مدى عقود مضت منذ وفاته.
وكتب بوشكين في إحدى أشهر قصائده:
"لا سعادة في المعمورة بل الطمأنينة والحرية"،
وهاذان هما الثابتان اللذان كان الكاتب يعول عليهما في إبداعه وسيرته، إذ ميزت بوشكين القدرة الاستثنائية على تفادي الميل إلى أي طرف في الخلافات السياسية والاجتماعية المحتدمة، والتي هزت روسيا في الثلث الأول من القرن التاسع عشر .
ورغم شَعرِه الأجعد وشفتيه الغليظتين وأصوله الحبشية إلا أن ذلك لم يمنع الروسيات من الإعجاب به في زمانه، ولكن قلبه كان مغرما بلا حدود بواحدة من أجمل حسناوات موسكو وهي (ناتاليا جاتشروفا) ولم يأبه بتحذيرات عرافته التي أخبرته أن نهايته ستكون على يد تلك المرأة، ورغم ذلك تزوجها وأنجب منها اربعة أبناء.
ولم تستمر حياته السعيدة مع زوجته طويلا، فقد ضاق البلاط القيصري ذرعا بأشعاره، مما دفع بالقيصر ألكسندر الأول للقول إن بوشكين أغرق روسيا بالأشعار المثيرة والمناهضة التي تحفزها الشبيبة عن ظهر قلب لذلك يجب إيقافها.
ووقع بعد ذلك في شباك مكيدة محكمة دبرت له بترويج شائعات عن ارتباط زوجته بالنبيل الفرنسي (جورج دانتس)، مما جعله يدعوه إلى مبارزة للانتقام لشرفه ولكنه أصيب إصابة مميتة أودت بحياته بعد ثلاثة أيام فقط.
ومما تجدر الاشارة اليه، تم ازاحة الستار عن تمثال شاعر روسيا الكبير "ألكسندر بوشكين"، وذلك بحديقة الحرية أمام دار الأوبرا المصرية. وكان التمثال إهداء من المركز الثقافي الروسي والفنان الدكتور أسامة السروي، صانع التمثال لمحافظة القاهرة.
هذا الذي عرضناه من وجهة نظرنا يدعونا الى ان نثبت مابدأنا به، وهي رؤيتنا الشخصية التي نعتز بها مع حفظ حق الاخرين بابداء الراي وان كان مخالفا..
محبتي..
المصادر:
ويكيبيديا: الشاعر الروسي " الكسندر بوشكين"
ايمان الذياب: ( بوشكين امير شعراء روسيا)
صلاح محمد علي: (الكسندر بوشكين امير شعراء روسيا)
ناتاليا سيرغفنا - متخصصة في الأدب الروسي- بوشكين
نزار سرطاوي: احببتك/بوشكين/
"فيساريون بيلينسكي"، رواية "يفغيني أونيغين" لبوشكين
اماني مغاوري/ بوشكين/ دمعة حب حائرة
مكارم الغمري : مؤثرات عربية وإسلامية في الأدب الروسي ، الكويت ، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب ، 1991.
حسين علاوي: القران الكريم ملهما للشاعر بوشكين
ناظم الديراوي: القرآن الكريم في الشعر الكلاسيكي الروسي.
(( كانت سنوات النفي فرصة رائعة ليطلع بوشكين على ثقافة المسلمين وحضارتهم في القوقاز. شاهد الشاعر المسلمين وعاش بين جنباتهم وجالسهم ورآهم كيف يصلون وقرأ القرآن الكريم وأصغى إليه مرتلاً، وتعرف على سيرة النبي محمد (صلى الله عليه وسلم). وقد أثّر كل ذلك عليه فكتب قصائد (أسير القوقاز) (رسلان ولودميلا) (قبسات من القرآن) (الرسول) (ليلى العربية) (محاكاة العربي). كانت كل هذه المؤلفات تشير إلى إعجاب الشاعر بالإسلام ونبي الإسلام، وتدل على احترامه الكبير للثقافة الإسلامية. اعتبر الشاعر بوشكين العرب والمسلمين أمة ذات تراث عريق وأخلاق نبيلة. ...
يتناول الشاعر في قصيدة الرسول قصة نزول الوحي على النبي محمد (صلى الله عليه وسلم)، وقد أرفقها بمجموعة من القصائد المشفرة دلالة على تحديه للكنيسة الأرثوذكسية المتشددة.
يقول في هذه القصيدة عن ترجمة للدكتور شهاب غانم :
" مهموماً بالظمأ الروحي
كنت أجر خطاي في برية غير ذات زرع
عندما ظهر لي في مفترق الطريق
ملاك ذو أجنحة ستة وبأصابع من نور،
في مثل الحلم،
لمس حدقتي عيني،
فاتسعت الحدقتان النبويتان،
كما لو كانتا لنسر مذعور
ويصور بوشكين النهوض بعبء الرسالة التي بُعث من أجلها الرسول والتي سيسري نورها عبر البحار والأراضي ليخترق لهيبها قلوب الناس:
وناداني صوت الله انهض،
يا رسول وأبصر..
لبّ إرادتي وجب البحار والأراضي
وألهب بدعوتك قلوب الناس..))
ولو تمعنا دقيقا ومليَّا فيما بين سطورها وبالدقة الرؤيوية لهذا السيل المتتابع من الالتزام المتبصر لكل مفردة لراينا انه ليس من السهل على غير المسلم ان يتناول وفي مثل ظروف بوشكين مثل هذه القصائد او الطروحات لانها قد تودي بحياته الى نهاية لاتحمد عقباها، وربما كانت بالفعل هي السر غير المباشر الذي يقف وراء عملية اغتياله عن طريق المبارزة المفتعلة والمدبرة من ذي قبل...
وكما يقول الاستاذ (حسين علاوي):
"مثلما كان القرآن الكريم ملهماً لشعراء وأدباء كثيرين تأثروا بقيم الإسلام وتعاليمه الروحية في الشرق والغرب.. كان للقرآن الكريم دور كبير في التطور الروحي والإبداعي لشاعر روسيا الكبير ألكسندر بوشكين، بل وفي التكوين الروحي والفكري لرواد الحركة الوطنية الروسية.. إضافة الى السيرة النبوية.. التي صارت للكثير من صفوة المثقفين الروس ورواد الحركة الوطنية أنموذجاً للقدوة الحسنة الصابرة على الرسالة والمكافحة في سبيلها..
ورغم التباعد الذي تفرضه على بوشكين ثقافته وتربيته وديانته المسيحية الى إن الكثير من آرائه تتفق والفكر الإسلامي.. وإعجابه واحترامه الكبير لشخصية النبي.
فتناول المرحلة المبكرة من النبوة من خلال قصيدة الرسول التي كتبها عام 1924.. وقبسات القرآن عام 1926.. وهذه القصائد ليست محاولة لتقليد القرآن الكريم، أو كتابة شيء مشابه له، كما يدعي البعض، بل إن بوشكين قام بنقل بعض المواضيع الإنسانية
*****
العظيمة التي يزخر بها القرآن الكريم ليطرحها شعراً على أبناء قومه بلغتهم الأصلية وبأسلوب أدبي شيق وسهل.. فحاول أن يقدم تصوراً موضوعياً عن القرآن وعن النبي.
يستهل بوشكين قصيدة (الرسول) بمقطعين يلقيان الضوء على ظروف الرسول قبل تلقي الوحي مباشرة.. حيث التأمل في الكون.. والبحث عن حقيقة الوجود.. والعزلة في الصحراء للبحث عن إجابات شافية لأرق الفكر..
الرسول.
يضنينا عطش الروح،
وفي الصحراء الموحشة كنا نتمدد..
ثم يرسم بوشكين صورة شعرية لظهور جبريل على الرسول:
فظهر لنا في مفترق الطريق،
سارافيم ذو الأجنحة الستة،
وبأصابع خفية مثلما في حلم
لمس قرة عيني..
فانفرجتا مقلتاي النبويتان،
كأنهما عينا نسر مذعور..
وهنا يتخيل بوشكين صورة جبريل بستة أجنحة، أي ثلاثة من كل جانب ولعل بوشكين قد تسلم صورة جبريل من سورة فاطر (الحمد لله فاطر السموات والأرض جاعل الملائكة رسلاً أولى أجنحة مثنى وثلاث ورباع يزيد في الخلق ما يشاء أن الله على كل شيء قدير).
وفي رواية لابن مسعود، ان رسول الله رأى جبريل في صورته وله ستمائة جناح منها ما قد سد الأفق.. فهل كان بوشكين على بينه من قول ابن مسعود..؟ ربما فقد كان مصدر بوشكين في التعرف على السيرة النبوية والقرآن الكريم.. الى الترجمة للقرآن وللسيرة النبوية عام 1796 وكتابات المستشرق الروسي بولديريف وكتابه (رحلة محمد الى السماء) وكتاب (حياة محمد) لايرفرينج.
وصورة ظهور جبريل على الرسول وإصابته بالهلع الذي يرسمه الخيال الشعري لبوشكين في صورة (النسر المذعور) اشتقاها من كتب السيرة التي تروي أن رسول الله لما جاءه جبريل وهو في غار حراء، في أول ظهور للوحي، رجع الى زوجته خديجة يرجف فؤاده.. فقال زملوني زملوني أي دثروني..
ثم يصور بوشكين التغيير الذي يحدث مع الرسول بعد أن أوتي النبوة، إذ تكشف أمامه أسرار العالم وما وراء الطبيعة الذي لا يدركه العاديون من البشر وظهور جبريل للرسول يحدثه..
فأصغيت الى رعدة السماء،
وتحليق الملائكة في الأعالي،
وسريان حركة أغوار البحار،
ونمو الكرمة النائية،
ويصور بوشكين النهوض بعبء الرسالة التي بعث من أجلها الرسول والتي سيسرى نورها عبر البحار والأراضي ليخترق لهيبها قلوب الناس..
وناداني صوت الله
انهض، يارسول وابصر..
لب إرادتي
وجب البحار والأراضي
والهب بدعوتك قلوب الناس..
وهذا المقطع مستلهم من معاني الآيات.. (1-3) من سورة المدثر (يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ، قُمْ فَأَنْذِرْ، وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ).
وقد اختلف النقاد الروس في تحديد شخصية الرسول المقصود في قصيدة بوشكين الرسول.. فبينما ذهب البعض الى ربط الصورة الشعرية للرسول عند بوشكين بسيرة المسيح عيسى نجد البعض الآخر يؤكد أن النبي المقصود هو الرسول محمد وربما يكون مرجع هذا الاختلاف ظهور إسم أسارافيم محل جبرائيل، وهو الإسم المكلف بأن ينفخ في الصور يوم القيامة..
وفي المسيحية إسم لملائكة التسبيح.. إلا أن بوشكين تأثر بمشهد القيامة التي يصفها القرآن.. وفي ليلة القدر التي ظهر الملاك جبريل للرسول محمد في الصحراء حسب بعض الروايات.
أما القصائد التسع التي يجمعها العنوان (قبسات من القرآن) فتظهر تأثر بوشكين الكبير بالقرآن وبالتراث الروحي للمسلمين.. وعلى قدرة القرآن على عبور آفاق الزمان والمكان والتغلغل في نفوس البشر من غير المسلمين.
فكان القرآن الكريم وحسب المصادر الروسية أول كتاب ديني يدهش خيال الشاعر بوشكين ويقوده الى الدين إلا أن بوشكين وخوفه من القيصر كان يخفي عن أصدقائه ذلك التأثر والانتقال من العلاقة غير الجادة بموضوعات الدين الى العلاقة الجادة به، وما كان يحدث في داخل روحه..
وهناك آراء ووجهات نظر كثيرة من الباحثين والنقاد الروس باهتمام بوشكين بالقرآن الكريم وما أثارته قبسات من القرآن ومحاكاة القرآن من ضجة واسعة في الأوساط الأدبية آنذاك..
ويستهل بوشكين قصيدته (قبسات من القرآن) باقتباس من سورة الضحى..
أقسم بالشفع وبالوتر،
وأقسم بالسيف وبمعركة الحق،
وأقسم بالنجم الصباح،
وأقسم بصلاة العشاء،
لا لم أودعك..
ثم يصور بوشكين خروج الرسول مهاجراً الى المدينة ويؤسس على معاني الآية (40) من سورة التوبة المقطع الثاني من القصيدة الأولى..
يا من في ظل السكينة
دسست رأسه حباً
وأخفيته من المطاردة الحادة
ألست أنا الذي رويتك في يوم قيظ
بحياة الصحارى؟
ألم أهب لسانك
سلطة جبارة على العقول..؟
إحمد إذن وازدري الخداع..
ثم يعود لاستلهام سورة الضحى في ختام القصيدة من الآية/ 9 (وأما اليتيم فلا تقهر..)
أحب اليتامى وقرآني
وبحر المخلوقات المهتزة..
وتعكس القصيدة الثانية تأثر بوشكين بالآيات القرآنية التي تدعو الى آداب الحجاب ونبذ التبرج، والتي تعلي من عفة زوجات الرسول ونزولهن عن الرغبة في التزين والحياة الدنيا مقابل البقاء مع الرسول.. وبخاصة الآيات (32-33) من سورة الأحزاب.
(يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً، وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى)..
*****
وكذلك الآية (53) من سورة الاحزاب: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ...).
إن بوشكين يؤسس على هذا المضمون صورته الشعرية في القصيدة على النحو التالي:
أية، يا زوجات الرسول الطاهرات
إنكن تختلفن عن كل الزوجات
فحتى طيف الرذيلة مفزع
لكن
في الظل العذب للسكينة
عشن في عفاف فقد علق بكن
حجاب الشابة العذراء
حافظن على قلوب وفية
من أجل هناء الشرعيين والخجلى
ونظرة الكفار الماكرة
لا تجعلنها تبصر وجوهكن
أما أنتم يا ضيوف محمد
وأنتم تتقاطرون على أمسياته
احذروا فبهرجة الدنيا تكدر رسولنا..
فهو لا يحب الثرثارين
وكلمات غير المتواضعين والفارغين
شرفوا مأدبته في خشوع
وانحنوا في أدب
لزوجاته الشابات المحكومات..")
ولو امعنا النظر بشكل موسع لمفردات النصوص التي تم تناولها من قبل النقاد، لاكتشفنا اننا امام انسان مؤمن مثلما يعتمر قلوبنا الايمان، وانا هنا عندما اثبت رأيي هذا وبهذا الشكل لانني عندما اقرا شعر انسان وما يصدر عنه في ظروف كالتي مر بها وعاشها بوشكين، وما يحيط به منضغوط وتاثيرات كنسية تكاد لاتفرق مسار وجزيئيات حياتهن وبهذا الانثيال والانهمار الوجداني الابداعي الشعري وبصريح المفردة لا بتضمينها او الاشارة اليها، لم يكن بوشكين - وهذا ما اتوقعه في تقديري – خائفا من طروحاتهن والا كيف تم تداول ما صدر عنه من منجز ابداعي في مختلف بقاع العالم، مع العلم انه اطلع على القران الكريم وعلى النصوص التي تخص الاحاديث وبعض التفاسير من اللغة الفرنسية التي كانت لغة القياصرة آنذاك وهي الاكثر شيوعا من الروسية، لحين ظهور انجازات وابداعات بوشكين الذي نادى الى الادب باللغة الروسية، وايده بذلك كثيرون، ومنذ عهد بوشكين بدأت اللغة الروسية بالانتشار الاوسع في التعاملات الثقافية وشيئا فشيئا بدأ نجم الفرنسية بالافول، وهذا الامر تأريخيا يثبت لبوشكين، وعلى لسان كبار الاعلام الروس، يقول الأديب الروسي العالمي دستويفسكي في أعماله الكاملة الآتي :
"كل الكوكبة الحالية من الأدباء تعمل على هدى بوشكين، ولم تصنع الجديد من بعده، فكل البدايات كانت منه، أشار بها علينا، ونحن صنعنا أقل مما أشار به علينا"
وتقول مكارم الغامري لموقع رصيف 22 :
"أن ألكسندر بوشكين يعد شمس الأدب الروسي وبداية البدايات، وأن تأثره بالشرق والإسلام يعود إلى عدة أسباب، منها أنه عاصر فترة ازدهار الاستشراق في روسيا، وأنه قرأ القرآن في ترجمة ميخائيل فيريوفكين 1790م ، ولكن هناك سبب أخر وهو أصول بوشكين الإفريقية والتي كانت دافعاً كبيراً لغوصه في أعماق الشرق."
يذكر أن بوشكين له في الأساس أصول إفريقية، تعود إلى إثيوبيا، وأنّ جد والدته كان يدعى إبراهيم هانيبال، عثر عليه وهو بعمر الـ8 سنوات، وتم اقتياده إلى تركيا ومن هناك اشتراه سفير روسي أهداه إلى القيصر بطرس الأول، واقتناه القيصر على عادة النبلاء في ذلك الوقت ، سرعان ما وضع بطرس الأول ثقته في إبراهيم وكان يوكل إليه الكثير من المهام وأرسله للتدريب العسكري في فرنسا، ثم عاد إلى روسيا ونصّب بمرتبة جنرال في الجيش الروسي، ونال من الأوسمة ما لا يناله الكثير من الروس، وقد تمكن عالم الأنثروبولجي أنوشتين من إثبات هذا النسب في التسعينيات.
كل هذا جعل بوشكين يحنّ إلى الشرق، وتذكر "الغمري":
" أنه خلال إقامة بوشكين في أوديسا توطد العلاقة بينه وبين بحّار مصري يدعى علي، وكان هذا في سنة 1823م، ويذكر بوشكين تلك الفترة بأنها مصدر "المتعة الوحيدة"، ويقول عن علي "من يعرف فربما جدي وجده من أقرب الأقارب " ، تأثر أمير شعراء روسيا بالقرآن والسيرة النبوية بشكل كبير وأخرج للمكتبة الروسية والعالمية قصيدتين الأولى حملت عنوان "محاكاة القرآن" والثانية "الرسول"، فقصيدة محاكاة القرآن كتبت في 1824م والرسول كتبت في 1826م .
تتحدث قصيدة الرسول عن الصعاب التي واجهت نبي الإسلام قبل نشر الدعوة، وهو ما تلامس مع الحس الثوري الذاتي عند بوشكين، ليتناول ما حدث في غار حراء وليلة القدر في صورة شعرية أسقطها على نفسه
فعندما كتب بوشكين عن النبي، إنما كان يرى فيه رسالة عظيمة كالتالي يحملها إلى روسيا، ورأى في صفاته كقائد عسكري ما حمله على الإعجاب به، متلامساً مع سيرة جده إبراهيم هانيبال اليتيم الذي كافح حتى أصبح من أعظم القادة العسكريين في جيش القيصر الروسي
تجدر الإشارة إلي أن دوستويفسكي وقف خلال حفل افتتاح النصب التذكاري لبوشكين في 1880م، وقرأ تلك القصيدة
"بانفعال وتوتر حتى بات من الصعب سماعه "
أما قصيدة "محاكاة القرآن"، فقد حملت الكثير من الجدل بداية من ترجمة عنوان القصيدة مروراً بالترجمة التي استند عليها بوشكين في محاكاته، ففي حديث مع موقع رصيف22، أبدى أستاذ الأدب الروسي، الدكتور محمد الجبالي، اعتراضه على ترجمة عنوان قصيدة بوشكين إلى "قبسات من القرآن" مؤكداً أن الترجمة الحرفية الأدق لها هي "محاكاة القرآن"
وعن هذا تقول مكارم الغمري أنها اختارت في كتابها "مؤثرات عربية وإسلامية في الأدب الروسي"، أن تستخدم عنوان قصيدة بوشكين كـ"قبسات من القرآن"، في حين أكدت أن الترجمة الحرفية هي "محاكاة القرآن"، ولكنها فضلت الترجمة الأولى لأن وقعها خفيف وغير صادم على القارئ.
*****
وعن التركيب البنيوي للقصيدة، فهي مكونة من تسع قصائد غير معنونة اعتمد بوشكين على ترقيمها فقط، وتشير الغمري أن القصائد تم استلهامها من القرآن مباشرة، فكما يشير الدكتور ممدوح أبو لوي،
فعلى سبيل المثال " مؤثرات الادب العربي في ادب بوشكين" استلهم في دراسته بوشكين القصيدة الخامسة من سورة لقمان والقصيدة السادسة من سورة الفتح" والقصيدة التاسعة من "سورة البقرة""
ويسترعي الانتباه أن القصيدة الثانية أعلى فيها بوشكين من قيمة العفة وحشمة المرأة في القرآن، فقد أتى على ذكر الحجاب وآدابه مستنداً إلى "سورة الأحزاب" والنصح بعدم الاتجاه إلى تبرج الجاهلية الأولى، وتشير الغمري، أنّ سبب هذا تجاوبه مع نفور بوشكين من البهرجة والتبرج السائد في طبقته الأرستقراطية، وميله إلى النموذج الإسلامي للعف.
كما يذكر فيكتور بوكاديف أن دوستويفسكي قال جملته الشهيرة عن تلك القصيدة: "ألا نرى فيها كاتباً مسلماً؟ ألا نستشف فيها الروح الحقيقة للقرآن والسيف والعظمة والقوة والإيمان الثابت؟"
وتجري كل عام مراسيم تقليدية لإحياء ذكرى بوشكين بجميع أنحاء البلاد وخارجها، كذكرى يوم ميلاد الشاعر والكاتب البارز، والذي يعتبر يوم اللغة الروسية تجدر الإشارة إلى أن تصنيف بوشكين من قبل العلماء كمؤسس اللغة الأدبية الروسية، لا يعني أنه كان أول كاتب أو شاعر يبدع روايات أو قصائد مثالية بهذه اللغة، بل إن بوشكين بات أول شخص استطاع الاستفادة في مؤلفاته من الفرص الغنية التي توفرها اللغة الروسية، وفي كل كتاب له يختبر بوشكين ليونة اللغة الأدبية الروسية ليرسم حدودها، ولو خسرت هذه اللغة جميع ناطقيها لكان بوسع العلماء إحياؤها استنادا إلى اعمال بوشكين كـ "ابنة الضابط" أو "يفغيني أونيغين" حصرا.
لقد اشغل بوشكين المشهد الثقافي الروسي والاوربي والعربي على حد سواء لنتاجاته المتميزة والعديدة والمتنوعة فمن الرواية الى القصة الى الشعر الى مداخل اخرى بالصوفية والفلسفة وغيرها حيث نشر اول أهم دواوينه الشعريه " رسلان و اودميلا "وعمره 15 عاما .
فى 1820 كتب بوشكين قصيده عنوانها " عن الحريه " و كانت سببا فى لفت نظر السلطات الحاكمه له و كانت النتيجه انه طرد من سانت بطرسبورج فذهب وعاش فى جنوب روسيا لمدة ثلاث سنوات و تعرف على اشعار لورد بيرون لأول مره.
وفى أوديسا بدأ بوشكين اعظم اعماله " يفجنى اونيجن " ( 1823 - 1831 ). لكن بعد سنه اضطر للعيش فى ميخائيلوفسكوى بعد ما وقعت فى ايدي السلطات مراسلات خاصة به و هناك عاش تحت المراقبه.
تقول " ناتاليا سيرغفنا" - متخصصة في الأدب الروسي –
( أن بوشكين ظاهرة لا تتكرر فقد جسد روح الحياة الروسية وهو كان أول من دعا إلى المذهب الواقعي وله الفضل في صياغة اللغة الروسية ففي زمنه كانت اللغة الفرنسية هي لغة القصور والأدب، مما يعني أن بوشكين هو الذي أعاد للروسية كرامتها وأصبحت بفضله لغة جبارة، كما أن مؤلفاته ترجمت إلى كل اللغات العالمية.
وأضافت ناتاليا أن" ليلة القدر" من بين أهم مؤلفات بوشكين والتي كتبها متأثرا بالتراث الإسلامي بعدما قرأ تفسيرا للقرآن الكريم باللغة الفرنسية.
وكان ألكسندر بوشكين من أوائل من ترجم القرآن الكريم إلى اللغة الروسية. ولديه 9 أشعار مستوحاة من بعض السور والآيات القرآنية أطلق عليها اسم "محاكاة القرآن".
ولم تكن مؤلفات بوشكين مجرد موسوعة الحياة الروسية، كما وصف الناقد الأدبي الشهير، "فيساريون بيلينسكي"، رواية "يفغيني أونيغين" الشعرية، بل وموسوعة اللغة الروسية بالدرجة الأولى، وذلك يفسر تخلف بوشكين في شعبيته خارج روسيا عن دوستويفسكي وتولستوي الَّلذين كانا يخلقان نماذج العالم الأكثر تعقيدا من حيث نفسية أبطال قصصهما، غير أن حب القارئ الروسي لبوشكين ما زال مستمرا على مدى عقود مضت منذ وفاته.
وكتب بوشكين في إحدى أشهر قصائده:
"لا سعادة في المعمورة بل الطمأنينة والحرية"،
وهاذان هما الثابتان اللذان كان الكاتب يعول عليهما في إبداعه وسيرته، إذ ميزت بوشكين القدرة الاستثنائية على تفادي الميل إلى أي طرف في الخلافات السياسية والاجتماعية المحتدمة، والتي هزت روسيا في الثلث الأول من القرن التاسع عشر .
ورغم شَعرِه الأجعد وشفتيه الغليظتين وأصوله الحبشية إلا أن ذلك لم يمنع الروسيات من الإعجاب به في زمانه، ولكن قلبه كان مغرما بلا حدود بواحدة من أجمل حسناوات موسكو وهي (ناتاليا جاتشروفا) ولم يأبه بتحذيرات عرافته التي أخبرته أن نهايته ستكون على يد تلك المرأة، ورغم ذلك تزوجها وأنجب منها اربعة أبناء.
ولم تستمر حياته السعيدة مع زوجته طويلا، فقد ضاق البلاط القيصري ذرعا بأشعاره، مما دفع بالقيصر ألكسندر الأول للقول إن بوشكين أغرق روسيا بالأشعار المثيرة والمناهضة التي تحفزها الشبيبة عن ظهر قلب لذلك يجب إيقافها.
ووقع بعد ذلك في شباك مكيدة محكمة دبرت له بترويج شائعات عن ارتباط زوجته بالنبيل الفرنسي (جورج دانتس)، مما جعله يدعوه إلى مبارزة للانتقام لشرفه ولكنه أصيب إصابة مميتة أودت بحياته بعد ثلاثة أيام فقط.
ومما تجدر الاشارة اليه، تم ازاحة الستار عن تمثال شاعر روسيا الكبير "ألكسندر بوشكين"، وذلك بحديقة الحرية أمام دار الأوبرا المصرية. وكان التمثال إهداء من المركز الثقافي الروسي والفنان الدكتور أسامة السروي، صانع التمثال لمحافظة القاهرة.
هذا الذي عرضناه من وجهة نظرنا يدعونا الى ان نثبت مابدأنا به، وهي رؤيتنا الشخصية التي نعتز بها مع حفظ حق الاخرين بابداء الراي وان كان مخالفا..
محبتي..
المصادر:
ويكيبيديا: الشاعر الروسي " الكسندر بوشكين"
ايمان الذياب: ( بوشكين امير شعراء روسيا)
صلاح محمد علي: (الكسندر بوشكين امير شعراء روسيا)
ناتاليا سيرغفنا - متخصصة في الأدب الروسي- بوشكين
نزار سرطاوي: احببتك/بوشكين/
"فيساريون بيلينسكي"، رواية "يفغيني أونيغين" لبوشكين
اماني مغاوري/ بوشكين/ دمعة حب حائرة
مكارم الغمري : مؤثرات عربية وإسلامية في الأدب الروسي ، الكويت ، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب ، 1991.
حسين علاوي: القران الكريم ملهما للشاعر بوشكين
ناظم الديراوي: القرآن الكريم في الشعر الكلاسيكي الروسي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق