الأربعاء، 30 يناير 2019

قراءة بشذرات (أحمد نون).. بقلم الأديبة/ نور السعيدي

الشيء أو الوجود ، ولماذا ليس العدم ؟
العدم مفردة دوغمائية * بطابعها الصارم لا تقبل التأويل لِما تمتلك من مقومات صمودها الذاتية على إحداث معنى بين الأنطلوجيا وبين ثراءها الفلسفي الهرومونطيقيا كحضور وبزوغ ،،،،
لهذا تناولها كل الفلاسفة الغرب ،،، لتَجْسير الهوَّة بينها وبين الوجود ،، لكن الفلاسفة العرب الصوفية سبقوهم بقرون فوصلوا لأقصى مدى للبُعد المفقود ( كناموس دائري ) ممنوع من التشظي بسيمائيتها القادحة الغير قابلة للتدجين .
{ رأيتُ العدم في منامي ،، أستنكر لُعبتي بلغتهِ }
حوار رؤيوي لعالم موازي للحال لا للذوات ،،، بإستدرارٍ مُتأني للواعج الذات ، تموقع الشاعر مع بن عربي( الوجود المطلق يقابل العدم المطلق ) لأرضنة العدم ،،،، رافعاً فأسهُ الجليدي لمهاجمتهِ ورافضاً ( أن العدم إنكار غير مشروط بل هو أتصال كما لا إنفصال ) ،،،
مع إستحواذه على الأنا بمقصاتهِ الحادة العاملة بحرفية لدياليتك قوامهُ اللاتصالح ( أستنكر ) ،، هذه المفردة المُحصنة بالدال لتسحب المدلول المتعالي بحراسة مُشددة منه والشاعر لا يكفْ عن التمرد والإستبسال على أرضية الإستخفاف ( لعبتي ) ،،،،
مما يُحيل مبدأ العبث الغير قابل للذوبان بينهُ ( كوجود ) وبين العدم كمجاز لعالمه المُقرف ــ حيث سيادة الذات مع كامل الأحقية له بقانون اللعبة ،،،،
الذات التي لا تُضطرب الآ بقدر ما يُسرق منها ــ والشاعر جامح وبإستخاف كرياحٍ بالشوارع الخلفية لا يمكن قياس سرعتها ليُبقي النص بين التبعيض ( حلم جزء من الشاعر ) وبين التبغيض ( أستنكر ) ،،،،
وهذا ما يحوم حوله الشاعر للتموضع على مَحك مُنصف كيلا تتصدع الذات المُريدة ( كانط ) ،،،، هنا الشاعر كوجود ( ساخر ، متمرد ، يلعب ) ،،،
والعدم كعالم غيلان -- احمد نون -- ليس بحلم أركيلوجي* بل إمتصاص واقع ،،، ليس بالمدينة الفاضلة بل كحائط نائحات والأثنان يتصارعات حد التساوي .
{ أكسر أي شيئ بالمرآة وأشعر ببرودة العدم }.
عند مارتن هايدغر ( العدم ـ صميم الوجود بحالة القلق هو سيد الموقف المتعلق بأحوال الوجود ) ،،
يفجر الشاعر بمكيدة العقل المُستبد لحظة متنمرة مع سبق الإصرار ( أكسر) ،،،،،
هنا طفحت الموتيفيا* عالمه الشاخص أمامهُ ـ مرآتهُ المشاكسة ـ المتصاعد منها نشيد قرينهُ الساخر منا وعلينا ،،،
وقد هيكل خصوصيتها ،،،،، لا نِدْ له ولا عالم فانتازيا * بل مأزق وجودي لخلاصٍ جامح بمَلَكةٍ جسورة للإنقضاض على لحظة ميكانيزميا* ،،،،
أراد تصدعها بصولجان سلطان كيلا تتوالد عنده الى مالانهاية ،،،،،
هو ليس صراع أضداد -- بل عالمين حيث الوصول لنقطةٍ ما ،،، وفتح لنا نافذة على( سؤال ) ،،،
أين العدم إن كان الوجود هو الجواب الجاهز بزمنكانيتهِ ؟؟؟؟
هنا الأبداع ( بمجرد النزول للعالم الحسي ينكشف العدم ـ أفلاطون ) ،،،، ( اشعر ببرودة العدم ) ،،،،،
ومن خلف ستائر غير مرفوعة كغوصةٍ أخيرة ينقل النص من طمأنينة التناقض لمبدأ الغائية* ،، لما العدم يتسلطن علينا حين نُثرثر على أنهُ ،،،
اللاحضور ـ الموت ـ الفناء ـ اللاشيئ ،،،،
وعند الشاعر ،، هو ثبوت للأعيان ، شاهد ومشهود وهذا ما أطلق عليه بن عربي العدم الثبوتي ،،،
(((( ــ وجهك المجهول يجعل عالمي مخيفاً تجري برأسي كل دماء القرابين
ــ كنت أود ان اشرح لك العدم ـ لكنك تصرين على الغناء بحناجر الأموات
ــ أيتها البعيدة ، كل الطرق اليك مقطوعة بالكوارث .
ــ مثل كل الآلهة تزدادين جمالاً عند الغياب
ــ في لغتي لك أقدم السجون
ـ أحتاج الى ضجر كبير ـ الضجر الكافي لمعرفة سر جناحيك الحديديتين
ــ بعينكِ صمت الجزر الفارغة ـ فواكة معلقة بأشجار تشبه الدموع )))) .
أن الولوج لعالم هذا الشاعر ،،،
( لا تلمسي قصائدي أنها بجلد ميت مليئة بالليل والنمل ـ للشاعر) ،،،،
كالتحرش بطقوس الهنود الحمر الراقصين حول النار والراسمين على الرمال ،،،،،
هو يُدرك تماما اين يضع مفردة العدم بكامل كينونتها ـ درسها دراسة تيماتيكية حيث ،،، شجرة نَسبها ،،،، قَوْمانيتها القاموسية -- لتدخل صيرورة فوكو ( الصيرورة هي هوية العدم والوجود وخلالهما الزمنكانية ) ،،،
حيث الحصيلة الأصفى وقد عبر بنا الشاعر من الوجود للعدم وبالعكس ،،،
عاد وكأنهُ قادم من هَوَل ـ رأى كل شيئ صح ،،، وفهم صح ،،،، ألآ احتوائها ،،،،،
فلا هو يصمت ( كنت أود أن أشرح لك العدم ) ،،
ولا ألمها ينطق ( غناء بحناجر الأموات ) لأنها ،،،،،
كفيضان أعمى لا تُمسكها أصفاد تساؤلات ،، كحلولٍ فاترة وكأن لهفتها سلكت طريق الجلجلة كنارٍ حاقدةٍ ببيادر الفقراء ،،، لموت مؤجل من شروخ دالقةٍ دماء الغياب ،،،
هي المَشْبوبة وغير قادرة على نَجاعة تضاريس أقدم سجونها -- ولأن الأكتفاء أسوء الأعداء -- ،،،،
أكتفتْ هي بإيماءةٍ بين طغراءها النوستاليجي وبين ديمومة التوق ،،، بعيداً عن الجنسسانية ( بعينك صمت الجزر الفارغة ) لترحل بهمهمةٍ ،،،
-- يا هذا إن طائر القطا غير الغربان ،، كما المسافر غير القضبان .
(((( -- أنا الجرس الوفي للساني المقطوع .
ــ تغرد على حائطي طيور من طباشير .
ــ أجلسُ في بيتي ـ أوقع لأشباح إهداءات ولا أدري لِمَ يبكون .
ــ كلما نظرت في المرآة تسآلت من أين يأتي هؤلاء الغرباء .
ــ يركض في رأسي كل فجر بغلٌ سكران .
ــ أضع على قبوري العديدة أزهار من غبار .
ــ تدق في أحلامي قلوب من زنك .
ــ الألم ،، هو العطر العطر المصنوع من جلودنا )))) .
كل هذه الأبيجراميات* وكم ضغط على المفردة ليُقلص الخطاب بفلسفة وبُعد راقي ،،، وهو المحتال القادر على الإحتماء أينما يريد وكيف يتحرك بعيداً عن الأسلبة ( الخطوط العريضة ) ،،
لتأطير النصوص بمحايثة* ضاربة أطنابها بفضاءٍ جَوّاني حيث الأرتقاء لهالة التَسَيّد بخيال يُباغت القارئ ،،، والشاعر المغزو من العدم وقد صاغهُ بحرفية عبر شسوعاتهِ التي لا تُحد على أنهُ ( الوجود السديمي الأكثر عقلنة ) ،،،
غازياً الفن الأوقياني* وقد وضعنا على عتلة توازن الرعب ( أشباح ، طيور من طباشير أزهار من غبار ، بغل سكران ) لفوضى عارمة مع تراجع حَرون منه بمعية قرينهُ الأنذهالي وشاعرنا البرزخي ،،،
هو شاهد عيان يَشهدُ ويُشهد أن العدم هو ( الموجود نُزِعَ منه عين الوجود ) ،،،
{ وقفتُ على قبر لا يرقد فيه أي أحد ـ قرأتُ عليه بعض آيات العدم }
نور السعيدي 2 / 11 / 2018
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
دوغمائية ،، حالة من التعصب
أريكلوجي ،، عودة صفات السلف
الموتيفيا ،، الفكرة الرئيسية بدلالات وإيحاءات
صيرورة ،، دخول قضية ما بتطور وحركة متتالية
ميكانيزما ،، آليه الدفاع النفسي يستخدمها العقل رغماً عنه لمواجهة المخاطر
فانتازيا ،، تناول الواقع برؤية غير مألوفة
مبدأ الغائية ،، الأيمان بأن العالم معنى وغاية
الأبيجرام ،، نص قصير بكثافة معنى وكيان متكامل
المحايثة ،، التغلغل بجوهر الظواهر
الأوقياني ،، فنون لا تفقد قيمتها مع الوقت

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق