الأربعاء، 2 يناير 2019

تقديم الأديب العراقي الكبير و الأستاذ القدير غازي أبو طبيخ الموسوي ( آفاق نقديه ) لديوان الشاعر السوري محمد الدمشقي ( كؤوس وجد ) الصادر عن دار ليندا للطباعة و النشر و التوزيع :


اصدار جديد:
………………
نقلا عن صفحة الاديب الاستاذ محمد الدمشقي مدير ملتقى حديث الياسمين..
نبارك لشاعرنا الكبيرصدور ديوانه الجديد عن دار ليندا السورية، وسننشر بهذه المناسبة مقدمتنا المتواضعة له ،مؤكدين ان هذا الديوان وشاعره يستحقان اكثر بكثير مما قدمناه ،ولكن الايجاز ضرورة تستدعيها طبيعة المقام..
الاديب الكبير الاستاذ محمد الدمشقي المبدع النبيل..
صدقني سيظل الحديث عنك شخصاً وابداعاً قاصراً قياساً بما تقدمه من عطاء ثر على كل الاصعدة ،حد ان تؤثر على نفسك ولو كان بك خصاصة..
ايها الزميل العزيز..نعلم جيداً ما تتميز به من الملكات والمواهب،وماتبذله من جهود كبيرة في خدمة الحرف والثقافة العربية الاصيلة..وليت المجال اكثر سعة اذن لاعطيناك بعض حقوقك علينا في هذا التقديم الموجز الذي تفرض طبيعته مساحته الممكنة..
من هنا نقول ،مافي انفسنا اكبر بكثير مما.كتبناه عنك..ولكن الله الواهب سبحانه وحده الذي سيجازيك بالخير ودوام الابداع ورفعة المقام بعونه وتوفيقه وتسديده ،والسلام…
……
……
نص
منشور الاستاذ محمد الدمشقي :
………………………………………………...
فيما يلي تقديم الأديب العراقي الكبير و الأستاذ القدير غازي أبو طبيخ الموسوي ( آفاق نقديه ) لديواني ( كؤوس وجد ) الصادر عن دار ليندا للطباعة و النشر و التوزيع :
آفاق نقديه :
………………
ديوان كؤوس وجد :
.........................
إن كلمة الادب كما وردت في "معجم المعاني" تعني "الكلام البليغ الذي يؤثر في نفوس الناس سواء أكان شعراً او نثراً،ولقد تطور هذا المفهوم على مر العصور ،واتخذ العديد من المعاني حتى تكوّن بهذه الصياغة وهذا المعنى"..
هذا الفهم ذاته الذي اشتغل على اساسه شاعرنا الدمشقي الكبير ،منذ بدايات رحلته مع الإبداع الشعري،خاصة،ثم طبيعة تصوراته النقدية المتنامية لاحقاً..
إنما كان يشتغل على مستويين :
المستوى الاول :
حرصه الشديد على ان يجعل من نتاجه حافزاً محرضاً ،ومرآة يرى فيها جميع اعضاء الملتقى صورةَ منجزِهم وربما مستوى نتاجاتهم..
المستوى الثاني:
الحرص المقصود والهادف على أن يكون منجزه الشعري سلساً شفيفاً بعيداً عن التكلف ،نائياً بنفسه عن التقعيب والتقعير..
انه يكتب بما يمكن تسميته ب" البراءة الناضجة" التي تحفظ للابداع روحه الشعرية المحتشدة بالحيوية النفسانية والمكتظة بالمشاعر الصادقة الطافحة..
هذه الظاهرة تسمى في الاصطلاح النقدي العربي بإسم" السهل الممتنع" التي كانت همه الكبير،ومحور اشتغالاته ابداعاً ونقداً،ولكنه لم يتنازل طرفة عين عن زحزحة اداته التعبيرية عبر شتى انواع الإنزياحات والاغراض البلاغية التي كانت تاتي عفو الخاطر بعيداً عن التعسف وقسر المعطيات،كما هي حال هذا المقطع الذي بدأ به قصيدته الموسومة ب" عيد الحب"،والتي يقول في بعضها:
"رميتِ القلبَ بالآهاتِ لهواً
ولم تخشََي عليَّ من اللهيبِ
تقرّحتِ القلوبُ ومن يُداوي
جراحَ الناسِ في الزمنِ العجيبِ"..
ومن الجدير ذكره انه كان يشرح اسلوبه ويبين خصائص طريقته بين الفينة والفينة للمتابعين،بنفس اللغة الواضحة المباني ،والجلية الأطاريح...
والسهل الممتنع كما تفسره المعاجم اللغوية هو الاسلوب الذي يبدو ميسراً ظاهراً،انما يصعب تقليده او مضاهاته..والمدهش ان ميزته تلك لم تتاثر بما يحفل به وعيه المكتنز بالمخزون الثقافي الكبير..لكونه بطبيعته انسان رقيق الحاشية شفيف الروح ،تلقائي التفاعل سلوكاً وابداعاً.. وانطلاقاً من هذا الفهم لادب الدمشقي ندلف الى ديوانه ونحن نحمل فهماً لطريقته في التعبير وطريقته في التفكير ايضاً..
ولقد آثر ان يصنع من هذا الديوان متصفحاً تراتبياً،كنوع من تقديم الاهم ثم المهم ،انطلاقاً من منظور قيمي ،يبدأ بالأكثر قداسة واهمية،بحيث بدأ بالشام بٱعتبارها الاقدس اعتبارياً،حيث يقول في خطابه لها على عروض بحر الكامل:
"ذُبْ في هواها عاشقاً مُتصوّفا
واصدحْ بحبٍّ في فؤادِك هفهفا
قبّلْ سناها وارتشف علياءها
فالحب حين سقى رباها أسرفا
وكأنه سكب اللآلئ كلها
حتى غدا وجهُ المليحةِ مصحفا"
ويالجمال ما عرضناه،بخاصة هذا الانزياح البليغ البارع ،حيث تحول وجه المليحة الى مصحف مقدس يصعب التعبير عن صورته النورانية الباهرة ..وهذا ما خطر على بالي وانا اتصفح الديوان ،وكاني بشاعرنا قد قصد هذا الاستلهام النبيل، فعبّرتُ عنه آنفاً بالمتصفح ،نأياً ،عن مفردة المصحف، ولكن الشاعر وضعها في محلها الذي تليق به رقة وعذوبة وشرفاً،وقديماً قيل "لكل مقام مقال ،ولكل حادث حديث"..
ولقد رقق مبناه التعبيري،حد ان يحول المشهد الشعري الوطني الحماسي الى مناجاة حميمية مرهفة،مع العلم إن هذه السمات،لاتختص بهذه القصيدة وحسب،وإنما تمتد لتشمل جميع النصوص دون استثناء ..
إن ديوان "كؤوس وجد" عمل اراد منه الشاعر ان يصب الوجد في كؤوس شعرية ،
بحيث تكون كل قصيدة كاساً مفعماً بالمشاعر والمواقف والرؤى ولكنه جعل من الوجدان آليته البالغة التأثير لغاية توفير اكبر قدر من الانسجام والإقناع ..
ولقد كانت رومانسيته ،ومخياله تعبيراً عن التراصف الشرعي مع الحياة الجميلة باحزانها وافراحها ..فالحب و آهاته ،والوطن و دموعه ،الواقع و أشجانه ، والإنسان و هواجسه ذاتياً وموضوعياً..
هذا يعني ان الموضوعات جلّها من صميم الحياة،فمن الوطن ،الى الأم،الى الشهيد،الى عيد الحب،الى خلود الشعر،الى الاحتجاج الاجتماعي ،الى القدس وقضية الامة الكبرى، ثم ختام المسك المحمدي الكريم..
ولقد كان اختيار كثير من القوافي مقصوداً رغبة في منح العمود حيوية و حياة ، و انزياحات حداثية لافتة..
وإذا كانت البداية من دمشق الام الكبرى والحب الطاهر الابدي و والانتماء المقدس..فإنه يعقبها بنجوىً يبثها الى امه شخصيا،مستعرضاً من خلالها كضمير جمعي للمراة الشامية المجاهدة التي تحملت مسؤوليتها الانسانية والوطنية بعزيمة تبز عظام الرجال:
"حملت بقية فجرها وسناها
ومضت الى غدها تحث خطاها
عبرت سيول الموت دون مهابة
تحمي ضياء وجودها وشذاها"..
مرورا بالحب في زمن الحرب و الانسان في زمن الماديات،مسجلاً اروع الاحتجاجات التي تراوحت بين التلميح والتصريح..
بينا كان مسك الختام عودة من الشاعر الى مبعث الامان ، وصاحب السكينة،ونور المدينة،حيث الدعوة الى القيم الأصيلة، و تنقية الدين من كل ما علق به من لوثة عبر توضيح أخلاقياته وخصاله الحميدة:
" ولد الضياءُ فاشرقتْ دنيانا
وشدا الوجود بنوره وازدانا
صلى عليك الله يا خير الورى
مازلت فينا للهدى ربانا"
ولقد كان الشعر بالنسبة لشاعرنا الدمشقي عودة الى الحياة وطريقة عيش ،وحياة بديلة ..
ولكن المجال لا يتسع للبحث في تفاصيل المباني ولوامع المعاني فضلاً عن هذا الجم النضيد من الاغراض البلاغية والإنزياحات المتكاثرة التي نثرها كما ينثر اللؤلؤ على حريرة بيضاء..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق