الثلاثاء، 29 يناير 2019

الاديب/ محمد البابلي في وقفة مع قصيدة الشاعرة/ سارة فؤاد

الشعر هو مرآة الروح وترجمان القلب ورسول الشاعر وغايته التأثير بالمتلقي باسلوب نغمي توفره موسيقاه والشاعر عندما يمتلك الموهبة لابد من صقلها كالتبر لايمكن التعامل معه الا بعد تصفيته بالنار فلا بد ان يصقل تلك الموهبة بما وضع لها من اسس فنيه للبناء الشعري وهذا الصقل للموهبة الفذة لشاعرتنا(ساره فؤاد) نلاحظه جليا واضحا في قصائدها فهي لم تكتف بالموهبه بل تعدتها بدافع حبها للمعرفة ان تغوص في اعماق البحور الشعريه وتسافر الى قمم البلاغة العربيه وتستظل بظلال النحو وتقطف ازهار المعاني لتضع هذه اللمسات بقصائدها من احكام النحو وروعة البلاغة وحلاوة المعاني وموسيقية البيت الملائمة للالفاظ وبالعكس حتى كانها سبكت اللفظ مع المعنى والوزن كقطعة واحدة كالؤلؤ ثم جمعت ذلك في قلادة احكمتها من حيث المطلع وهو الركن المهم بالقصيدة العربيه لانه الاول في لفت انتباه المتلقي وتحريك مشاعره فجاء مطلع قصيدتها كما ارادت هي محققة غاية التأثير حيث قالت( البحر في عينيك يغرقني وتزيدني امواجه القا) ومن تحليل المطلع نلاحظ عمق الصورة الشعرية والخروج من الكلاسيكية الى التجديد فالغرق بالبحر لا يحبذه الانسان لكنه أي بحر هو تلك العيون التي وصفتها شاعرتنا بالبحر كما يقولون(العين بحر)فحولت كره الغرق المعتاد الى لذه والق عندما تصارع تلك النظرات للعين والتي كنتها بالامواج ثم تتنقل بالابيات جاعلة المتن للقصيدة مراد ماتتمنى وماتعبر عن مشاعرها ازاء من تعنيه فيها حيث تقول:
قلْ أيُّ سحرٍ أنــــــــــــتَ تملكهُ أم أيُّ حُسنٍ فيـــــــــكَ قد خُلقا
أم أيُّ طرفٍ صـــــــابَ عاشقهُ سلبَ المنــــــــامَ وسامــهُ أرقا
أهو الغرامُ يعيــــــــــشُ حاملهُ ليمـــوتَ مفتــــــــوناً بمن عَشقا
انظر الى بداهة البناء وروعة الصورة وهي تسائل من تعنيه ان يجيب عليها مستخدمة استفهامها منه باداة الاستفهام(أي) ثم تستفهم بالهمزة من باب (العتاب ) ايعيش العاشق الغرام ليموت مفتونا بمن عشقا . قمة الابداع بالاستفهام الحقيقي ثم تخاطبه بماتعانيه وماسبب لها فراقه من لوعة والم وتلهف وماكابدته من اشواق وكنت الفراق بالخريف اللذي اعلن سقمها ثم كسر الاغصان واحرق الورق باليباس مشبهة نفسها بالشجرة من غير تصريح حيث تقول:
أفنيتُ عمري فيــــــــكَ في ألمٍ وأضعتـــــــــهُ في لوعةٍ وشقا
ومضى خريفــــكَ مُعلناً سَقَمي كَسَر الفــــروعَ وأحرقَ الوَرَقا
ناجيتُ قلبـــــــكَ أنْ يواصلني يا ليتـــــــــهُ بالوصلِ قد صَدَقا
فهل الغـــــــــــرامُ أتى ليجمَعنا أم إنّـــــــــــــــــهُ سببٌ لنفتَرقا
مستفهمة منه هل الغرام هو وجد للجمع بين عاشقين ام هو سبب للفراق والالم واللوعة مدخلة هذا الاسفهام في دائرة مناجاتها له ثم تبهجنا بروعة الخاتمة وهي خلاصة المراد والغرض واحكامها كاحكام المطلع والا بدون احكامها ستبدو القصيدة مقطعة متعطشة للمزيد وتصبح اخرها (غصة ) لكن شاعرتنا لم يفتها ذلك فاحكمت خاتمتها كمطلعها بابيات مختتمة بها وجدها مصورة لحظة كتابتها للقصيدة واشتعال مشاعرها وحرقة فؤادها فيمن تعنيه . الى هنا اختم هذه النظرة المختصرة لقصيدة (لظى الحرف) متمنياً لشاعرتنا كل التوفيق والابداع لما تحملة من موهبة فذة ودراية ادبية واسعة مع بالغ تحياتي .....
**********
نص الشاعرة:
***********
"لظى الحزف"
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
البحرُ في عينيـــــــــكَ يُغرقني
وتُزيدني أمواجـــــــــــــهُ غَرَقا
والوردُ في خديّـــــــكَ يطعمني
عطراً أشمُّ أريجهُ العَبِقا
قلْ أيُّ سحرٍ أنــــــــــــتَ تملكهُ
أم أيُّ حُسنٍ فيـــــــــكَ قد نطقا
أم أيُّ طرفٍ صـــــــابَ عاشقهُ
سلبَ المنــــــــامَ وسامــهُ أرقا
أهوَ الغرامُ يعيــــــــــشُ حاملهُ
ليموتَ مفتــــــــوناً بمن عَشقا
أفنيتُ عمري فيــــــــكَ في ألمٍ
وأضعتـــــــــهُ في لوعةٍ وشِقا
ومضى خريفــــكَ مُعلناً سَقَمي
كَسَرَ الفــــروعَ وأحرقَ الوَرَقا
ناجيتُ قلبـــــــكَ أنْ يواصلني
يا ليتـــــــــهُ بالوصلِ قد صَدَقا
فهلِ الغـــــــــــرامُ أتى ليجمَعنا
أم إنّـــــــــــــــــهُ سببٌ لنفتَرقا
لتتيهَ نفسي بيـــــــــنَ لوعتِها
ظمآنةً والوصــــــــــــلُ مابرَقا
أشعلتَ وجدي بيــــــــنَ قافيتي
حتى تلظّى الحــــرفُ واحتَرقا
وتمايلتْ روحي على شغفٍ
والروحُ بي تستنطِقُ الأرقا
ساره فؤاد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق