الجمعة، 18 يناير 2019

رأيٌ في نصّ الشاعر غسّان الحجاج( حداثة جاهلي): بقلم الاديب اسامة حيدر



هذه مداخلةٌ 
بمحمولاتِ دراسةٍ كاملةٍ،
اخي وزميلي الناقد أ.أسامة حيدر الفاضل،
خاصة وهي تنفض الغبار عن الاسئلة المسكوت عنها
بجرأة نقدية عالية كنا قد عهدناها في سياقاتك الرصينة
منذ البداية..لذا اسمح لنا باعادة نشرها مع التقدير..
،،،
نص مداخلة الناقد
ابي فراس مع الاعتزاز الكبير:
،،،
رأيٌ في نصّ الشاعر غسّان الحجاج( حداثة جاهلي):
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
أساتذتي النقاد والأدباء :
الأستاذ شاكر الخياط والأستاذة نائلة طاهر :
لقد تناولتما هذا النصّ بحرفيّة وإبداع قلّ مثيله وأنا ممتنّ للكثير الذي تقدمانه لمسيرة النقد والذي قدمتماه لهذا النص الرائع المميّز . ولكن اسمحوا لي أن أدلو بدلوي وأقول رأيي فيه :
حداثة جاهليّ هذا هو عنوان النصّ الذي أراد شاعرنا غسان الحجاج منه هكذا أن يجمع بين الحداثة والشكل التقليدي في نص واحد إذ عدّ نفسه امتداداً لشعراء الجاهليّة ( النصّ الأمّ) وهو ابن هذا القرن . ومن البداية يمنحنا تعريفاً جامعا ربّما ينهي خلافاً حول الشعر بين المحافظين والمجددين أركانه اللغة )
/ فالشعر مات مع الإنسان يا لغتي /
ثمّ ( الأفكار ): / راودتها شغف الأفكار يعزفني /
( فالبوح - المعنى ) فاستعصم البوح عريانا بلا شفة /.
( فالبراءة ) الصّدق / محض البراءة في استرسال موهبتي /.
وهو يؤكّد أنّه نتاج قديم يشتجر بالحديث كما تشتجر الذؤابة بأهداب العين ويجمع بين المفردات القديمة والرمز والإشارات إلى الذّكر الحكيم ( والشعراء يتبعهم الغاوون )
/ ماهمت كلاّ ولا الغاوون تتبعني
إلاّ بوادي زهور في مخيلتي /
وألمح إشارة سريعة إلى نصّ كعب بن زهير ( بانت سعاد )
بانت سعاد فقلبي اليوم متبول
متيّمٌ إثرها لم يُفد مكبول
ويشعرني في بعض أبياته بحزنه الشديد بسبب غياب القصيدة التي يحبها :
غابت سعاد وغابت نجمتي معها
تجهم البدر من ظلكاء نافذتي
أدور حولي فلا ألقى صدى أثري
تبرّأ الحلم من أطياف ذاكرتي
بل يبحث جاهداً عنها وربّما عن الحبّ العذري الذي يريد ولكن عبثاً فهذه محبرته قد وضعت في لحدها وانتهى به المطاف ههنا
أجاهليّ الهوى من روحه سكنت
نصف الشياطين في ناووس محبرتي
لقد أراد أن يروّض هذه الشياطين لكنّه فقد عصاه فخاب ظنّه في ترويضها . لا نوارس تومئ بشاطئ الخلاص ولا رمال على شاطئه تعلن انتهاء رحلته . إنّها العواصف ولجج البحر والضياع ولا مفرّ وإن اختبأ فالأماني كبيرة ولا مجال لتحقيقها .
اللغة أمّه التي احتضنته و الكلامُ قصيدٌ منها وهو الولد العاقُّ :
فالحبّ قاتلٌ لصاحبه والشوق في القلب يتلألأ
وبعد :
ماذا يريد هذا العملاق أن يقول :
النصّ ينظّر لنا فيضعنا أمام نقاشات حادّة حول القصيدة التقليدية والحديثة ( عنترة في حبّه وغسّان في عشقه ) ثمّ يدفعنا لنبارك كشفه الجديد في تعريف الشعر ( الشعر لغة وفكرة ومعنى وصدق في المشاعر )
ونحنُ نتاج النصّ القديم واستطالة في الزمن له ولا بدّ أن نعترف بذلك وإلاّ ضعنا وأمسينا بلا ساحل ولا نوارس تعلن بداية الخلاص ونحن عاقّون إن أنكرنا ذلك .
هذا مجرّد رأي في نصّ أراه يقول أشياء لم تُقل بعد في كلّ ما أسلفنا جميعاً .
__________
حداثة جاهلي
...................
محْضُ البراءة فــي استرســـالِ موهبتي
فالشعْرُ ماتَ مــــع الانســـــــانِ يا لغتي
راودْتُها شغـــــفُ الافكـــــــــارِ يعزفُني
فأستعصمَ البــــــــوحُ عرياناً بلا شــــفةِ
الشعـــــْرُ غلّقَ ابـــواباً مســـــــــــــافرةً
تناســــــلتْ من انـــــــاسٍ دون أفئـــــدةِ
خرجتُ من قمقمِ الاصدافِ حيثُ سرتْ
تعويذةُ الورْد من انــــفاس ساحـــــــــرةِ
شوكُ العــــــذار وشوك الرمش مشتجرٌ
يحمي على خدها افــــلاكَ سوســــــــنةِ
الحبُّ صيّر قلبي شــــــــاعراً ثمــــــــلاً
لمّا مضى الحبُّ لم تســـــــكرْ معـاقرتي
من وجهها في جبين البدْر كم قبــــــــسٍ
من عينها البرْقُ في أصــــــــداء قافيتي
ما همتُ كلا ولا الغاوون تتبعـــــــــــني
الا بـــــــــوادي زهورٍ في مخيّــــــــلتي
غابتْ سعادُ وغابت نجمتــــــــي معـــها
تجهّـــــــمَ البدْر من ظلماء نافذتـــــــــي
ادورُ حولي فلا القــــــــى صــدى أثري
تبرّأَ الحلم من أطيـــــــــــــــاف ذاكرتي
نقشْتُ في النهْر اســــراري ليحفـــــظها
حتى حكى الموجُ اسراري على الضـفةِ
آه المزامير عــــــــزفٌ كلّــه شـــــــجنٌ
ان مرَّ فيهـــا هواء النفخِ حنـــــــــجرتي
ملامحُ القلْبِ اشــــــــلاءٌ مبعـــــــــــثرةٌ
والنوحٌ ثكلى ونزف النعْيِ في الرئــــــةِ
بحثتُ عن رمقِ الاطــــــــلال في كبدي
حتى تجلّط بحثــــــــي بيـــــــن اوردتي
ما أعجب الحبّ كالأنــــــواءِ ديـــــــدنهُ
هلْ خلّفتْ وحشةً في القلب مؤنســــــتي
رباطة الجأشِ في الأشــــعارِ قد هِزمتْ
مذ وسوس الخوفُ في أسيـــــاف عنترةِ
عواصفُ اليأسِ اشبــــــــــاحٌ تصافحني
فأنبتتْ ما تعــــــــــــرّى في معلــــــقتي
أجاهلـيُّ الهوى من روحــــــــــهِ سكنتْ
نصف الشياطيــــن في ناووس محبرتي
اسكنتها غيهبــــــي حتى اروّضـــــــــها
وساعة الرمْل تروي كسْر منســــــــأتي
أين العصافير لا أصـــــــــــوات زقزقةِ
ما ذلك الحــزنِ هل تأبيـــــــنُ قبّرتــــي
هل عــــاد هدهدُ احـــبابي بــــــــــلا نبأٍ
اذن هو الحـــــــبُّ طفلٌ وابنُ معــــجزةِ
هبني صليــــــباً من التعذيب يســــترني
كي اسكبَ الشعْر في انخاب مشنـــــقتي
أين الحبيــــبة همسٌ الوحي من وجــعي
مناسكُ الصــمت حراسٌ على شفــــــتي
أين النــــوارس أين الرمـــلِ أيــــــن انا
ما ظلَّ في البحر الا محْضُ عاصفــــــةِ
خبأتُ نفســـــي ظلال الشمـــسِ ترمقني
والبحْرُ يغـــرقُ في أبْعـــــــادِ امنيــــتي
الأبجــــديـــــــة أمي والقصيــــدُ ابــــي
انّي انا العـــــــــــاق يا أمي ويَا أبتـــــي
ما انــــجبَ الحبُّ الا وأدَ حامـــــلـــــــهِ
فالشــــوقُ بالقلبِ اضـــــــــواءُ الزمرّدةِ

هناك تعليق واحد:

  1. كل التقدير لآفاقكم النقدية وللناقد الأستاذ اسامة حيدر ولشاعرنا الحبيب غسان الحجاج ومن تم ذكره من الأساتذة

    ردحذف