الثلاثاء، 29 يناير 2019

قراءة الناقد العراقي الاستاذ علاء الحامد، لاحد نصوص الشاعرة عليا عيسى... (لدغة انوثة مفرطة) .

ماذا لو خطونا خطوتنا على أثر الفكرة في اللغة ، فهذا يعني سنجاور بعض المقاربات الرمزية ضمن منهجية معنى المعنى الذي يدعمنا حول الخوض في قصائدية مرحلتنا الان ، لذلك ينسجم الماضي مع الآن ، ولكن قوة الآن المستقبلية والحضورية هي الأقوى ، لأن الماضي قد مضى ، وإعادته ضمن دائرة حاضرة وليس دائرة الماضي ، ومثلما تتقارب اللغة الرمزية في النصّ الشعري ، تتقارب معها اللغة الانية في التقصي والبلوغ واعلان الفكرة من خلال لحظات كتابية ، تدعمنا وتدعم الشاعر بشكل عام ..
لدغة أنوثة مفرطة :
من خلال هذا العنوان الذي يبين لنا بأن لحظة كتابته يقودنا ليس فقط لخدمة النص والتعرف على محتوياته ، بقدر ما ، لحظة تعبيرية موجزة ، تحمل احتجاجا واضحا مع دلالاتها المتحولة من خلال المعاني المتداخلة والتي تقودنا الى تقاربات رمزية ، فاللدغة ( لدغة عقرب موجعة ) وهنا لدغة أنوثة تبشرنا بحالة الوجع المفرح للأنوثة ، فتحولت الحالة من المأساة الى نشوة داخلية تدفعنا الى الأريحية ..
الشاعرة السورية عليا عيسى والتي تخطو خطواتها ببطء وهي تقودنا مع حالات تنكرية في بعض الأحيان ، وهي حالة مأساة يومية أو لنقل معاناة داخلية من خلال التذكر والتفكير بالمعاني ، لذلك توجز منهجية الجملة الشعرية ، بينما تقودنا من خلال المشهد الشعري الى حالات تنظيرية تدفعنا الى اللزوم الشعري ، وهذا هو العامل الانفعالي بين اليومي المحكي ، وبين الذات المتحولة من اليومي المحكي الى اليومي الشاعري ..
(( إنّ كشف الذات عن تجربتها مع العالم هو – في الآن نفسه – إيجاد لوجودها هي نفسها في الزمن . يؤكد هذا ارتباط فاعلية الكشف من حيث هي حركة تحول مستمرة في الزمن ؛ بفاعلية الايجاد ، من حيث هي وجود منبثق عن تلك الحركة . يتحقق بتحققها ويتوقف بتوقفها . – ص 62 – الذات الشاعرة في شعر الحداثة العربية – د . عبد الواسع الحميري )) . لتصبح الذات نفسها جزء من العمل التأثيري اليومي طالما هناك حركة للزمن ، تحرك الذات ، وكذلك حركة الذات التي تحرك زمن وقوع الفعل ..
تميل الذات الى الرمزية كمعان مرسَلة ، لذلك تتجنب حدوث الـ " أنا " بين جسد القصيدة ، وتبدلها بالغائب في بعض الأحيان أو تشير اليها أو ترمز بلفظة تكون مرجعية للذات نفسها ..
مَن عرّى مساءاتِكَ،
مِن لعنة النوم.
ثمّ ألبسَها تعويذةً بلون الأرق.
طُوِيَتْ أسرارُها ...
على حروبِ انعتاق،
و مجازرِ احتراق،
قد ... رفَعَتْ اسمَكَ للسفارات..
...
سفر للتكوين الموجه مابين الحدث الاني للـ " أنا " ومابين الحدث الموجه للاخر، وهذا السفر يختص بالتحليل اللفظي التفكري ، ونعني من ذلك تفكيك الحدث المنقول من خلال فكرة ، واسنادها بشكلها الخلاق الى الاخر ، وان كان الاخر صامتا ، ولكن يتحرك من خلال الالفاظ التي اختارتها الشاعرة السورية عليا عيسى ، وكل لفظة كانت مكونة ضمن عبارة أو جملة شعرية ، وهذا مايقودنا الى منهجية الشعر ومن خصوصياته كيفية توظيف أدواته ضمن الشيء المتحرك ..
مَن عرّى مساءاتِكَ، + مِن لعنة النوم. + ثمّ ألبسَها تعويذةً بلون الأرق. + طُوِيَتْ أسرارُها ...+ على حروبِ انعتاق، + و مجازرِ احتراق، + قد ... رفَعَتْ اسمَكَ للسفارات..
لايمكننا اختزال المعنى بدون ايجاد بعض الاختلافات مابين المحسوس المتحرك بصيغة الـ " أنا " غير الظاهرة ، ومابين المحسوس والمتلقي عبر وسيلة الـ " هو " أو متلقي النصّ أو القارئ ، ومن خلال هذه الحالات تظهر الينا حركة المعاني المتجمعة حول الذات مما تشير إلينا بأن الشاعرة ومن خلال حركية ذاتها قد وجهت بياناتها نحو القصدية ، وربما يكون المقصود غائبا وهذا مايحدث عادة ، فنقع على نقطتين مجهولتين ، الذات الغائبة والمتحركة ، والمقصود الغائب الذي تتنقله قصدية الشاعرة من خلال المرسَلة ..
فيبان الينا : المرسِل والمرسَل إليه ...... والمرسَلة ..
...
جزء من نصّ ضمن ورشتنا في مجلة رؤيا لعدد من الشعراء
وقد بدأنا بالشاعرة والاعلامية التونسية سهام محمد
#لدغة_أنوثة_مفرطة
.........................
ترى !
مَن عرّى مساءاتِكَ،
مِن لعنة النوم.
ثمّ ألبسَها تعويذةً بلون الأرق.
طُوِيَتْ أسرارُها ...
على حروبِ انعتاق،
و مجازرِ احتراق،
قد ... رفَعَتْ اسمَكَ للسفارات..
ِ لاجئَ عناق،
في بلادٍ ...تكفُرُ بالعناق.
وتلحدُ بارتكاب المطر في فصولِ السهر.
ترى!
مَن جعلكَ تستجدي العودةَ،
مبعوثَ هذيان،
لمدائنِ النبيذ،
في قصيدةٍ وثنيّةِ الأوزان،
تبتردُ عطرَكَ مخمورةً فوق عرشِ الورق.
ترى!
مَن علّقَ ربطةَ عنقِكَ العصرية،
بمشابكِ نعناعٍ بريّة،
وحوّطَ ياقةَ رزانتك بحنوطِ نزقِ الاعصار.
حتّى تدحرجَ سؤالٌ مراهقُ الاتزانِ،
يتعفّرُ بلثغةٍ جاهليّة،
على شفةِ انتظار .
يستدرُّ من جلبابِ الجوابِ ...
مواعيدا
تُعِيدُ مهابةَ النبض،
لكنْ ...على ذمةِ الغرق.
.............

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق