من البداهة القول إنّ المرأة قد حظيت بمكانة عظيمة وصلت حدّ التقديس في عصور خلت ؛ فقد ظهرت نساء معبوداتٌ كالإلهة ( إيزيس ) وهي إلهة الوفاء والإخلاص . وكان لها أيضا دورٌ كبير في كل مجالات الحياة كالملكة ( حتب ) أم الفرعون خوفو و(خنت) ابنة الفرعون (منقرع ) . وكانت المرأة بعد ذلك شاعرة وأديبة ومقاتلة فارسة وكانت وكانت .......
والنصّ الذي بين أيدينا فيه إشارات إلى أسطورة ذات منبع آشوريّ تقول :
إنّ إله الضباب ( مردوك ) السومريّ أراد أن يقتل الإلهة ( تيامات ) وهي تنين بحري فأرسل إليها الرياح الأربع لتحيط بها وأرسل سبع رياح في بطنها وقد تمّ له ذلك فقتلها وقسمها إلى نصفين ( السماء والأرض ) .
وتتكرّر هذه القصّة في الكثير من الأماكن والكتب الدينيّة التي تتناول قصّة الخلق وبأسماء أخرى .
وكمحاولة من منهل حسن لردّ الحقّ المسلوب إلى أصحابه يعلن بدءاً انشقاقه عن تاريخ مؤلم يمثله ( الآباء والأجداد والرفاق وجيش مردوك وأبناء جنسه ) مع ما يمثّله كلّ من هذه الألفاظ من دلالة ؛ لكنّها جميعاً تجتمع تحت لواء واحد هو لواء الاغتصاب لحقّ المرأة في الحياة واغتصاب مكانتها التي كانت لها فيما مضى وهو قادمٌ ليعلن براءته من هذا التاريخ السّقيم محمولاً على عقله الذي نجّاه من الاستمرار مع هذا الركب القاتل الّناهب لحقوق الغير . جاء ليعترف بحقّ المرأة ( أختاً . أمّاً . زوجة ) في الحياة الحرّة الكريمة التي وهبها لها الخالق ثمّ اغتصبها عباده الذّكور .
ثمّ يعدّد باعترافه أمامها عناصر عظمتها فهي مصدر _لا ينكره كلّ ذي عقل _للخصب والعطاء الذي لا يقف عند حدّ . ويردّ على أولئك المتشدّقين بعجز المرأة بأنّ الذّكر فيه القصور لا في المرأة ويذهله هذا الكمّ من عطائها . ثمّ يطلب منها أن تثور على واقعها الإسمنتيّ الذي بناه المجتمع الذّكوريّ الظالم . وينتقل إلى محمول جميل في النصّ فيرى أنّ المرأة حين حكمت كان أساس حكمها الحبّ والجمال وحين حكم الرجل حكم ببربريّة واضحة مدمّرة . ويلمّح إلى البعض من رجال الدّين الذين يلوكون أحاديث كانت سبباً في انهزامها والنيل منها . ويشير إلى ليونتها التي تمثل عنصر القوّة عندها بل تلك الليونة والرقّة هي أقوى بكثير من قسوة الآخر ( الرجل ) وفي نهاية المطاف يطلب منها أن تثور على بني جنسه من الذّكور. هو مساندٌ وداعمٌ لها .
وكأنّي بمنهل حسن - وقد رأى ما رأى من وطن يتشظّى ومفاهيم وقيم تتبدّل وتتغيّر ووطن يُدمّر بفعل فتاوى كريهة ومجتمع ذهب كلّ خير منه بفعل الكره والضغينة والأحقاد - أقول كأني به يريد أن يعيد للكون توازنه فما وجد سبيلاً إلاّ أن يعيد للمرأة حقّها المسلوب المنتهب لأنّها مصدر الخير الثرّ ومصدر الحياة كلّ الحياة .
__________________
يقول الشاعر :
أعلنت انعتاقي
أعلنت طلاقي
عن جدي عن أبي
عن جيش (مردوك)
عن أبناء جنسي
عن رفاقي
وجئتك ((تيامات))
ممتطياً دماغي ..معلناً أنشقاقي
............
فهاكِ إعترافي يا مولاتي
أطرقي السمع مليا
أنصتي لتعرفي
أن منكِ أُخرج كل شيئٍ حيا
أنصتي لأبوح لك
أنّي أنا الضلع القاصر
ولستُ إلا إحدى
تجلياتُك السرمدية
فاكسري القيد العتيا
صيحي صيحة (أثينا)
هدمي قلاع الخوف
حطمي ..حطمي العقائد الأسمنتية
أمااااه
آهٍ لو تعلمين بأن النسل منك
ونبع جيناتنا الوراثية
....
أنصتي لتعلمي
أنكِ مذ حكمتِ ..حكمتِ
بصولجان الجمال والحب
أنصتي لتعرفي
أننا مذ حكمنا
حكمنا بطريقةٍ بربرية
....
تعالي لأعلمكِ يا أُخيا
كيف تستردين الإمارة
كيف تباهين بحيضك
مباهاة رجل دين
يدعي الطهارة
وفمه حائضٌ بالقذارة
تعالي لأعلمك
كيف يكون عين شرفك
العلم والعمل
وليس مجرد غشاء بكارة
لأبرهن لكِ أن العود الطريا
أجلد من إعصارٍ قويا
فهل رأيتِ إعصار(ا)
نجح في بناء حضارة
.....
سيري على الماء يا أُخيا
سيري على الماء
لأثبت لكِ أن الرب
أنثى
له نهدان يمنان علينا
نسغاً ونشوه
له رحمٌ يكلأُ نبيا
......
تعالي لأعلمك يا أُخيا
كيف تثورين عليا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق