الاثنين، 17 ديسمبر 2018

المطر،،،و أشياء أخرى محاكاة لنص (خبز القضاء ) للشاعرة السورية ريم البياتي -- بقلم الرواي الناقد جمال قيسي

المطر،،،و أشياء أخرى
أ.جمال قيسي
محاكاة لنص (خبز القضاء ) للشاعرة السورية ريم البياتي
لكل منا له قصة مع المطر،،وربما اغلبها جميلة ،،او على الاقل انها أودعت في دواخلنا مشاعر جميلة،،وانا ساثقل مسامعك بقصتي مع المطر،،وربما يستغرب معظمكم العلاقة التي تتمخض من قصتي مع قرائتي لنص الشاعرة الثائرة ( ريم البياتي ) ،،لكن هذا هو حال الادب في احد أسراره. الكامنة،،انها عملية الترابط،،اذ يجنح الخيال الى أماكن بكر لم تطأها اقدام وعينا ، قبل ،،
عشقت المطر عندما كنت طفل غر في بواكير وعيي ،،وانا أطل على الزقاق المنحدر ،،من خلال الشناشيل في دارنا الكائنة بقطع من الفردوس الذي رحل، وكم كان مسرعًا ، مع ترنيمة الميازيب ،،من لحظات البدء كقطر وانبعاث عطر التربة الزكية صعودًا حتى هميان مكنون السحاب ،،هي الطبيعة توقد فينا البراءة وأشياء أخرى حالما تمسك بِنَا ،،من دوافعنا الفطرية،،مشاعر شتى تعترينا ،،أولها الخوف ورهبة من جلالتها ،،انا اتكلم الآن وأشتاق. لذلك الشباك الخشبي المعتق بالمطر والاحلام. الشاردة ،،وأتذكر يومًا ،،من الطفولة عندما أطال الغيث غزوته لثلاثة ايام متصلة،،وتحولت ازقة بغداد بما يشبه البندقية ،،وشدة فرحي لحصولي على ( چزمة ) مبطنة بالفرو،،وانا أخوض. في الماء ،،ويدي الصغيرة عالقة بيد أمي ،،ودفئ يدها العالق بيدي لحد اللحظة ،،وفي مشهد أخر وانا شاب يافع مع أقراني. نلعب كرة القدم تحت المطر ،،متحملين تبعات تهورنا بالتوبيخ من الأهل بعد ذلك ،،وانا طالب في الإعدادية ،،في الايام المطيرة ،،أسير وحيدًا في شارع الرشيد ،،اقضي شوطًا في مقهى ام كلثوم،،ولما تقضي مني هي وطرًا،،اغذ الخطى،،حتى المقهى البرازيلي ،،واركن قرب الزجاج لاسرح. مع سمفونية المطر،،المعتقة برائحة البن ،،التي تفوح من المقهى،،والدفء المنبعث ،،في داخلها يتواشج مع الارواح النقية، والاناقة التي يتسم بها شارع الرشيد ،،كان. مصدرها المطر و المسيحيين ،، قوم. لايعرفون معنى. الغل،،ومرة اخرى وانا جندي في احدى الجبهات إبان. الحرب ،،هطل علينا المطر حتى حسبت. ان مياه الارض كلها. صبت علينا،،لدرجة ان مواضعنا خنقت واعتلينا الآليات ،،ولم نعرف في اليوم. التالي اين ذهبت ( يطغاتنا ) ؟ أقول رغم هذا الموقف ،،احببت المطر وانا ارتجف في قمرة الشاحنة العسكرية ،،محشورًا مع رفاقي في ظلام بهيم الا من سنا البرق ،،كانت فكرة واحدة. مسلطة في رأسي،،ان هذه الارض ستتحول بعد ايام الى زرابي مبثوثة،،وهو ما حصل ،،
قبل أسبوع من كتابتي لهذه الخواطر،،أقبل علينا المطر زائرًا منتظرًا ،،منذ اكثر من عام ،،أبعدت. الكتاب من يدي وهو أمر أفعله على كراهة ،،وخرجت من غرفتي وجلست عند عتبة الباب. الداخلي للدار متكأً على عامود،،لكي استمتع بترنيمة المطر،،اذا لا صوت غيره،،والساعة تخطت الثانية بعد منتصف الليل،،أفزعني الشعور الحزين المنبعث من داخلي ،،مع عبرات وتأسي بالغ ،،أشبه بمن ينكأ جرحًا كبيرًا ،،لا اعرف لماذا خطر ببالي المقطع الحزين للسياب ،،في وصفه للمطر
( أتعرفين اي حزن يبعث المطر،،،)
لا أكتم الامر،،لازال في النفس شوق للحياة ،،وتسائلت ،،هل بلغ الامر نهايته ؟ لا،،لا ،،انا متيقن من أمر - الارواح المتمردة تعيش بالمطلق او هكذا ،،شيء من هذا القبيل - إنما هذه الاجساد ليست اكثر من مطية ،،تتلبسها الارواح لشوط ،،انشغلت بهذا الامر - مجرد هلوسة ،،لكن الحزن ،،شيء لم يكن بمقدوري تخطيه ،،انكفأت على عقبي،،وانسحبت مخذولًا ،،اجر شيئًا اكبر. من الخيبات،،لكن ماهو ؟ ،،هنالك شيء مكسور بداخلي ،، وخاطري مجروح،،ليتني اعرف ؟!
انشغلت او شاغلت نفسي بقراءة ،،النصوص الشعرية ،،على مواقع التواصل ،،واستوقفني نص للشاعرة السورية ريم البياتي ،،بعنوان ( خبز القضاء ) ،،لا اعرف شعرت ان وراء النص روح حائرة ،،وتتعذب لنفس السبب الذي ،،كسر خاطري،،
وأخذت أسير على طبيعتي. بان أحلل النص افقيًا ،،من بنى ،،وابحث عن التورية والمجاز ،،والإحالة ،،ومن ثم التأويل،،،لكن صوتًا بداخلي صرخ بقوة ،، صه يا هذا وتوقف عن التحاذق،،لماذا لا تسقط. قرائتك عموديًا،،خلف هذا النص روح تبعث رسالة،،ربما الشاعرة لا تدركها،،،اسمع ماذا. تقول هذه. المفجوعة
( العابرونَ على جراحِ الأرضِ..يمتصونَ
حتى الملحَ من دمعٍ يقددُه الشقاءْ
ياأيّها الماضونَ تحملُهم عظامُ الوهمِ
تُمطرِهُمْ سماءُ الغيبِ أدعيةً هباءْ )
(جراح الارض،،الشقاء،،أدعية هباء ،،، ). يا للبؤس لقد بلغت اعلى نقطة من القوس،،خارجًا عن النص والنقد المعياري. والتأويلية وعن محمول القضية التي تنادي بها،،هناك امر جلل ،،بناءٌ يتقوض ،،ارواح تُجتَثْ من حواضنها وبالتاكيد ليست الاجساد ،،حينها عرفت سبب. الحزن. الخانق الذي ضنك. أنفاسي وعرفت ماذا كسر في داخلي وداخلها،،انه الوطن ،،نعم نحن مكسورين الوطن،،، طحنت خواطرنا،،لانها بلا امتداد ،،بلا وطن ،،غرباء مستوحشين ،،بلا احباب ،،فقدنا الارض التي عرفنا. بها الله او تمردنا عليه،،فقدنا سر الوجود ،،ياسيدتي حتى لو أمطرت السماء. قمحًا،،فأي. ارض ستتلقاه ،،
اعتذر من الشاعرة،،ان أفسدت. عليها قراءة النص ،،
أ.جمال قيسي / بغداد
خبز القضاء
______
اكتبْ على حَدقِ الأراملِْ واليتامى ماتشاء
من الشقاء
ضاقتْ على سِعَةٍ بنا حُجبُ السماءْ
في القاعِ يحتارونَ
كيفَ اتيتَ؟؟
كيفَ حللتَ فوقَ خيامِنا
أَوَ ما ترىَ
عُجِنَ الرصاصُ بخبزِنا والموتُ ملحُ طعامِنا
والنائباتُ تصولُ تفترشُ العراءْ
تسريْ الحرائقُ في هشيمِ العمر مُغْبَرَّاً ويأتيْ الفجرُ
لاصوتُ المؤذنِ يوقظُ اﻷمواتَ
واﻷحياءُ كاﻷمواتِ تفطرُ بالهواءْ
صوتُ المؤذّنِ يرطنُ التكبيرَ.... يبتلعُ النداءْ
فيظلُّ جذْرُ السنديانِ بلا وضوءْ
والعصرُ مُنْكَفِئٌ
يلوكُ الذكرَ في أفواههمْ ويعودُ يبصقهُ
بناصيةِ الخواءْ
في موطني
الحارثونَ ..الغافلونْ...الواقفونَ هناكْ
يجترونَ صوتَ الريحِ يقتاتونْ أدعيةَ القضاءْ
الباسطون أكفَّهُمْ للعيدِ لاثوبٌ .....
ويأتيْ عارياً
فيُخزِّق الاثوابَ عن أبدانِهم
خُلعاً لأضرِحةِ الولاةِ (الأولياءْ)
العابرونَ على جراحِ الأرضِ..يمتصونَ
حتى الملحَ من دمعٍ يقددُه الشقاءْ
ياأيّها الماضونَ تحملُهم عظامُ الوهمِ
تُمطرِهُمْ سماءُ الغيبِ أدعيةً هباءْ
طبعُ الشموعِ.... تعاقرونَ النارَ
والأنوارُ يسرِقُها البغاةُ الأدعياءْ
فابقوا نيامَ على صليبِ الجُرحِ
تفترشونَ جلدَ الوقت
ِ تجترّونَ أوهاماً تعشعشُ كالوباءْ
ودعوا وتالرعاعَ تسوسُ خبزَ قضائِكُمْ
أوَتمطرَ القمحَ السماءْ...
بقلم ريم البياتي


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق