السبت، 15 ديسمبر 2018

جبرائيل علاء السامر ، شاعر عراقي بصري . بقلم الاديب الناقد كريم القاسم

جبرائيل علاء السامر ، شاعر عراقي بصري .
شبابٌ ادبي ، وقصيدة ٌ شباب .
كتبَ الشعر بأنواعه ، أُتابعهُ عن كَثَب … كعادتي مع آخرين .
ابحثُ عن ابداعٍ ، فاقتنصتُ ما ابحث عنه ، كي استعرض
بعض الفوائد النقدية ، لبعض الشذرات في هذا النص النص ،
والتي تفيد القاريء والمتطلع المتابع ، وأجدها تشكل فائدة نقدية
في صالح النص .
ــ الفكرة :
نجح الشاعر في توظيف الفكرة ، مستخدماً صوراً فنية ادبية تحمل
من الجمال ، ما جعل النص يرتدي اكليلاً مطرزاً بالمحسِّنات البديعية.
وكنتُ اروم استعراض هذه المحسِّنات والصور ، فوجدتها قد ملأت
معظم جسد النص ــ يستطيع القاريء استقرائها بيسر ــ لذا وضعتُ 
اصبعي على هذه العبارة التي امتلأت جمالاً واحساساً مرهفاً ورمزيةً
هائلةً ــ تُصَوِرُ فَتْكَ المستعمر المقتحم ــ فهي تحتاج الى توقف ، رغم
عذابات المعنى وآلامه …
” أيدٍ غرثاءُ كثيفات الشَعرِ تحكُّ مخالبها
تبحثُ عن نهدٍ بدويٍ لم تجرحه سهام الشمسْ ”
ــ تكرار:
التكرار للمفردات (أَ دِمانا ـ جبين الشمس ) ، هذه الظاهرة لم تأتِ لتنشر
حراكـاً ضعيفا في النسج والبـناء ، كما تـتعاطـى بـه بعـض النصوص
الاخرى من هكذا نوع من الشعر الحداثي ، انما جــاء التكرار هنا للتأكيد
على حالة تساؤل يبغي الشاعر من ورائـهـــــا عرض واستعراض صوراً
لتنوع الدماء المسالة ،وبيان صــورا شعرية متنوعه لصياغة افكارمتشعبة،
أو التركيز على لفظةٍ يرى الشاعر انها ضرورية في انطلاق صوراً
جديدة ، فيقول :
” أَ دِمانا التسكنُ جوهرةً سوداء بقلب الأرضْ ”
ويكرر مرة اخرى :
” أَ دِمانا لا صبرَ إذا صرتِ شراباً
وقرابينَ وفاءْ ”
ــ نلاحظ الفرق الجوهري بين السياقين بعد (أَ دِمانا) .
ــ ثم تتكرر جملة (جبين الشمس ) في موضعين ، يكاد القاريء
النبيه ، ان يجد الترابط بين مبتغى الموضعين ، فتجد معنى
الموضع الاول :
” أعينهم تقتات جبينَ الشمسْ ”
ــ ويقصد الشاعر … اعين الغزاة .
الموضع الثاني :
” هبّوا نمسح وجه البدر ببعض صلاةٍ
ننسج مما أُوتيناه جبينَ الشمسْ ”
ــ هنا يأتي بها في آخر النص ليبين إن (جبين الشمس) هو غاية وهدف.
وقد اتى على هكذا نوع من التكرار كثير من الشعراء :
(نازك الملائكة ، احمد عبدالصبور، وغيرهم الكثير) . وللتكرار قواعد
وأصول ، قد أستعرضُها ذات يوم ان شاء الله تعالى .
ــ ظاهرة : 
ظاهرة وجود مفردات في النص رُسِمَتْ بصورة فعلٍ دَخلتْ عليه (أل)
مثل : ( ألتسكُن ـ السالَتْ ـ التَجري )
ــ قد يتسائل القاريء ، حول جواز ذلك :
نقول :
ان الجمهور اجاز ذلك ضرورة ، والناظم له الخيار في ذلك ،
وهذا ماذهب اليه بعض الكوفيين ، ولم يذهب اليه البصريون .
ونحاة اللغة اختلفوا في حكم (أل) الموصولة والداخلة على الفعل المضارع
، حيث ذهب الكوفيون وابن مالك ، بجواز الاختيار رغم قلّته ، وكان
إحتجاجهم بما ورد من الشواهد الادبية على لسان العرب .
أما البصريون فقد ذهبوا إلى عدم جواز ذلك إلا في الضرورة الشعرية .
ــ معاني : 
النص فيه من المعاني المتفجرة ، ما يجعل النص مائدة لذيذة لأقلام النقاد
الحاذقين ، لكني استعرضت هذه الشذرات من هذا الفيض الجمالي الكبير ،
لغرض تعريف الشعراء بالجميل من التأليف ، وبما يجود به القلم الشعري
ــ النابض بالحياة ــ والناظم الرصين ، لينتج نصاً يجذبك وانت لاتدري ،
ولغرض اعطاء النص حقه الشرعي .
ــ هكذا نص نقف أمامه احتراماً بما يجود به من معانٍ باذخة .
تقديري الكبير …….
( كريم القاسم )
_____________________________________
(ألوان دماء الوطن) 
جاءوا من مدنٍ سُحِقَتْ فيها الأرواح بفولاذ الحضارةْ
حيث يسوع أجيرٌ
يمسح عن جبهتهِ عرقاً بيدين تلوثتا زيتا
أعينهم تقتات جبينَ الشمسْ
وعلى وجه القمر الذاهل تنشر أردية الموتى
أيدٍ غرثاءُ كثيفات الشَعرِ تحكُّ مخالبها
تبحثُ عن نهدٍ بدويٍ لم تجرحه سهام الشمسْ
أفواهٌ (تطلق عقباناً) حين تشمُّ دمانا
أ دمانا التسكنُ جوهرةً سوداء بقلب الأرضْ
أو تلك السالت خضراءْ
من صدر جنود تنشد للأرض ترانيم الماءْ
أو تلك التجري كلجينٍ
لتنادم أعراس النخلْ
أ دمانا لا صبرَ إذا صرتِ شراباً
وقرابينَ وفاءْ
لإله الموتِ السارقِ قمصانَ الحريهْ
ماأضيق وجه الكونْ
حين تكون النظرة رهناً لعين البندقيهْ
يا أصحاب دماءِ الوطن السوداءَ ،الخضراءَ ،الفضيهْ
هبّوا نمسح وجه البدر ببعض صلاةٍ
ننسج مما أُوتيناه جبينَ الشمسْ
أصداءَ زمازمَ عانقت الجوزاء ووقعَ رماحٍ ليس لها ظلٌ
لفتوحٍ حملت نار الله بعيداً
فكوتْ جرحَ الذلِّ وجرح الجوعْ


\(الشاعر جبرائيل السامر)


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق