الشعر العربي ...
مفهومي المتواضع تحديدا...
مفهومي المتواضع تحديدا...
،،،
قد يستغرب البعض من القراء الاحبة سبب تناول هذا الموضوع...
هناك قناعات تستجد لدى الانسان على اساس مبدأ التطور الفكري للعقل البشري ...
وهناك قناعات اصبحت بمرور الزمن من الثوابت التي لاتقبل النقاش والمداولة بداعي الاقناع لان من اقتنع بها جعلها كاسمه ورسمه وهكذا جبل عليهما فهما غير قابلَين للتغيير...
ما اريد ان اتعرض اليه الان لعله قد سبق طرحه على العام واشبعناه نقاشا على الخاص مع جملة من احبابنا واصداق عمر وادباء تربطنا معهم لغة الادب واحترام الحرف...
ونحن هنا لا نبريء انفسنا من الخطأ اطلاقا على اننا بشر وقد يصيب احدنا او يخطيء، لكنني هنا اريد التوثيق لموقف ادبي ( شعري) بوجه الخصوص، لا استطيع القول انه يقلقني حسب انما هو يؤرقني، ومثلما يحزنني ان تضيع نتاجات عربية اهدت للعالم المعرفة وباعتراف من سرقها او انتحل صفة نتاجها او الانتماء اليها مثلما يؤلمني ان ارى الكلام المبعثر والكلام الذي لا ينطبق على التصنيفات والتعريفات العربية بادعاء انه شعر او نثر او حتى خاطرة، ولا اريد ان اسوق هنا اي مثال ولا اريد ان احدد اي كاتب مهما كان نوع كتابته، لانني اربأ بنفسي ان اصنف قلمي بين اي من الاصناف المتعارف على اصحابها، وهذا بطبيعة الحال شأن يعنيني،،،
منذ فترة وانا اتابع بعض كتابات هنا وهناك، بل ومنتديات في بقاع من الوطن العربي وخارجه تقيم الاماسي وتجتمع اليها الناس ظنا منهم انهم سيستمعون الى شعر في ديوان اعطي صفة الشعر وهو ليس من الشعر بقريب، وحتى وان سلمنا ان النص الذي تم اجحافا تسميته شعرا سيؤول الى النثر على اساس قرابته من الاسترسال وعدم تضمنه البحر او القافية او الموسيقى او الايقاع، فهذا خطأ اكثر ايلاما وجرحا من سابقه،،،،
في يوم ما كنت في نقاش مع زميل لي له باع في كتابة القصة وهو يعشق هذا الفن، لكنه يمتلك اذنا صافية وحسا شعريا مرهفا كان يستمع الي وانا اتطلع الى نتاج احد المبتدئين الذي طلب مني ان اعطي الراي بنتاجه قبل الطبع، وحين انتهيت من مطالعة وتدقيق المكتوب، نظرتُ خلسة الى زميلي القاص، كانت عيناه تقدحان شررا متفحصة وجهي وماذا ياترى ساقول، وهو بانتظار ماسيحدث، قلت بكل هدوء الى صاحب الطلب:
لم اجد شعرا فيما كتبت ( لم اكن قاصدا الاساءة اليه او الانتقاص من المكتوب اطلاقا) وافضل ان يصاغ هذا تحت عنوان خواطر او تعطيه وصفا يعجبك انت على ان لا تصفه بالديوان، لان كلمة ديوان تطلق على مجموعة من القصائد التي تنتهج الشعر منهجا لايصال الفكرة،
انا كنت واثق ان اخلاق الرجل وحسن تربيته ستبعده عما لا اتوقع، وحقيقة اسعدني بتهذيبه العالي وتربيته، لكن ورغم هدوء جوابه احزنني كثير،ا ولازلت اتذكر ذلك اليوم وكأنه اللحظة - رغم مرور مالا يقل عن سبع سنوات على هذا الحادث- كيف انتابني شعور غريب يوحي كأنني لست مع الركب او خارج السرب وان تغريدي لم يعد مألوفا...
اجابني بالحرف الواحد بان زمننا ( انا وامثالي) انتهى وماعاد الشعر كما نتصور او كما نؤمن، والساحة – على حد قوله – لهذا، مشيرا وملوحا بكتابه امامي، استطعت ان ابتلع ماعلق بجوف فمي من لعاب احسست انه مر آنذاك ،،
غادرنا الرجل حيث طبع ( الديوان) المذكور والثاني والثالث !!
هذا الموقف اخذ يتكرر الان، ولست ممن يريد القول للاخرين انكم لا تعرفون الشعر او ان كتاباتكم هذه لاتمت للشعر بصلة، ابدا، لكنني ارى ومن واجبي وبحكم ما نحن عليه من انتماءات لايمكن ان نحيد عنها، ان اقول :
عندما حاجَّ الناسُ الرسولَ عليه افضل الصلاة واتم التسليم محاولين تسجيل مأخذ على القران الكريم بانه شعر وان محمدا لم يأتِ بجديد، لكن الله عز وجل قال غير ذلك، فهو ليس بالشعر، ولا الرسول الاكرم صلى الله عليه وآله وسلم بشاعر، ترى الى اية درجة من الاحترام والى اي قدر من الاعتبار كانت العرب تنظر الى الشعر؟ فهل يمكن لمن قرأ القرآن الكريم وفي الكثير الكثير من آياته الكريمات وهي تصدح بالموسيقى والايقاع والنغم العذب الذي يشنف الاسماع، ويشجي الانسان في نفسه عدا عن اصغائه من الصوت الاعذب الا ان يقول ان هذا شعر!! ...
اذا كم عظيم هو الشعر العربي الذي يجب ان افتخر به كوني عربي احب لغتي، ومنذ عصر المعلقات تفنن الناس وحاولوا التطوير مجددين وحاولوا الابداع مكتشفين بحورا جديدة او ايقاعا موسيقيا جديدا او ضربا من ضروب الادب ومجالاته الواسعة التي لا حصر لها، لكن هذا لم يثلم هيبة الشعر حتى بابتكار الاندلسيين لكثير من الانماط الجميلة والتي التزمت روح الشعر مع اجازات افاضت علينا بغنائيات واناشيد وموشحات عذبة وغاية في الروعة، الى ان اكتمل البحث وتعطر التحديث والتجديد على يد العمالقة في بدايات القرن العشرين ومن مختلف اقطار الوطن العربي الكبير حين تكللت تلك الجهود الميمونة بظهور - الشعر الحر – الذي كان بمثابة رحمة ووسع في التعبير وحرية اكثر فيما يريد لمن ضيقت الاعجميات الدخيلة على اللغة والمجتمع العربي آنذاك عليه فصارت صعوبة الفهم بتواتر دخولها الى اللغة بل وامتزاجها معها وكأنها عربية، وبابتعاد المعنيين عن روح الشعر العربي نتيجة الواقع العربي الذي مر بمراحل تعرض فيها الى نكبات عديدة ومتنوعة في اماكن مختلفة من الوطن الكبير، ومع كل الاعتراضات على الكائن المولود الجديد آنذاك، لكنه اثبت ان ما اتى به السياب رحمه الله والركب ممن عاصر تلك الحقبة كان بمثابة تطور للجنس الادبي – الشعر – لكنه لم يخدش كبرياء الشعر ولم يجرحه اطلاقا...
هنا يستوقفني كثيرا ما ينسب الى الشعر، ولا اريد ان اخوض من جديد بتسميات انا شخصيا ارفضها، وهذا حق لي لا احد يجردني منه، ولا اريد كذلك ان اتعرض الى جنس من اجناس الادب يطلق عليه – لا ادري كيف – شعرا، على ان من لايريحه هذا او ربما يصفني بما يريد مما ليس فيَّ فهو بعيد عن حقيقة هذا الفهم الذي اؤمن به، وانا اؤسس لرايي المتواضع هذا انطلاقا مبنيا من محبتي للعربية وللادب العربي وبالخصوص الشعر منه، ولعلي لا اجانب الحقيقة اذا قلت انني احرج اكثر من مرة حين اجد نفسي ملزما بان اتناول مقالا اجهد نفسي فيه واعطي من وقتي له وهو لايستحق ذلك، بل تعدى الامر الى الدخول على الخاص لمعرفة الراي مني، وانا ومع بساطة معلومتي لا يمكن ان اجرح خواطر الناس، ادبا وخلقا تفرضه علينا خبرة السنين والعمر المديد وتحلينا بتربيتنا العربية، فليس منا هذا ابدا، فاذا كان الراي مماثلا لمايريدون ومنسجما كنت انا الاحسن والارقى والناقد الحصيف، وان كنت قد قلت مايمليه عليَّ فهمي ومعرفتي البسيطة وبصراحة، وهو مخالف لما يريد البعض كانت المقاطعة والابتعاد حتى عن ( السلام عليكم) ان لم يقم الشخص بشطب والغاء وجودنا من على صفحته...
انا لا اصدر احكاما عرفية تسير الشرطة على ضوئها في الشوارع لتطبيقها على الناس دون فهم او مناقشة تلك الاحكام، وليس لنا سلطانا على الاخرين، رغم ان الامر يتعدى الى خرق الثوابت والخروج عن المقرر الصحيح، فمع هذا الناس احرار فيما اختاروا وتبنوا من افكار، نحن الان في القرن الواحد والعشرين، وما للغرب من ثقافة واسس قد بنوا عليها آدابهم شعرهم ونثرهم وما شابه فهذا لا يتقاطع معنا انسانيا، لكنني اقول: ليس من المنطق ان يكون من يخالفني الراي وانا لست جاهلا به عدوا لي، وليس من المنطق كذلك ان تجيَّر القناعات بدون فهم ايضا استنادا الى من قالها، لاننا بعد الله وكلامه الكريم ليس هناك مالايقبل التمحيص والتدقيق والتفكر، وهذا ليس بالممنوع قانونا، ولا المحرم شرعا...
لكل منا رؤاه ولكل منا ايضا هواه وليس بالضرورة ان ماتهواه نفسك ستهواه نفسي... وقد نصيب وقد نخطيء، هذا ديدن الحياة
اقول قولي هذا واستغفر الله من الغلو او الاساءة – لا سمح الله - ،
واسال الله لي ولكم التوفيق محفل الادباء وناطقي العربية الاكارم...
محبتي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق