شاكر الخياط
مشروع
ألقصيدة المؤتَلِفة
تمهيد
بعد دراسة مستفيضة وجهد غير يسير ومراجعة شاملة للشعر العربي بنوعيه العمودي او القريض الذي وضع نظامه ( الخليل بن احمد الفراهيدي البصري) والشعر الحر الذي وضع نظامه ( بدر شاكر السياب البصري) ومن دواعي فخرنا ان يكون الاثنان عراقيين، وهذا ما يجعلنا نسعى الى ان نتراصف معهما..
هذان العملاقان اللذان ثبّتا علمَيهما ونظريتيهما فا صبحا نظامين يسير عليهما من اتى بعدهما كيفما شاء الاختيار..
وقد لاحظت التقارب والتجانس من حيث مبدا النظم وطريقة صياغة الاسس المتبعة في الشكلين، انهما كتبا للشعر العربي بالخصوص.. والاثنان لم يرتكزا في مبادرتيهما على الاقتناص او الاقتباس من احد من الادباء او ( الشعراء) الغربيين قطعا. ومثلما حدى الحب للشعر العربي بالسياب ان يتراصف مع الكبير الفراهيدي ليدخل التاريخ من بوابة واسعة لا حدود فيها وان يكون كما اراد. ارى نفسي في مشروعي هذا واحدا ممن تأثر بالعملاقين وبما أتيا به من جديد صحيح فرض نفسه بعلمية بالغة التركيز على الادب العربي، وانشد - وهذا ما اسعى اليه - تراصفا مع الاثنين لكي اكون ثالثهما في هذا المنحى، وقريبا ملتصقا بهما معتمدا ومستندا بعد الله عز وجل الى كل ما جاءا به، لم ولن اكون في يوم ما حييت بمنأى عنهما، وكلي طموح ان اكون ثالثهما عراقيا عربيا شاعرا محبا للشعر العربي وبما افضى به الفراهيدي والسياب. وهذا الحب دفعني ان اجمع بين امرين لا ثالث لهما على حد علمي المتواضع الى الان:
( عمود الفراهيدي، وحر السياب)، بما اننا آلينا على انفسنا الا ان نكون في خضم هذا العطاء غير منفصلين عنه بل متمسكين بعراه، سأحاول بهذا المشروع الذي اسميته حبا بما جاء به العظيمان ( المؤتلفة) ان اجسد ما علي من امر مفروض لا مناص منه، وحبي للشعر العربي، الجمع بينهما في هذا المشروع الشعري (القصيدة المشروع) التي اتمنى لها ان تتراصف في ما ستأتي به الى جانب ما اتى به الفراهيدي وما اتى به السياب، فأكون ويكون هذا المشروع مرحلة جديدة توحي وتنم عن ان العقلية الادبية والشعرية منها بالذات لن تتوقف عن الابداع.
وما ( المؤتلفة) الا استمرارا للإبداع العربي، مانحة في مشروعها الفسحة اكثر للمبدع بان يقول ضمن دوائر شعرية هي نفس تلك الدوائر التي اتى بها الخليل والتزم بها السياب.
وفي بحور هي جزء من بحور الخليل وهي لاحقا غير منفصلة عن بحور السياب التي اقرها ان تكون الطريق السالكة لشعره. وهنا جمعنا في محاولة طيبة بين ما اقره الفراهيدي وما تبناه السياب في مشروع يجمع العمود مع الحر في قصيدة واحدة يراد لها اعطاء الحرية للشاعر بمساحة اكبر واوسع ان يقول العمود، واعطاؤه فرصة مماثلة لكي يقول الحر في الوقت الذي يريد ان يقول فيه العمود والعكس صحيح ولا اشكال في ذلك.
وما تسميتها الواضحة والجلية بـ ( المؤتلفة) الا لتحقيق الغرض من هذا الطرح بالإمساك بروح الاندماج والرصانة بوحدة موضوعية ( توليفية) فيما بين النظم العمودي والنظم الحر لنفس البحر والوزن، وكل ملتزم بمسببات وعوامل الابداع، فالشاعر هنا لا ينبغي ان يفلت من احكام العروض في الوزن والقافية والصدر والعجز وما الى ذلك من متممات عناصر ومقومات الابداع للشعر العمودي، في الوقت الذي سيجد الشاعر نفسه بعيدا عن القافية والالتزام بالصدر والعجز والذهاب الى تعويضهما بالشطر، والانفلات الملتزم عن عدد التفعيلات، واختيار القافية او بدونها مع الحفاظ على اسس البناء الهيكلي لجسم القصيدة الحر مراعيا الجوازات التي اجازها الفراهيدي وكذلك ما اضاف اليها السياب من تجديد ..
فالعمود في (المؤتلفة) هو عمود ملتزم بكل الاشتراطات لكنه في حدود البحور المعدودة والمعروفة التي اقترحها السياب ( البحور واحدة التفعيلة) اي النغمية، وسار عليها الجمع من بعده، كذلك فالشاعر حر ايما حرية بان يتمسك بموسيقى البحور في الشعر الحر فيما يشاء منها وكأنه في نفس القصيدة لايمت للعمود بصلة، وهذا امر ينبغي ان يكون الشاعر مبدعا على الصعيدين، العمود والحر،
يتجلى الابداع هنا في قضيتين مهمتين اولاهما: على الشاعر ان يكون شاعر عمود في قريضه وكانه لا يمت للحر بصلة ملتزما بكل قوانين القريض، وهو نفس الشاعر في القصيدة ذاتها شاعرا حرا حديث الرؤى ماسكا بتلابيب البناء الحداثوي الرؤيوي الطامح الى معانقة العلا في ابداعه. وعلى هذا الاساس لم نخدش جسد القريض، ولم نتعرض لروح الحر بأذى..
البحور المفترضة لكتابة هذا النوع من الشعر( القصيدة المؤتلفة) الذي نقترحه ايمانا منا بالحفاظ على الشكلين العربيين للشعر اللذين نؤمن بهما في معتقدنا الفكري الادبي هما :
(العمود والحر) ومثلما نعرف ويعرف الجميع ان القريض لم يأت به ولم يقل به احد كـ (علم) قبل الفراهيدي، وهذا لا غبار عليه وامر لا يحتاج الى نقاش، اما
( الشعر الحر) فمع وجود اعلام بادروا وبدأوا في محاولات كثيرة ومتعددة، لكن الريادة دون اختلاف مالت الى السياب اكثر من غيره ولم يكن بروزه هذا موضع شك من قبل او من بعد، فهو من رسَّمه ووُسم به .
البحور التي نضعها ضمن هذا الاطار في قصيدتنا (المؤتلفة) هي البحور ذات الايقاع او التفعيلة الواحدة المتشابهة التي سار عليها السياب، وعلى هذا الاساس فان ما قام به السياب هو محاولة للحفاظ على الموروث الرائع الذي جاءت به العرب من قبل ووضعه الفراهيدي في قوالب وكيانات جميلة لم يعبث من خلال علمه بشيء قالته العرب، وبجمعه لتلك الاشعار وتقسيمها الى تلك البحور المحددة والتي لم يحاول او يجرا احد من معاصري الفراهيدي ولا من اتى من بعده ان يقول بعكس ما قاله الخليل الى يومنا هذا، على الرغم من محاولات بعض المولدين الخروج عن هذا النهج في بحور مزيدة او منقوصة واخرى مبتدعة، الا ان الذي استقر عليه الحال وآل اليه المآل هي تلك الستة عشر من البحور( خمسة عشر منها جاء بها الفراهيدي وواحد تدارك به الاخفش عليه- نذكره على الرغم من ضعف هذا الرأي- )،، والامر سيستمر الى ما شاء الله في خصوبة قرائحنا والاجيال القادمة.
ومثلما اجتهد السياب في مولوده الكريم الذي سرعان ما رأينا نضوجه ووقوفه على قدميه وانهمار الشعر من شعراء عراقيين و عرب نهجوا منهج السياب لاعترافهم بجميل ما اتى به. واصبح فنا رائعا يضاف الى سجل الروائع والابداعات في الادب العربي الذي لا يقف عند حد ولا يمنعه سد (على الرغم من بعض العراقيل والصعوبات التي واجهته في بداية المشوار).
فنحن الان نحذوا حذو الصالحين المبدعين ممن سبقونا ونالوا شرف الرقي والانفراد بالمنجز لأنفسهم ولأدبهم، فلم يكن حكرا عليهم بل افاضوا به على الناس. ونحن نعترف هنا اننا نستند ونرتكز في كل ما سنقول في قادم بحثنا على الفراهيدي والسياب، وهذه الاطروحة لا تعارضهما فيما جاءا به نصا وجوازات، بل هي منهما تستقي وبهما تهتدي للوصول الى ابداع جديد نظنه ونعتقده هكذا، وهو شكل جديد من اشكال القصيدة التي يفترض انها ستعطي مجالا ارحب وفسحة اشمل تحاكي مَلَكة الشاعر وحسن ذوقه وجيد ادائه مراعيا في كتابته الاصول المذكورة لكليهما محافظا على الموسيقى التي هي غاية ما نهدف اليه،
ومثلما كان شاعر العمود يسافر في دنيا لا حدود لها وهو يمسك بزمام فرس اصيل وهذا الزمام هو سر القصيدة فتراه ان ارخاه مرة جاء شعره انسيابيا رائقا عذب النغم والايقاع خفيفا على اذن المتلقي، فكانت القصيدة سلسة التعبير، وهذا نراه في الرومانس وشعر الحب والوصف وما الى ذلك. وان كان قد شد الزمام كان شعره قويا متدفقا شديد الايقاع صارخ النغمات، وهذا يتجلى في بعض اغراض الشعر التي تختلف عن الرومانسية والوصف وما شابه مثل الحماسة واشعار التحريض والتحشيد، وفي جديدنا تكون القصيدة او العمل الشعري ممثلة للتقريب بما يلي:
(( صهوة واحدة لفرسين عارمين، يتربع على تلك الصهوة فارس واحد "الشاعر" يمسك بزمامين هما العمود والحر، لينتج بهما حركة تموجية انسيابية بتحكمه بالفرس الاول تارة والفرس الثاني تارة او بكليهما تارة اخرى، دون محاولة الافلات لاحدهما على حساب الاخر، وبهذه الحركة المنسابة سيكون وقع القصيدة او العمل الشعري الجديد، حركة "مؤتلفة" منسجمة متوائمة متوازية بين الفرسين، يتقدم هذا تارة ويتقدم ذاك اخرى ويسيران سوية ان شاء الشاعر، ومثلما نحس الموجة في هبوب النسيم، نأمل ان يكون الايقاع في العمل الشعري " المؤتلفة" موسيقيا انسيابيا متهاديا لا تنتابه هنة ولا تقطٌع ولا يصيبه وهن او ضعف ولا فجوة.
وهنا لا بد من الاشارة بادئ ذي بدء: اننا لم ولن نكون باي شكل من الاشكال بديلا عن العملاقين ( الخليل والسياب) انما نحن نريد ونبغي من وراء هذا المنجز ان نكمل الطريق بما لا يخدش منجزيهما ولا يكون بديلا بتجاهلهما او حذفهما او محاولة التعريش عليهما او محاولة لتهميش منجزيهما الرائعين، وهما اولا وآخرا صاحبا الفضل في هذا الشأن، ولا فضل لاحد عليهما الا الله مبدع الكون والانسان.
وما محاولتنا هذه الا استمرارا لذلك النهج الطيب والمسار السليم، ونريد بهذا ان ندعم ابداع السياب في محاولة منا - نعتقد مخلصين- انها ستصب في مصلحة الشعر العربي واحاطة الحرف العربي والشعر العربي بوجه الخصوص بسور من الدعامات التي تدعمه للاستمرار والوقوف والثبات على عكس صرخات وادعاءات ومحاولات البعض - وهم كثر – ممن اغرقوا الساحة بمحاولات يائسة وبائسة بالتنصل عن الوزن بالنسبة للشعر العربي بشقيه، واطلقوا تسميات لا تخص
الشعر ولا تنتمي له، انما هي بعيدة كل البعد عن الصلب والرحم، ومن يتابع بإمعان محاولة السياب وما جاء به سنرى كم يحترم هذا العملاق استاذه الاول الخليل، وسنحاول ما اوتينا من جهد ان لا نفرط بهذا العقد الثمين والدر المكنون وسنحاول ان نكون لؤلؤة ثالثة في هذا العقد ثنائي التركيب، بحيث يكون السلسله اذا شاء الله ((علم العروض للخليل بن احمد الفراهيدي، والشعر الحر لبدر شاكر السياب، ونرجو ان نكون معهما في (القصيدة المؤتَلِفة)، او العمل الشعري المؤتَلِف للعبد الفقير الى الله والمستغني عمن سواه شاكر الخياط ))
وقصيدتنا المقترحة لا يكتبها جاهل ببحور الشعر ولا متجرد او متمرد على اصوله، قصيدتنا الموسومة بـ " المؤتلفة" " المشروع المقترح" لن تكون البديل عن القريض او تسعى لذلك، ولن تكون البديل عن الحر او تسعى لذلك، وهي تتلخص فيما يأتي:
هي محاولة المزج والتوليف بين العمود للخليل والحر للسياب نظما شعريا في قصيدة واحدة تبدا بالعمود ثم تنتقل الى الحر ثم تعود الى العمود وتنتقل الى الحر، أو العكس تبدا بالحر وتنتقل الى العمود ثم تعود الى الحر وتنتقل الى العمود لا اشكال في ذلك ولا ضير، بل هذا هو مبتغانا في ابداع زاخر ثر متين، ويتداخل فيها البحر الواحد بالوزن بين العروض والحر دون احداث ارباك يُظهر ان العمود قد فرض نفسه على الحر او تفوق عليه، ودون الايغال في الحر الى الحد الذي يرى المتلقي ان القصيدة قد كتبت على الحر البحت فقط دون وجود اي اثر للعمود، او الاستمرار والتركيز على العمود بحيث تبدو القصيدة عمودية بحتة، انما الامر المهم هنا ان القصيدة ستشتمل على النوعين :
( عمود – حر – عمود) او (حر – عمود – حر) وهذا شان يخص الشاعر الذي له
الحرية والخيار في ان يبدا بأحدهما دون ادنى اشكال وهذا امر منوط به وله القرار، شريطة الحفاظ على روح البحر في وزنه المعروف وجوازاته وزحافاته والتزاماته وضوابطه وما يترتب عليه، وبتعبير اخر اننا لم نُضف بحرا على بحور الخليل، ولم نحذف بحرا من بحور الخليل ، ولا داعي ان نقول ( وبحور السياب لان السياب لم يخرج عن الخليل في بحوره) انما ارتأينا بعد دراسة معمقة وصبر طويل وبحث استمر لسنوات ان نجعل القصيدة الجديدة تحتوي على كل ما جاء به السياب ( الشعر الحر بأوزانه وجوازاته المعروفة) اي تلك البحور التي يمكن الكتابة عليها في القريض وهي البحور متساوية التفعيلة ( ذات التفعيلة الواحدة المتكررة في البحر الواحد، وهذا الامر سيحدد الشاعر بان لا يخرج عما افاض به الاولون وليس له الحق في ان يزيد او ينقص او يأتي بمحدث، لان هذا سيؤدي به الى جديد خارج عن جديدنا وسيعتبر تجاوزا على ما قلنا به او ربما خروجا عليه، ولكي تتضح الصورة اكثر وان لا ندع للمتربصين ما يعكر مياهنا الصافية في تصيدهم نقول:
البحور التي يجوز الكتابة عليها في قصيدتنا " المؤتلِفة" الجديدة او "العمل الشعري المؤتلِف" الجديد هي :
الوافر : مفاعَلَتُن / مفاعَلَتُن / مفاعِلْ او مفاعَلْتُن/ مفاعَلْتُن / مفاعلْ مع جوازات الوافر
مجزوء الوافر وما يترتب عليه من اشتراطات.
الكامل : مُتَفاعلن / مُتَفاعلن / مُتَفاعلن او مُتْفاعلن/ مُتْفاعلن/ مُتْفاعلن مع جوازات الكامل
مجزوء الكامل وما يترتب عليه من اشتراطات.
الهزج: مفاعيلن/ مفاعيلن مع جوازات الهزج واشتراطاته.
الرجز: مستفعلن/ مستفعلن/ مستفعلن او متفعلن/متفعلن/متفعلن او مُسْتَعِلن/مستعلن/ مستعلن مع جوازات الرجز وشروطها.
مجزوء الرجز ومايترتب عليه من جوازات.
الرمل: فاعلاتن/ فاعلاتن/ فاعلاتن او فَعٍلاتن/ فَعِلاتن/ فَعِلاتن مع جوازات الرمل
مجزوء الرمل وما يترتب عليه من جوازات.
المتقارب: فعولن/ فعولن/ فعولن/ فعولن او فعولُ/ فعولُ/ فعولُ/ فعولُ مع جوازات المتقارب
مجزوء المتقارب وما له من جوازات.
المتدارك: فاعلن/ فاعلن/ فاعلن/ فاعلن او فاعلُ/ فاعلُ/ فاعلُ/ فاعلُ مع جوازات المتدارك
مجزوء المتدارك وما يترتب عليه من جوازات
الخبب: فًعِلُنْ/ فَعِلُنْ/ فَعِلُنْ/ فَعِلُنْ
او فَعْلُنْ/ فَعْلُنْ/ فَعْلُنْ/ فَعْلُنْ
مجزوء الخبب ومايترتب عليه من جوازات
اننا نبغي من هذه التجربة ان نضيف ابداعا جديدا الى ما ابدعت العرب من قبلنا واهم ما نبغيه هنا هو ( التوليف أوالتجانس أو المجانسة أوالأمتزاج أو الأندماج أو التوحد) وكلها مفردات تنهل من معين واحد، فتنساب في ماء رقراق صاف عذب فرات يصب في نهر جديد، بحيث تكون القصيدة (مؤتلفة) في بنائها منسجمة ككيان واحد وكبدن واحد وكلٌٍ لا ينفصل.. وعلى هذا الاساس اخترنا التسمية لكي تعطي المعنى واضحا جليا دون ادنى تأويل، مما يسهل على الدارسين من الاجيال اللاحقة ان لا يبدوا أي جهد في الوصول الى التعريف لأنه لا يحتاج الى رأي أخر حسب ما اشتملت عليه كلمة ( المؤتلِفة) على اعتبار وحدة الموضوع التي يتمتع بها كلا اللونين، ووحدة الشكل المنسجم الجديد، والذي يميز كل نوع ولون عن الاخر.. لكنهما سينتجان وحدة موضوعية اخرى جديدة مستقلة قائمة بذاتها ستحتل وتمتلك لونا جديدا يميزه من جديد. وستخضع من جديد الى كيان قائم ذو اطروحة جديدة .. وهذه الاطروحة تتلخص في مايلي:
المؤتلفة قصيدة تشتمل على العمود في وحدة موضوعية متناسبة مع الحر في وحدة موضوعية متناسبة مع العمود وبامتزاج الاثنين سينتج ذلك عملا شعريا مولفا منسجما في وحدة موضوعية جديدة لا انفصال فيها عن وحدتي الموضوع في العمود والحر اللذين هما اساس وحدة الموضوع للكيان الجديد في العمل الجديد، وبهذا فان وحدة الموضوع الجديدة المنتَجَة ستكون وحدة موضوعية مستقلة الكيان والهياة لأساس معتمد يستند على ذات العمود وذات الحر اللذين امتزجا سوية لأجل اخراج هذا الابداع المنجز الجديد وبهذا الامر نستطيع القول ان العمل الجديد سيحتوي على وحدة موضوع جديدة متميزة وستكون وحدة موضوع ارتبطت بكلا الفنين العمود والحر لكنها ليست ثوب الموضوع الجديد دون الغاء وحدة اللونين لكن النظر الى وحدة الموضوع الجديد والتأكيد عليه هي الغاية المثلى اي وبتعبير اخر اننا استخدمنا النوعين (الحر والعمود) كسياقين غير منفصلين، فكانا واسطتي نقل يسيران باتجاه واحد وبنسق واحد للوصول الى هدف واحد، ومزجنا بينهما لكي نصدر وحدة موضوع جديدة تسمى (العمل الشعري المؤتلف) او (القصيدة المؤتلفة)
اما الانتقالات فيما بين "التفعيلة في البحر الواحد المؤمل الكتابة عليه" وبين جوازاته فهذا امر مقبول وطبيعي واهم ما نؤكد عليه عدم اظهار ( الخلة او الهوة او الفجوة او الهنة او التدني او الضعف) فيما بين الانتقالات بحيث يشعر المتلقي ان الشاعر هنا انتقل من العمود الى الحر او من الحر الى العمود.. انما المرجو والغاية الاسمى هنا وكل التأكيد على الانسيابية والتمازج بين الانتقالات.. وهنا يجوز للشاعر ان يلتزم الوزن كاملا او يلتزم جوازاته في كلا الامرين ( العمود او الحر) دون ان يخدش من العمود اِهابه او من الحر جماله ويصل بالقصيدة الى لوحة واحدة والى خلق جديد اسمه المؤتلفة طائر يحلق بجناحين هما العمود والحر او الحر والعمود هذان الجناحان يمتد كل منهما الى حيث يشاء ويريد لا سلطان لاحد على الشاعر ان يبدع في العمود اكثر او في الحر اكثر.. لكن الذي نبتغيه ان يعرف الشاعر انه الان طير يحلق من اجل العلا والابداع والارتقاء بجناحين متساويين في حمل الطائر، وان اخل جناح سيظهر الخلل في ذلك التحليق وربما سيهوي الطير، لكنما الذي سيديم للطائر تحليقه هو ذلك التوازن فيما بين الجناحين، وليكن الشاعر هو الطير محلقا في العلا بجناح "العمود" تارة يمينا وبجناح "الحر" تارة شمالا، حيث لا افق يحتويه او يمسكه الا اذا شاء التوقف عن التحليق،، الى الحد الذي يصعب التفريق بينهما، وفي نفس الوقت دون التركيز المفرط الواضح على واحد دون الاخر.. يحق للشاعر هنا ان يكتب مثلا:
مُفَاعَلَتُنْ / مُفَاعَلَتُنْ / فَعَولنْ ويستمر الى ان ينتقل على سبيل المثال الى
مُفَاْعَلْتُنْ/ مُفَاْعَلْتُنْ / فَعَولنْ/ موزون ومقفى ( تام او مجزوء) لأنه هنا سيلتزم القافية والوزن أي هو الان سينتقل الى العمود..
او
مفاعيلن/ مفاعيلن/ مفاعيلن/ مفاعي/ مفاعْ / مفا
او
فعولن/ فعولن/ فعولن/ فعولن/ فعو/ او /عو- لن/ او فعولٌ
وهكذا سيستمر الشاعر باِنثياله ممتطيا جواد (المؤتلفة) متنقلا بين التلال والسهول ،من تل الى سهل او من سهل الى تل كالموجة التي تهب بنسيمها لا تخدش الوجوه .. وهنا سيلاحظ المتلقي ان الشاعر كان يجيد التوليف بين البحر في شقيه او شكليه (العمود او الحر) لان الشاعر هنا سيكون فارسا يمتطي صهوة جواد اصيل ينساب بجواده بين الهضاب والسهول في حركة موجية دون أية رتابة في الحركة الاصل للفارس وبين حركة الجواد وهذا ليس شان عام مشترك لكل راكب انما الانسياب هذا لا يتقنه الا فارس على جواد متمرس، والإمساك بزمامي الامر لا يعرفه ولا يخبره ولا يتمكن منه الا فارس، وهنا يقتضي ان يكون الشاعر متمرسا وشاعرا عارفا بفنون الشعر بشقيه، هذه الخلاصة تسترعي الدراية الكاملة بالشأن الشعري ونظمه وزحافاته وجوازاته وما يجوز ومالا يجوز ..ولعل من دواعي افتخاري وامتناني ان اضيف ان هذا النوع من الشعر( المؤتلفة) سيكتبه ويحبه من احب الخليل وعروضه، ومن احب السياب وحره وآمن ان ما أتيا به كان صوابا وابداعا بلا منازع وهذا آت عن دراية وخبرة تنم عن حب كبير للشعر العربي.
وبهذا نكون قد وفقنا في انتاج جديد يمسك بتلابيب الشعر وحيثياته ولا يحيد عن الخط المرسوم.. المتوقع ان تكون المساحة للمبدعين اشمل واوسع وان يكون الابحار اكثر عمقا وابعد مدى واعلى صعودا الى غاية ابداعية تليق بمسعاه، الغرض منها( الحفاظ على الشعر العربي بشقيه، وايجاد حالة من الابداع الشفاف الراقي) تواصلا مع حركة الحياة وصراع المنتجات وحالات الاختراعات والابتكارات في الميادين كافة والتي تعتبر حالة من الشعور الوجداني والانساني الحر المشترك في عملية تواصل دائمة، تنبئ بان هذه الارض لا تسع على ظهرها من يريد الانعزال او التفرد بنتاج احادي الجانب او حضارة ما دون التواصل او التلاقح الدائم والمستمر الذي يظهر للأجيال ان هذا الكم الهائل الذي استقر على الارض وعاش عليها كان يسوده الصفاء والمحبة والتواصل الانساني الامثل .
تنويه:
وجود بعض المزاولات الشعرية والممارسات غير المكتملة او المزاجية والتي لا تعني التنظير ابدا وقد لا تمثله اطلاقا ولكنها تؤكد ضرورته لانها تعبر في ذات الوقت عن اصالته وعن وجوده الخفي كايقاع شعري تتلوه النفس البشرية ولرب ماطرحناه كان في مخيلة آخرين مثلنا، ولكي لانبخس حقهم فاننا نتقدم لهم بالعرفان وبالثناء لتوافقنا في الطرح والهدف وان كانوا قد سبقونا فلهم الفضل المتقدم علينا سلفا، وستظل الابواب مشرعة لحوار رصين به نرقى نحو مديات اوسع واكثر فائدة في مجال الابداع الادبي والشعري منه بالخصوص، وانا ختاما لا أبريء نفسي من الزلل او الخطا وساكون ممتنا لمن افادنا براي او ملاحظة، فهي محترمة وان اختلفت عنا ،
وفقنا الله والجميع لما فيه الخير..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق