الأربعاء، 13 ديسمبر 2017

المبدأ الحواري،،في النص الأدبي ،،وفعالية القراءة / قراءة في نص الشاعرة سعاد محمد بقلم / الروائي الناقد جمال قيسي

المبدأ الحواري،،في النص الأدبي ،،وفعالية القراءة / قراءة في نص الشاعرة سعاد محمد
 
 
 
مع غزارة الانتاج الأدبي العربي في العصر الراهن،،والذي لايعني في الوقت ذاته انه أدب رفيع،،بل العكس تشعر ان هناك إسفاف وسذاجة ،،وإفتقاد للشاعرية ( ادبية الادب ) ،،اي مايجعل النص ادبًا ،،من انزياح وتخييل وتهويل ،،الادب بمعناه المسؤول هو رؤية للواقع المعيش من أجل تغييره،،،او تكريس جوانبه الإيجابية ،،القضية في النص الأدبي ،،من الواجهة الإجرائية ،، تفضي. الى خلق سلطة وتمثل ،،على شكل تحقق للحراك الاجتماعي والتاريخي ،،أساس هذا التحقق يتم من خلال العتبة الاولى،،وهي نوع من الميثاق الذي يعقد بين كاتب النص والقارئ،،مع اختلاف التنسيب والتحقيب في ظرفي المكان والزمان،،فإذا كان نصًّا كبيرًا في أدبيته مثل الذي سنتناوله،،ولم يتحقق الشرط الإجرائي ،،اي قارئ يتفاعل من الطرف الثاني،،اذًا سيكون الادب مغتربًا ،،ويمكن ان ننسبه الى منظومة الأفكار المتعالية ،،المشكلة متعددة الجوانب،،أولها تدني ثقافة الجمهور،،بالاضافة الى الكسل الذي يعتريه،،لانه صار يبحث عن المعلومة الجاهزة ،،والتي لا تستوجب الجهد الفكري،،وهذا الامر الذي نجحت فيه ،،الرأسمالية المهيمنة،،في تراجع قدرة العقل الجمعي،،وبالتالي اضعافه ،،كمقاومة لاي هدف،،في الجانب الثاني صار كاتب النص،،لايبحث عن الجودة بقدر الانتشار،،فقدت القدرة المعيارية ( canon ) ،،الخطر المتأتي ،،كبير،،وهي عملية ايغال في التشيء ،،من هنا تبرز الحاجة لدينا لعملية النقد،،والدور المهم للناقد،،بمعناه الخلاق،،وليس المروج ،،
تعد تجربة سعاد محمد ،،متفردة في نهجها ،،وهو ما سنتناول بعضها في قرائتنا لنصها ،،بالاضافة الى تجارب اخرى والتي ستكون مدار بحثنا النقدي ،،في قادم الايام ،،ان شاء الله مثل تجربة الشاعرة عليا عيسى،،ونور السعيدي،،وكريم عاشور،،وآخرين ،،اذ لكل تجربة منهم له خصوصيته ،،في المنهج والرؤية،،هذا مع التسليم سلفًا ،،بان لكل شاعر لغته الخاصة به،،و امتلاكه الى قاموس دلالة ،،في كل نص،،،
يمتاز النص الذي سنتناوله،،بالعسرة التأويلية ،،لاعتماده على الرمزية العالية،،وبقدر هذه العسرة،،يشكل نص سعاد محمد. قدرة ادبية فذة ،،ورسالة ابداعية ،،تعيد للأدب. اعتباره ،،بمواجهة الاسفاف والترهل الحاصل،،،في عالم الادب اليوم ،،
في مشهد مسرحي هائل الوقع ،،تقحمنا سعاد محمد ،،لتزج بِنَا في آتون المصير،،،حوار بين شخصيين ،،تتسم العلاقة بينهما بالمنادمة،،والنديم اما عاشق،،او صديق كأس خمر،،مثل هذه الآصرة الثنائية في العلاقة ،،توحي بحديث المصارحة،،حديث متعلق بالمصير،،والوجود،،،محور القصيدة،،يدور حول قضية القدس ،،واعتراف ( ترمب ) كونها عاصمة لإسرائيل ،،
،،وفي ادبية متمكنة ابتعدت سعاد محمد ،،عن الخطاب المباشر،،متخذة المبدأ الحواري،،،هناك ثنائية في الأصوات ،،المحملة بالأيديولوجيا ،،،مع ان اللغات للأصوات غير متعددة بحكم المشتركات ،،في المنادمة،،ولكن هذا لا يلغي المبدأ الحواري،،،وانا هنا لا اريد ان اغرق القراءة بالمصطلحات الفنية،،ولكن سحر النص ولعبته ،،في تقنيته،،التي ان أفلحنا ،،بمسكها،،انفتحت المصاريع ،،حتى آخرها،،
المشهد الاول،،،
نديمانِ على مشارفِ (الفزعةْ)
يبحثانِ في العتمةِ عن جامِ الغفلةِ لِلِمِّ ماءِ الوجهِ
و يتجاذبانِ كؤوسَ العتابْ:
= في البعيدِ حيثُ تنغرسُ السّماءُ في الأرضِ
متلبِّسةً بسرقُةِ الأحياءَ..
حُرماتُ النّبيِّ تستغيثْ!.
ـ وهنا بينَ تلالِ الأولياء..
الهواءُ عميلٌ للموتِ
يقبضُ عن كلِّ ذي ساقينِ رشوة!.
= تعالَ معي لضروراتِ الكرامةِ
ولو على سبيلِ ناقوسٍ..
إنَّ مسرى النّبيِّ ودرب الجلجلة يُنهبان!.
ـ الدربُ بعيدةْ..
في الفضاء الممسرح ،،،شخصان يتحاوران،،،الوقت عتمة،،وكل امر معيب يتم في العتمة ( ليس بالضرورة ،،العتمة يراد بها الليل ) ،،سواء تقاسم سرقة،،او تداول معطيات مؤامرة،،او حديث مخجل،،يحرقه الضوء،،هم على مشارف ( فزعة ) ربما انتفاضة ،،،شعبية متوقعة ،،المتحاوران،،،ربما حكام عرب،،المهم انهما. متواطئان،، يبحثان عن ( جام الغفلة ) ،،والجام إناء فضي ،، حتى يجمعان فيه ماء الوجه الذي سقط من العار،،
ترسم سعاد محمد طوبوغرافية المكان،،،بين الغرب المتمثل بزعامة أمريكية ،،حيث تنغرز السماء وكل قيمها الإلهية ،،وممتلكات الإله ،،بأرض الباطل الامريكي،،التي تقترف الجرائم بحق الانسان ومقدساته ،،وحرمات النبي تستغيث،،انه المسجد الأقصى أولى القبلتين وثاني الحرميين ،،،وبين هنا ارض الاولياء والرسالات وهناك،،يتعاتب المتحاوران،،ليرسما الموقف ،،فصوت يصف عمالة الهواء للموت،،،وهي تورية في غاية الذكاء،،عن اشتعال الحروب الأهلية في المنطقة،،انها تحلق عاليًا،،،هذه الأميرة البربرية،،،لانها تسقط علينا كسفًا من سمائها الشعري ،،ويطلب الصوت الثاني بخنوع،،،لنتخذ موقفًا يذر الرماد في العيون،،،وبالتاكيد انه موقف انهزامي في عمقه،،لان الصوت غير مؤمن بقدرته ( الدرب بعيدة ) ،،مجرد برقية احتجاج،،،وشجب او ادانة ،،
سيصلُ الصّوتُ متأخراً رصاصةً كالمعتادِ
أو يُقبضُ عليه بتهمةِ العواءِ الشّاردِ..
دعني أطمر قتيليَ الأخيرَ
وأرمي في جوفِ هذا اللّيلِ صخرةً
حتّى لا يلتهمني هذا المواتُ السّاري
ثمّةَ نواحٌ يتحضّر..
ألم تسمعْ في نشرةِ الأخبارِ أنَّ الأمورَ على ما يرام؟!.
= أنتَ تتصفّحني كبردٍ هرمٍ يعابثُ وردةً مطلةً على الغد
كثيرٌ عليَّ هذا القحطُ كلُّهُ في وجدانِكَ
سيشاعُ أنّنا منزوعا النّخوة!.
ـ إنّي عاجزٌ عن النّخوةِl
تتواصل الحوارية بين الصوتين،،لتزودنا ،،ببقية الرسالة،،،كل صوت مهما كان ،،، المحمل بالاحتجاج ،،سيتأخر،،لان الفعل لايوازيه اعتراض،،وسيغتال ،،او يزج بالسجن ،،وهاهي الورقة الاخيرة تسقط،،وقتيل ،،ساطمره أعمق ،،وألقي الصخرة التي في بيت المقدس،،في طَي النسيان،،،الامر الوحيد الذي سينجيني من الموات ،،،
يجيب الصوت الثاني،،،ان الامور لابأس بها،،،هاي نشرات الاخبار ،،لاشيء فيها مقلق،،،وهنا تشير سعاد محمد ،،الى الخوار والوهم الذي يتلبسنا،،،
وفي جملة اعتراضية لأحد المحاورين،،تشير الى صوت اجيال بعينها عاشت روح المقاومة ،،تخاطب الأجيال اللاحقة التي تنظر ،،الى صوت هرم،،وجيل يريد،،ان ان يتخطى عمره،،،لكنِ واقع الحال يحبطه،،انه ليس زمانه،،،يبحث عن الكرامة والنخوة،،،فيجيب الجيل اللاحق،،اني عاجز عن النخوة ،،امر طبيعي وفق المعطيات ،،التي ورثوها من الاوطان،،،حروب واستبداد،،وضمير تشكله وسائل العولمة،،
لنقصٍ في أسبابِ الحياة..
الغدُ هو الأمسُ ذاتُهُ لكنّ أنيابَهُ أشدُّ ضراوة!.
= في السّاحةِ كثرٌ..
يجمعونَ الشتائمَ وعيِّناتٍ الدُّعاءِ
تبرَّعْ ولو بدمعةْ!.
ـ أنكرتُ صوتي مذْ عرفْتُ أنَّهم حبسوني
في خانةِ العدمْ..
سأبقى مزروعاً في ظلي كسكينٍ
فأنا مصابٌ برُهابِ المعرفة!.
= أينَ جيرانُ هذه الحرُماتِ منها ؟!.
ـ لقد شبعوا..
ومن يشبعْ ينسَ!
= والنومُ للجائعِ عزاءْ..
ـ إذا نمْ ,تصبحُ على كرامة!
= تصبحُ على حياة!
وأشاحَ النّجيّانِ وجهيهما أحدُهما عن الأخرِ
لأسبابٍ تتعلَّق باختلافِ وجهاتِ النّظرْ!.
وتتواصل المحاورة،،،باصوات ثنائية،،هي تارة بين جيلين،،وبين ضميرين واُخرى بين موقفين،،حجاج ،،واعي ومؤلم،،وبين موقفين ربما أثنيين،،او مذهبين،،،فاقدي الإرادة ،،،بحكم الاختلاف،،
في هذا النص،،الذي يؤرشف الواقع ويؤرخ،،،المرحلة الرتيبة التي تفتقد الى مشروع الحياة المتجدد ،،الذي هدر بين جدران التراث وأنظمة. الاستبداد ،،حتى أصبحت الحياة بمعناها المجرد،،مكسب،،حتى وان افتقدت لرغيف الخبز،،،،،
كان يفترض ان استمر في التحليل الفني الا اني شعرت،،بأن المقام ،،لايتسع لذلك،،فأخذت جانب القراءة ،،واتمنى اني قد وفقت،،،
جمال قيسي / بغداد
نص الشاعرة / سعاد محمد
نديمانِ على مشارفِ (الفزعةْ)
يبحثانِ في العتمةِ عن جامِ الغفلةِ لِلِمِّ ماءِ الوجهِ
و يتجاذبانِ كؤوسَ العتابْ:
= في البعيدِ حيثُ تنغرسُ السّماءُ في الأرضِ
متلبِّسةً بسرقُةِ الأحياءَ..
حُرماتُ النّبيِّ تستغيثْ!.
ـ وهنا بينَ تلالِ الأولياء..
الهواءُ عميلٌ للموتِ
يقبضُ عن كلِّ ذي ساقينِ رشوة!.
= تعالَ معي لضروراتِ الكرامةِ
ولو على سبيلِ ناقوسٍ..
إنَّ مسرى النّبيِّ ودرب الجلجلة يُنهبان!.
ـ الدربُ بعيدةْ..
سيصلُ الصّوتُ متأخراً رصاصةً كالمعتادِ
أو يُقبضُ عليه بتهمةِ العواءِ الشّاردِ..
دعني أطمر قتيليَ الأخيرَ
وأرمي في جوفِ هذا اللّيلِ صخرةً
حتّى لا يلتهمني هذا المواتُ السّاري
ثمّةَ نواحٌ يتحضّر..
ألم تسمعْ في نشرةِ الأخبارِ أنَّ الأمورَ على ما يرام؟!.
= أنتَ تتصفّحني كبردٍ هرمٍ يعابثُ وردةً مطلةً على الغد
كثيرٌ عليَّ هذا القحطُ كلُّهُ في وجدانِكَ
سيشاعُ أنّنا منزوعا النّخوة!.
ـ إنّي عاجزٌ عن النّخوةِ
لنقصٍ في أسبابِ الحياة..
الغدُ هو الأمسُ ذاتُهُ لكنّ أنيابَهُ أشدُّ ضراوة!.
= في السّاحةِ كثرٌ..
يجمعونَ الشتائمَ وعيِّناتٍ الدُّعاءِ
تبرَّعْ ولو بدمعةْ!.
ـ أنكرتُ صوتي مذْ عرفْتُ أنَّهم حبسوني
في خانةِ العدمْ..
سأبقى مزروعاً في ظلي كسكينٍ
فأنا مصابٌ برُهابِ المعرفة!.
= أينَ جيرانُ هذه الحرُماتِ منها ؟!.
ـ لقد شبعوا..
ومن يشبعْ ينسَ!
= والنومُ للجائعِ عزاءْ..
ـ إذا نمْ ,تصبحُ على كرامة!
= تصبحُ على حياة!
وأشاحَ النّجيّانِ وجهيهما أحدُهما عن الأخرِ
لأسبابٍ تتعلَّق باختلافِ وجهاتِ النّظرْ
!.
 
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق