كلامٌ في القافية :
إنّ القافية في الشعر التقليدي هي الحروف التي يلتزم بها الشاعر في كل بيت من أبيات قصيدته . والرويّ هو الحرف الأخير من القافية والذي تُبنى عليه القصيدة .
وحين جاء الشعر الحر ( التفعيلة ) انتقلت القصيدة من قصيدة سمعيّة إلى بصريّة . ويؤكد د. شوقي ضيف أنّ القافية في قصيدة الشعر الحر تحررت من رتوبها بتنوعها وليس كل الشعر ينظم لينشد أو يتغنى به ....
وممّا لا شك فيه أنّ القافية في الشعر التقليديّ كانت تعتمد على ثقافة الشاعر اللّغويّة أمّا في الشعر الحر فتعتمد على الحاجة الفنيّة . وترى نازك الملائكة في كتابها قضايا الشعر المعاصر أنّه مهما يكن من فكرة نبذ القافية وإرسال الشعر فإنّ الشعر الحر بالذّات يحتاج إلى القافية احتياجاً خاصّاً ؛ وذلك لأنّه يفقد بعض المزايا الموسيقيّة المتوافرة في شعر الشطرين الشائع وتقول إن القافية ضروريّة لأنّها تحدّد نهاية السطر وتلمّ شتات الجو بالنغم العالي الذي تُحدثه وهي تُهدِّىءالقارىء أثناء قراءته للقصيدة وتعبر عن أفكار الشاعر الداخليّة التي لا يتعمّدُها ، وهي ضروريّة لأنّها نغمٌ وهي ذات موجة غامضة نستشعرها دون أن نشخصها وهي توحي بوضوح الفكرة حين تعزل شطرا عن شطر .
وقد استُخدمت القافية في الشعر بأشكال مختلفة ( - القافية العمودية المتكرّرة - القافية المتنوّعة - وقد يقع الشاعر في شركها عندما يبحث عن القافية متناسيا المعنى ) وهناك أيضا (القافية الحرّة ؛ الحرّة المقطعيّة والحرّة المتغيّرة والقافية المرسلة وتعني " المرسلة " : أن تكون القصيدة بلا قافية إلاّ ما جاء عرضاً و القصائد من هذا النوع تتراوح في جودتها باختلاف إمكانيّة الشعراءِ أنفسِهم ، فمثل هذا النوع من القصائد يحتاج إلى تعويض عن هذا العنصر الموسيقيّ الهام في القصيدة .
ويمكن أن يكون التعويض بالقافية الداخليّة ويجب أن يكون الشاعر على قدرة شعرية كبيرة للاستعاضة عن إيقاع القافية .
فهل التزم شعراء التفعيلة بذلك ؟ وهل تنبهوا إلى أهميّة القافية الداخليّة بديلا موسيقيا هامّا عن القافية الخارجيّة ؟ وهل ارتبطت القافية عندهم بالمعنى ؟ أو كانوا يبحثون عن قافية لإكمال النغمة ليس إلاّ ؟ وللكلام بقيّة .
الاستاذ أسامة حيدر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق