الثلاثاء، 7 مارس 2017

قراءة نقدية في نص الشاعرة ماجدولين جرماني (حين القلب يتكلم) بقلم/ الناقدة نائلة طاهر

حين نريد ان نفي لقواعد التحليل الأدبي التزاماته فما علينا سوى البحث في منهج القصيدة ولغتها وبنائيتها وما إلى ذلك مما يتصل بفنيات الخطاب الشعري وحدود اتصال القصيدة المتناولة بالنقد لتلك التقنيات .وعلى هذا الأساس نقول هذا الناجح وذاك قد قارب أو ابتعد عن النجاح.اذ برأيي فإن الذائقة الفنية نفسها تخضع لقواعد والا كان أي كلام موزون أو موسيقي طافحة بنص سردي ما يعد شعرا.فبماذا تميز الخطاب الشعري لماجدولين في هذه القصيدة ؟
القصيدة في بدايتها وفي نهايتها محددة بإطار زمني هو :"حين" ، و حين هي اللفظ المحبب والمتداول كثيرا عند شعراء النثر ولغويا هي تحدد زمنا ما قد يطول أو يقصر لذلك أعطى استعمالها في أول النص و منتهاه طابع الامتداد والصيرورة للمضامين من ناحية و صيغة الشرط من ناحية ثانية .إذ شرط تواتر جملة من المعاني والأحداث هو رهين تكلم القلب ، اي ان تفجر العاطفة كفيل بأن يصمت أي صوت خارجي حتى وإن كان صوت الأمنيات وعادة ما تتصل الأمنيات بالعقل لا بالقلب .فالقلب وما يعنيه يكون دائما الحاضر المتمثل أمامه، أما العقل فيجعل من رغباته أمانٍ مؤجلة .هذه "الحين " المتحكمة في مفاصل القصيدة حددت وبدقة رغبات ذاك القلب الذي أخذته حمى الثرثرة .وتدفق الكلام من القلب تجسد أفعالا وإيحاءات ثم توحد وتماهٍ للروح الواحدة ،سرعان ما ينكشف مع عودة الأماني وكأن الأماني وحدها كفيلة بأن تعيد القلب إلى وعيه إذ لا ننسى أن فعل تمنى هو فعل يفيد المستحيل .لذلك الأنا المنصهرة مع الأنت انفصلت ودمرت واحدة منها الأخرى ليغفو جفن القلب من جديد وتذبل المشاعر التي تأججت سابقا تحت وقع موسيقى ألفتها حروف اسم الحبيبة بأنامل الحبيب.وانتهت القصيدة ب :حين أنت.. ولعل الامتداد هنا سيشمل الشخصية نفسها أو المشاعر المقابلة والتي دخلت زمنا ممتدا آخر لا يوقفه سوى صمت متجدد يمحي الوعي بأننا بصدد اثنين لا واحد ..اننا قبالة الأنا والانت ..لا الضمير الجمعي نحن والذي يؤلف بين قلبين .القصيدة في كل معانيها المضمرة والظاهرة قصيدة بوح لقلب يئن من رغباته المتأرجحة بين التحقق وبين الضياع ،ومن دون تعقيد كبير ولا استسهال كتبتها الشاعرة بلغة تبدو واضحة لكنها تعطي من الأبعاد ما هو أعمق في التأويل .وهنا تبرز قيمة النص الذي يوضع تحت خانة قصيدة النثر التي تحيل بعض الجمل والمعاني إلى صور شعرية مستساغة ومؤثرة ،من حيث تناول الفكرة نأت الشاعرة في عدة صور عن عادي القول رغم شيوع المفردات المستخدمة وكان بإمكانها الولوج أكثر إلى ظاهرة التماهي بين روحين من حيث الانفعلات المتبادلة والتي من شأنها أن تضفي حيوية أكثر على الصور الشعرية المقدمة وما على الشاعرة إلا إغناء بعض المشاهد المصورة بأخرى تحصل معها على نص تام الفكرة والبناء من شأنه أن يشكل إضافة لقصائد النثر عامة .تحياتي شاعرتنا نص رقيق وجميل .
~نائلة طاهر~
نص الشاعرة مجدولين الجرماني
حين القلب
يتكلم
تصمت الأماني
تتفجر أهاتك
بما لا يقال
حين كنت
بكفيك
لمست روحي
اخذت مدار الساعة
اجتزته
غزلت من أحرف اسمي
حكاية
رجفت دقات قلبك
على موسيقى صوتي
في بعض اللحظات
عانقتك الأماني
حين كنت
انا أنت
لكنك
كإعصار
دمرت
ومررت
كانك لست أنت
تغفوا خصلات شعري
بين يديك
يذبل جفني
روحا اهديك
حين انت ....
 
 
 
 
تعقيب غازي احمد أبو طبيخ
آفاق نقديه اتصور ان البحث بين طيات النص الادبي مهمة عسيرة لايجيدها فعلا الا الناقد المزاول للعملية الابداعية التي يبحث فيها , خاصة في فن الشعر..
وقد يحصل ان يطرق بابها الاكاديمي المحترف , فيصيد مايصيد من الحقائق..ولكنه حين يكون اكاديميا ومزاولا كالشاعرة الناقدة نائله طاهر , التي عايشت الأدب الفرنسي كدارسة وكمدرسة ثم الأدب العربي كمتابعة حثيثة ومزاولة مبدعة , لاريب انها ستمسك بكافة حقلئق النص الابداعي الفنية والفكرية الذي تخضعه للدراسه..
والذي لفت نظري هنا هذه القدرة على التداخل المخامر الذي يقرأ النص بانكشاف كامل من دون الاحساس باية لحظة لتعسر الفهم بين الناقدة والنص, سواء على مستوي الاداء الشعري او البناء او المضمون..هذا فضلا عن ملاحقتها لمفردات الزمن التي اعتمدتها الشاعرة كمدرج انتقالي او كمحطات للتصعيد الشعري..
استاذه
نائلة طاهر..احسنت سيدتي, ومن خلالك كل الاعتزاز بشاعرتنا ماجدولين الجرماني Majdolin Aljaramany المبدعة , والسلام..
 
 
 
 
 
 
رد نائلة طاهر
نائلة طاهر شكرا لكل ما ورد بتعقيبك أستاذ غازي .كل ما لدينا من مواهب أدبية فقد تطور بفضل تواجدي معكم ولازلنا نستقي منكم ومن باقي الأساتذة ما يجعلنا في المستقبل أهل للقب ناقدة .
احترامي سيدي
تعقيب غسان الحجاج
غسان الآدمي احسست بالوقع الموسيقي للنص والذي تواجد من تمازج تفعيلات مختلفة ربما هذا السر وراء انجذاب الاستاذة نائلة الى هذا النص الممشوق بالاضافة الى ماذكرت في قرائتها النقدية التي لم تكتفِ بالاشارة الى المحتوى والبناء فقط وانما تعمقت لتصل الى مكامن الدواخل النفسية للشاعرة....نص مميز يستحق هذه القراءة النقدية الباذخة...تحياتي لكما الشاعرة الناقدة نائلة طاهر والشاعرة ماجدولين جرماني..

رد نائلة طاهر
نائلة طاهر مساء الخير أخي غسان سعدت بمرورك يا طيب .كلك ذوق كالعادة

تعقيب ماجدولين جرماني
Majdolin Aljaramany اشكرك من القلب
النقد كان رائعا ووافيا بكل خطواته
المليئة بتفاصيله الجميلة

وتوضيح افكاره وعمقها برغم سلاسة الكلمات
متمرسة بكل تفصيل فكرة توازي المعنى وما يرمز بدقة عالية
تجعل كل من يقرا يدرك حجم الكلمة ومسؤوليتها
وتفسيرك للانا والأنت جمالية في العمق فكم نحتاج لهذه القراءات
أسعدتني بصمتك وتحليلك وكل ما حضر للارتقاء بالكلمة
اشكر مجهودك واهتمامك الكبير
لك التقدير والاحترام أستاذة نائلة طاهر المبدعة

رد نائلة طاهر
نائلة طاهر شكرا شاعرتنا على سعة الصدر و الذوق الرفيع تمنياتي لك بنجاحات أخرى







هناك تعليق واحد:

  1. هذه الحين هي نافية كموقف وليست للتحيين ،،،فقط نمسك بمراميها في الإحالة ،،،تخطت الحيّز الظرفي بنفيه ،،اذا لامعنى لتقييد الزمن ،،وهنا جمال الاشتغال البنيوي ،،وطبيعة البنى الأداتية ،،وتقالب المعاني للملفوظات بحكم السياق،،،،تحياتي ست نائلة وسلام لماجدولين

    ردحذف