الثلاثاء، 14 مارس 2017

واقعية النقد ... الرمزية والكشف المطلوب في (غدي.... مازال خلف الوقت) للشاعر غازي ابو طبيخ... بقلم / الناقد شاكر الخياط

واقعية النقد ... لرمزية والكشف المطلوب في (غدي.... مازال خلف الوقت) للشاعر غازي ابو طبيخ... بقلم / غازي احمد ابو طبيخ
واقعية النقد ...
الرمزية والكشف المطلوب في (غدي.... مازال خلف الوقت) للشاعر غازي ابو طبيخ...
لعلي اكون اكثر واقعية واكثر قرب الى روح النص الذي اتناوله عندما اكون على معرفة وعلاقة مع المبدع وفي اي نص دون تحديد.. ولهذا الامر صفتان كريمتان لاتقلان شأنا عن روح النقد وتلابيبه التي طالما تمسكنا بها ونحن نتجول في اروفة الحروف ومابين السطور لكي نكتشف الجيد والاجود سائلين الله اولا ان يعيننا على ان لانغبط حق او جهد احد ، وهنا ساشير الى موضوع نقدي صرف قد استجدت اواصره لكثرة ما يعتريني وانا اتناول النص وخصوصا اذا كان صاحب النص لي معه علاقة وعلاقة طويلة كالعمر الرائع الحافل بالمودة والاخاء والاحترام المتبادل الراقي بيني وبين استاذي الفاضل الشاعر الفذ غازي ابو طبيخ ادام الله عمره الشريف...
ولهذا وجب هنا ان اؤشر الى انني لا ابتعد عن روح النقد في الحالتين ان كان قريبا معروفا ذا علاقة او قرابة او اذا كان الشخص معروفا بنصوصه دون شخصيته، وهذا ما اقصده في واقعية النقد التي لا تتحمل الاسهاب الممل ولا الاختصار المقل انما هي عرض لواقعية نقدية اطرافها المبدع والنص والناقد، طرفا النقد ( المبدع والناقد) ثابتان، اما المتغير فهو النص، ولهذا سيتجرد الناقد البارع عن كل مايحيط بشخصية المبدع صاحب النص وينشغل ويهتم في النص فقط، وهذا ما ادعوه ( واقعية النقد) وهو عندي مقياس اخلاقي قبل ان يكون ادبيا، وهذا الذي يجبرنا في كثير من الاحيان بل اغلبها ان لا نتجاوز لاصحاب النصوص مايحتاجه نصهم لاجل البناء او اعادة الصياغة او شطب استخدام معين بالمقابل وبنفس الروحية هذه سنقف اجلال واحتراما واكراما للنص الذي يجعل روح الناقد واسعة ومحطات سفره متعددة وهانئة سعيدة يسعد بها الناقد المتفحص مثلما يسعد بها القاريء المتتبع الحصيف، وهنا تجبرني الواقعية ان اتصرف مع صاحب النص ذي العلاقة الشخصية بنفس الاسلوب الذي اتعامل به مع صاحب النص الذي لا اعرفه شخصيا...
هذا الالزام الذي سورنا به اقلامنا وجعلناه مقياسا وميزانا لايدنو اليه مقياس اخر هو الذي جعلنا نتجاهل او لنقل نتجاوز هنات وخلات الاخرين ونشير الى الجيد بتوكيد جودته وما كان لايناسب فسياقنا هو النصح لا التقريع – لا سمح الله - ....
النص الذي امامي الان نص بارع في اوجه كثيرة ومتعددة الاهداف والاغراض في اسلوب رمزي مطلوب تارة ، وكشف مجبور عليه المبدع لانه ينهل من احقية المحلية في مصطلحاتها وما تعارف عليه الجمع في حين يرقى ويعلو هذا الشعور بالمفردة التي تلقي بنفسها دون تزويق او دون ادنى تكلفة الى مواقع لا اشعر اقل من النجوم في سماء الله تحويها...
انا شخصيا لم اتفاجأ بما قال ابو طبيخ، لانني باالنسبة له كأبن جني بالنسبة للمتنبي وهو بالنسبة لي كذلك، هذا العمر الطويل من العلاقة الحميمة الذي ذكرته في بداية حديثي هو ما اقصده انني اعرف ماذا يقول او ربما اجيز لنفسي بماذا سيقول قبل القول، هذا فقط هو الفارق بين النص المكتوب ممن لا نعرف وبين النص الذي نعرف صاحبه حق المعرفة...
كثيرا ما كان الكشف في المفردات المستخدمة لدى جمهور كثير من الشعراء يتراجع معه مستوى الابداع في المنحنى المرسوم للشاعر فيما كتب او يتراجع فيما يكتب من نص قيد البحث لاي ناقد اخر، لكنني هنا اثبت معلومة جديدة ان ما من مفردة في هذا النص كشف عنها الشاعر قاصدا ذلك لمن يعنيهم الا كان ارتقاءا منه بتلك المفردة محافظا في ذلك ومن خلال هذا التوليف الرائع بين المرموز في رقيه وبين المكشوف في رقي اخر يتماهى كلاهما ويتقافز التعبير او المقصود الى العلا مع الحفاظ على روح الايقاع ونقاء الموسيقى، وفي كلا الحالتين ( وهذا بلا شك يحسب للشاعر بشكل واضح) التفاؤل والغناء او الحزن والبكاء من جهة والغضب المحبوب والالم النازف الجرح لهم الوطن وهم الناس دون الاكتراث الى هموم الشاعر الشخصية التي لم يتطرق اليها ابدا انما الاهم كان عنده هو البسطاء الذين اراهم كأنهم يشكون امرهم الى الله من خلال وكيله في الارض، وهذا الايحاء الذي يوحي لك ان التجرد عن الشخصنة والابتعاد عن الانا في سبك الامور هو غاية مايرجوه ابو طبيخ ولا استطيع هنا ان اتجاوز شطرا او ايقاعا لمفردة او مجموع النص لكي لا اجرح كل النص الذي رايته بل لمسته كلا واحدا حاكته يد الشاعر لتلقي به الينا ليس شعرا فحسب او ايقاعا بموسيقى صافية ورقيقة انما كان هذا النص بمثابة بساط ريح اخذني انا( شخصيا) الى حيث كنت فيما مضى من ثلاثين سنة او يزيد واخي الحبيب الشاعر الراقي ابو نعمان وتاملت النص مليا بل واعدته وتارة جعلني ابتسم لا لان النص فيه مايدعو لذلك لكن روحي التي تعرف مابين السطور هي التي تبتسم لفرحها، ان العمر الذي تجاوز منتصف العقد السادس بالرفاه والصحة والسلامة للشاعر الامين لم يقترب اليه هاجس الشيخوخة بعد ولن ان شاء الله وكأني به ابن العشرين في اروقة الجامعة البصرية وفي ثنايا كليته وجنب احبته من الطلبة عنفوانا كما كان، هذه البارقة التي تجعل عينيَّ مفتوحتان لا ترغبان حتى الرمش، اتمناها انا لكل المبدعبن، فلا شيخوخة في الابداع انما الابداع واحد قديم وحديث على حد سواء...في هذا النص نستخلص جملة واحدة لاغير استطيع ايجازها بان الشاعر قال ( الاطفال والنساء والشيوخ -اي هذا الشعب- يلمس ان هناك ريحا اتت رائحتها فانا نبيل منكم ولكم ونائب عنكم سافضحها على الملأ)
هذا هو دور الشاعر والا لماذا نكتب اذا لم نحقق ماحققه ابو طبيخ هنا في هذا النص القاتل، وهذا النص الذي يقطر دما ويشتاط غضبا لما يدور وبكاء على هذا البلد الذي احبه كثيرا كما لمست وخبرت طيلة سنين...
خالص اعتباري
 

غدي ....
مازال خلف الوقت
- ------------)))))-----------
-خذيني....
يا رياح الشرق
صرف غمامة حمرا
وذريني....
على تاريخك المنسي
أو تاريخك المتواطئ الهمجي
امحضه دمي حينا,
واخرق صمته اخرى....
فقد ضجت مدائن مهجتي
واستوحش المسرى
.....
هنا غاب من الكلمات
مصلوب كزيد الخيل
فوق جدار آمالي
هنا قلب الحقيقة في مهب الريح
يرقل بين اضلاعي
ويعرض كل احوالي
أحدق في غدي المطعون
من قبل!!
ومن دبر!!
فأشهد انه مازال خلف الوقت
مثل طموح اطفالي
.....
دخان من أجاق الحقد
يغشى باحة الوطن
وقاطرة معربدة
تراءت من تخوم الريب
تحمل كل مرتجف ومرتهن
سراج القدس
هذا المشعل الازلي
هذا التاج والمنهاج
هذا الطائر المعراج
مذبوح من الاوداج
والسكين?
والسكين?
يا ويلاه!!!!!
منسوب الى سوق النخاسة في مستنقع الفتن
.....
ومالي غير هذا القلب
اجرحه
ويجرحني
واعزف نبضه القاني
ويعزفني
زمان الخوف
ارقه وارقني
زمان الرعب
يشنق بهجة المدن
ويعلن
مهرجان الشك
والغثيان
والافن
ومالي غير هذا الشعب
اوزعه ويوزعني ..
فنرقص
كالهنود الحمر حول النار
لاندري ....
ابعد الرقصة الخرقاء
من زمن
بلا محن?!!!....
.....
كأن مكامن البركان
في رئتي
كان الارض والإنسان
يجتمعان في لغتي
دما...
يضرى بسر النار
دما ...
يعرى علي بوابة الثوار
ويطلق خيل قافيتي
يرج خرائط الموتى
يزلزل وهدة الثاوين
في غيبوبة الافيون
ويدنو من حجاب الموت
يسبق مدلجا
حتى خيول الفوت
يري مابعد بطن الحوت
غدا بقميصه المرقوع
غدا بفؤاده المفجوع
ينهض من رماد المصطلى
او من سعار الجوع
ويصعد في جمال الحق
فثمة رغم لفح الريح
يشهد ساري البيرق
.....
سيشرق
صحصحان الوقت بالأنوار
وينهض كل ذي جدث
ويمرع كل ذي يبس
ويقعي ناكص الخطوات
وا اسفي ?!
اخ في الطين?!
والكلمات
والأشجان
أخ مثل النعامة مسبل الأجفان
حتى الآن
حتى الآن...
يستمري طقوس الذل
منكفئا?!
ويعبد اكبر الاوثان!!!!!
.....
أحس جوانح التاريخ
تحضن مهجتي
كالبحر
والسفان...
قالت ..والنجوم معي..
سهارى تشهد الميدان...
- هدير البحر
يكشف عزمة البحار
فامخر
ضد مجرى الريح
والتيار
كفى اسفا
علي من غص بالغثيان
قبل بداية الإبحار
واخفى راسه المعروق
تحت عباءة الشيطان
...!
 
تعقيب غازي احمد أبو طبيخ
آفاق نقديه ابا عبدالله..الناقد والروائي الكثيف..يحضر الآن بهذه الثنائية المثلى...ان كنت لم ترمش , فاظنني قطعت انفاسي تماما..
النقد يحتاج الى هذه المصداقية المثخنة بالوعي الكبير والإحساس العميق..
ما اروع ما سطرته يداك اخي وحبيبي الأستاذ الناقد الرائي
Shakir AL Khaiatt الفاضل الحميم..تقديري الكبير..ايها الغالي..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق