السبت، 15 ديسمبر 2018

رسالة أدبية موجهة للشاعر المغربي (أحمد بياض ) -رسالة / عبدالرحمان الصوفي

رسالة أدبية موجهة للشاعر المغربي (أحمد بياض )--------------------------------------------
مضمون إشارة ( أحمد بياض )
--------------------------------------------
****إشارة*****
إخواني وأخواتي من جميع الاقطار العربية:
ديوان
/مناجم في حوض الشتاء/
نشر في المغرب على ما يزيد عن سنة وأكثر.....
وكأن شيئا لم يكن؟!!
هنا في المغرب!!!
اللهم قراءة ذرائعية للأخ العزيز عبد الرحمن بصمات نقدية الصوفي الصافي
والتي أعتز بها وشرف لي
مدام نال إعجابكم سأنشر قصائد أخرى من نفس الديوان.إن شاء الله
تحيتي ومودتي احتراماتي وتقديري
أحمد بياض / المغرب
--------------------------------------------
رسالة / عبدالرحمان الصوفي
--------------------------------------------
بسم الله الرحمن الرحيم
تحية حب واحترام وتقدير لكم صديقي الغالي الشاعر المتألق ( أحمد احمد بياض )...
صديقي العزيز : تهميش العديد من المؤلفات في المغرب أضحى ظاهرة مرضية ، وليس المغرب بمعزل عن كل الأقطار العربية ...وا أسفا حين تطبع آلاف الدواوين والمجموعات والقصصية والروايات وووووو ولا يحضى إلا القليل منها بالتفاتة بعض النقاد المفسرين أو المؤولين أوهواة التعشيق أو الانطباع والإنشاء وكل ما شابه هذه المسميات وهذا طبعالا علاقة له بالنقد العلمي ، ومع ذلك تبقي كل هذه الأصناف محاولات لتقريب تجارب نصية للقراء من باب التفسير والتوضيح ( نص فوق نص/ إبداع فوق إبداع ) ، وهذه الأصناف طبعا يمكن أن يكتبها كل قارئ بطريقته التفسيرية وزاوية وجهة نظره إبداع فوق إبداع ... ..الحديث ذو شجون ....
صديقي العزيز الساحة تعج بالنقاد الهواة والنقاد الأكادميبن وأغلب هؤلاء لايحبون الظهور إلا أمام الكاميرات وهم يتبجحون ببعض الكلمات المعرنسة أو بعض المفردات التائهة لنظريات غربية لا يفقهون منها غير اسمها ....أو في بعض الأمسيات الصفراء كي يأخذ معهم المهرولون للإبداع (سيلفي ) ، أو يأخذون بركة الوالي ( سيدي بوعبيد الشرقي ...)...الحديث ذو شجون ...
دعوتي لكل النقاد الشرفاء الغيوريبن على الأدب العربي الرصين في المغرب وفي العالم العربي .. هذا ديوان شاعر كبير بين أيديهم ينتظر دراساتهم له بمختلف نظرياتكم النقدية التي تتبنونها ... وليس هذا الديوان لوحده في الساحة من ينتظر كلمتكم ، بل هناك إصدرات كثيرة لكتاب ومؤلفين من جميع الأقطار العربية يعلوها الغبار في الرفوف ....ننتظر دراساتكم النقدية من أجل نهضة حقيقية أدبية ونقدية ......الحديث ذو شجون.....
للأسف الشديد ( إلمبغيتوش تخدموا خليونا نخدموا كفى من الطعن في الظهر ..لانريد الظهور لا أمام الكاميرات ولا تحت الأضواء ) آه سلطة المثقف الانتهازي سكنت العقول المريضة.... ...الحديث ذو شجون ...
أعتذر صديقي الغالي فهذا رأيي ولا ألزم به أحدا ...
اسمح لي شاعرنا الكبير ( أحمد بياص ) أخبرك أن دراستي لديوانك ( مناجم في حوض الشتاء ) أضفت لها مداخل أخرى وهي الآن في خمسين صفحة قررت عدم نشرها في الفيسبوك أو غيره كي لا يسرق مجهودي ويضيع بين الجيمات والتعليقات التائهة ...فحين تقرر طبع النسخة الثانية ، إن قررت أن تصاحب الدراسة دوانك الرائع فسأمدك بها ...
تحياتي لكم شاعرنا الكبير .
تقبوا سلامي وأشواقي
---------------------------------------------
عبدالرحمن الصوفي / المغرب


قراءة في نص ( في المرة القادمة ) للشاعرة ميرفت أبو حمزة -رؤية : الأديب محمد الدمشقي ..

قراءة في نص ( في المرة القادمة ) للشاعرة ميرفت أبو حمزة
رؤية : الأديب محمد الدمشقي ..
المقدمة :
النص الوطني الإنساني ... هو دائما نص جدلي محير يقع الكثيرون في مطب المباشرة عندما يخوضون غماره لأنه محاصر بالتقريرية غالبا و بالاستهلاكية أحيانا .. فلا جديد في الطرح السياسي أو الفكري لدى الكثيرين فنحن إما أمام نصوص وطنية تمجيدية أو نصوص باكية مستهلكة يقلد فيها الكثيرون تجارب سابقة ، لهذا فالنص الوطني الإنساني اليوم مطالب بتجديد الطرح و الاسلوب حتى يتمكن من إيصال رسائله بطريقة أكثر عمقا و سحرا
و من يريد أن يكتب هموم الوطن و الإنسان عليه أن يعيش بواقعية و صدق مع قضاياه و مجتمعه لا أن يكتب عن الوطن من برج عال دون أن يدرك مواجع أزقته و حاراته
في قصيدة الشاعرة ميرفت أبو حمزة ( في المرة القادمة ) نرى نموذجا متفوقا للنثر الوطني الإنساني بواقعية و عمق و ذكاء في الطرح بعيدا عن الانتماءات الضيقة و التخوين و التكفير .. هي نظرة تبدأ من الذات و بخطوات ثابتة ترينا كافة أبعاد اللوحة
طبعا ميرفت أبو حمزة اللبنانية السورية التي تعيش في السويداء و مرت معها تجربة موجعة في السويداء و هي جريمة داعش النكراء .. مما جعل ميرفت تبدأ رحلة البحث عن الحقيقة و إيجاد الحلول و تشخيص المرض الذي سبب هذه الفجوات التي دخل منها الارهاب و الموت و الشرور الى وطن كان مثالا للأمن و الأمان و التعايش السلمي بين الطوائف و الملل

الإضاءة :
هنا نرى مثالا ناصعا للنثر الوطني الوجداني الانساني الشمولي البعيد عن التصفيق و المباشرة و المثاليات الزائفة
هذا هو النموذج الذي أبحث عنه في النص الوطني
النص الذي يحلل الواقع بكل حيثياته و المرض بكل مسبباته و اعراضه و سبل علاجه
الآن أعزو خيبتي للضباب
أستقيل من لزوجة الطين
الملطخ بالعتم
وأحطم آخر مراياي المظلمة
بقنديل أو بعود كبريت
يزفر بوجه القتامة
من البداية بدات ميرفت بوضع النقاط على الحروف .. فالعلة تبدأ منا نحن ... و فينا نحن ... دائما نهرب للضبابية و الحياد السلبي و نقول بأن هذا الضباب هو سبب الخيبة هذه نظرة .. و من زاوية أخرى فنحن نتذرع بالوضع العام الضبابي كلما فشلنا و نتهرب من مواجهة الحقيقة ، نحن هذا الطين الملطخ بالعتم فالانسان ولد من طين .. و هذا الطين تلطخ بالعتم اي بالآثام و الظلام الفكري و النفسي و الروحي ... و دائما نحطم المرايا كي لا نرى عيوبنا و ندرك حقيقتنا و المرايا هنا هي الضمير و الوازع الداخلي الذي يمنعنا من الغرق في الآثام و يجعلنا ندرك حقيقتنا دون رتوش و لا كذب و لا هروب
بداية نارية تدخلنا في فكرة انسانية عميقة تؤكد أن بداية الحل تكمن فينا لأن العلة بدايتها و جذرها فينا نحن
أنا لم أشعر بالخيبة يوما
مع أنها تتسلق جسدي
كلما هممت بالاقتراب
من نافذة..
كي لا أختنق
لم ألحظ أظافرها يوما
وهي تتشبث بأطراف ثوبي الليلكي..
المقطع الثاني و بذكاء منقطع النظير تقول لنا بان ما يجري كان تراكمات لاخطاء لم ننتبه لها فكانت الخيبات تتسلقنا دون ان نشعر لاننا حطمنا المرايا و تهربنا من مواجهة حقيقتنا ... حتى اغلقت في وجهنا كل النوافذ و الحلول
طبعا ليس المقصود يأسا إنما لفت النظر إلى أننا كنا يجب أن نعالج التراكمات الصغيرة التي أوصلتنا الى المصائب الكبيرة و الخيبات القاصمة للظهر
لم يعد يثير ضحكاتي أي شيء
ولا شيء يبكيني...
لكأنّني صرت صنما
في معبد هجرته الآلهة
وقفز عنه التاريخ..
بفرح زائف
المقطع الثالث تتكلم فيه الشاعرة عن هذا الجمود الذي اصابنا و الانغلاق الفكري و الأصنام الثقافية التي لا تنفع و لا تضر و لا تسمن و لا تغني من جوع مما دفعنا إلى الهروب نحو الماضي الجميل و التغني بامجاد تاريخنا الزائفة هربا من مواجهة واقعنا التعيس
هل من ملامح أقتبسها
لأصف لوني المفضل لشريدٍ
أعمى أراد أن يبتسم..
ومضة الشريد الاعمى راقية جدا فلو مر بنا شريد اعمى كيف نصف له الوطن و كيف نصف له انساننا و ارضنا و واقعنا
هل من إشارة تفسر رعشة صوتي
حين خرج من حنجرتي المتهدجة
لصمم لم يبكه الناي يوماً ؟
للقهر سطوته..
ولي عتب على الأزقة والشوارع العريضة
لأنها فضحت أقدامي
قبل أن أخطو ..
سأرسمها وأسيجها بالياسمين والأضواء
ثم أمحيها...
لئلّا يتلاشى بطشها
وترقص الأسرار البريئة
الازقة و الشوارع العريضة بمعنى اننا منحنا الكثير من اسرارنا للغرباء و وسعنا الفراغات في مجتمعنا حتى غدت شوارع عريضة تمر منها الفتن و المؤامرات و الخيانات و ما اجمل روعة الشاعرة في الرغبة برسم الشوارع من جديد مسيجة بالياسمين و الياسمين رمز نقاء و حب و عنفوان لو سيجنا به الوطن لحميناه من كل شر
و بعدها تقترب الشاعرة اكثر من المتلقي فتعزو الخيبة للقدر و النصيب كما يفعل الكثيرون
الآن أعزو خيبتي للنصيب
لربّما قطعت تذكرة للصبر والنسيان..
سفينة بلا شراع،
ومجذاف صدفة...
وبوصلة من بساتين الطفولة المسروقة مني..
و كأننا نقطع تذكرة للسفر إلى المجهول ... فأقدارنا ليست معلومة لنا و علينا أن نسعى و نعمل و نجتهد فتحميل النصيب و القدر مسؤولية فشلنا هو قمة الهزيمة و الاختباء وراء أصبع مخذول
ثم نعود و نلقي الخيبة و سببها الى التاريخ و الدين ممثلا باجتهاد الشاعرة في ذكر يوسف و يعقوب و زنوبيا فالعلة ليست في تاريخ مضى و اندثر و ليست في دين و لا انبياء .. بل فينا نحن الذين شوهنا التاريخ و الدين و غيرنا فيهما حسب اهوائنا و مصالحنا الضيقة السخيفة
الآن أعزو خيبتي
لانكسارات ظلي
على دم الصليب
وعلى قضبان حبس يوسف
ودمع زليخة ويعقوب
وانتصار زنوبيا على نفسها..
لأعلن حيازتي لخشبة
موت الشعور..
القفلة الراقية تكلمت فيها ميرفت بلسان الأرض و الأمة التي أصبحت قاحلة جرداء من كل أمل و غدت استراحة للمتحاربين على نهب ثرواتها و قتلها ... لكنها لن تستسلم و لربما تنهض مع جيل قادم و زمن آخر و أناس آخرين ...
على مستوى الأسلوب اتبعت ميرفت الومضات النثرية بامتياز بعيدا عن السرد و أدواته و هذا مناخ نموذجي لقصيدة النثر الناجحة بامتياز حيث تنثر الأفكار لتجمعها و تربط بينها بخيط فكري رفيع .. نوعت الشاعرة من الجمل بشكل فيه نضوج و رقي تعبيري كبير حيث قللت الأفعال في بدايات الجمل كي لا يتحول النص الى سرد و كذلك لم تعتمد على التوصيف بل اعتمدت كثيرا على الجار و المجرور و أشباه الجمل و الاستفهام مما منح النص حالة حركية جميلة و كانت الأفعال دائما في قلب الجملة و ليس في أولها
استخدمت الشاعرة المضارعة الذاتية كثيرا للإشارة إلى حركة داخلية متماوجة ( أعزو .. أستقيل .. أحطم ..أشعر ... أتسلق .. الخ )
أكثرت الشاعرة من التسويف باستخدام ( س ) مثلا ( سأرسم .. سأرنو .. سأنهض ) و الهدف الحث على النهوض و الاستيقاظ ...
النص فيه الواقعية الجديدة الثورية المتمردة التي تعري الواقع و لكنها تضع الحلول و تفتح النوافذ للأمل .... و تحاول تغيير الواقع بنظرة الى داخل الانسان و لا تلقي بالتهم الى الاعداء و الغرب بقدر ما تحاسب الذات على تراخيها و جمودها و ظلامها و هروبها من المواجهة
هذه كانت دراسة تقريبية لنص رائع و الهدف أن نقدم لكم مثالا لنص الرمزي الوطني من تجربة شابة و موهبة قادمة بقوة و ليس من تجربة العمالقة كما يفعل البعض مما يجعل الناس يبتعدون عن الشعر بسبب المقارنات الخاطئة مع تجارب مكتملة كدرويش و نزار و أدونيس و غيرهم ... و نرجو أن تعم الفائدة للجميع..
،،،
نص الشاعرة:
…………………
في المرة القادمة
............................
الآن أعزو خيبتي للضباب
أستقيل من لزوجة الطين
الملطخ بالعتم
وأحطم آخر مراياي المظلمة
بقنديل أو بعود كبريت
يزفر بوجه القتامة
أنا لم أشعر بالخيبة يوما
مع أنها تتسلق جسدي
كلما هممت بالاقتراب
من نافذة..
كي لا أختنق
لم ألحظ أظافرها يوما
وهي تتشبث بأطراف ثوبي الليلكي..
لم يعد يثير ضحكاتي أي شيء
ولا شيء يبكيني...
لكأنّني صرت صنما
في معبد هجرته الآلهة
وقفز عنه التاريخ..
بفرح زائف
هل من ملامح أقتبسها
لأصف لوني المفضل لشريدٍ
أعمى أراد أن يبتسم..
هل من إشارة تفسر رعشة صوتي
حين خرج من حنجرتي المتهدجة
لصمم لم يبكه الناي يوماً ؟
للقهر سطوته..
ولي عتب على الأزقة والشوارع العريضة
لأنها فضحت أقدامي
قبل أن أخطو ..
سأرسمها وأسيجها بالياسمين والأضواء
ثم أمحيها...
لئلّا يتلاشى بطشها
وترقص الأسرار البريئة
الآن أعزو خيبتي للنصيب
لربّما قطعت تذكرة للصبر والنسيان..
سفينة بلا شراع،
ومجذاف صدفة...
وبوصلة من بساتين الطفولة المسروقة مني..
الآن أعزو خيبتي
لانكسارات ظلي
على دم الصليب
وعلى قضبان حبس يوسف
ودمع زليخة ويعقوب
وانتصار زنوبيا على نفسها..
لأعلن حيازتي لخشبة
موت الشعور..
سأرنو من بعيد بسخرية فاشل..
لقاء حبيبين وموعد كهلين
على شاهدة قبر..
وأضحك على نفسي طويلا..
الآن نضجت أكثر.. 
وصرت أعرف لماذا غدوت استراحة للمتعبين
وأرضا قاحلة في ذروة جبل.. 
وكيف هدرت عطري
على نسيم يفتقد حاسة الشم... 
حين كنت زهرة...... 
نبتت في الصحراء و بين القبور
وسأنهض مجددا .... 

في حياتي القادمة



بإزاء نص كاسر للتجنيس،عابر للخرائط المقررة سلفاً،سنكتفي بثلاث إطلالات وردت في التعليقات،كونها تعبر بما لا مزيد عليه عن هذا الإنموذج الادبي الغريب الجميل..مع خالص تقديرنا للاديبة ريم البياتي،وللزملاء الكرام: الأستاذ أسامة حيدر..والاستاذ يوسف المحيثاوي ..والأستاذ فيصل سليمان..تحياتنا واحترامنا للجميع:

بإزاء نص كاسر للتجنيس،عابر للخرائط المقررة سلفاً،سنكتفي بثلاث إطلالات وردت في التعليقات،كونها تعبر بما لا مزيد عليه عن هذا الإنموذج الادبي الغريب الجميل..مع خالص تقديرنا للاديبة ريم البياتي،وللزملاء الكرام: الأستاذ أسامة حيدر..والاستاذ يوسف المحيثاوي ..والأستاذ فيصل سليمان..تحياتنا واحترامنا للجميع:
……
الاستاذ اسامة حيدر:
…………………………..
سيكون فعلك كقطرات الماء في الصخر، كالفئران في الجذور التي ظنت أنها الأقوى. هذا فعل الكلمة. أقسم أنك ستضحكين في النهاية وستصل يدك إلى قمرك المبتغى. وكل شيء سيعود إلى طبيعته. الأشجار في الغابة اللفة والنهر سيغادر إلى مكانه في غابته ولو بعد حين. مادام القطار على سكته سيعود كل شيء إلى مكانه وكل مسافر إلى موطنه.
ريم البياتي: أسعدتنا بهذا النصّ الجميل.
…..
الاستاذ يوسف المحيثاوي:
…………....…………………..
وكما أننا لا نرى الغابة إلا من خلال الأشجار..كذلك لا يكون الشعر إلا في القصيدة..والشعر يبدأ ويمضي في خطين متوازيين وبذات الوقت لايفترقان أبداً..والبداية الأولى هي البداية الواقعية الحياتية التي نعيشها نحن البشر والتي تجيب عن ماهية السؤال ما هو الشعر؟ حيث
( فئران بيضاء..أوكار..فخ..شجرة
..غزال.. نهر.. الجوز.. قمر.. جاران ...)..ثم تاتي مترافقة الانطلاقة الثانية الفنية التي ماهي إلا الصورة الشعرية حيث فنية القصيدة بها تبدأ وفيها تنتهي.. ذلك أن الصورة خيال الشاعر بقدر ما هي موجهة إلى خيال المتلقي.. وهنا تأتي غرابتها وجديتها وتعددها في القصيدة كحد أولي للحضور الشعرية الأخاذة..شعرية القصيدة - فيها ومن خلالها - وغرابة الصورة تبدأ من أنها غير متداولة من قبل ومن ثم كثرتها في القصيدة أي أننا بقدر ما نكتشف دور الخيال في تكوين الصورة وتحديد العلاقة بين مكوناتها بقدر ما نكتشف الشعر.. إذ أننا ملزمون مع الشاعر أن نؤلف ونوالف بين الخيال والصورة والشعر.. وهذا ليس بجديد بل تذكير بكيفية التعامل مع الشعر لنر كيف يوالف الشاعر بين المتناقضات بحيث يثير خيال القارئ وهذه إحدى أهم مهام الشعر وأساسياته.. إن تطابق الصورة مع المعنى في هذه القصيدة المبدعة ريم البياتي لمثير ومدهش حقاً
( الفئران والجذور.. القمر وأوراق اللوز.. الغزال والفضاء والبحر.. الجار والمذياع.. الجار والاغتسال والبحر.. الفتاة التي تنتظر التقاط القمر...)..إن هذا التطابق البديع بين المعنى والصورة والذي يزيدها جمالاً وغرابة ابتداء من ( الفئران البيضاء ) إلى
( أمد يدي لألتقط القمر المعلق..) لتغدو الصورة الشعرية عند ريم شاهد على انحراف اللغة عن دلالاتها الأصلية لتبني صوراً أخرى جديدة وبمعنى شعري جديد وهذا هو الذي يميز الشعر وهذا ما أشار إليه ( الفارابي ) في كتابه ( الحروف ) بمستويين متعارضين للغة حيث في الأول تدل فيه الألفاظ على المعاني المحددة فقط والثاني الذي تتجاوز فيه الألفاظ معانيها إلى أخرى مغايرة حيث من هنا نشأت الاستعارات وغيرها من ألوان المجاز.. أي المستويين الوضعي والمجازي بلغة المعاصرة.. ريم البياتي أنت شاعرة مبدعة فريدة متميزة تحياتي لك.
……
الأستاذ فيصل سليمان:
……………………………..
رغم خلو اللغة من التعقيد اللفظي بقصدية هي التوجه للشريحة التي تهمشت عبر التاريخ ...غير أن النسيج العام ..مشهدية معقدة ومتداخلة ...يحتاج إلى فك وتركيب أدوار عناصر المشهد ...بحيث يتحركون في زمان ومكان غير محددين ...حقل وجوز وفئران وناطور ...والجارالملتصق بمذياعه وآخر ....مجتمع متكامل ...فمن هي الفئران أليست الفئة الغازية الباغية ....وشجرة اللوز ألا تفتخر بغباءها معتقدة أنها تمتلك جذراً قوياً عصياً على القوارض ....لتكون المفاجأه ..أما كان الأولى أن تحصن جذورها ...ثم النقل المباشر للمشهد عبر تَضخيم الحدث واللعب به كل يزيد قليلاً كعادة البشر ....وربما يجيره لصالح فئة هو يراها محقة ...وما إشراك الطبيعة بحالة التجريد والإنخراط في عملية التحول والصراع إلا لإضفاء حالة ترجيدية على مسرح الحياة ...كانهر ...وأمل التقاط القمر ...دمت الشاعرة التي تعرف كيف توظف الكلمه وكيف تلبسها ثوب المقاتل..

نص الاديبة ريم البياتي:
……… ..…………………...
الفئران البيضاء
أي فخ ذاك الذي نصبته الفئران البيضاء
لجذور شجرة الجوز العتيقة ،فامتدت في أوكارها .؟؟؟
قالت الجذور: كم هي ساذجة تلك الفئران.
وقالت الفئران: من يضحك أخيرا.
وقلت : لاتصل كفي إلى القمر،غطته أوراق شجرة الجوز الباكية.
في اليوم الذي يليه، كان كل الحقل أوكارا.
رؤوس صغيرة رمادية اللون تُطلّ وتختفي.
جارنا الذي يلتصق بمذياعه،
أخبرني أنه رأى كما يرى النائمون،غزالا يعدو،
وخلفه قطيع من الأشجار تحمل جذورها .
جارنا الثاني أقسم :أنهن كن يغسلن جذورهن في النهر.
لكن العجوز المكلف بالحراسة قال: أن النهر لبس جلبابه منذ ستة أقمار وركب القطار العائد الى الغابة.
وأنا مازلت أمد يدي لكي أعلق القمر خلف أوراق شجرة الجوز العجوز.
...
أ.ريم.البياتي..

الاستجمام في العوالم الحالمة... تأملات في نص ( أنثى من موسيقى) للشاعر البصري أحمد أبو الفوز.بقلم الاديب غسان الحجاج:

الاستجمام في العوالم الحالمة...
تأملات في نص ( أنثى من موسيقى)
للشاعر البصري أحمد أبو الفوز..
بقلم الاديب  غسان الحجاج:
،،،
الجهات المغلقة التي تضيق لمستوى رئةٍ لا تستطيع إقناع شهقتها بالخروج وربما الى حد بصيص يلفظ انفاسه الأخيرة و التي تحاصر الانسان كدخان يتفشى في الوجود بسبب منغصات الحياة الضاغطة الى حد يصعب احتماله في بعض الأحيان كل ذلك يتلاشى أمام الساحر العجيب (الحب ) ذاك النابض باللذة والحرقة معاً ذاك المبكي والمضحك في آن واحد ذاك الذي يمشي كالبرق في العروق ولاغرو فهو سليل المعجزات فكما ان الماء سر الحياة فأن الحب سر الشعر وكأنه نواة الانفجار الكوني النفساني لخلق الشاعرية حتى لا نستطيع احصاء هذه الطاقة العجيبة في تحولاتها وفي تمرد الزخم حتى في لحظاته الكامنة قبيل ولادتهِ الطبيعية فلا وجود للعمليات القيصرية في عالم الأدب والإبداع .
هذه المقدمة اوحى بها نص الشاعر
المبدع احمد ابو الفوز وهو يخلق عوالمه الشعرية بتفجير انفعالاته الإيجابية ورسم الأشياء بطريقة مغايرة مستخدماً الانزياح كمسرح لفنه الحداثوي المبتكر .
فعلى سبيل المثال
وحي ثالث من كأسي في إشارة الى دخول عالم اللاوعي والتحرر من القيود التي يمارسها الوعي أحياناً...
سلالم صوتك موسيقى هو ابتكار لطيف لافت للنظر ..نسجته رهافة الإحساس من حرير الأبجدية كما تجلى في مقاطع النص المختلفة .
فما يسترعي الانتباه ان النص مبني من مقاطع (ومضات) كائنات شعرية مفعمة بالحياة وهذه المقاطع كسفن بحرية تكون أسطولاً متكاملاً عند جمعها مع بعضها مثل كواكبٍ تدور حول قلب الشاعر المضيء ..
فلنتطلع الى هذه الومضة العابقة :
"عند شُرفتينِ بَحريتينِ مَفضوحتينِ
ـ معابدِ عينيكِ ، وتراتيلِ خَطوي ـ
كَاَجملِ فيلمٍ سينمائيٍّ ، يُمنع فِيه عرض الاَعرافِ و
التقاليدِ."
نرى مشهداً واقعياً خلق من صلب نبضة الشاعر فلقد أتاح المكان ( شرفتينِ) و كائنات تتنفس الحدث ( معابد عينيك وتراتيل خطوي)
والحدث نفسه ( اجمل فيلم سينمائي)
فلا تقاليد ولا أعراف تقيد جماله الراقص في ذهن الشاعر الذي كان يتنفس تحت اعماق اللاوعي اذ كلما اكمل مقطعا شرب نخباً آخر مع الايحاءِ لكي لا يصحو من الحلم وتحلق فراشات نشوته تخط بألوانها صوراً شعرية ثلاثية الأبعاد وهي ترتدي فساتين أحلامه النرجسية فهو يرى الأشياء طوع فكرته ويمارس تكتيك الانزياح عليها .
فالنرجسية مع الفطرة الشاعرية ثنائي يعزف كل أشكال الجمال الشعري وبالإشارة الى مصطلح الثنائي كان النص زاخراً بالثنائيات بين هو وهي كما في (بعد وحي ... و سلالم صوتكِ)
( معابد عينيك وتراتيل خطوي )
(هيثمة مثلي ،لا تكف عن الطيران و مقطوعة مثلكِ ،لن تموت أنثى من موسيقى ) ليتعانق المعنى بين هذه الثنائيات شكلاً ومضمونا ً.
كان النص مذهلاً يستحق التأمل والاستجمام في عوالمه الحالمة..احسنت ايها الشاعر الجميل..
نص الشاعر ( احمد ابو الفوز) :،،،
بعد وحيٍ ثالثٍ مِن كاْسِي..
الشارع العتيق.. قيافات مسيري.. فَـ سلالم صوتك..
كَنكهٍ مُوسيقيٍّ راقٍ اِحتسيتُ!
عند شُرفتينِ بَحريتينِ مَفضوحتينِ
ـ معابدِ عينيكِ ، وتراتيلِ خَطوي ـ
كَاَجملِ فيلمٍ سينمائيٍّ ، يُمنع فِيه عرض الاَعرافِ و
التقاليدِ.
يَجهشُ اللّحنَ فوق كلّ الاَمكنةِ ،
فتوحات هوى.. لا تعرف الهدنةَ ،
ورغوات شوق...تتعالىٰ شيئاً فـَ شيئاً،
خالعةً فساتينَ نومِ الحروفِ ، مُرتديةً اَجملَ اَحلامِها.
هيثمة مثلي.. لاتكفّ عَن الطّيرانِ ،
ومقطوعة مثلكِ..
تعشق اَصابعُ جيوفاني مارادي عَزفها...لن تموت " اُنثىٰ مِن موسيقىٰ "



كتبت الاديبة فاديا الخشن مطالعة نقدية عن قصيدة الشاعر السوري عماد جنيدي ..رح..تقول فيها مايلي:

كتبت الاديبة فاديا الخشن مطالعة نقدية عن قصيدة الشاعر السوري عماد جنيدي ..رح..تقول فيها مايلي:
::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::
لم يسعفه العمر ليخلع قميص الخراب
عماد الجنيدي
هو اليقظة التي ظل طيلة حياته يدفع ثمنها
عاش كما الصقر الجريح في سماء التيه والفوضى محاولا خرق قوانين التقديس محاذرا من ان يصير كتابا بلا ارجل
الشاعر السوري عماد جنيدي تحدثنا بعض قصائده عن رؤاه وقناعاته وطموحاته وعن وحدته ا لنفسية ونفيه الكوني مذ كان صغيرا ( الجميع دخلوا المدرسة /حنطوا / داخل غرف الصف
بقيت وحدي تحت المطر
اتلقى الواقع
مع التوتياء الصديء
فعماد الذي عاش بين اصدقائه محتلا وقتهم بالذكريات تارة والقصائد تارة وبالمقالب تارة اخرى كان يشعر انه وحيد على الرغم من ان حياته كانت مهرجانات دائمة وذلك بخرقها للمعتاد وبانفلاته من قوس العادات والتقاليد
اقف يوميا هنا
وحيدا / في هذا الشاطيء المقفر
أشاهد غروب الانسان
وحيدا الى اخر الزمن
بين يدي إله ضرير
على باب فرنه المرعب
مقفرة ظلت صباحاته الخالية من رائحة البحر
البحر الذي كان الشاهد على وحشية مخيلته
والبحر الذي كان الشاهد على انطفاء احلامه الصغيرة
البحر الذي كان بالنسبة اليه المدير العام الواسع الصدر والغزير العطاء الذي لجأ اليه بعد أن سرح من الوظيفة مرات عدة وبات البحر مصدر رزقه الوحيد
فعلى الرغم من شغفه الكبير بالبحر الذي كان يرمي في اتونه خرابه الداخلي وصرخات احتجاجه فان زرقته وجماله لم يقرباه من الحب ومن المراة حيث ظلت المراة بعيدة عنه (ما تزال المرأة بأسلاكها الشائكة بعيدة عني كالربيع
هكذ ا عاش الشاعر السوري عماد جنيدي يضحك باكيا ويبكي ضاحكا والحياة بفلسفته الخاصة ليست اكثر من ألعاب بر تقالية رائعة التلألؤ
ظل رافضا التدجين ورافضا التشابه يمضي في طريق بلا افق على حد قوله
لقد عاش فقيرا معدما يبيع قصائده فيما لو ضاقت عليه سبل العيش
( احتاج الى حذاء
ولتر ..
ونساء
ولاتزال النقود تلمع من بعيد كنجوم السماء
لا احد لا أحد
يدفع ثمن القصيدة
الا الشعراء
ولعل قوله هذا يلخص وضع الشعراء عموما في بلدان باتت تعاني من التردي الثقافي ويعاني فيها المثقف من التهميش
هكذا كانت تتوالد الاخبار عن الشاعر عماد جنيدي متنوعة فالبعض يتهمه بالصعلكة والبعض الآخر يرى انه الشاعر الصدامي الفضائحي الجسور والبعض قبل صداقته على مضض والبعض ادرك ماهيته وحسن طويته صدقه ووضوحه ونقاء روحه الا ان الشاعر عماد جنيدي لو وجد في ظروف حياتية افضل لكان نتاجه الشعري اكثر غزارة واعمق اثرا وربما كان قد خلع قميض الخراب لكن الحياة قاسية لم تسعفه بالعمر الاطول فرحل تاركا لنا قصائده التي تحلم بالانسان الجديد
..



مشوار نقدي في محنة (عادل سعيد) بقلم الاديب الناقد كريم القاسم

مشوار نقدي في محنة (عادل سعيد)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من الجميل أن نضع أيدينا على نماذج لقصيد النثر (المتحضر) والحداثوي الذي يمتاز بصفة العذوبة اللفظية والفكرة الهادفة دون الغوص في حشوٍ يربك النص ويعيق العرض والاستعراض .
المعروض في سوق الادب كثير ، لكن من يدغدغ المشاعر ويتفاعل مع العاطفة كي يجعل من النقد عملية متحركة أو داينمو كبير ليعيد النص الى الواجهة هو القليل والقليل .
ــ من بين القليل …. أمامي كاتب يتلاعب بالمفردات ويركّبها كقطع (الميكانو) لتأتي بمجسم وهيكل ثابت وجميل يجعلك تتلمسه كطفل معجب يبحث عن كل مايثير الدهشة والغرابة.
ــ الشاعر (عادل سعيد) قرأت له الكثير من المنشورات للبحث عن مواطن وبـؤَر الجمال في نصوصه الشعرية ، حتى اصابتني الحيرة ، فكل نص يحمل فكرة تهرول الى الابداع وتجذبه جذباً يصل حد التلابس ، فالنصوص تحوي ملاحة ووسامة وبهاء قل نظيرها ، وأخيراً تشبثتُ بهذا النص المكثف والذي يحمل عنوان (محنة) :
مِحْنـَــــة 
ـــــــــــــ
لم أكن حلزوناً
كأقصى ما يمكنُ أن يقترحهُ
خيالي الخُرافي
لكنّي أعرفُ
أن الحلزونَ ينوءُ بقوقعتِهِ
و حين يمتعضُ من العالم
ينسحبُ الى وطنِهِ المتقوقعِ
فوق ظهرهِ ..
إلاّ القوقعةَ فوق ظهري
فإنْ خرجتُ منها
مُتُّ
و إنْ انطويتُ فيها
مُتُّ
يالَهذي القوقعة..
…..
….
يالَـ ..
.. وطني
……………………
ــ الكاتب هنا استعمل في تأليفه هندسة النص القصير، وهكذا بناء ينسحب الى منصة ذكاء صاحب القلم ، كونه يكتب بروح العصر ، إذ لابد ان يستعمل كل ادوات الشباب الادبي ، وأولها حجم النص الغير مُتعِب للقاريء الحديث ، والذي يبتعد عن كل ماهو مطوّل لانشغاله بجزئيات الحياة الوفيرة والمعقدة …
ــ العنوان … جاء مُستنبطاً من المعنى العام وكان الاختيار موفقا جداً ليجعل القاريء يتسائل : ما هذه المحنة ؟؟
ــ ثم نتطلع الى مطلع النص ليبدأه بالنفي … نفي لفكرة اقترحها تفكيره الخرافي في أن يكون ( حلزوناً ) :
” لم أكن حلزوناً
كأقصى ما يمكنُ أن يقترحهُ
خيالي الخُرافي ”
ــ أمامنا هذين الشطرين :
” كأقصى ما يمكنُ أن يقترحهُ
خيالي الخُرافي ”
فلو افترضنا ان الشاعر استخدم مفردة (عقلي ) بدلا من مفردة (خيالي) لأصبح النسج كالآتي :
” كأقصى ما يمكنُ أن يقترحهُ
عقلي الخُرافي ”
لنَسَفَ النص بالكامل كقيمة انسانية عقلانية ، لان العاقل لايمكن ان يجعل عقله خرافياً ، فاستخدم مفردة (خيالي) وهو مسموح به عقلانياً ان يكون خرافياً ويهيم في عالم اللامعقول ، فيجعل اقصى نقطة في خياله ان يكون (حلزونا) وهنا نؤشر على ذكاء الكاتب ليفرض احترامه على قاريء النص ، وهذا المطلع المبدوء بالنفي ( لم أكن حلزوناً ) هو من اروع المطالع حيث يُدخل القاريء في زحمة صراع الفكرة ودون تمهيد ، وهذا من ضرورات تأليف النص القصير والمتوسط .
ــ ثم يخاطب القاريء ويستدرك بـ (لكني) كي يُثبت ان ما بعدها مخالفًا لما قبلها فيقول :
” لكنّي أعرفُ
أن الحلزونَ ينوءُ بقوقعتِهِ ”
ــ المدهش … ان الكاتب مازال يضع اللفظ في المكان الذي يناسب المعنى تماماً ، وهذا ماكان يطلبه الاوائل ويمدحون صاحبه ، فمفردة (ينوء) هي لاغيرها مناسبة لهكذا تعبير يخص الحلزون وقوقعته ، حيث ان الحلزون يسير وهو (مثقلا) بحملِ القوقعة على ظهره رغم انها وطن له ، ولو جاء بغيرهذا اللفظ لضعف المعنى .
ــ ثم يكمل :
” و حين يمتعضُ من العالم
ينسحبُ الى وطنِهِ المتقوقعِ
فوق ظهرهِ ”
ــ لاحظ اخي القاريء … ان مفردة (يمتعض) وكيف استخدمها الكاتب ، وكيف نجح بامتياز بوصف حالة البهيمة عندما تنزعج اوتغتم وتغتاظ ، فإنها تقبع في مثواها ، او مستقرها ، ثم يرشدك الكاتب الى سبب هذا الفعل ، فيشير الى كون القوقعة وطنا ، وهنا وصل الى منتصف النص ، إذاً عليه ان يُظهِر الفكرة الأم ، لذلك فهو قد هيّأَ ذهن القاريء الى لفظة (الوطن) .
ــ ويسترسل في نسجه :
” إلاّ القوقعةَ فوق ظهري
فإنْ خرجتُ منها
مُتُّ
و إنْ انطويتُ فيها
مُتُّ ”
ــ هنا جاء بأداة الاستثناء (إلا) واستثنى قوقعته عن قوقعة الحلزون ، وهذا من جمال الفرز ونباهة القصد ، حيث ترجم وجدانه العاشق والمُغرم بحب الوطن الذي لايمكن الافلات منه ، فإن خرج منه مات ، وإن (انطوى) فيه مات ، ولرب سائل يتسائل :
ما الغاية من استخدام الكاتب لمفردة (انطويت) ؟؟ والمفروض استرسالاً ان يستخدم تضاد مفردة (خرجتُ) وهي (دخلتُ) فيصبح النسج كالآتي :
” وإن دخلتُ فيها مُتُّ ”
وهنا لابد أن نقدّر نباهة الكاتب وتمكنه من السبك والنسج التأليفي حيث استخدم لفظة (انطويت) وتأتي هنا بمعنى (الانكماش) او (العزلة) وهي خير مفردة لخير معنى ، كونه عاش تجربة الغربة والانعزال ، فاستطاع من توظيفها بعناية فائقة في القصيدة . فقال :
” و إنْ انطويتُ فيها
مُتُّ ”
ــ ثم يختم النص بالتحسّر والشفقة لِما وصل اليه الحال ، فيربط ذهن القاريء بين لفظتين قد استخدمهما ، وهما (القوقعة) و(الوطن) حيث استخدم الاشطر المنقطة ، والتقطيع للكلمة دون عشوائية بل بدراية وعناية ليصور شدة الالم والتأوه وعدم القدرة على النطق المستمر ، كون الشعور والوَجد والحسرة قد أخذت منه مأخذها … فيقول :
” يالَهذي القوقعة..
…..
….
يالَـ ..
.. وطني ”
ــ الحال العام للنص :
ـــــــــــــــــــــــــــ
ــ يعتبر هذا النص من النصوص المستساغة للقاريء لحجمه المناسب .
ــ العنوان امتاز بالإستدراك الحسي ليعطي معنى عام ومكتمل للقاريء ويفسر كل فعل في النص .
ــ المطلع امتاز بقوة النفوذ والاشراقة الواضحة الجلية .
ــ المقطع إمتاز بحسن التصوير والذكاء في ايصال الفكرة للقاريء.
ــ الخاتمة تميزت بالايجاز والبلاغة .
ــ نجح الكاتب في ترابط الافكار المطروحة دون فجوات مما جعل من النص وحدة متماسكة ومترابطة .
ــ استخدم الكاتب مفرداتاً والفاظاً تقع تحت المعنى المطلوب … وهذا من جمال التأليف ــ استخدم الكاتب الفاظاً ليست بالغريبه على القاريء كون الفكرة موجهة للعام لا للخاص وهذا من الفطنة والذكاء .
ــ رغم قصر النص الا ان الكاتب نجح في تكثيف المعنى بصورة تبهر القاريء الحصيف .
ــ النص يحمل روح الابداع والحداثة والشباب الادبي .
ــ لم يأتِ الكاتب بألفاظ ومفردات عسيرة الفهم والتناول بل جاء بما هو مستعمل ، حيث استطاع توظيفه بعناية وجمالية ، وزَيَّـنها ببلاغةٍ وفصاحة .
تقديري الكبير …


……………………

اصدار جديد (أرج العصمة من ديوان مزرعة الصمت) للشاعر العراقي الكبير الاستاذ فرحان آل عبيد - تقديم الاديب الاستاذ كريم القاسم

اصدار جديد:
………………… 
وصلتنا هدية رائعة من الشاعر العراقي الكبير الاستاذ فرحان آل عبيد الفاضل،تتمثل بمجموعته الشعرية الجديرة بالمتابعة والإعتزاز حقاً،مع خالص شكرنا وتقديرنا والسلام..
،،،
تقديم الاستاذ الناقد كريم القاسم:

……………………………………………
احسنت النشر اخي العزيز أستاذ غازي ابوطبيخ ...
هذا الديوان (مزرعة الصمت) لم يكن وليد اليوم بل منذ كم عام على ما أتذكر ، وكتبت فيه مقالا نقديا عريضا ، وقد تضمن من جميل القصيد وبليغها ، وباهداف ومواضيع متنوعة شتى . والشاعر الكبير ابامحمد (فرحان سعدون) ليس شاعرا وليد الصدفة او وليد رغبة جامحة ... انما هو قلم وليد ظروف وخلايا دراسة وتعب وجد ومران وخبرة ، فهو من رعيلٍ لايطبع الحرف الا بعد الوثوق به ويُحسِن موضعه . وله صولات وجولات منذ زمن بعيد ، حتى كان هو القلم المفوَّه في مدينته ، والقلم الذي يُشار اليه في المحافل ، إلا إنه لايرغب الاعلام والاضواء ، وهذا حال رواد الشعر والادب عندنا . الشاعر فرحان سعدون له دَين في عنقي ، فقد قدحَ روح الادب في ذاتي مُذ كنت طفلا ، فركز اول لبنة حرف وادب ، وكان مثالنا الأعلى ، حتى تأثر به جيل كبير من اللذين هم الآن في عداد اهل الادب ....
وعندما يجتمعون ، فالكل يقول : تأثرتُ بالأستاذ فرحان سعدون ....
ورغم معاناته مع مايلازمه من مرض وضعف القلب إلا انه (داينمو) فعّال لايقبل التوقف والهزيمة ، يتأثر لمواقف الوطن ، وكأنه يحمل الوطن بين كفيه ، فيتألم ويئِن وينزف شعرا .
جسده في عالم ، وحبه للوطن في عالم آخر ، هكذا هو خلق الاديب الرزين والقلم الرصين .
عندما تجالسه ، سيبحر بك الى حديث لايُمَل ، والى ذكريات قد تجدها اشبه بأفلام هوليود .
لشدة تأثره بالتقاط الصور الشعرية والاحتفاظ بها ، كان يخرج في اليوم الماطر الشديد ، ليشاهد لحظة ارتطام قطرة المطر بسطح ماء النهر وما يتولد من شكل غريب لماء متدفق الى الأعلى ناثرا حواليه قطرات ماء باتجاهات شتى . مَن يبحث عن هكذا جمال لابد انه يحمل بين ثناياه بصمة شاعر ... نعم هكذا هو إحساس الشاعر الشاعر ، وإلا لاشعر ولاشعراء .
امنياتنا لك اخي الكبير الغالي .... واستاذي النبيل ... بموفور الصحة والعافية ، فأنت نبراس خير واشعاع محبة .... ومازلت وافر العطاء ...لقلبك الحياة ...
احترامي الكبير .
،،،