إلتفات:
صُودِفت الرؤيا على جميع النغمات..
نال ما يكفي.
ضوضاءات المدن،
المساء،
وفي الشمس،
ودائما..
عرف ما يكفي،
قرارات الحياة،
أيتها الضوضاءات،
الرؤى!
رحيل في العاصفة والصوت الجديدين..
ضوضاءات:
شائعات !!…)
آرثر رامبو
*
*****
"""""""""""
هذا المقطع بالذات يمثل الإعلان الختامي والكشف الأخير لشاعر فرنسا الذائع الصيت آرثر دي ديه رامبو،والذي نعتقد أنه يمثل (المانفيستو)الرامبوي الأكثر أهمية في التعبير عن الرؤية الاخيرة للشاعر،كما وأنّه يجسد إسلوب التداعي السوريالي الحر بكل وضوح..
وربما يظنه البعض مبعثراً أو غير مترابط ،إنما يعلم المتخصصون المتفرسون ان مدارسة النص الرامبوي خصوصاً والسوريالي عموماً ليس كما نفعل مع الاعمال الشعرية المباشرة او ذات البناء العقلاني المتواتر..فالأمر هنا مختلف تماماً ،وعلى القارئ الحصيف استنباط مكامن الرؤى تحليلياً وفق منهجية نقدية موائمة ومقابلة..مع التركيز على الكثير من المسكوت عنه المتروك للمتلقي،فالأسلوب يعتمد الإلماح، والإشارة ،والتذكير ،والوخز،كل ذلك والشاعر في داخل الطقس المخمور بالشعرية الذاهلة الرائية معاً..
،،،
وما نودُّ قوله:
إنّ هذا النص الحداثي المهم،يذكرنا عميقاً بأول ملحمة عرفها التاريخ الحضاري ونعني بها ملحمة جلجامش العراقية العظيمة ،وتحديداً نشيدها الاول الذي نقتطع منه هذه الأسطر(اختصاراً) :
2-
(هو الذي عانى الزمانَ وخَبِرَه،
وهو الذي رأى كلّ شيء،
ثم حين حلّ به الضنى والتعب ،
نقشَ كلّ ماعاناه وخبرَهُ
على نُصْبٍ من الحَجَر) !!….
،،،
ولا أظنُّ واعياً يصعب عليه إيجاد الوشيجة العميقة بين النصين،مع أن جلجامش قد كتبت (بدءاً)قبل أكثر من خمسة آلاف عاماً..
هذا يعني ضمنياً أنّ هناك بعض الاعمال الإبداعية خالدة عابرة للزمكان كونها تحمل في مبناها ومعناها حداثتها المتفوقة غير المحدودة بالمواقيت المتعارف عليها..وتلك هي المعاصرة الدينامية المصاحبة للأبد الإنثروبولوجي المستمر،وليس بعيداً عن الذهن بيت المتنبي الشهير،لتفسير الخلود الإبداعي:
(وما الدهر
إلّامن رواة قصائدي
إذا قلتُ شعراً
أصبحَ الدهرُ مُنْشدا) !!...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق