السبت، 5 أغسطس 2023

(تجنيس القصيدة والنص النثري)بقلم الاديب علاء المرقب

    (تجنيس القصيدة والنص النثري)

بقلم الاديب علاء المرقب



عرف الشعر العرب على أنه قصائد يعتمد بناؤها الوزن والقافية اللذان وضع قواعدهما فيما بعد الخليل بن أحمد الفراهيدي, بما يسمى بحور الشعر العربي, ليختم الأخفش هذه القوانين الأربعة عشر ببحر أطلق عليه المحدث, ولم يتم التعديل على هذا القانون العروضي حتى هذه الساعة, وأنا أراه من أصعب القوانين الوضعية, لكون حساباته فنية لاعلمية, ومع ذلك فقد أنشأها بشكل علمي رصين, عدم التعرض له أو التغيير به يثبت قوة البنية التي اعتمدها الفراهيدي, لذا صمدت أمام التطورات الحياتية ولم تتغير رغم تغير الكثير من القوانين الفيزيائية أو الرياضية. أما النثر فهو المسمى الذي يطلق على جنس أدبي يشتمل عدداً من المفاتيح كالخطابة والمقالة والنصوص التعليمية وغيرها, ولذا فهو لم يبن فنياً على قواعد محددة سلفاً, وحتى منهجيته لاتعتمد إلا على مسميات متداخلة المضمون, ولذا تبقى هنالك فوارق واضحة الأسس مابينه وبين جنس الشعر. ما أراه أن إطلاق عناوين شعرية على عدد من النصوص ليس سوى تقريباً معنوياً أو فنياً , ينتفي بانتفاء القواعد الثابتة, فمطاطية محتوى الجنس النثري تتيح له التقارب من أجناس الأدب الأخرى لا التسمّي بها, لهذا لم نجد إلى الآن تسمية ثابتة للنصوص التي تحتوي نفساً شعرياً أو مايسمى بالإيقاع الداخلي, فيطلق عليها مجازاً ( قصيدة النثر, الشعر النثري, ....) وغيرها من المصطلحات كونها تفتقد الهوية الحقيقية فتعتمد الذائقة الشخصية لتسميتها وهذا مايجعلها عرضة الأهواء, لذا ستبقى محل جدل قائم لايتم حسمه إلّا بقاعدة ثابتة وذلك أقرب للمستحيل, كون النص النثري لايخضع للقواعد أصلاً, مما يجعله مثار جدل بلا حسم, خلافاً للشعر العمودي المتسلح بجذور لم يطرأ عليه تغيير منذ قرون, بل حتى محاولات التجديد بقيت حبيسة قوانينه العلمية ولم تخرج من جلبابه كما فعل السياب والبياتي والملائكة. من هذا المنطلق أرى ان النص النثري سيبقى نثري التجنيس, تعتمد مقبولية نصوصه على قوة وجمالية التأثير ويبقى مكمن الابداع ضمن هذا الحدث(النص) ويستمر في مساره المتعارف عليه فنياً وتاريخياً, بدل محاولات إضفاء الشرعية الشعرية عليه, والتي ستبقى دون مقياس, معتمدة على أهواء أو قرارات المتلقي سماعاً أو قراءة, وهذا محل جدل اخر بأبواب مشرعة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق