السبت، 5 أغسطس 2023

صورة الفردوس في الشعر الأنجليزي الحديث … بقلم د. شاكر راضي Shaker Radhi … ج1

 صورة الفردوس

في الشعر الأنجليزي الحديث
بقلم د. شاكر راضي Shaker Radhi
ج1




…..
تعد موضوعة إستعادة الفردوس المفقود واحدة من الموضوعات المشحونة بالدلالات الدينية والرمزية في الشعر. وقد أعتنق الشعراء على مر العصور الفكرة التي مفادها أن غاية الشعر هي إستعادة ذلك الفردوس المفقود ولابد من الأشارة الى الطبيعة الأأسطورية للموضوع الذي يأخذنا خارج التاريخ لأن الطبيعة المحددة للأسطورة كما يقول الباحث مارسيا إنياد " هي طبيعة لا تاريخية ذلك أن عالم التاريخ هو عالم المكان والزمان الماديين في حين أن عالم الأسطورة هو عالم المكان والزمان المقدسين" وتجسد الأسطورة على نحو متكرر قصة ربط الحكاية مع فكرة غامضة ما عن " السقوط"، اي سقوط الأنسان من زمن مقدس الى زمن مدنس ونتيجة لذلك يحرم الأنسان من لقاء " الالهة" ولذا يسعى الشعراء الى إستعادة مثل هذا الأمتياز. وكان جون ملتن ( 1608-1674) قد عبّر عن هذه الفكرة المركزية بقصيدته الملحمية الكبيرة " الفردوس المفقود" ( 1667) التي تسجل تاريخ " السقوط" وآمال ومخاوف الأنسان الدفينة، اذ يكتب عن:
أول عصيان للأنسان وعن ثمرة
تلك الشجرةالمحرمة
التي جلب طعمها القاتل
الموت للعالم وكل أحزاننا بفقدان جنة عدن
وقد تعامل ملتن مع فكرة السقوط من زاوية دينية بحتة تأخذ في الأعتبار قصة " سفر التكوين" أمراً مسلماً به لكن القصيدة أصبحت مرجعاً في هذا المجال.
ويضع إنياد قائمة بنا يمكن تسميته المواضيع الفردوسية في الشعر وتشمل:
- القرب البدائي بين السماء والأرض
-سهولة التواصل مع الخالق
- معرفة لغة الحيوان والطير والسلطان عليها
- الحرية والفطرة والخلود
تعود هذه الثيمات الى الظهور في الشعر الحديث . قصيدة وليم بتلر ييتس " ٍSailing to Byzantium " الأبحار الى بيزنطة" ( 1927) هي نوذج مثالي عن فكرة البحث عن الحرية والخلود فيما تعاود ذات الفكرة الى الظهور بطريقة مثيرة ومدهشة كما هو الحال في قصيدة تيد هيوز " لعبة صبيانية" (A childish Prank ( 1970) . يكمل الشعراء الأنجليزي ا هذا التقليد بعد ان وجدوا أنهم يشهدون نهاية العالم وليس نهاية قرن وبداية آخر .، الأمر الذي دفع بالشاعر الى البحث عن عالم بدائي أو خيالي لأيجاد نوع من الخلاص الشخصي على الأقل وربما يكون الفردوس هنا يعني " تنظيم التجربة الأجتماعية أو النظام الأخلاقي" فضلا عن ذلك، يمثل المفهوم الحديث نوع من " الأسقاط الخيالي" حيث يندمج مفهوم الفردوس مع الرغبة التي تنطلق من حياة حسية حافلة بالألوان والمتع ومن هنا يأخذ الشاعر دور الساحر أو الشامان والعراّف والكاهن الذي قد يعالج المرضى أو يعين أرواح الموتى في الوصول الى مقصدها" كما يقول الناقد جرينوود. ويميل الشعراء الى توكيد صورة الفردوس الأرضي او " المدينة الفاضلة" الموجودة في مخيلة الشاعر لتلهم الناس الرغبة في تنظيم الحياة على الأرض على غرار صورة المدينة السماوية.
الأبحار الى بيزنطة ( 1927):
تحمل هذه القصيدة حنين ييتس المتواصل الى مكان ينتعش فيه العقل المبدع بسلام دون قيود متطلبات الجسد الذي يحتويه ورغم ان القصيدة تستحضر فراديس أرضية مختلفة حيث تتجول الروح المبدعة بحرية بعد ان تتخلص من قيود الجسد لكن هناك إعتراف ضمني من لدن الشاعر بأن الروح " تعتمد على تجربة الجسد المصاحب لها لتغذية نشاطها" ( جاريت، 1986). تدور قصيدة " الأبحار الى بيزنطة" حول موضوعة إدراك عالم مثالي لا يمكن إداكه وهذا العالم هو عالم بيزنطة المتخيلة التي يخلق فيها الشاعر جنة ذهنية يتوحد فيها المبدع مع نخبة من جمهوره. ويستند ييتس الى المقارنة بين وطنه ( ايرلندا) الغارق في العنف والغرائز وبين بيزنطة، المدينة المقدسة المثالية التي يزدهر فيها العقل المبدع بعيداً عن قيود الجسد والفناء:
ذلك البلد ليس للمسنين، يحتضن الشباب والشابات بعضهم الآخر
الطيور على الأشجار، تلك الأجيال المحتضرة، وهي تغني،
شلالات سمك السلمون، البحار المزدحمة بسمك المكريل،
سمك، لحم أو طير، يهيمن طيلة فصل الصيف،
كل ما يتكاثر، يولد ثم يموت
ولأنهم أسرى تلك الموسيقى الحسية
تراهم جميعاً يهملون رموز العقل الذي لا يشيخ
هنا وفي مقاطع لاحقة يقدم ييتس أسباب رفضه " لذلك البلد" الذي أستسلم كليا للمتع الجسدية والحسية. فالشاعر الذي صار شيخاً لا مكان له وسط هذه الحياة المليئة بالمتع الفانية، وتنقل الينا هشاشة البلد من خلال صورة السمك الذي يرمز الى الحيوية والتوالد السريع رغم أنه سرعان ما يسقط ويموت. ويستمد الشاعر صورة " أسراب السمك والطير" من تلميح إنجيلي قبل أن يحل الموت في هذا العالم ، قال الله لهما ( آدم وحواء) " كونا مثمرين وتكاثرا، ولتكن لكما الغلبة على سمك البحر وطير السماء" ( سفر التكوين، 1، 28)
يتبع في منشور أخر- من دراسة كتبتها وربما تنشر قريبا
...
ج2
صورة الفردوس في الشعر الحديث ج 2
مازلنا عند صورة ييتس لفردوسه في "الأبحار الى بيزنطة"
يقف الشاعر وهو ينظر الى نفسه بعين المفارقة الصادقة، عارياً مكشوفاً وكأنه ليس أكثر من مجرد " فزاعة" واصفاً نفسه في المقطع الثاني من القصيدة معطفاً رثاً معلقاً على عصا ما لم يسع الى إعادة إحياء روحه وعقله المبدع في الوقت الذي يتحلل فيه جسده والعالم:
أن تصفق الروح وتغني وتصدح بالغناء
لكل خرقة في ثوبها الفاني
وتصعد أغنية الروح منتصرة عبر الحقول معززة قوتها مع بروز كل مظهر جديد من مظاهر الأنحلال الجسدي. وهكذا يعّبر ييتس عن إعتقاده بأن الشاعر الآيل الى الموت قد إكتشف مصدراً خفياً من مصادر التهوين على النفس والعزاء لها:
ليس هناك مدرسة غناء بل
نصب فنية تحمل مغزاها
ولذلك جبت البحار
ووصلت الى مدينة بيزنطة المقدسة
وبتأمل الميراث الأبداعي للفنانين الأخرين ستكتشف الروح منبع فنائها ومن هنا تأتي رغبة الشاعر في هجر عالم متفكك والتوجه الى فردوس العقل. يمثل الأبحار هنا قطيعة مع ماضيه وتيني توجه " مقدس" جديد. وفي المقطع الثالث يخاطب ييتس " الحكماء" المرسومة صورهم على موزائيك الكنيسة متضرعاً اليهم أن يكونوا أولياء روحه:
وكونوا الأساتذة -المنشدين لروحي
خلصوني من قلبي،
هذا القلب المريض بالرغبات
المشدود الى حيوان محتضر
يتضرع الشاعر الى هؤلاء الحكماء أن يحرقوا قلبه طالما أن القلب هو الطروحة المضادة للروح وطالما إنه مكمن الرغبات الدنيوية والعواطف البشرية، لذلك يرى في تدمير الجسد شرطاً مسبقاً للوصول الى المتعة الروحية التي تنجزها الروح وبالتالي " فأن الدعوة الى موت الجسد إنما هي دعوة لولادة الروح من جديد" ( جاريت)
وعليه يرفض الشاعر العالم المادي- الطبيعي في المقطع الرابع حالماً بأن يحوّل الى طائر ذهبي يوضع فوق " غصن ذهبي" يصنعه " صاغة إغريق" ، وهنا يذكرنا ييتس بتأثير كتاب الغضن الذهبي الذي جمع فيه مؤلفه فريزر كل اساطير العالم القديم وتأثر به معظم الشعراء المحدثون ومنهم شاعرنا الكبير بدر شاكر السياب وآخرين.,بذلك يتحرر من القيود الدنيوية بعد أن يصبح عملاً فنياً خالداً:
ما أن اكون خارج الطبيعة، فلن أتخذ صورتي الجسدية
من أي شيء طبيعي
بل سأكون شكلاً مثل الذي يصنعه صاغة إغريق
من ذهب مطروق
طائر يسّهد أمبراطوراً ناعساً
أو أوضع على غصن ذهبي لأغني
للوردات وسيدات بيزنطة
عما مضى، ويمضي، وما هو آت
في هذا الفردوس الذهني يبدو أن " أنا" القصيدة تنوي الأبحار الى موقع ينمحها صفة مثالية وقدسية حيث تستطيع التخلص من قوقعة الجسد العاجز وإطلاق العنان لأبداع " ذهن لا يمكن أن يشيخ" متحولاً الى طائر أبدي يغرد لأؤلئك الذين يسكنون أبدية " ما مضى، ويمضي أو ما هو آت"
ج3
…..
صورة الفردوس في الشعر الحديث ج 3
روبرت جريفز Robert Graves وحديقته الخفيه The Hidden Garden
يعد روبرت جريفز ( 1895-1985) واحداً من الشعراء المحدثين المكثرين والمهتمين بعمق " بالأسطورة ودراسة الأساطير والحكايات الفولكلورية والدين وذلك لما تسهم به في فهم طبيعة التفكير البشري" كما يقول الناقد والشاعر جون وين( 1963). يشترك جريفز مع شعراء أنجليز آخرين خاصة شعراء القرن السابع عشر في تناول موضوعة الحب كتجربة تسهم في تنقية الروح وتهياة الخيال لرؤية " عدن" جديدة. وفي قصيدة " الحديقة الخفية" ( 1965) لا يعني إنشغال جريفز بالألهة البيضاء The White Goddess أنه أهمل الموضوع الشعري الأزلي " إستعادة الفردوس المفقود" الذي يشكل الى جانب الحب موضوعة مليئة بالأفكار والأيحاءات كما يدلل على ذلك في قصيدة " الحب المفقود" وقصائد أخرى. يكتب جريفز عن الحب بأعتباره إتحاداً ومعجزة كما فعل جون دون ( 1572-1631) من قبل في قصيدته العظيمة " وداع: ممنوع البكاء" وتوماس كامبيون ( 1567-1620) في قصيدته الغنائية الرقيقة " هناك حديقة في وجهها" حيث يستخدم كامبيون المجاز الذهني لوصف الحبيبة/ الفردوس:
هناك حديقة في وجهها
حيث تنمو زهور الروز والليلك الأبيض
فردوس سماوي هو ذلك المكان
تتدفق منه كل الثمار اللذيذة
هناك ينمو الكرز الذي لا يستطيع أحد أن يشتريه
الى أن تصرخ هي بنفسها
" لقد أينع الكرز"
مع فارق أن جريفز كان قد إستوعب الرومانسية واستطاع أن يستعيد لمسات الفروسية والأسطورة التي كانت غريبة على جون دون كما يقول الناقد جرينوود( 1969). وفي فصيدة الألهة البيضاء ( 1949) يقدم جريفز صورة أمرأة فردوسية تعيد الى الذاكرة إمرأة كامبيون وسادة وسيدات ييتس في بيزنطة:
يلعنها كل القديسين
وكل الرجال المتزنين
الذين تحكمهم سلطة أبولو الذهبية
إزدراءاً لكل هذا، أبحرت بحثا عنها
في بلدان نائية، هي الأكثر إحتمالاً بأن تأويها
إمرأة رغبت بها أكثر من أي شيء رغبت بمعرفته
شقيقة السراب والصدى
إذن فهي " سراب وصدى" الأمر الذي يعيدنا الى موضوعة البحث عن حب مثالي ، فالشاعر يبحث عنها " عند فوهة بركان/ بين ركام الثلوج/ وراء كهف النيام السبعة حيث إختفى الأثر" وهنا يأخذ الشاعر الأحساس بمعنى الحب المثالي من كهف جون دون في قصيدته " الصباح الجميل"، قالمرأة هنا هي " النسغ الأخضر" الذي يجدد الشباب والحياة. وقد ظل الحب هو الشغل الشاغل في تجربة جريفز وهو الموضوع الذي يقوده الى فردوس. تعتمد قصيدة " الحيقة الخفية" على فكرة مفادها أن العشاق إستعادوا فردوسهم المفقود بنعمة الحب التي تميزهم عن العشاق المتوقعين الواقفين خارج أسوار الحديقة. وليس باستطاعة العشاق الموجودين في الحديقة أن يهبوا الحب للآخرين رغم أنهم يريدون ذلك فعلاً، إذ إنه ليس ملكا لهم كي يهبوه:
ولا يستطيع الطموح ان يجعل من هذه الحديقة ملكا لهم
مثلما لا تستطيع الطيور الطيران من خلال إطار شبّاك
وعندما يؤشرون لنا بأن نعطيهم كلمات المرور والمفاتيح والسلالم السرية
غالباً ما تنتابنا الرغبة لفتح البوابة الأمامية
التي ليس لها قفل، ونجرّهم الى الداخل
فقد أنتبابنا الخجل من تركهم ينتظرون
هذه النعمة جعلت منهم عشاق نموذجيين يستوي عندهم كل مكان يعيشون فيه خارج الزمن كأنهم في فردوس، إنه عالم الأسطورة اللازمني مقابل عالم العشاق " المزيف" خارج أسوار الحديقة. لذلك، تكون حديقة جريفز فردوس ذهني آخر حيث يمكن للعاشق أن يزدهر دون أن يتهدده مرور الزمن أو التحلل البدني أو حتى فناء الجسد.
ج4
……
صورة الفردوس في الشعر
أما تيد هيوز (Ted Hughes ( 1930-1998 فقد حاول أن يخلق من إنهيار كل الأشكال والقيم التقليدية رؤية جديدة ويحاول أن " يستحضر الواقع الدلخلي للطاقات البدائية والغرائزية التي يشعر أنها شوهت أو اخفيت في ذواتنا العقلانية والأجتماعية" ( والدر، 1987) ويرى هيوز أننا نعيش في حالة إغتراب عن ذواتنا الحقيقية ولذلك تأخذ العودة الى جنة عدن شكلاً مختلفاً في عصر الطاقة النووية والحاسبات الآلية.
في قصيدة " لعبة صبيانية" (A childish Prank (1970) يعالج هيوز جانياً اساسياً من المأزق الأنساني الذي يتعلق بالخليقة والسقوط. وتعيد القصيدة تفسير قصة الخليقة كما وردت في الكتاب المقدس ولكن، بدلاً من الأفعى، يستخدم الشاعر الغراب، رمز الحيوية والغرائزية سيء الصيت لدى معظم البشر، ويرمز الغراب، من بين أشياء أخرى، الى الجنون والتحرر الشيطاني والخديعة والوضاعة أحياناً.ويسعى الشاعر من وراء ذلك الى السخرية من إدعاءات الأنسان بالروحانية في الأصل والمغزى وينطلق الشاعر من فكرة مفادها أن القوة الحركية الكامنة وراء الحب هي رغبة كيانين منفصلين في إستعادة وحدة بدائية مفقودة، جنة عدن التوحد الروحي أو عالم إفلاطوني يهمل الجانب الحسي. لكن يبدو أن هذه الأدعاءات تصبح مثار سخرية نتيجة لخضوع الأنسان لمطالب جسده:
إستيقظ الرجل ليجد نفسه يسحل فوق العشب
إستيقظت المراة لترى الرجل قادماً
تقدم القصيدة صورة عن الخالق وخلقه، آدم وحواء، اللذان يبدوان خاملين نسبياً عندما نقارنهما بالحيوية المفرطة التي يبديها الغراب اللعوب. يرقد الرجل والمرأة خدرين وسط زهور " عدن" دون روح يحدقان في الفراغ. لقد كانت المشكلة من التعقيد بحيث
ضحك الغراب
فقطع الدودة، مخلوقة الله الوحيدة،
الى نصفين متلويين
ويترك الأمر للغراب ليملأ الرجل والمرأة بالروح وليجلب " الحياة والحيوية" ناهيك عن المرح الى الحديقة وليتوج نفسه " غرابا" على منجزاته ( جاريت، 1986) . يختطف الغراب الدودة ويقطعها الى نصفين. هنا يتدخل الشاعر ويعيد تفسير القصة: أسطورة الأفعى التي أغوت حواء والتي ترتبط حسب التقليد الشائع بالشيطان، لكن هيوز يطلق على ذلك المخلوق الزاحف " مخلوق الله الوحيد" وبذلك ندخل في عملية إعادة تقييم جذرية للقصة الأنجيلية . فمنظور الغراب أو حتى منظور هيوز لخلق الأنسان يعيدنا الى نقطة الأنطلاق الواردة في كل من الكتاب المقدس والفكرة المتوارثة عن طبيعة الأنسان المزدوجة أو الأنقسامية كجسد وروح. ونلاحظ ان التأكيد هنا يكون على الجانب الجسدي وإن " الدودة" أكثر إنتماءاً الى الأرض من الأفعى طالما أنها تزحف في داخلها وليس عليها ( جاريت) الأمر الذي يوحي أن لاشيء نقي أو روحي في طبيعة الأنسان رغم أنه يحاول أن يخدع نفسه خلاف ذلك.
فالغراب الذي يمثل الشيطان أو إبليس في الأعراف العبرانية أو الأسلامية لا يكشف عن النظرة المسيحية للأنسان بإعتباره خليطاً من الملاك والحيوان حسب بل يكشف عن الأفكار الأفلاطونية ما قبل المسيحية التي ترى أن كل رجل وكل إمرأة كان نصفاً منفصلاً عن كيان متكامل وإن البحث ( الذي يفشل عادة) عن الشريك المثالي كان بحثأ عن النصف الأصلي الآخر لكيانه/ لكيانها، مما أدى الى بروز فكرة الحب الأفلاطوني الذي يحتفي بالجوانب اللاحسية في علاقة الرجل بالمراة. ويظهر هيوز في هذه القصيدة ان بحث الأنسان عن نصفه الآخر على أنه حافز أو دافع للدودة المقسومة كي تتوحد مع نصفها الثاني و " لأستعادة وحدة بدائية مفقودة" كما يصفها الناقد جرينوود وهذا هو جوهر الأسطورة:
حشر في الرجل النصف الذي يحتوي على الذيل
وقد تدلت نهايته المجروحة
وحشر في المرأة النصف الذي يحتوي على الرأس أولاً
وراح هذا النصف يزحف عميقاً حتى صعد
ليطل من عينيها
منادياً نصفه الذيلي- أن عجّل عجّل بالألتحاق
لأن الحال كان، آه، مؤلما
يسترعي تكرار الفعل" حشر" الأنتباه الى الفعل الجنسي الذي تدان به البشرية على الدوام بفعل مكر الغراب. وعلى خلفية هذه القراءة يعزى سلوك الأنسان الى السعي الى إشباع الغريزة الجنسية فالغراب أو هيوز نفسه فرويدي في تفسيره لأسطورة الحديقة والسقوط. فالأنسان مهووس ومدفوع برغبة يجهل جذورها ويسيء تفسيرها على أنها حافز على وحدة روحية ( ولم يعرف أي منهما ماذا جرى)
واصل الغراب الضحك .......
…..
ج1
هنا ج2 لطفاً
ج3
ج4

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق