النص:
كانت
وَحيدَةَ البَحرِ
زَهرتَه المائِيّـةَ..
أوَزّتهُ البيْضاءَ.
تغرقُ في مِياههِ
ولا تبْتـل ..
تحْنو على النّوارِسِ
التي ميزتُها حُبْ.
حتّى إذا زارَها
طائِرُ الرُّعْبِ وليْلٌ
طائِفـي ..
كسَرتْ مَراياها
وأوانِيَ الشّايِ..
فباعتْ خيْمَتَها
لِلرِّياحِ ..
مَشَتْ تُواجِهُ
مَصيراً صَعْباً..
ولم تأخُذْ مِن أشْياءِ
زينَتِها غيْرَ أُغنِيةْ :
البواباتُ أنا
وكُلُّ البِحارِ..
كلُّ الْمَمَرّاتِ تعْبُرني
تَمُرُّ بـي كلُّ
السُّفُـنِ إنْ
ساء الطقْسُ واخْتفَتْ
نَجْمـةُ السّاحلِ
كُلّ النّوارِس مَرْفؤُها
عيْنايَ إذا مـا
عضّها الـْجوعُ
وغالَبَها الْبَرْدُ..
أوِ اجْتاحَها إلى
الدِّفْءِ حَنيـن.
هُنا تَجِدُ الضّوْءَ في
باحة قلْبي ولـمـــّا
ولَمّا يهْدإ البحرُ تحت
سماء ليل طويـل.
هُنا تكْتبُ رَسائِلَها
ويأتيها البَريدُ مِن
وطَنِ الأصْدِقاءِ وَالأهْل.
هنا تتَبادَلُ العِتابَ..
وتنْسى خِذءلانَ
العشيرةِ والتَّعب ..
والذينَ طارَدوها
في الْمَحَطّاتِ
أغلقوا َدونَها شُقوقَ
الأحلامِ كَسَروا في
وجْهها الْمَرايا
وأحْرقوا ظِلالَ أشجارٍ
كانتْ تَأْلَفُهـا..
لَـمْ يتركوا غيرَ صَليبٍ
يمشي بِلا ظلٍّ
بِلا جُثةٍ على
قارِعَةِ النـارِ..
إلى قبائل تختَنـِقُ
في ليلٍ عربي!
رأيتُها عِندَ جِدارِ
الموْتِ سَيِّدةً شاحِبة.
لا يكفُّ عنها
النّزيـفُ تُمْسِكُ زهْرَة
عبّادِ الشّمْس.
ولَـم أيأس لا
بدَّ أن تأتِيَ يَوْماً
فَتَعـودُ كمـا
كانت مبْتهِجة.
وأدعوها لِلشّاي
فتقْرأ أشْعارَ مِحْنَتِها
في ليل الطوائفِ
والطبَقـاتِ..
وغِرْبانِ النفْطِ عليّ.
وننْأى في السكونِ
يعود لَها الورْدُ
وأَقْمارُها القتيلة.
تعود لَـها الأغاني
على أن يكون الْهَوى
اليوْمَ إليّ ؟!
محمد الزهراوي
أبو نوفل
التعقيب
لانملك إلّا أن نُغنّيَ بمزاج مركب من مرحٍ حزين!!..
ربما هو على طريقة( الطيرُ يرقصُ مذبوحاً من الالمِ)..
إنّما لاسبيلَ الى الهروب أو التهرّب من وجع بيروت الدامي..سيما وقد كتب هذا النص قبل أكثر من ثلاثة أعوام،وكأنَّهُ مكتوب عن اللحظة الرهيبة الراهنة..
ومع أن الكمد قد بلغ مداه ،لكن من حقّ الشعر علينا أن نمنحه انتباهة مستحقة.
ولا بدَّ من لفتة عميقة منجذبة إلى هذه الإسلوبية المعمارية الرائعة لكتابة النص الشعري المنثور..
ولطالما ذكرتني طريقة الزهراوي بدعوة(دادا)التي طالب من خلالها بأن تكون المفردة
(نجمة على الورق).
ولايتم ذلك إلّا وفق هارموني تحليلي سايكولوجي شديد الارتباط بموسيقى المفردة والتركيب والمقصور تناسلياً حد ( الدُّوزان الفذ)..
ولايتحقق ذلك إلّا لمن يملك رهافةَ روحٍ حركيٍّ شديدِ البراعةِ لتخليق مثل هذا الكونشيرتو الراقص بطريقة (رقصة بجع)من نوع ما..أو إسلوبية رذاذ المطرالنثيث..
أوربما نوع من الشلالات الهادئة الانسياب..
أما تمكينك للهدفية من ان تحل في جسد الموسيقى فيصير الإلتزام الموضوعي كسُكّر قهوةٍ ذائبٍ يسهم في توفير أعلى مستويات الاقناع في الاداء الفني العام والتفصيلي معاً..
هو شلال عسل قانٍ بلون الدماء المسفوحة على طرقات السابلة في بيروت الجمال والوجع..إنه رُعافٌ ناطقٌ ما نقراه لك حتى اللحظة أيها الزهراوي الشاعرالشاعر المخلص الجميل..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق