الثلاثاء، 30 أغسطس 2016

في انتظار غودوو.. بقلم الأديبة- أ. سهير خالد.. مجلة- آفاق نقدية

أن المعتقد والايمان بوجود المنقذ او المخلص او المنتظر من المسلمات التي اثارت جدلا كبيرا عبر مر العصور ..الكثيرمن الشعوب وحتى الاديان استسلمت للفكرة حين وجدت نفسها عاجزه عن احداث تغير للواقع المزري الذي تعيشها لتجد نفسها في النهايه مؤمنة كل الايمان بظهور المنقذ الذي سوف ينتشلها من ذلك الواقع..... وهناك من اعتبرها ليس إلا أكثر محظ هراء وهروبا من الواقع وعجزا عن التغير واستسلاما للظلم
كنت في المرحلة الرابعه ( اداب انكليزي ) حين قرأنا مسرحية في انتظار غودوو للكاتب صموئيل بيكيت ..مسرحية لاحدث فيها سوى الانتظار في مكان يبعث على الرتابه ..لاشئ فيه سوى شجيرة صغيرة بلا اوراق توحي لنا عقم الحياة ..ينتظر كل من استراجون وفلادمير بطلا المسرحية شخص يُدعى غودوو لينقذهما من الواقع المزري
من هو غودوو ......؟ لانعرف
هل سيأتي غودوو حقا ...؟ لانعرف
هل لديهما فكرة من يكون غودوو ...؟ لا
هل ألتقيا به من قبل .....؟ لا
هل هناك ولو ثمة بارقة توحي لفلادمير واستراجون أن غودوو سوف يأتي ولو بعد حين ..كي لايكون الانتظار عقيما ؟ لاندري
وفي لحظة ما يلوح الامل بظهور السيد بوزو ويسأله كل من استراجون وفلادمير إن كان هو المنقذ غودوو فتكون الاجابة بالنفي .. فهو ليس الا سيد مستبد ..يمسك حبل بيده يجر خلفه عبده المدعو لاكي .... ويتوقف الانتظار برهة من الزمن بظهور غلام يخبرهم ان السيد غودوو يعتذر عن المجيء ..وانه قد يأتي غذا وقد لايأتي .. لنجد انفسنا من جديد نعاود البدء من جديد من حيث انطلقنا في انتظار غودوو
كرهت المسرحية في حينها ..فلا حدث فيها سوى الانتظار ..وحوار غير مترابط ...أي عبث جعلني اعيش صموئيل .. أحسست بسخافة الكاتب حين جعلني اعييش انتظار عقيم ...حتى بارقة الامل بوجود المنقذ غودوو تأرجحت مابين الحقبقة.. والوهم ..مابين قد يجيء وقد لايجيء ومابين اذا كان هو موجود اصلا او غير موجود ...اي عبث كتب صموئيل واي سخافة حين لايكون هناك حدث في المسرحية سوى الانتظار هذا كل ماراودني في حينها
واليوم تعود بي الذاكره الى الوراء .. الى ماظننته في يوم ما عبثا ..لاجد ان الكاتب جسد حقيقة مانعيشه اليوم وان كل من حولنا ماهو الا نسخة مشابه لفلادمير واستراجوان ...عاجزين من انتشال انفسنا من الواقع المزري الذي نعيش... عاجزون عن احداث تغير ...لاشيء نفعله سوى النحيب والبكاء ..مستسلمين للظلم و لفكرة المنتظر الذي سوف ينقذنا الذي قد يأتي وقد لايأتي ....عاجزين من تحديد حتى هويته ..فها نحن اليوم نعتقد ان كل عابر سبيل هو منقذنا ..حالنا حال فلادمير واستراجوان حين ظنا ان السيد الاقطاعي بوزو ماهو الا غودوو المنقذ ولكنه في الحقيقه لم يكن الا سلطه غاشمه
قد اكون في حينها عجزت ان اقرء مابين سطور المسرحيه Waiting for Godot لاني لم اكن انظر اليها الا مادة دراسيه ممله علي النجاح فيها والتخلص منها .. ولكن بعد مضي سنوات وحين وقع الكتاب بين يدي مرة اخرى اعدت قراءته من جديد لاجد نفسي امام حقيقة لاتقبل الشك وهو اننا لانقل تفاهة عن استراجون وفلادمير حين نرهن خلاصنا لشيء قد يأتي وقد لايأتي وبذلك نكون قد اعلنا موتنا ونحن على قد الحياة وان علاقتنا مع البعض يجب ان تتخطى حاجز العبوديه وان السيد بوزو ماكان ليكون سيد مستبد لولا وجود ( العبد لاكي ) الذي رفض الاعتناق من ذل التبعية
اشعر ان حياتنا اليوم تتخلص بهذا الحوار المقتضب الذي دار بين فلادمير واستراجون ...واتمنى ان لانبقى في انتظار غودوو
- Let's go
- We can't
- why ?
- We are waitng for Godot





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق