الاثنين، 15 أغسطس 2016

قراءة نقدية للناقد أ.شاكر الهيت.. في نص "ها هو ذا" للشاعر أ. العراقي الموسمي.. مجلة- آفاق نقدية

النص النثري الذي بين ايدينا، لشاعر بارع واديب عملاق وخبير في فنون الادب كافة، وانا هنا لن اتعرض اليه شاعرا ولا ناقدا، انما ساتناوله قارئا وكاتبا مطلقا متشوفا لاسرار مابعد الطوفان كجلجامش الذي جاء باسرار ماقبل الطوفان، النثر المسترسل التعبيري العالي هنا واضح المعالم وهويته تكاد تنحسر بشخص صاحب النص فلا تخرج عن بطاقة هويته لمن يعرفه حق المعرفة، وبما انني على معرفة ودراية بشخص وروحية الشاعر فلي الحق - مخولا نفسي هذا الحق- لكي اتناول نصا بعيد المنال لقارئه البسيط لكنه في متناول الجميع اذا اتقن القاريء مهنة التشوف والرؤى البعيدة التي ما انفكت تلك المقطوعة البديعة على الالتصاق بها في مواقع عدة مع الكشاف المتشوف الاوربي الذي قال مالم يقله السابقون من الشعر ولان المقصود هو آرثر الفرنسي ( رامبو ) وتلك القصيدة ( المركب النشوان او السكران) بالخصوص، والتي تبرز ملامح رئيسية في شعر رامبو تتلخص في اندفاعه وتمرده غير الطبيعي الى عوالم نجهلها نحن عن تخيلاته، الانطلاق للوصول الى اللامنتهي او المطلق اللاحدودي، ثم من بعد ذلك الهدوء الخاسر او لنقل كما قال النقاد الهدوء المدمر او المحطم، وهذه العوامل او الملامح الثلاث هي التي تحدد الشاعر بالواقع وبالمتعالي الاجوف الذي سبق الاشارة اليه فهو يغير الواقع ويشوهه تماما كما في قصيدة – فينوس – وبعد ان يهشم ويشوه هذا الواقع ينطلق بحثا عن المطلق والمجهول واللامتناهي ثم يتوقف ويعود مصابا بخيبة امل بعد فشله الذريع في ملاحقة هذا المطلق اللامعروف وهو الهدوء المحطم الذي يفجر صلابة الشاعر ومحاولاته الدؤبة المستمرة في البحث والتقصي والابحار بسفينة هائمة نشوانة بلا بحارة..
على اننا نحتفظ ومن بابا الامانة ان – رامبو – هو الامتداد الحقيق للشاعر الفرنسي – بودلير -، لقد احسن السيد الموسوي في انتقاء مايريد من رامبو فهو ليس رامبو لكنه يتفوق على رامبو بتشوفات نراها في النص لو توفرت لرامبو او لو اجاد رامبو استخدامها كاستخدام العراقي الموسوي لنتج ذلك عن ظهور شاعر او مبدع ليس له مثيل...
مستسلما لشهوة الالم القديم
قدم اول المذبوحين
من الوريد الى الوريد...
لا حظ البعد هنا في رؤى الموسوي - مستسلما لشهوة الالم القديم – اي الم يعني؟ وما نوع الالم؟ ومن المؤلم؟ هذه الاسئلة تبتعد فيها الصورة عن الم رامبو المفجع، الالم هنا ليس كما تألم رامبو، لان رامبو يصاحبه الالم الجسدي على الدوام حتى وفاته نتيجة ما اصاب قدمه التي بترت بسبب القيح، او حتى الالم القديم لدى رامبو هو ليس كما الالم القديم لدى الموسوي ومابين الالم النفسي البحت لدى الموسوي وبين الالم الجسدي المقرف عند رامبو تقف وتفترق الخصوصيات، فلنترك اذا خصوصية رامبو ونناقش خصوصية العراقي الموسوي،،
لم اتعود ان اقف على نص لا اعرف عن صاحبه البتة، ابدا، ولهذا الامر من الناحية النقدية الابداعية مايبرر ان يغوص الناقد في عمق النص واعماق صاحب النص، لهذا عندما اتناول شهوة الالم القديم هنا انما هو الم متفاخر به ويحن الى ذكراه، وهذا مالايمكن ان نلحظه عند – رامبو – على الاطلاق...
- قدم اول المذبوحين من الوريد الى الوريد – لافرق بين المذبوح بالسكين او الخنجر او الحجر او اية آلة جارحة فعلى سبيل القول العربي ( الشاة المذبوحة لايؤلمها السلخ) فهو مذبوح من الوريد الى الوريد وهذا الالتقاء الرائع بين الكاتب وبين اقدم المذبوحين لا يعني ان اقدم المذبوحين قد ذبحوا من الوريد الى الوريد، لان العراقي الموسوي انتقل الى جملة جديدة هي مشاركة المذبوحين بشهوة الالم فقط، لكنه كان يمتاز عنهم انه رغم ذبحه لكنه لم يخلص من الانتقام فسحبوا سكينهم لكي يقطعوا اي التقاء او فرصة الظفر بالحياة من جديد، لكنه لم يأبه وتخلص من تلك الذبوحات ونجا منها وعاود الحياة وهاهو الان حيا في كامل قوته وفعاليته، وهذا مالم يرقى اليه – رامبو- ..
- وفي رأيي المتواضع ان – اعمدة الالوان – جاءت مناسبة كرديف متسق مع حالة الختم للنص لكنها لم تصعد من النص لان النص كان متصاعدا حتى بدون تلك الاعمدة...
- العنوان جاء منفردا بالاشارة وهنا لغة الاشارة التوكيدية باستخدام صرخة – ها هو ذا – المترادفات هنا – ها و ذا – تعني اسم اشارة للقريب دون شك في المعنى المشار اليه ابدا، لكن ما الذي اتى بـ ( هو ) هنا؟ وما نفعها؟؟ هنا استطيع ان اجزم ان العنوان كان في اللاوعي، وهو ما حقق نجاحه ولو كان السيد الموسوي قد فكر بالعنوان هذا الف يوم لم يأت به، لكنها لحظة الحظور – الشعري – التي لم يستطع النص الابتعاد عنها حتى مع كونه نصا نثريا، لاحظ هنا المفردات في العنوان – ها – صارخة بالنداء والتنبيه الى شيء ما، - هو- غائب حاضر كأن العراقي الموسوي يشير الينا ان الماثل امامكم هو هذا الذي اعني، وما – ذا – الا لزيادة التوكيد على اصرار السيد الموسوي على انه يرى القاتل الذي قام بذبحه او بالاحرى محاولة الذبح لكنها لم تنجح مع صاحب النص....
اعتقد انني اطلت وانا اخاف الاطالة فمعذرة من النص وصاحبه السيد العراقي الموسوي...
فائق احترامي
=====
نص الشاعر:
ها هو. ذا
*
قلبي ،
تفاحة بالوان قزح
عثرت عليها ثعالب( الشفلح)
على طريق السابله
فٱصطبغت اشداقها
بألأحمر القاني
ما فتئت تقضمه على مكث
لا شئ يقلق شعورها بالأمان
ولم تصدق
ان التفاحة الازلية
بين مخالبها الوسخه
اما أنا. .
فتكفيني ثمالتي الحمراء
وكأسي المترعة القانيه
ارشف منها خمرا عبيطا
اتخيلني ذات (المركب السكران)
أتداعى بطريقة شرقية ماجده
ومعي إمرأة زجاجية ماجده
وما فتئت
مستسلما لشهوة الالم القديم
قدم اول المذبوحين
من الوريد الى الوريد
مخدرا بذبابة (التسي تسي)
خدر آخر المصلوبين
على( اعمدة الالوان)..
*****
**
*
1- الشفلح. .ثمرة صحراوية تترك اثرا اصفر على شفاه الثعالب فتبدو باعثة على السخريه..ولا تلجأ اليه الا عندما يخمش بطونها الجوع..
2-المركب او الزورق السكران ..عنوان ديوان ارثر دي ديه رامبو. .وهو عنوان اشهر قصائده المنشورة في ذات الديوان. .
3-التسي تسي.. نوع من انواع الذباب الذي ينتشر في بعض اقطار في افريقيا.. والذي يشيع الخدر في جسم الانسان،ويدفعه للنعاس ،ثم النوم الطويل..
4-اعمدة الالوان.. تركيب لغوي ورد في ثفس القصيدة الرامبوية المشار اليها اعلاه..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق