السبت، 13 أغسطس 2016

كتبت الأديبة: بلسم الحياة من سوريا  
":::::::-""""""
# قِدَم فن الشعر # 
  *******************
  يُعَّد فن الشعر من أشهر الفنون الادبية وأكثرها انتشاراً ... 
وربما كان ذلك لقِدَم عهد البشرية به . 
فالشعر هو الصورة التعبيرية الادبية الاولى التي ظهرت في حياة الانسان منذ العصور الاولى ... 
وهذه الأقدمية للشعر ... 
ترجع الى انه كان في تلك العصور ضرورة بيولوجية ... 
انها الطريقة الوحيدة التي اهتدى اليها الانسان ... 
بحكم تكوينه البيولوجي والسيكولوجي للتعبير ... 
والتنفيس عن انفعالاته ... 
ومنذ ذلك الوقت تحددت لذلك الفن خصائص واضحة الظهور 
عندما شرع الانسان بالتعبير عن أفكاره وتوجهاته ... 
ومن هنا ارتبطت ( الانفعالات ) بالشعر ... 
كما ارتبطت ( الأفكار ) بالنثر 

- لكن العبث في الإدراك ... 
يأتي عادةً من النظر الى ( الانفعالات والأفكار ) ... 
على انها أشياء متعارضة او متناقضة ... 
وهذا من شانه يجِّر الى اخطاء كثيرة في فهم الشعر والنثر سواء ... مع العلم ليس هناك من تعارض ... 
بل هو مجرد اختلاف .

السعي لتعريف الشعر : 
***************
برغم قِدَم هذا الفن وانتشاره ... 
فانه ليس من السهل وضع تعريف له ... 
وقد حاول الكثيرون ان يدرسوا طبيعة الشعر ... 
منذ عهد / أرسطو ... حتى الوقت الحاضر 
وقد ظهر نتيجة ذلك حشد هائل من التعريفات التي لا تكاد تتفق في امر ما حتى تختلف في أمور اخرى . 
وربما كان ذلك يُعزى الى اختلاف الأشخاص والعصور ... التي جرت فيها تلك المحاولات ... لا الى طبيعة الشعر ذاته . 
فالشعر كما تقول ( مس شتاين ) هو الشِعر ... 
اي ان الشعر في ذاته او طبيعته لم يتغير ... 
ولكن الذي يتغير ، هو فهم الافراد والجماعات في البيئات والعصور الزمكانية المختلفة . 
وليس كل انسان قادراً على ان يفهم الشعر ... 
حيث تختلف الأفهام ... كما تختلف الأذواق ... 
كما ان محاولة وضع تعريفاً للشعر ... يعتبر أمراً عسيراً 
وغير مجدياً ... 
لكن سنحاول ان نوضح طبيعة الشعر ومكانته بين الفنون الاخرى . 
- يقص علينا ( بول فاليري ) هذه القصة فيقول : 
ان المصور العظيم ( ديجا) كان مغرماً ان يكرِّر لي شيئاً صادقاً كل الصدق ... وبسيطاً كل البساطة . 
- كان ( مالارميه ) قد قال له ذات مرة ... 
ان من عادة ( ديجا) ان ينظم في المناسبات اشعاراً ... 
ترك منها نماذج قليلة ممتعة ... 
ولكن كثيراً ما كان يجد صعوبةً في كتابة هذا الفن ... 
الذي يأتي بالمرتبة الثانية بعد فن التصوير . 
وذات يوم قال الى ( مالارميه ) ماارق وأصعب مهمتك !؟ 
انني لا استطع ان اعبر عما اريد التعبير عنه ... 
رغم ان عقلي يصطخب بالافكار ...
فأجابه / مالارميه / :  
ان الشعر يا عزيزي / ديجا / لا يصنع من الأفكار ...
ولكنه يصنع من الالفاظ .! 
- هذه القصة الطريفة ، تدلنا على ان الشاعر ... 
لا يكفيه ان يحصل على قدراً من الأفكار حتى يتمكن من كتابة الشعر ...
- قد تكون شاعراً بينك وبين نفسك ... 
ولكن الناس لن يعترفوا لك بذلك ... 
الا عندما تقدم لهم الدليل الملموس على ذلك ... 
وليس لك من وسيلة في هذه الحالة الا / الالفاظ 
فنحن لا نحكم على الشاعر الا بعد ان نقرا هذه الالفاظ التي دونها 
كما ان فهم طبيعة الشعر يبدأ من هذه المرحلة ... 
مرحلة استخدام لشاعر / للألفاظ . 

طبيعة الشِعر : 
**********
ان الالفاظَ ملكُ لعامة الناس ... 
وهي تستخدم في كل فن من الفنون الادبية ... 
وكل فن يستخدمها بطريقته الخاصة ... 
فاللغة في ( الشعر ) الناجح تبدو ( تركيبية ) ... 
في حين انها في ( النثر ) تكون ( تحليلية ) ... 
ذلك لان ( التركيب )عملية يقتضيها العمل الشعري ... 
في حين ان ( التحليل ) تقتضيه الكتابة النثرية 

- لماذا يقتضي الشعر / التركيب ؟ 
  ولماذا يقتضي النثر / التحليل ؟ 
      لان الشعر / انفعال 
      اما النثر فهو/ تفكير 
وطبيعة الانفعال ينتقل بالعدوى جملة .... 
ولا يثبت للتحليل الا في أيدي الدارس ... 
اما التفكير المنظم ، فالتحليل ضروري له 
ومنها نستطيع ان نستخدم تعبيرين اخرين عن نفس الفكرة 
هما : ان التجربة الشعرية ... 
لا تتكون في النفس على نحو ما يتكون التفكير المنطقي المنظم ... 
ولا هي تتبع الطريق الذي يسلكه ذلك التفكير ... 
حتى يخرج في صورة / لفظية 
وقد نقول : 
ان هذا معنى شعري ... وذاك منطقي 
على أساس اعتبار التجربة الشعرية عند الشاعر 
والفكرة المنطقية عند غير الشاعر ... 
وهو اختلاف جوهري كما يقول / جان ماريتان

- وينبغي ان ندرك ان اللغة في مجملها ذات طبيعة تحليلية 
واغلب اللغات لها هذه الطبيعة ... 
في حين ان بعضها كاللغة العربية / تركيبي 
وهنا تأتي المفارقة في عمل الشاعر ... 
لانه يريد تركيب معين من خلال. اللغة ذات الطبيعة التحليلية 
واحداث اثر / تركيبي / من خلال اداة / تحليل ... 
يمثل نجاحاً للشاعر ... 
والنثر الذي هو طريقة تعبيرية اكثر ميلاً الى التحليل ... 
لا يتمثل فيه مثل هذه المفارقة بنفس الدرجة . 
         
                  يتبع ...

                اعداد # بلسم الحياة #

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق