الخميس، 11 أغسطس 2016

"""""الشاعر عامر النصر الله"""


متى اللقاء

ألا يا إِلَهَ الكونِ وحدك أسألُ
وَمَنْ عن أمورِ العبدِ غيركَ يُسأَلُ

ولستُ على حكمِ القضاءِ بعاذلٍ
وَلَيْسَ مثيلي في سموِّكَ يعذلُ

متى ألتقي أرضَ الشآمِ فإنّني
على بُعدِ أرضِ الشّامِ واهٍ مُكبَّلُ

متى تشرقُ الآمالُ والحبُّ يُقبلُ
ويغربُ عنّا اليأسُ والحقدُ يرحلُ

يقولون تحيا في التَّنعّمِ يا فتى
فما بك دوماً تشتكي وتولولُ

تعالَ ترَ الأوطانَ تبكي جروحها
فما ظلَّ فيها صحبةٌ وتهلّلُ

أقولُ اهجروا أرضَ الشآمِ لتعرفوا
كم البعدُ عنها يستبيحُ ويفعلُ

إليَّ انظروا في مقلتَيَّ مواجعٌ
وفوق جبيني شوكُ هجريَ يمثلُ

أنا بينَ أنيابِ البعادِ ممزَّقٌ
فنصفيَ مقتولٌ ونصفيْ مُنكَّلُ

أنا الطّيرُ إن ترنوا بأجنحتي ترَوا
عليها من الأوزارِ ما ليسَ يُحْمَلُ

قضَيْتُ دهوراً في الرّحيلِ مُعذَّباً
وفكري ضريرٌ والفؤادُ مُكبَّلُ

بقيْتُ على وعْدِ اللقاءِ معلَّقاً
وفي كلِّ يومٍ أستجيرُ وأُخذَلُ

ولمّا غزاني اليأسُ يجرحُ خافقي
ذهبْتُ الى البحرِ الطّويلِ أعلّلُ

فأنسجُ من أنّاتِ روحي قصيدةً
لعلِّي عن الأوطانِ ألهو وأغفلُ

وأزرعُ في طيّاتِ قلبي أمانياً
فتَنبتُ يأساً يستبيحُ ويقتلُ

وأصرخُ أعلى الصّوتِ ينتحبُ الصّدى
يضيعُ ندائي في الخلاءِ ويذبلُ

فأرجعُ للصّمتِ المُميتِ رزانةً
وينكفُّ دمعي في جفوني ويخجلُ

لجأْتُ إلى الصّبرِ الجميلِ لربّما
على هذِهِ الأوجاعِ أقوى وأحملُ

وأسرفْتُ في فنِّ التّجلّدِ جاهداً
ولكنَّ شوقاً في ضلوعيَ يختلُ

ودمْتُ على ذكرى بلادي مُولَّعاً
كما الزَّيتُ في النّيرانِ يُصْلي ويُشعلُ

خذوني إلى بيتي لألثمَ أرضَهُ
ترابُ بلادي بالطّهارةِ يُجبَلُ

 بقلم عامر النصرالله


"////////

نقد الاستاذ :غازي أحمد أبو طبيخ


""""
هل تعلم عزيزي الاستاذ عامر النصرالله.. مهما كان الناقد حصيفا محققا ،فإنه بشر ايضا،بقدر مايتحرى الدقة والرغبة في تصعيد الجميل الى اجمل،قاصدا التأثير في صاحب التجربة الابداعية اولا ،فإنه يتأثر عميقا بمفادات النص ،وعلى كل الاصعده..
من هنا ولأننا نتعارف اليوم بدء،سأقول مايلي.. 
انت شاعر مفعم بالموهبة الثرة..عميق المصداقية ،دقيق الحرفه.. ومثلك ..كما يظهر جليا على قصيدك.. من يفهم بكل تأكيد هذه الثلاثية البالغة الاهميه..نحوك رائع ،وعروضك متقن ومطواع واضح الدربة والمران.. 
ويكفينا أن الكتابة على البحر الطويل لاتتسنى الا لمن كانت اذنه الموسيقية مرهفة وراسخة في آن واحد..
طبعا لاريب ان سياقك جميل ودقيق في جله،ولكن بعضه ينتظر منك التصعيد ،بحيث ترتقي معه الاداة التعبيرية التي هي بنية حمل الصورة الجمالية بشقيها ..المبنى والمعنى.. او الشكل والمضمون.. او درجة الافادة المعنوية ،ودرجة الافادة الجماليه..
ولقد كانت فكرتك الموضوعية جاهزة بحكم الاكتناز بأثرها السابق عفوية ،وتلقائيتك ،واضحة الاثر على الةتلقي ،ولست شخصيا بالبعيد عن التأثر ابدا.. 
ولكن هذه العفوية مالت الى التعبير بالاحساس واستنطاق الزفرات ،في اكثر ابيات النص.. وهذا يعني أن شاعرنا.. موضوع الحوار..حصد ما حصد من الصور والمركبات الجمالية والبلاغية على سبيل العفو ،هي الاخرى،..وهذا ليس عيبا ابدا،وانما تحكمه طبيعة الموضوعة ذاتها ،بخاصة وقد بذل الشاعر جهدا ملحوظا في منع اي شطر من الهبوط عن مستوى المباشرة الفنية المقنعة الى المباشرة التقريريه.. مع ان الموضوعة ضاغطة جدا.. 
***
عزيزي الاستاذ Amer الحميم.. 
قد تستعصي فكرة ما او لنقل صورة ما عن استحضار مركبها التعبيري الأكثر حيوية وجمالا ودقة ونضجا في درجة الافادة وشفافية السبك اللغوي ومتانته في آن واحد.. لكننا نعلم جيدا ان هذا الامر يتعلق بثلاثة جوانب خطيرة الاهمية نجملها بما يلي:  
1- مستوى المرحلة الابداعيه.. 
2- مستوى الموهبة الابداعيه.. 
3-مقدار المتابعة المثابرة للأعمال الابداعية ،على كافة الاصعدة الادبية خصوصا،وعلى المستوى المحلي القطري ثم العربي ثم العالمي ..فذلك ما يرتقي بوعي التجربة الى اعلى واعمق المستويات ،افقيا وعموديا..
بيد اننا نأمل منك ومن غيرك من انفسنا كذلك امرا عجيب الاثر فيما لو التزمنا به دائما..فإنه قد يحرق لنا كثيرا من المراحل اللازمة للتطور الابداعي.. هذا الامر هو.. الصبر على بناء الصورة منفردة ومتحده.. ولهذا المحور مباحثه الطويلة التي لا مجال للسفر معها الان.. 
ولكننا يمكن لنا ان نقول : 
إن بعض الموضوعات المسيسة بالمشاعر والعواطف الانسانية تكاد تفرض انهمارها بل وتحدمها بعيدا عن الاخذ بنظر الاعتبار غايات الفن الشعري الكبرى.. 
وهذا يعني ان الصدق ..بحسب فهمنا المستدعى من مباحث كبار النقاد في عموم العالم ..على قسمين : 
الاول:.. الصدق الشعوري.. وهو الخامة الضرورية جدا التي يفترض أن يكتنز بها المبدع اصلا قبل الشروع بالإنثيال ..انما لا يجوز الوقوف عندها وحسب،نعم هي المخزون الستراتيجي.. اذا صح التعبير.. ولكنها الخامة التي يصنع بها ومنها جميع المبدعين اعمالهم الادبية والفنيه.. 
الثاني:.. الصدق الفني.. ونقصد به فعاليات تحويل الصدق الشعوري الى مركبات جمالية شديدة الحيوية بالغة التأثير.. 
ولا شك ان هذه الفعالية ترتبط مركزيا بما اصطلح عليه النقاد في العالم ب( القدرة التحويلية) لكل مبدع على انفراد..
وهذا بدوره يعتمد على تأسيسات متكاثرة بضمنها كل ما تطرقنا له آنفا من المكتسب والموروث..وله كذلك مباحثه التي لا سبيل لحصرها هنا.. 
انطلاقا من كل ما ذكرنا ،سنختار جملة اسطر في هذا النص الجميل الصادق المؤثر جدا.. سنختار مجموعة اشطر كأمثلة على ما يستدعي التصعيد لو صبرنا عليه.. ليس الا.. وذلك يعني انها تحضى بالمقبولية اصلا،وليس فيها ما يخل بها قطعا،ولكنها على مستوى النضج التعبيري البليغ ،تحتاج الى روية وتأن من اجل لحوقها بالكثير الاكثر من سياقات وانساق وتراكيب وصور هذا النص اللافت الجميل.
،والسلام.. 
                        وكنفحة ترتبط بالشريحة الشخصية ،لا بد من أن اشد على يديك ،مؤكدا ،روعة موقف الشاعر ،وهو يجمع بين القول والفعل في آن واحد..
                              .. الامثلة تتبع لاحقا.. 
                                   .. بعونه تعالى..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق