الاثنين، 17 ديسمبر 2018

هل توجد معايير ثابتة لنقد النصوص الأدبية ؟ بقلم/ د.هاشم عبود الموسوي

عن موقع الاتحاد العام للأدباء والكتاب في البصرة مع التقدير الكبير:
،،،
هل توجد معايير ثابتة لنقد النصوص الأدبية ؟
،،،
د.هاشم عبود الموسوي
،،،
لا شك وأن كثيراً من النصوص الأدبية الراقية خالفت قواعد البلاغيين وقواعد النحو، وكانت الغاية من كل ذلك هو إبراز الجمال الذي يتطلبه الإبداع الأدبي، الذي يحكم بنيته.. وعندما نتحدث عن النصوص الأدبي، فإننا نقصد بها تلك الكتابة الإبداعية التي هي من نتاج الخيال الأدبي والتي تشمل الشعر والنثر (القصة القصيرة والرواية خاصة)، والدراما والمسرح.
وقد تم تسجيل كثير من العوائق التي توضع بوجه التفضيل الجمالي بحجة الالتزام بقواعد النحو والبلاغة، والتي أدت إلى إجهاض الانطلاقات الأسلوبية المبدعة في الأدب.
إن الأحكام المعيارية لا تستطيع فكمغاليق النصوص الأدبية المتميزة التي ترفض الخضوع الجامد للقواعد.
والأدب بشكلٍ عام يُعتبر مادة شديدة الرهافة، خاصةً عندما تتعلق هذه المادة بانفعالات مثل الحب والكراهية أو بقيم مثل الحرية والعدالة والمساواة، فهل يُمكن ملاحظة هذه الانفعالات والقيم؟ وهل يمكن جعلها قابلة للملاحظة، ومن ثم كيف يمكن دراستها موضوعياً.
قام بعض النقاد في بداية القرن العشرين بمحاولات مهمة في هذا الاتجاه، ولعلّ أشهرهم هو الناقد الإنجليزي ريتشاردز I.A.Richards خاصةً في كتابه "النقد التطبيقي" "Practical Criticism" الذي ظهر في عام 1929، في وقتٍ لم يكن علم النفس فيه مهتماً بدرجة كبيرة بالأدب. وتظلّ هذه الدراسة - كما يشير تشايلد - مثيرة للاهتمام داخل علم النفس حتى الآن. لقد أعطى ريتشاردز خلال تلك الدراسات - التي قام بها - عدداً من القصائد غير محددة المؤلف إلى طلاب يدرسون الأدب في الجامعة الإنجليزية، التي كان يقوم بالتدريس فيها، وطلب من كلٍ منهم أن يقرأ كل قصيدة بعناية، وأن يكرر هذه القراءة ثم يعلّق على القصيدة ويعطيها تقييمه الخاص.
وقد راجع ريتشاردز "استجابات الطلاب لكل قصيدة" وسعى من أجل الوصول إلى الصياغة، والتحديد للمعاني المختلفة للقصائد المختلفة، والتي كانت معانيها تختلف من قارئ إلى قارئ، وحاول أن يحدد كيفية صدور الأحكام الجمالية على القصائد، عندما يكون الفهم لها صحيحاً أو غير صحيح.
قبل ذلك كان ريتشاردز، بالتعاون مع أوجدن Ogden، في كتابهما "معنى المعنى The Meaning of Meaning" (العام 1923) قد حاولا التمييز بين المعنى العقلي، والمعنى الانفعالي للكلمات، ومن خلال تحليله للقصائد في كتابه "النقد التطبيقي" كان ريتشاردز يحاول أن يفك المعنى الانفعالي إلى ثلاثة مكونات هي: شعور الشاعر نحو الموضوع الذي يكتب عنه، والنغمة السائدة الموجهة نحو القارئ في القصيدة، ثم النية أو القصد الذي يقصد من ورائه التأثير في القارئ. فمن خلال القصيدة يشتق القارئ الانفعال والنغمة والقصد، وهي الجوانب التي تكون مسؤولة أو مفسرة للعمل الكلي الذي يقرأه أو يسمعه. إن الفهم المناسب للقصيدة - كما رأى ريتشاردز - يشتمل على التأويل المناسب أو الصحيح لهذه الجوانب الثلاثة من المعنى التوقعي Expectatonal Meaning، وهو المعنى الذي يرتبط بعمليات التوقع أو الاستباق لما سيأتي في القصيدة أو داخلها، كما يشتمل أيضاً على تلك الجوانب الخاصة بالمعنى الدلالي أو المرجعي Referential Meaning، الذي يحيل إلى أشياء أو صور خارج القصيدة، وقد يتداخل الفشل في فهم المعنى التوقعي (الداخلي) مع الفهم الصحيح للمعنى الدلالي (الخارجي) فتعاق عملية التذوق.
كان كتاب ريتشاردز عندما صدر "إلى جانب كونه تمرداً على فوضى النظريات النقدية، محاولة منهجية صادقة لإقامة النقد على أساس علمي راسخ، وكان ريتشاردز في ذلك متأثراً بالنزعة التجريبية التي كانت غالبة على تفكيره، وهي النزعة التي دفعته إلى التعاطف مع المدرسة السلوكية في علم النفس، ومن ثم التركيز في فهم التجربة الجمالية على الاستجابة السلوكية التي تخلقها هذه التجربة في المتلقي من ناحية، وعلى صلة هذه الاستجابة بنظرية في القيمة، من ناحية ثانية، وأخيراً على نظرية هي التوصيل لا تقل عنها في الأهمية.
كذلك قام داوني J. Downey في بدايات القرن العشرين بدراسة استكشافية كي يتعرف من خلالها على أسس تفضيل الأفراد للجميل والسار من الشعر، وكذلك أنواع الانفعالات والصور العقلية المرتبطة بتفضيلات الأفراد لأنماط معينة من الشعر. واستخدم هذا الباحث نماذج من أشعار "براوننج" وبيرون وشلّي ومالارمية وغيرهم، وكان يطلب من الأفراد كتابة تقارير استنباطية عن خبراتهم التي يشعرون بها خلال قراءتهم لهذه الأشعار، وخلال محاولتهم لتنظيمها داخلياً، وميّز بين ما سمّاه الشعر الانفعالي وما سمّاه شعر الصور Imagery Poetry أو شعر التفكير بالصور، وقال أنّه في النوع الأول يكون الانفعال هو السائد، وفي الثاني تكون الصور هي السائدة، حتى لو لم يكن هناك انفعال ما كبير يهيمن على القصيدة. وقد وجد داوني أن المحصلة العامة لدراسته هي أن الاستجابة العامة للشعر الانفعالي أكثر ذاتية من الاستجابة العامة لشعر الصور العقلية. كذلك وجد هذا الباحث أن الألفة بالمادة الأدبية تعمل على خفض الفروق بين الأفراد، وأيضاً أن المضمون الخصب انفعالياً وتصورياً من المادةالشعرية يساهم مساهمة كبيرة في عمليات التفضيل الجمالي، وأن آثار الفروق الفردية في التفضيل الجمالي تكون واضحة جداً بدرجة يمكن من خلالها تجميع الأفراد في فئات متميزة على أساس نمط استجاباتهم.
وخلال دراساته المبكرة، وجد بيرت كذلك أنّه حتى بعد استبعاد الفروق في الذكاء العام بالأساليب الإحصائية المناسبة، ظلّ هناك عامل كبير تشترك فيه كل الاختبارات المستخدمة في قياس التذوّق الفني، وقد نُظر إلى هذا العامل على أنّه بمنزلة العامل العام للقدرة الفنية. وقد أشار بيرت نفسه إلى أن هذا العامل ليس مقصوراً على "الفن" بمعناه الضيق، لكنه يدخل أيضاً في كل تجليات ومظاهر التذوّق الجمالي السمعية، والبصرية، واللفظية، والملموسة. وقد أشار بيرت أيضاً إلى أنّه عندما تم التحكّم الإحصائي في الذكاء العام، والتذوق العام (أي استبعد تأثيرهما أو حُدّد بالأساليب الإحصائية المناسبة)، ظهرت عوامل أخرى أكثر تخصصاً بالنسبة إلى تذوّق الأدب (الشعر والنثر) والموسيقى، والتصوير، والنحت، والعمارة، والرسم، أي عوامل خاصة بالأنواع الفنية مختلفة المحتوى، وقد دعمت بحوث بيرت وتلاميذه التالية هذه النتائج التي يبدو أنها تتضمن الإشارة إلى وجود استعدادات متخصصة فطرية بالنسبة إلى التذوّق أو المهارات اللفظية، والبصرية، والسمعية، والحركية، وأنّه خلال المرور عبر هذه الأقسام الفرعية - وفقاً لمحتواها - يمكننا أن نجد أيضاً عوامل قطبية تشير إلى التفضيلات (أ) للأساليب الكلاسيكية من الفن ومنها الشعر والنثر في مقابل الأساليب الرومانتيكية، و(ب) المعالجة الواقعية في مقابل المعالجة الانطباعية. وهذه العوامل يبدو أنها تعتمد، في جانب منها على الأقل، على العوامل المزاجية.
رغم كل ما ذكر آنفاً، فإن النظريات النقدية الشكلانية لـ(موكاروفسكي أباكوبسون مثلاً) تقدّم تفسيرات مُقنعة خاصة بالتغيرات الجمالية. وكذلك لم تستطع نظريات أخرى خارج الشكلانية، مثل نظريات نيكمان وماير وكوهين تقديم تفسيرات مقنعة حول الاتجاه الخاص، الذي يمكن أن تأخذه التغيرات في المحتوى الجمالي، وإحدى مزايا هذه النظرية التي قدّمها "برلين" و"مارتنديل" كلٌ بطريقته الخاصة. هي أنها تقدّم تنبؤات خاصة محددة حول التتابع الخاص بالمحتويات والأساليب المتوقعة في أي تراث أدبي.
وبالرغم من وجود كثير من الدراسات والتجارب حول المنحى الموضوعي للتفضيل الجمالي للأدب.. إلا أنني أجد بأن الإبحار في موضوع مثل "كيفية تحليل النصوص الأدبية العربية" سيكون محفوفاً ببعض الصعوبات والمخاطر وسيواجه كثيراً من العقبات، لأنّه يُعتبر أولاً علماً متطوراً، لا يستطيع الناقد أن يُمسك بقواعده التي ليس لها ثبات. وثانياً، لأني قُمتُ بالاستعانة بمصادر قام بوضعها مُنظّرون أجانب متخصّصون في الأدب الحديث، في بلدان تعجّ بالنظريات والدراسات والأبحاث، يندر أن نجد لها مثيلاً في النقد الأدبي المتواضع المستوى حالياً في بلداننا العربية..
أتمنّى أن أكون قد وُفّقتُ
.................................
*
خالص شكرنا وعظيم تقديرنا لهذا الجهد الخير الكبير استاذنا د.هاشم الموسوي الجليل..تحياتنا وبالغ اعتزازنا ،والسلام..

ذكرى: بقلم الشاعر الاستاذ غازي احمد الموسوي

ذكرى:
.......
لمْ يمُتْ
سيدُ الضُّحى والجّمالِ
ماتَ مَنْ كادَهُ بِرَثِّ الخِصالِ
.
لَمْ يمُتْ
مَنْ جَناحُهُ في ٱلأَعَالي
طَائِرٌ بالبراقِ فَوقَ المُحالِ
.
لَمْ يمُتْ
مَنْ عَوالِمُ الكَونِ تَصْحُو
كُلَّ فَجْرٍ على ٱسْمِهِ في جَلالِ
.
لَمْ يمُتْ
مَنْ بِصَدْرِ كُلِّ بنِ حَوّا
ءَ دَليلٌ عليهِ في كُلِ حالِ
""""""""""""""""""

قراءة نقدية لنص الشاعرة هند سطايحي يقدمها الاستاذ حميد العنبرالخويلدي

قراءة نقدية لنص الشاعرة هند سطايحي
يقدمها الاستاذ حميد العنبرالخويلدي
مع التقدير:
:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::
نفرح كثيرا عندما تصادفنا النصوص
كهذا وهي تحمل في طبيعتها البنيوية خصايص وصفات القصيدة الأصيلة
..نطمئن ان هناك شعرا وذواتا تصوغه
ولا تنسوا اننا في وقت كثرت فيه الانشائيات والنثريات و.و.الخ.من المسميات..او اقول هي صنعة ترتيب
الألفاظ دون أن تشعر ان في القصيدة مخلوق يتحرك له صورة وحسيس..
هند..الاستاذة الشاعرة..طوبى لك..وانت تطلين علينا ولازلت المحافظة على جنس وطراز القصيدة الاصيلة..التي
ما ان تتبعها في التلقي يأخذك منها
الى مايؤنسك ..ريح وضرب وايقاع ودَفّ..ولاتبعد بالك عن ادراك ومعنى النص العمومي.. ماتفرضه عليك من استجلابات متوالدة نتيجة جدل ماهية
النتاج في البنية الداخلية..
سطايحي..عندما نريد ان نقرأ الموضوع بطريقة علمية، يرجع بنا الأمر إلى مدرسة الشاعرة البكر وكيفية تلقيها درس الصنعة الأولى في بداية استلهامها للتجربة الشعرية وعملية تراكم الأسلوب المنهجي في ذهنيتها.. او كيفية صقل الذات..اولاً بأول..
في التعاليم الصحيحة والماخوذة من مصادر تعطي السُقْية بشكل معهود صاحي..لامخالطات فيه ولاوهميات او عشوائيات الرصف اللفظي الفارغ..
فالجملة عند هند مثيرة مُتلبّسة حسَّها النقدي وصفاتها الفنية..
مُتضامّةً في طياتها روح العلم المحض
مما يجعلها تجري بحاصل حركي سليم
..وفي النتيجة تتضايف الامشاج المستدعاة في الموقف التصيُّري كل من جهته للاشترأك في الابتداع والتفنن حسب الصيغة المقترحة على واقع الموضوع والذات..
وأبلغ ما نحن فيه عند سطايحيات عملنا
هو الوحدات الموسيقية المتوازنة التي ما استدعتها الشاعرة او فكرت بها..انما انسابت مع نشور عناصر الخلق في اللحظة في الشروع الكثيف..موسيقى
النص مناخ تستقدم به المفردات المساهمة او قل كالماء في النهر العميق
او البحر تقل فيه وزن الكتلة ..فالسفينة
العملاقة يخف وزنها في الماء العميق طبيعة فيزيائية ضمن نواميس الواقع
اي كتلة الواقع في الوجود على اليابسة
اكثر جدا منها في الماء..
فالشعر كذلك وحتى كل الفن والأدب في تنويعاته..تخف أوزان الكتل والشيئيات
والحكم هذا اذا كان الماء يفرض في الطبيعة على ناقص وزن الكتلة... هنا ماء النص هو الموسيقى التي تخفف من ثقل الكتلة العنصر..
فربَّ سؤال نطرحهُ..كيف تخف الكتلة في مجرى البيت او السطر الشعري او اللوحة في التشكيل او الرسم او حتى في الموسيقى الاصلية على العود او الناي او أدوات العزف جميعا..
نعم انه قانون نشور الحُمّى التصيُّرية
في الشروع الأول للفعل عند المبدع..وهذي الحُمّى قادرة وباستطاعتها ان تذيب جبل افريست او تهدم برج خليفة بأسرع من ان نقول واحد اثنين.او... قبل ان يرتد إليك طرفك...قرآن كريم..
وهذا نسميه هدم الكتلة والسباحة مباشرة في رهجيات الموسيقى هنا يخف وزن الكتلة..
واُقرِّبُ لك الصورة..الراقص فجأة ما ان يسمع المعزوفات عزفت وضجت بالضرب ..فتجده بالحال يدخل حُمّاهُ التي تنقص وزن جسده حتى يصل به الأمر إلى أن يكون اخف من جسد الموسيقى نفسها لذلك يأخذ بالتطوي الجميل وإبداء الحركات الرشيقة المثيرة
وهذا حتى عند البهلوان في السيرك فضلا عن علم الرياضة التطويعي وعند الدرويش صاحب الملوي الصوفي في رقصة العبادة الروحية
من قال ان ..هند ..تسمع همس النجوم
وليلها اصبحت له ناطقية خاصة..اذ نادى
نعم في مثل هذا الحال اشتغلت بنظرية التجسيم وفرضت على ليلها صورة تحكي..وهي نفسها مفروضة على النجوم اذ تتهامس وهذا يعني كُنَّ جالسات معاً في حديقة حلوة..
ونجوى القمر..وتردف بالحوار الفني لروحها اذ ترجع الخطاب بهذي الديناميكية العجولة المطواع ...اقول لنفسي، سمعت هسيسي سمعت صوت الشجر وهو يصيح..هذي التشبيهات والاستعارات الحركية وبلباس المجاز
العلمي الذي نفترضه انه قانون تعبيري
من قوانين المعرفة اللغوية ..ينبثق من جراء هدم الكتل وانبعاث ارواحها الرهجية.. قد ابالغ اذا قلت أنها عديمة الوزن..في اللحظة والا ما سبب هذي المرونة في الفن المبتدع يراصف النجوم والقمر وضلوعه وليل الوجود وهو لم يجتز سوى سطر او سطرين..
وكما قالوا...كلما بلغت الرؤيا في عمقها
ضاقت عبارتها...
هنا اخذت على عاتقي تفسير ما يلوح في خاطري انطباعيا حيث أطالع النص
واسلوبيات بحثي اعتمد التأسيس الفلسفي في تفسير الكيفية الخلقية في الصورة..او انوي بلورة منهج يؤخذ به
في مزاولة فن نقد النص اعتباريا..وعسى..
............................
نص الشاعرة السورية
هند سطايحي:
............................
يناديك ليلي 
وقنديل حزني
وفي الليل اسمع همس 
النجوم
ونجوى القمر
وأقول لنفسي سمعت
هسيس ضلوعي وصوت الشجر
أنا أتوكأ جدا على كلماتك
انت
وأجلس تحت عرائشها
وأحس بان الظلام
نهار
وأن الفراغ حكايا
وأن الخيال صور
يناديك ناي من الياسمين
وعود من الجلنار
وحفلة وصل بغير بشر
لأنك كل البشر
تجيء أمد اليك دموعي ذراعا
وشوقي شراعا
وهذا المطر
اقول
تأخرت ..لكن أتيت
فمازال في العمر
متسع للحياة 
ومازال في الغيب 
لون الدرر
أتدري
ملأت الفراغات بك
وانتصرت على الانتظار
وزينت كل اليباس
بهذا الثمر
أنا امرأة من حنين المرايا
ومن صرخات التكايا
ومن غرغرات الزهر
وانت ستأتي
وتأتي 
وتبقى كمهدي حزني
وتبقى نبي الهوى المنتظر..

سماء ملبّدةٌ بالغيومِ بقلم الشاعر ألاستاذ محمد الفيصل ابومصطفى

كنت عائدًا من المسجدِ امسِ، وأنا في السيارة رأيت صبيةً صغيرة تمدّ يدَها لاصحابِ السياراتِ بعدَ أنْ تمسحَ الزجاجَ الامامي مع رهافةِ بدنِها ،وشحوب ملامحها،فاخذتني قشعريرة ،وملكتني عبرة كتبت على إثرها هذه الخاطرة المتواضعة..
ولأنّ طبيعة الحدث تسترعي الإنتباه ،وتستدعي المعالجة تمنيت نشرها لديكم في افاق علّها تحظى باهتمام فاعل خير رسمي او شعبي يحرك من خلالها ساكناً أويزحزح مظاهرها الفاجعة وآثارها الصادمة عن واجهة الحياة في معالجات عملية وجذرية ،ويبقى املنا بالله العظيم كبيرًا،عساه يهدي اصحاب الضمائر الحية الى سواء السبيل..تقديري الكبير..
ألاستاذ محمد الفيصل ابومصطفى،
بغداد- العراق
،،،
سماء ملبّدةٌ بالغيومِ
وبرد شتاءٍ قارسٍ
وثمةَ وجهٌ ملائكيٌ
وإطلالة من نافذة الزمن العجيب
عيناها البريئتان
وعيناي المذهولتان
في لقاء
صامت
ناطق
وغريب!!
محبوس في زنزانتي
مطل من نافذتي الضيقة
انتظر ربيعًا
طال غيابُه
بينا كانتْ تقرأ كخبيرة عيوني
أحست بشئ من الامانِ
فباشرت بعناق الزجاج
باهتمام حميم
وباشرت في رحلتي
الى فردوسي المفقود حيث الاشجار الضائعة
والبساتين التي اصبحت مواتًا
تشتاق اليها حتى نخاعِ العظامِ
كم اشتاق ان أطل
من فوق البيت القديم
الى رحبة الفناء الواسع
وكأني بالربيعِ
وهو قادمٌ
بمركبته الخضراءَ
ليلامس الحقول كفنان خارق
ربيع يسابق الريح
ويتنزل بسلام
كما المسيح
يبعث الانس
وينشر الامان والإيمان
يهدهدُ القلوب
كمهدٍ الإمهات الحنون
-ياعم..لقد انهيت عملي!!
وكنت ارقب السماء
تهطل بالبلاء
تمطر بشظايا الفناء
-ياعم...
وكمن ينتبه من غفوته
افرغت مافي محفظتي النحيفة هي الاخرى
غادرتُ آسفًا
وعينايَ تحدقانِ اليها،
هاهي ذي تمرُّ عبر الشوارع راكضة مثل رشأٍ صغير!! يا الله..
يالَذلك الهمّ الثقيل الساكن في اعماق عينيها
يالمرشّة الماء التي كانت
تحملها بيدها المرتعشة
ولكنها غادرت نحو المجهول..
اما انا فما ازال
في زنزانتي
اتتبعُ الاحوالَ
وانتظرُ تحققَ الآمالِ
روحي تسبح بين الاضواء
ولحاظي تحدّقُ
في السماء...

في دنيا الشعر والأدب الصاخبة والمتخمة بالتفاصيل قراءة لقصيدة الشاعرة محمد الشمري بقلم الاديبة دنيا حبيب

في
دنيا الشعر والأدب
الصاخبة والمتخمة بالتفاصيل،،،

أ.دنيا حبيب
،،،
دائما ما نحتاج لوجود منطقة أدبية هادئة، ليست مفخخة بقعقعة المفردات ، وليست مسورة بالبلاغة المتكلفة؛ وإنما هي كما نهر عذب بسيط وشفاف، كل من يراه يستطيع أن يفهم أنه نهر، وكذلك يستطيع أن يستمتع به وببساطته، وبكونه نهرا وحسب. وهذا ببساطة ما أستطيع أن أراه وأصفه في هذا نص شاعرنا محمد الشمري..
هذا النوع من النصوص الذي يعتمد على اتمام تخليق العمل الأدبي من مكونات بسيطة مستوحاة في أغلبها من الطبيعة. لهذا، استخدم الكاتب تشبيهات وصور من الطبيعة أيضا، سماء وقمر وبنفسج وذبول -الورد- .. واعتمدها أساسا للنص، ولكي لا يقع في فخ الركاكة، وضع بجانب هذه الأسس ما يميزها ويجعلها على قدر كاف من الدهشة، فجعل للسماء جيوبا، ومن الصور زهورا وللصوت لون البنفسج، ومن النصوص عطرا. وبهذا حقق معادلة موزونة دون اخلال بأحد طرفيها. وعن عموم النص، فهو قادر على أن يطرق أبواب مشاعر القارئ بسهولة ويسر، وقادر على خلق بيئة "رومانسية" بأقل تكلفة، وبأثر واضح.
بالنسبة لي، أشجع كثيرا هكذا نصوص، ولكن تظل هذه النصوص -على بساطتها- مشروطة بقواعد تكاد تكون خفية، أو صعبة الإدراك إلا على القليل. فمثلا، هكذا نصوص تحتاج دائما إلى (التصعيد) في الحدث كما لو كانت قصة، فهي ليست مجرد صور جميلة ملتصقة بجانب بعضها البعض وحسب، حتى في هذا النص كان التصعيد بائنا، من أول إعلان الشاعر رفضه للانتظار أكثر، ومن ثم بيان الخطوات الفعلية التي سوف يتخذها بصورة شعرية توازي بند "العقدة" في القصة، ومن ثم الختام بــ "آخر النصوص" وطلبه شبه الساخر من حبيبته التي خذلته، بأن تتعطر بنصه.
هذا أمر، أو لنقل "تفصيلة شرطية" لنجاح هكذا نصوص ممن قد يطلقون عليها "السهل الممتنع" ... وعلى النقيض، فإن اهمال أو عدم القدرة على إدراك هذه التفاصيل، يمكن أن يودي بالنص إلى حفرة المقبرة، ويجعل منه جثة أو مسخ فشل في أن يكون كائنا حيا حيويا مؤثرا. وكثيرا ما نرى مثل تلك المسوخ الشعرية، والسبب هو الفهم الخاطئ وقلة الوعي بمفهوم "السهل الممتنع" في النصوص الأدبية.
أخيرا وليس آخرا، لقد استطاع الكاتب أن يهدي لنا "بنفسجة" بسيطة وجميلة على هيئة نص ابداعي. فله الشكر، والأمنيات بالتوفيق.
أ• دنيا حبيب.
...................
،،،
النص:
*
لن انتظر اكثر
حل المساء
بلا قمر
تخبئه جيوب السماء
غدا
اركل خارج اقواس محبتك
بلا قلب
صورك المنتشره على جدران قلبي
ذبلت
صوتك البنفسجي
مضطرب
تهيأي
لموتي
لكِ اخر نصوصي
تعطري بها
*

الشاعرمحمد الشمري

ومضاتٌ دمشقيةٌ مِنْ عُصارةِ التجربة: بقلم الاديب محمد الدمشقي

ومضاتٌ دمشقيةٌ مِنْ عُصارةِ التجربة:
...............................................
***
بعدَ رحلةٍ عميقةٍ كثافةً وشاملةٍ أجناساً تولّدت لدى الاديب السوري الاستاذ محمد الدمشقي مدير ملتقى الياسمين الواسع النطاق جملة تصورات تطبيقية عميقة نابعة من المتابعة النقدية الحثيثة للملتقى، فضلاً عن مزاولته العملية لكافة الطرازات الشعرية على وجه الخصوص بتميز واضح التجليات،ورسوخ فاعل بالغ التاثير ، رأينا انها تصبُّ في منفعة جميع اصحاب التجارب الإبداعية ،خاصة ممن يزاولون كتابة النص الإبداعي النثري،سنقوم بنشرها نصاً بما فيها من تبسيط تقريبيٍّ مقصود،لكي تصل لايادي وافهام الجميع بكل يسر وسهولة كونها موجهة اصلاً لاعضاء المنتدى المشار اليه آنفاً..
شاكرين له هذه الجهود المتواصلة التي لم ينقطع عن تقديمها من دون مقابل سوى خدمة الإبداع والثقافة العربية ..خالص اعتزازنا وتقديرنا،والسلام..
،،،
هذه تفاصيل الرؤية التي تفضل بها الاستاذ الدمشقي الفاضل مع التقدير:
...
لاحظت أن كثيرا من النثريين الغوالي ... يهتمون بتجميع الصور الشاعرية و التعابير دون أي ربط عضوي درامي شعوري و لا اي سياق ادبي ... طبعا قصيدة النثر انهمار شعوري متناثر لكن هناك سياق درامي و حالة حركية و صلة عضوية بين التعابير بخيط يجمعها و ذكاء يربطها و منطقية ما في الانتقال بينها ... غياب الترابط و بتر النص بالجمل غير المكتملة خطأ كبير ... لا بد من الاستغراق و منح كل صورة اكتمالا حسيا و شعوريا ... أن نشعر بمشهد نراه او احساس يخترقنا ... من حقكم الغموض لكن ليس هذا التفكك العجيب الذي نراه في نصوص البعض .. طبعا هناك نوع من الشعر بلا هدف محدد و هذا عادي و موجود ... لكن هناك ترابط بين مكوناته الخيالية ... و نوع من السلاسة في الانتقال بين تعابيره .... لماذا هذه المبالغة في تقصير و تكثيف الجمل ؟
لهذا لا بد من بعض النصائح
1- ضرورة تنويع الجمل بين اسمية و فعلية و شبه جملة و دخول الاستفهام و التعجب و الحوار مع الذات في النص
لأن الجمل الاسمية المتتالية تقتل الترابط و تحول النص الى تقرير و تتالي الجمل الفعلية يسبب نوعا من السرد القاتل ... لا بد من تواصل بين التوصيف عبر الجمل الاسمية و الحركة عبر الجمل الفعلية لخلق نوع من الحياة داخل النص
2- ضرورة تخيل المشهد و ربط الصور ببعضها ضمن سياق درامي حتى لو كان هذيانا .. المهم ان يكون هناك حالة ما تجمع الجمل و لو في المقطع الواحد ...
3- اقرؤوا النص بصوت مسموع بعد كتابته فهذا يجعلنا نعرف أماكن الخلل الموسيقي و المعنوي فيه
4 - لا تتسرعوا في النشر ... راجعوا النص و عيشوه .. لسنا في سباق للنشر و لا المجلات و الاوسمة و و و ... دعونا نكتب بحب و نمنح النص من ارواحنا
5- ذكاء التنقل بين الصور بما يخلق المفارقة او المقابلة بين ضدين مما يولد الدهشة و يمنح النص اجنحة
6- تقسيم النص الى مقطعين او ثلاثة كي يكون هناك نوع من التنسيق و لملمة الافكار بشكل مناسب
7- الانتباه للتوزيع البصري للنص يعني مثال
لم يعد في القلب ما يستحق
البكاء عطرك راح
نبضك
العاشق الذي يكتبني
غاب خلف
الضباب
تفكك لاحظوا كيف التوزيع خاطئ جدا و الصواب
لم يعد في القلب
ما يستحق البكاء
عطرك راح
نبضك العاشق الذي يكتبني
غاب خلف الضباب
لاحظوا كيف منحنا التوزيع البصري السليم سياقا دراميا متصلا و لاحظوا اختيار مفردات تتصل معنويا و حالة شعورية واضحة مو متناقضة و خاطئة مثلا النص يتكلم عن حبيب غدر بحبيبته فجأة يصير عن الغزل ... مو راكزة ... يجب ان يكون هناك لون و حالة تجمع التعابير و المفردات
8- ايضا لا بد من معرفة اين الوقفات و السكنات و وجود حالة رمزية ممتدة و هدف بعيد من كل عبارة
9- ضرورة الاستغراق و اكتمال المشهد و العيش في النص و التوحد معه و الالمام بالمشهد من كل جوانبه و زواياه ... اكتبوا يا جماعة و عبروا و هزوا قلوبنا لماذا الاستعجال
و اي استفسار اهلا بكم..

دَيْنٌ بِدَيْنٍ. والفضلُ للبادي" الى جناب اخي الشيخ ستار الزهيري،مع الأماني الكبار":بقلم الشاعر غازي ابو طبيخ الموسوي

دَيْنٌ بِدَيْنٍ.،
والفضلُ للبادي" الى جناب اخي الشيخ ستار الزهيري،مع الأماني الكبار":
.................................
أ ماتِحٌ أنتََ
مِمّا في سِراجِ غدِ
مابالُ وجْهِكَ بالانوارِ مُحْتَشِدِ
.
أمْ ذاكَ نَوّارُ
مَنْ أفنيتَ ذاتَكَ في
نجواهُ حتى زقا بالبرقِ والرّعَدِ
.
ثِقالُ غَيمٍ مَطيرٍ
بالبديعِ هَمى
من كلِّ ذاتِ جلالٍ بالغِ الرَّشَدِ
.
ياطالعاً
من تخومِ الوعيِ مُنْهَرِقًاً
شلَالَ شِعْرٍ عميق البَوْحٍ متّقِدِ
.
كأنَّ في
خيمةِ العبّاسِ مولدَهُ
فكلُّ تَسْكابهِ من عزْمةِ الأسدِ
.
أسرى بهِ الحبُّ
جيّاشاً وفي يدِهِ
ٱلْيُمْنى كتابُ القوافي محضُ مُنْجَرِدِ
.
يسعى إلى غايةٍ
بيضاءَ ناصعةٍ
لِنشرِ حبِّ ابي الزهراءِ في البلَدِ
.
طه النبيِّ وما أدراكَ ما حبُلَتْ
بهِ قوافيهِ في احلامِها الجُددِ
.
فكلُّ ماقالَ
في آلِ النبيِّ رقى
به اليهِ طريقاً صادقَ السَّندِ
.
غازي الموسوي