الجمعة، 21 سبتمبر 2018

الوعي النابض ،،وتداعيات الواقع قراءة في نص الشاعرة وفاء كمال الخشن بقلم / الروائي الناقد جمال قيسي

الوعي النابض ،،
وتداعيات الواقع /
قراءة في نص وفاء كمال الخشن :
أ.جمال قيسي
،،،
في هذا النص. الهادر قذفت بي وفاء الخشن الى ذكرى لأكثر من ثلاث عقود ، اتذكر وانا ،،أسير في الليل،،في رحلاتي المنفردة،،لأَنِّي لا اشعر بالحرية. الا في مملكة الليل ،،منفردًا ،،أشكل وأعيد واخلق وأزيل من العوالم الافتراضية،،وعادة اما بمرافقة كتاب ،،او مشاهدة فيلم سينمائي على جهاز الفيديو ،واكثر فيلم استوقفني في متاهته كان للمخرج الذهاني يوسف شاهين ،،بعنوان حدودة مصرية،،
نص وفاء الخشن،، يقترب بشبه غريب من مشاهد هذا الفيلم ،،
النص ينثال بالتداعي الحر ،،الفرويدي ،،عندما نقرأ النص،،نشعر اننا داخل حلم،،في نهاية رحلة لعمر معبأ بالأسئلة. والامتعاض مع توصيف يستثني ،،الكثير من المسرّات ،،لم تعد لها حضور،،انها لحظة العتبة المحرجة ،،لحظة سؤال المصير،،وقبلها لابد من الرؤية التي فقدت زمامها ( هنا الرؤية بمعنى تقدير الموقف ) ،،كيف فقدت الزمام ؟ ،،عندما يكون السؤال. غير صحيح او يأتي في غير وقته،،ببساطة ان العمر قد مضى ،،والتموقع الحالي لاعودة منه،،لكن الوعي يابى ان يعترف ،،انها المحطة الاخيرة،،ووعي مثل وعي وفاء الخشن ،،هو وعي ذهبي ،،محيط وشامل ،،ومتوغل للعمق باسلحة شاعرية،،( انا المنفية في حدود حواسي ) ،،عكست. اتجاه الرحلة الى الداخل،،وعلقت في عوامل الانا ،،ليس لديها ايمان راسخ. الا بتجربتها ،،ومعطيات رحلتها،،وهي محقة ،،
تبدأ رحلتها الفلسفية منذ بداية النص ( طالما هناك أسئلة. بلا اجوبة ،،يكون المنحى فلسفيًا ) ،،أقول تبدأ ،،بهواجس
أولها الشكوك المرضية ،،وتبدو انها تواجه الامر بشجاعة وصلابة ،،لانها بقناعة تامة ،،لابد للرحلة من نهاية،،وتلك الحافلة الجسد التي تقل الروح،،سيصيبها الاندثار،،ونفاد الصلاحية ،،لكنها تظهر ترددًا عندما. يتعلق الامر بوجهة اخرى،،وجهة الوعي ،،فتصف الامر بشاعرية عالية
( للمرأة النازلة من مقصلة الحلم ,
والرجل الصاعد إلى متاهة الفاجعة .
للوحدة ..)
وفي مقطع لافت ،،تختزل موقفها كأمراة شرقية
،وعلاقتها بالرجل،،هنا تشرح احدى اهم السرديات ،،وتفضح. اتعس التابوهات ،،
( للمرأة التي تبحث عن الضمانات .
والرجل الواقف في جمجمة الموروث )
اختزلت السردية الكبرى ،،بعبارتين ( الضمانات ،،وجمجمة الموروث ) ،،مع الانتباه الى الإشارة الخطيرة للأفعال ،،المرأة تبحث والرجل واقف،،وشتان بين الاثنين،،الفعل المضارع المستمر للمرأة لانها مغبونة الحقوق وتسعى وتجاهد لنيلها فيما ،،الفعل الماضي للرجل،،لان. الراحة تحيطه بحكم هذا الموقع ،،
لنحاول ان نحلم مع وفاء الخشن،،مع ان حلمها تشوبه الكوابيس ،،اننا نريد ان نتلمس البنيات الداخلية ،،اقصد بعضها ،،لذلك سنلجأ الى عمنا ( لاكان )
أعتبر لاكان أن النفس البشرية، إلى حد كبير، نتاج لمنظومة أو تركيبة اجتماعية وحضارية وتاريخية تمارس تأثيرها من خلال الأعراف التي تحملها اللغة إلى الطفل أثناء نموّه وتحدد شخصيته لاحقا. ولكن الكثير من هذه التقاليد والمعتقدات،حسب لاكان ينتقل إلى ذهن الشخص دون وعي
من هنا ينبسط النص أمامنا ،،رغم كثافته وقوامه الثقيل ،،فوفاء الخشن. تبث رسائلها من منطقة الشعور واللاشعور ،،على حد سواء ،،وتمسك تاريخانية اللحظات ،،من بداية الخلق الحقيقية
( أقف في دفء الرحم البدائي .
أنثر ماء المشيمة بيدي .)
صعودًا الى
( الحلم على الأبواب , وأنا الغياب .
الإنشطار في الذرات , وأنا تسلسل الرغبات.
الموت في الطرقات ,
وأنا الفيزيولوجيا الفائرة بالحياة , )
هنا يكمن. سر التشفير للرسائل المتنوعة في خطابها ،،وفائض المعنى ،،نقطة التفاوت بين جسد فانٍ ،،ووعي نابض وحيوي،،
هذا المفترق الحيوي وعتبة التفاوت ،،انه الزمن بمعناه الجوهري ،،اي لحظة الترهين القسرية ،،الانا يفلت منها زمام الامر،،عندما تدرك ان لامناص من إفلات الأعنة ،،فخيول السنين قد بلغت خط النهاية،،فيما الوعي لايزال تتملكه لحظات الشروع الاولى،،انها جردة قاسية سيدتي،،لكن ليس لنا من الامر الا القبول،،،
في هذا النص ،،تؤكد وفاء الخشن جدارتها كأديبة رفيعة الشأن ،،لتدون التاريخ الحقيقي للوعي في ترهينات التداعي،،سلمت يديك سيدتي،،،
جمال قيسي / بغداد
للسرطان المحتمل تحت الإبط .
والذبحة الصدرية الواعدة .
للمرأة النازلة من مقصلة الحلم ,
والرجل الصاعد إلى متاهة الفاجعة .
للوحدة ..
للجملة العصبية المنهكة ,
ولتشريح جثة القلب .
للمرأة التي تبحث عن الضمانات .
والرجل الواقف في جمجمة الموروث ,
يعانق حلمه بالرغبات .
للسوسيولوجيا وهي تحيطني بأنشوطة " التابو"
و"السايكولوجيا" وهي تطلق جرذانها في جلدي .
للرجل الذي يحتضن قلبي بأصابعه الملونة .
أقف في دفء الرحم البدائي .
أنثر ماء المشيمة بيدي .
وأحلم بجسد يأويني إذا ماالتجأ الموت إلي .
واقفة في الطرقات ,
آكل المجرات كالحلوى ,
وأستفيق على جرذان دمي
أي حلم يرتادني الآن .
وانا موزعة بين دفء السائل الأمنيوسي .
وعربات الحر في المنفى ؟
لم يكن إنشطار الذرات فاصلاً .
ولم يكن كبت الرغبات متسلسلاً
كان اللقاء شهيداً .
وكان الجنون شاهداً والحرائق والهاجرة .
كنتُ الصلاة للغائب فيك .
يممت همسي صوبك.
لم أكن دافئة في الشتاء .
ولم أكن باردة في الصيف .
كنتُ ماثلة في الغياب
والحضور النبي .
الحلم على الأبواب , وأنا الغياب .
الإنشطار في الذرات , وأنا تسلسل الرغبات.
الموت في الطرقات ,
وأنا الفيزيولوجيا الفائرة بالحياة ,
وجسدي وحده يعرف جيداً سر الطهارة والنقاء .
فلاتشدوا على يدي .
أنا المنفية في حدود حواسِّي .
وكل البدائل تافهة .
وفاءكمال

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق