الجمال ومرارات العشق/في نص الى شرقي )لريم البياتي؟!
يزودنا هذا النص الذي حفل بعطاءه الفكري وأرتفاعه فوق التجربة والتميز الذي يتطلع الى مستقبل معاصر يستمد ركائز قوته من نسق التصورات وتأسيسها لمعنى الحقيقة وبعناصر كافية لأستجلاء واستبيان صوره وموسيقاه المبنية على بحره المتقارب بقواعده وموسيقاه ، هذا النص هو بالتأكيد يتبع نهج من سبقه فى الأنتماء الى روحيته وماديته ومثاليته ولاأدريته وظنيته وأحتماليته ووجوديته وشخصانيته وظواهريته وهيكليته وصولا إلى حيويته...الخ
اذن هي المرأة؟التي لا مناص لها من أن تتاخذ مواقف معينة لكي تجسد طبيعتها وطبعها وأن تكون متمسكة اشد التمسك بثوابتها التي لا تحيد عن طبيعتها وتجتمع لتأكد شخصيتها وشخصنتها ومن باب أولى علاقتها بين العاطفة واللغة بعيدا عن الأسباب والأرباب والطروحات الميتة والوحدات التي يتوكأ عليها البعض والتي تكاد تموت من الجمود والحذلقة المحنطة الى حد يثير الغثيان، احيانا يكون اهتمام الناقد بما حول النص لا النص بالأضافة الى التركيز على الجنس والبيئة والعصر وتأثيرات المجتمع والنظام الثقافي المتكامل للقصيدة واستدامتها فالكلمات في الأساس بديل الاشياء في الحياة والرشاقة الجيدة في الكتابة تحول اللفظية الى شمس تضئ وتلمع وتبرق كمراوح نساء غرناطة وكذيول الطواويس التي تختلط كالامشاج أو كنافورة للتأثير والتأثر برذاذها ودوائر موسيقاها بمعنى التركيز في الشعر على الصورة البصرية والذوقية والشمية وحرارتها اللمسية.
مايهم في هذا التشكيل هو عنصر الزمن أو مايسمى الايقاع في الصورة واللغة والمحافظة على الثوابت والمتغيرات والأنفتاح على تقنيات الشعر مع غموض شفاف يضع المتلقي في دوائر التأويل والدهشة وتكون بؤر توتر تخلق المعنى المتأنق بتفاعلها مع محيطها وسياقها الذي تنتمي اليه.
اتعلم،
أني اذاما عشقتك يوماً
تعود حبيبا نقيا كما الأنبياء
وأن سماءك ترشح عطرا
وأرضك تعود حقول خزامى
اذا ماتركت الضفائر تصبح غيما
وقلت...لعينيك..
يأتي الشتاء
أتعلم...
كيف الحروف تصير خيولا
اذا مانظرت
الى مقلتيها
والقيت فوق القصائد سحري
وكيف العصور تصير مرايا
وتلك الرياحين مشطا لشعري!
هاهي ريمنا الشاعرة الخلوقة تملأ بياضات الورق العاقر فتحيلها الى ياسمين وعشق مجنون تحاصره في كل منعرج يدلف اليه وترويه بمشاعرها وأحاسيسها هي رحيل ذات الى منطقة الأبداع الفردية وتفرض عليها البقاء وتقبل فكرة الحبيب النقي الذي يشبه خلق وديدن الأنبياء والكف عن الترحال وهاهي ترشح عطرا فواحا وتنجب من ضلعنا المعوج حواء ومنتديات فاضلة خرجت لنا امثال البراعة وحقول خزامى ومهرة جموح هي التي تروضنا في البيداء وتنقلنا مابين الشام وبغدان ويمان وتستطيع أن تلتقي بجسد نصفك وتبقى تحمل حرارتها التي هي فوق المعدل وتترك الضفائر تصير غيما ويأتي الشتاء، ليثبت تماهيه مع هذه الذات المجنونة وحقيقة جوهرتها في الرؤية الأبداعية وطقوسها ولتأمن على ذاتها وشدة ثبوتها أمام ميراث الطغاة، أنها تجسيد ذاتها المعنوية في صورة الأنثى التي تعلم وتعلم وتصيغ الحروف لتكون خيولا تهيم بجسدها وتتلوى من الحب لتقيس المحسوس توهما والتوهم حساً وتواجه مايتسع برؤية وروية شعرية فخمة وهذا يؤوسس لعلاقات شرعية غاية في الحرص نستوحيها من اذا نظرت إلى مقلتيها وألقيت فوق القصائد سحري، أنها لغة الطفولة تجيش بخاطر الشاعرة معطرة الأنوثة التي كثيرا ماتصادرها العادات والتقاليد الى حد القتل حبا واستشراف القادم بعطر قصيدة.
أن خلطات العطر وكيف العصور تصير مرايا وتلك الرياحين مشطا لشعري تنمق عالم هذه الطفولة لتتجلى عند الآخرين كمونولوج داخلي مضطرب بابداعه مخلوق بنعمه متوهج مع ذاته الشعرية في صياغة شديدة التكثيف تستبطن كل حمولات العطاء ، أن هذه المجانية اللغوية الأبداعية ترسم ظلالا لأشياء مهضومة وعذبة تأمل أصابعها أن تمسد شعر الشعر من خلال احلام تنسل من الحكمة وتنتمي للشعر رغم بعض الومضاة هنا وهناك!
وتأتي المراكب نحوي
اذا ماأشرت اليها
يصير المحيط وليدا ويحبو
كزنار خصري
أتعلم أني اذاما عشقتك يوما
بأنك لست ككل الرجال
وأنك لست كلاما يقال
وأنك روح تفوق الخيال
وأنك في الطهر مثل بلادي
عسير المنال
ولست وحقك مثل النساء
اذا ماعشقت
سأبني حصوني على ضفتيك
بطين وماء
فلاتزدريني
اذا قلت يوما
لعينيك...أنت مداري
وقلبك كوني الفسيح وداري!
أن ريم تبدأ من هنا من المراكب حينما تأتي وتحول تلك الأشياء الى نبع شعري محاط بالمعرفة ويؤدي أدواتها ويقوم بدوره لانه خيط رفيع ممتد لايوقفه مكان او زمان وهو موجود حيث ثمة انسان وحيث ثمة مشاعر وانفعالات، وخاصة عندما يكون الشاعر قد امتلك جناحيه وقد استويا واصبح صقرا وليس قبرة شاهقا في الطيران ملوحا ان باستطاعته كسر الطوق والأنقضاض على فريسته في عمق اليم لان هناك تكمن الدرر؟ اذا لااحد او لاشئ يفصل الابداع عن عوالمه الخاصة خاصة اذا عاشر الشعوب والبلدان واندس بين القبائل وتخرج من أكاديمية العشق وتعلم عزف المواويل ورقصة الجوبي والبامبو والفلامنكو التي يقال بانها كانت تسمى رقصة الفلاح العربي على عهد أجدادنا في غرناطة ، لكن الاهم هو اجتياز رقصة البرابرة وصعوبة حركاتها الملتوية لذا يصير المحيط وليدا ويحبو لوحة بدون اطار زمني ملأى بصور زاخرة بالأيحاءات والدلالات واللمحات المبتكرة والوميض الداخلي ورصد ذكي لايقاعات تلك اللحظات التي تحولها مثل محيط الخصر فيه كل حرارة التجربة الانسانية ، وربما يكون فم وحشي يلتهمك اذا ما عشقت يوما ما لأنك لست ككل الرجال وأنك لست كلاما يقال وأنك تفوق الخيال وأنك في الطهر مثل بلادي عسير المنال، أن متابعة مايجري لهذا البطل والمهارات في طبيعة السرد المتواصل المتين البناء الواضح واستعمال ملائم للغة القادرة على احتواء الفكرة واعطائها دلالة ما او رمزا معينا ونحس روحيا بالوسائل الفنية التي تقدم الشعر كحياة تخلق بدقة وقيمة، وحيث تسقط الوهمية على اساس الأحساس الجمالي البسيط الجديد وقد نتقبله لأول وهلة لأن الثراء الذي فيه استطاع ان يثير القضايا التي تهم المزاج والمتعة هذه المتعة التي تجعلنا نتحد سويا مثل الكثير من المتمردين الشباب فقد قدموا أنفسهم أنصارا لكلمات الفيلسوف الساخر برنادشو المشهورة من ان كل من هو فوق الأربعين(محتال) وهانحن الآن فوق الخمسين ومحتالين بامتياز لكننا مجددين نصفق للذين امتلكوا ذهنية واسعة قريبة بعيدة من الرومانتيكية وبالتجديد الكامل للشكل الشعري والتعبير عن آمال وأماني المتلقي. ان صرخة الأنثى عند البياتي ريم ولست وحقك مثل النساء، اذا ما عشقت يوما سأبني حصوني على ضفتيك بطين وماء، فلاتزدريني اذا قلت يوما لعينيك أنت مداري وقلبك كوني الفسيح وداري. ان هذا الأسلوب تصوير لحالة الخيال والتأمل المتافيزيقي لان العلاقة مابين الطبيعة والمبدع علاقة وطيدة وسليمة وتوظيفها لخدمة الاتجاه الواقعي في الفن والشعر وبالتالي انتاج وانتهاج اعمالا تختط لنفسها اسلوبا خاصا ومتميزا يعبر أفضل تعبير عن التحرر من قيود التقاليد الأكاديمية وخلق فن يترك بصماته الواضحة لآفاق المستقبل لتزداد ألقا وسطوعا ونحن نواجه الحياة ونكسيها حلية وحلة ونكسبها ثقة وطمأنينة بالواقع اليومي.
فلاتأخذنك في الظنون
وتنفخ حول القفير دخانا
وترقب طول اصطباري
لتعلم أني
خلعت رداء البداوة عني
وقلت
لتابوت موتي
ستغدوسفينا...وأغدو شراعا
وتغدو الشواطئ في مقلتي
بأكثر مما تراها اتساعا
وتلك الأساور
صارت قيودا
فخذها...
وخلي يميني طليقا
لأكتب سفري
وتلك القلائد لاتحتويني
تكمم صوتي وتثقل نحري
فخذها...
أحذر ...ان تشتريني
وتحسب أني متاع جديد
وأني استراحة صيف
وتنسي بأني الشتاء
اذا ما أردت
تكون (بديوان)عمري كضيف
لتعلم ان السحائب...تهمي سيولا
وتمسك يوم يجئ الخريف.
وهنا لابد للمتلقي ان لا يغفو او يستريح بل يسترجع شريط الأحداث ويحصن كيانه ويقف موقف الفرسان وعلى مسافة ليست بالبعيدة يتخيل امرأة تنتظره وتفتح ذراعيها ليرى فيها وهج الحياة وعنفوانها
ولكن على شرط ان لاتأخذك فيها الظنون وتنفذ في وجهها دخانك (الأركيلي )لابد أن تمسح عن وجهها عرق حلم صعب ويجب عليك أن تعلم مرة أخرى انها خلعت رداء البدواة عنها وقالت لتابوتها ستغدو سفينا ولأنها تتساقط في الظلام دون أن تراها لكنها حرة والحرة لاترضع ثديها ان جاعت لتقول لك انا معك من دون عصا وانت معي دون شكوك، وانها على ثقة بأنك عرفتها منذ اللحظة التي دخلت عالمك لانها شراعا وانت المركب وبالتأكيد ان المركب تحت مشيئة الشراع وتغدو شواطئ بأكثر مما تراها اتساعا فخذها وخلي يمينها طليقا لتكتب سفرها ببراعتها المعهودة وتعطيك البديل فرحا نابع من جملة محبتها ووتجربة معالمها وقسمات عطائها وخذها تتقرفص في طهرك وقلبك لانه مهد طفولتها وارجوحة صباها ووسادة ليلها ثم عليك أن تعلم أن أساورها صارت قيودا.. تمة حدود فاصلة تسعف تلك الشاعرية التي يمكن أن تكون صحوة الفكر والفكرة تماما كالضوء من خلال احتضان الخيال والكثافات المتعددة لان هذا الصحو هو النسق الصميمي والتعبيري والممارسة التي تحاول جاهدة ان تعبر عن خصوصيات الحياة وعنفوانها، ، الى ان تأخذك القصيدة وتصنع من محبتك لها علاقة قيس ليلوية من بين كل شئ وفوق كل شى حتى تتبرعم الحميمية الرشيقة وتتنوع مصادرها وثرائها لأنها ستظل تعبيرا حسيا من موقف الشاعرة أزاء الحياة والكون والأشياء.
لذلك ان القصيدة عندها فراشة زاهية الألوان، لكنها تعيش حالة نفير مستمر وتحول دراماتيكي مستمر في الرؤي والصورة الشعرية في اللغة والتركيب والبناء الفني والأسلوب كما انها تكاد تكون من الأوائل في التعبير الواعي والموقف الملتزم، ، وتلك القلائد لاتحتويني، تكمم صوتي وتثقل نحري، فخذها، احذر أن تشتريني وتحسب أني متاع جديد وأني استراحة صيف وتنسي بأني الشتاء اذا ما أردت تكون بديوان عمري كضيف، لتعلم ان السحائب تهمي سيولا، وتمسك يوم يجئ الخريف..وهكذا يكون الشعر لافتة احتجاج ونبرة حادة في الوقت المناسب ضد الزيف والهزيمة وهو موقف لأثيات حقيقة مملموسة كما وان الشعر ومشروعه هو جراح ايوب وصبره والشاعر صعلوك متشرد وباحث عن الشقاء والحقيقة تراه احيانا كازانوفا او عمرو ابن ام كلثوم او ت س اليوت واحيانا تراه يصارع خنزيرا في الوحل فيتسخ هو ويستمتع الخنزير كما يقول المثل الانكليزي.
الشاعر يطرح نفسه دائما كضحية وعلى الأغلب الأعم هو نافر قلق متناقض أزهاره شوك ومدنه نار متمردا بهدف تدمير الأوثان واقامة عالم ملئ بالبراءة مع استخدام الجرأة للتعبير والبوح بكل الأسرار ولذعاتها الخفية بوصفها ذلك الجرح الحضاري المزمن الذي لايزال ينزف بأعماق بعيدة وموحشة. وهو دائما ما يخرج بعالم الكلمة وقدسيتها ورحاب الكلمة المكتوبة بالدم والموشاة بزخارف الأناقة التي تمسد الجراح الغائرة في جسد الامة وتحاول معالجتها بالبلسم الشافي وطرح كل ما هو جديد لفكر اجتماعي تحولي يستبدل الواقع الردئ بما هو أحسن؟!!
أخيرا لابد لي ومن الأعماق ان اتقدم بجزيل الشكر والتقدير والامتنان الى صفحة آفاق نقدية وعنوانها البارز استاذ غازي ابو طبيخ والتي بواسطتها استطعنا ان نتعارف ونتآلف مع مبدعين راسخين لهم في الأدب والفن والشعر مسافات ومساحات واسعة مبهرة ولقد جنينا وغرفنا من هذه الينابيع وابداعاتها وعذبها الشئ الكثير. ولابد ايضا ان أشير بجدارة وتقدير الى زميلاتنا الشواعر وبالأخص المبدعات الشاميات اللاتي يتركن بصمات واضحة في الابداع الشعري والأدبي المتميز والملتزم، ولعل الشاعرة ريم البياتي هي واحدة من هذا العقد الؤلؤي الماسي المشع وكان نص رسالة الى شرقي نموذج أخاذ ومتميز تحياتي وتقديري!!!
يزودنا هذا النص الذي حفل بعطاءه الفكري وأرتفاعه فوق التجربة والتميز الذي يتطلع الى مستقبل معاصر يستمد ركائز قوته من نسق التصورات وتأسيسها لمعنى الحقيقة وبعناصر كافية لأستجلاء واستبيان صوره وموسيقاه المبنية على بحره المتقارب بقواعده وموسيقاه ، هذا النص هو بالتأكيد يتبع نهج من سبقه فى الأنتماء الى روحيته وماديته ومثاليته ولاأدريته وظنيته وأحتماليته ووجوديته وشخصانيته وظواهريته وهيكليته وصولا إلى حيويته...الخ
اذن هي المرأة؟التي لا مناص لها من أن تتاخذ مواقف معينة لكي تجسد طبيعتها وطبعها وأن تكون متمسكة اشد التمسك بثوابتها التي لا تحيد عن طبيعتها وتجتمع لتأكد شخصيتها وشخصنتها ومن باب أولى علاقتها بين العاطفة واللغة بعيدا عن الأسباب والأرباب والطروحات الميتة والوحدات التي يتوكأ عليها البعض والتي تكاد تموت من الجمود والحذلقة المحنطة الى حد يثير الغثيان، احيانا يكون اهتمام الناقد بما حول النص لا النص بالأضافة الى التركيز على الجنس والبيئة والعصر وتأثيرات المجتمع والنظام الثقافي المتكامل للقصيدة واستدامتها فالكلمات في الأساس بديل الاشياء في الحياة والرشاقة الجيدة في الكتابة تحول اللفظية الى شمس تضئ وتلمع وتبرق كمراوح نساء غرناطة وكذيول الطواويس التي تختلط كالامشاج أو كنافورة للتأثير والتأثر برذاذها ودوائر موسيقاها بمعنى التركيز في الشعر على الصورة البصرية والذوقية والشمية وحرارتها اللمسية.
مايهم في هذا التشكيل هو عنصر الزمن أو مايسمى الايقاع في الصورة واللغة والمحافظة على الثوابت والمتغيرات والأنفتاح على تقنيات الشعر مع غموض شفاف يضع المتلقي في دوائر التأويل والدهشة وتكون بؤر توتر تخلق المعنى المتأنق بتفاعلها مع محيطها وسياقها الذي تنتمي اليه.
اتعلم،
أني اذاما عشقتك يوماً
تعود حبيبا نقيا كما الأنبياء
وأن سماءك ترشح عطرا
وأرضك تعود حقول خزامى
اذا ماتركت الضفائر تصبح غيما
وقلت...لعينيك..
يأتي الشتاء
أتعلم...
كيف الحروف تصير خيولا
اذا مانظرت
الى مقلتيها
والقيت فوق القصائد سحري
وكيف العصور تصير مرايا
وتلك الرياحين مشطا لشعري!
هاهي ريمنا الشاعرة الخلوقة تملأ بياضات الورق العاقر فتحيلها الى ياسمين وعشق مجنون تحاصره في كل منعرج يدلف اليه وترويه بمشاعرها وأحاسيسها هي رحيل ذات الى منطقة الأبداع الفردية وتفرض عليها البقاء وتقبل فكرة الحبيب النقي الذي يشبه خلق وديدن الأنبياء والكف عن الترحال وهاهي ترشح عطرا فواحا وتنجب من ضلعنا المعوج حواء ومنتديات فاضلة خرجت لنا امثال البراعة وحقول خزامى ومهرة جموح هي التي تروضنا في البيداء وتنقلنا مابين الشام وبغدان ويمان وتستطيع أن تلتقي بجسد نصفك وتبقى تحمل حرارتها التي هي فوق المعدل وتترك الضفائر تصير غيما ويأتي الشتاء، ليثبت تماهيه مع هذه الذات المجنونة وحقيقة جوهرتها في الرؤية الأبداعية وطقوسها ولتأمن على ذاتها وشدة ثبوتها أمام ميراث الطغاة، أنها تجسيد ذاتها المعنوية في صورة الأنثى التي تعلم وتعلم وتصيغ الحروف لتكون خيولا تهيم بجسدها وتتلوى من الحب لتقيس المحسوس توهما والتوهم حساً وتواجه مايتسع برؤية وروية شعرية فخمة وهذا يؤوسس لعلاقات شرعية غاية في الحرص نستوحيها من اذا نظرت إلى مقلتيها وألقيت فوق القصائد سحري، أنها لغة الطفولة تجيش بخاطر الشاعرة معطرة الأنوثة التي كثيرا ماتصادرها العادات والتقاليد الى حد القتل حبا واستشراف القادم بعطر قصيدة.
أن خلطات العطر وكيف العصور تصير مرايا وتلك الرياحين مشطا لشعري تنمق عالم هذه الطفولة لتتجلى عند الآخرين كمونولوج داخلي مضطرب بابداعه مخلوق بنعمه متوهج مع ذاته الشعرية في صياغة شديدة التكثيف تستبطن كل حمولات العطاء ، أن هذه المجانية اللغوية الأبداعية ترسم ظلالا لأشياء مهضومة وعذبة تأمل أصابعها أن تمسد شعر الشعر من خلال احلام تنسل من الحكمة وتنتمي للشعر رغم بعض الومضاة هنا وهناك!
وتأتي المراكب نحوي
اذا ماأشرت اليها
يصير المحيط وليدا ويحبو
كزنار خصري
أتعلم أني اذاما عشقتك يوما
بأنك لست ككل الرجال
وأنك لست كلاما يقال
وأنك روح تفوق الخيال
وأنك في الطهر مثل بلادي
عسير المنال
ولست وحقك مثل النساء
اذا ماعشقت
سأبني حصوني على ضفتيك
بطين وماء
فلاتزدريني
اذا قلت يوما
لعينيك...أنت مداري
وقلبك كوني الفسيح وداري!
أن ريم تبدأ من هنا من المراكب حينما تأتي وتحول تلك الأشياء الى نبع شعري محاط بالمعرفة ويؤدي أدواتها ويقوم بدوره لانه خيط رفيع ممتد لايوقفه مكان او زمان وهو موجود حيث ثمة انسان وحيث ثمة مشاعر وانفعالات، وخاصة عندما يكون الشاعر قد امتلك جناحيه وقد استويا واصبح صقرا وليس قبرة شاهقا في الطيران ملوحا ان باستطاعته كسر الطوق والأنقضاض على فريسته في عمق اليم لان هناك تكمن الدرر؟ اذا لااحد او لاشئ يفصل الابداع عن عوالمه الخاصة خاصة اذا عاشر الشعوب والبلدان واندس بين القبائل وتخرج من أكاديمية العشق وتعلم عزف المواويل ورقصة الجوبي والبامبو والفلامنكو التي يقال بانها كانت تسمى رقصة الفلاح العربي على عهد أجدادنا في غرناطة ، لكن الاهم هو اجتياز رقصة البرابرة وصعوبة حركاتها الملتوية لذا يصير المحيط وليدا ويحبو لوحة بدون اطار زمني ملأى بصور زاخرة بالأيحاءات والدلالات واللمحات المبتكرة والوميض الداخلي ورصد ذكي لايقاعات تلك اللحظات التي تحولها مثل محيط الخصر فيه كل حرارة التجربة الانسانية ، وربما يكون فم وحشي يلتهمك اذا ما عشقت يوما ما لأنك لست ككل الرجال وأنك لست كلاما يقال وأنك تفوق الخيال وأنك في الطهر مثل بلادي عسير المنال، أن متابعة مايجري لهذا البطل والمهارات في طبيعة السرد المتواصل المتين البناء الواضح واستعمال ملائم للغة القادرة على احتواء الفكرة واعطائها دلالة ما او رمزا معينا ونحس روحيا بالوسائل الفنية التي تقدم الشعر كحياة تخلق بدقة وقيمة، وحيث تسقط الوهمية على اساس الأحساس الجمالي البسيط الجديد وقد نتقبله لأول وهلة لأن الثراء الذي فيه استطاع ان يثير القضايا التي تهم المزاج والمتعة هذه المتعة التي تجعلنا نتحد سويا مثل الكثير من المتمردين الشباب فقد قدموا أنفسهم أنصارا لكلمات الفيلسوف الساخر برنادشو المشهورة من ان كل من هو فوق الأربعين(محتال) وهانحن الآن فوق الخمسين ومحتالين بامتياز لكننا مجددين نصفق للذين امتلكوا ذهنية واسعة قريبة بعيدة من الرومانتيكية وبالتجديد الكامل للشكل الشعري والتعبير عن آمال وأماني المتلقي. ان صرخة الأنثى عند البياتي ريم ولست وحقك مثل النساء، اذا ما عشقت يوما سأبني حصوني على ضفتيك بطين وماء، فلاتزدريني اذا قلت يوما لعينيك أنت مداري وقلبك كوني الفسيح وداري. ان هذا الأسلوب تصوير لحالة الخيال والتأمل المتافيزيقي لان العلاقة مابين الطبيعة والمبدع علاقة وطيدة وسليمة وتوظيفها لخدمة الاتجاه الواقعي في الفن والشعر وبالتالي انتاج وانتهاج اعمالا تختط لنفسها اسلوبا خاصا ومتميزا يعبر أفضل تعبير عن التحرر من قيود التقاليد الأكاديمية وخلق فن يترك بصماته الواضحة لآفاق المستقبل لتزداد ألقا وسطوعا ونحن نواجه الحياة ونكسيها حلية وحلة ونكسبها ثقة وطمأنينة بالواقع اليومي.
فلاتأخذنك في الظنون
وتنفخ حول القفير دخانا
وترقب طول اصطباري
لتعلم أني
خلعت رداء البداوة عني
وقلت
لتابوت موتي
ستغدوسفينا...وأغدو شراعا
وتغدو الشواطئ في مقلتي
بأكثر مما تراها اتساعا
وتلك الأساور
صارت قيودا
فخذها...
وخلي يميني طليقا
لأكتب سفري
وتلك القلائد لاتحتويني
تكمم صوتي وتثقل نحري
فخذها...
أحذر ...ان تشتريني
وتحسب أني متاع جديد
وأني استراحة صيف
وتنسي بأني الشتاء
اذا ما أردت
تكون (بديوان)عمري كضيف
لتعلم ان السحائب...تهمي سيولا
وتمسك يوم يجئ الخريف.
وهنا لابد للمتلقي ان لا يغفو او يستريح بل يسترجع شريط الأحداث ويحصن كيانه ويقف موقف الفرسان وعلى مسافة ليست بالبعيدة يتخيل امرأة تنتظره وتفتح ذراعيها ليرى فيها وهج الحياة وعنفوانها
ولكن على شرط ان لاتأخذك فيها الظنون وتنفذ في وجهها دخانك (الأركيلي )لابد أن تمسح عن وجهها عرق حلم صعب ويجب عليك أن تعلم مرة أخرى انها خلعت رداء البدواة عنها وقالت لتابوتها ستغدو سفينا ولأنها تتساقط في الظلام دون أن تراها لكنها حرة والحرة لاترضع ثديها ان جاعت لتقول لك انا معك من دون عصا وانت معي دون شكوك، وانها على ثقة بأنك عرفتها منذ اللحظة التي دخلت عالمك لانها شراعا وانت المركب وبالتأكيد ان المركب تحت مشيئة الشراع وتغدو شواطئ بأكثر مما تراها اتساعا فخذها وخلي يمينها طليقا لتكتب سفرها ببراعتها المعهودة وتعطيك البديل فرحا نابع من جملة محبتها ووتجربة معالمها وقسمات عطائها وخذها تتقرفص في طهرك وقلبك لانه مهد طفولتها وارجوحة صباها ووسادة ليلها ثم عليك أن تعلم أن أساورها صارت قيودا.. تمة حدود فاصلة تسعف تلك الشاعرية التي يمكن أن تكون صحوة الفكر والفكرة تماما كالضوء من خلال احتضان الخيال والكثافات المتعددة لان هذا الصحو هو النسق الصميمي والتعبيري والممارسة التي تحاول جاهدة ان تعبر عن خصوصيات الحياة وعنفوانها، ، الى ان تأخذك القصيدة وتصنع من محبتك لها علاقة قيس ليلوية من بين كل شئ وفوق كل شى حتى تتبرعم الحميمية الرشيقة وتتنوع مصادرها وثرائها لأنها ستظل تعبيرا حسيا من موقف الشاعرة أزاء الحياة والكون والأشياء.
لذلك ان القصيدة عندها فراشة زاهية الألوان، لكنها تعيش حالة نفير مستمر وتحول دراماتيكي مستمر في الرؤي والصورة الشعرية في اللغة والتركيب والبناء الفني والأسلوب كما انها تكاد تكون من الأوائل في التعبير الواعي والموقف الملتزم، ، وتلك القلائد لاتحتويني، تكمم صوتي وتثقل نحري، فخذها، احذر أن تشتريني وتحسب أني متاع جديد وأني استراحة صيف وتنسي بأني الشتاء اذا ما أردت تكون بديوان عمري كضيف، لتعلم ان السحائب تهمي سيولا، وتمسك يوم يجئ الخريف..وهكذا يكون الشعر لافتة احتجاج ونبرة حادة في الوقت المناسب ضد الزيف والهزيمة وهو موقف لأثيات حقيقة مملموسة كما وان الشعر ومشروعه هو جراح ايوب وصبره والشاعر صعلوك متشرد وباحث عن الشقاء والحقيقة تراه احيانا كازانوفا او عمرو ابن ام كلثوم او ت س اليوت واحيانا تراه يصارع خنزيرا في الوحل فيتسخ هو ويستمتع الخنزير كما يقول المثل الانكليزي.
الشاعر يطرح نفسه دائما كضحية وعلى الأغلب الأعم هو نافر قلق متناقض أزهاره شوك ومدنه نار متمردا بهدف تدمير الأوثان واقامة عالم ملئ بالبراءة مع استخدام الجرأة للتعبير والبوح بكل الأسرار ولذعاتها الخفية بوصفها ذلك الجرح الحضاري المزمن الذي لايزال ينزف بأعماق بعيدة وموحشة. وهو دائما ما يخرج بعالم الكلمة وقدسيتها ورحاب الكلمة المكتوبة بالدم والموشاة بزخارف الأناقة التي تمسد الجراح الغائرة في جسد الامة وتحاول معالجتها بالبلسم الشافي وطرح كل ما هو جديد لفكر اجتماعي تحولي يستبدل الواقع الردئ بما هو أحسن؟!!
أخيرا لابد لي ومن الأعماق ان اتقدم بجزيل الشكر والتقدير والامتنان الى صفحة آفاق نقدية وعنوانها البارز استاذ غازي ابو طبيخ والتي بواسطتها استطعنا ان نتعارف ونتآلف مع مبدعين راسخين لهم في الأدب والفن والشعر مسافات ومساحات واسعة مبهرة ولقد جنينا وغرفنا من هذه الينابيع وابداعاتها وعذبها الشئ الكثير. ولابد ايضا ان أشير بجدارة وتقدير الى زميلاتنا الشواعر وبالأخص المبدعات الشاميات اللاتي يتركن بصمات واضحة في الابداع الشعري والأدبي المتميز والملتزم، ولعل الشاعرة ريم البياتي هي واحدة من هذا العقد الؤلؤي الماسي المشع وكان نص رسالة الى شرقي نموذج أخاذ ومتميز تحياتي وتقديري!!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق