اللغة اليابانية دون غيرها وعصية على اللغات الأخرى لشيء ما خاص بالثقافة اليابانية ..لا تذكر كلمة هايكو حتى تذكر اليابان؛ ولا تذكر اليابان حتى تذكر كلمة هايكو .. وليس مستبعداً أن تحل يوماً ما محل لفظة اليابان نفسها فيقال بلاد الهايكو عوض اليابان وذلك دون أن يشعر الياباني مهما بلغت وطنيته بأي نوع من التذمر " . قصيدة الهايكو في أصلها نيتة خضراء زاهية في تربتها الأصلية وطنها الأم قد تصفر وتذبل وتفقد رحيقها وتموت حين تنقل إلى بيئة مختلفة ومحيط غريب ؛ وقد سبق لشخينا الجاحظ أن ذكر الاسباب والتحديات التي تحول دون ترجمة الشعر العربي القديم لشيء ما خاص بالشعر العربي نفسه حين قال " والشعر لا يُستطاعُ أن يُترجم ولا يجوز عليه النقل ومتى حُول تقطع نظمه وبطُل وزنه وذهب حسنه وسقط موضع التعجب منه". وعلى الرغم من تلك الاشكالية المعقدة التي واجهت ترجمة الشعر فانها لم تتوقف في جميع أنحاء العالم ذلك لأنّ العالم بلا ترجمات سيظل جاهلاً تماماً وبلا تلاقح شعري بين الشعر والشعراء في العالم ويحرم القارئ ؛خاصة؛ من روائع هذا الفن الشعري وتحفه النادرة من الهايكو . وقد تعرف القراء العرب على الهايكو عن طريق ترجمتها من لغات وسيطة ؛ سيما اللغة الانكليزية والفرنسية والروسية لندرة المترجمين من اللغة اليابانية ومن هنا تأتي ميزة هذا الكتاب الذي ترجمه بالمشاركة مع الشاعرة اليابانية كوتا كاريا المترجم السوري الدكتور محمد عٌضيمة المهتم بالأدب والثقافة اليابانيين وقد سبق له أن ترجم كتاب (كوجيكي؛ الكتاب الياباني المقدس) 2005 .أما كتابه هذا(كتاب الهايكو) فقد ترجم عُضيمة ألف قصيدة وقصيدة من الهايكو من اللغة الأصلية وقدم له بمقدمة ممتازة لا يستغنى عنها بالتعريف بهذا اللون الشعري الذي يكاد لا يعرفه نسبة كبيرة من القراء العرب؛ فقد عاش الرجل بين القوم واتقن لغتهم وخبر ثقافتهم وحضارتهم وخرج بهذا الكتاب الذي بين أيدينا وقد أدرج النص الأصلي بجانب كل قصيدة مترجمة ولعلها التجربة الأولى بهذا المجال .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق