السبت، 7 أكتوبر 2017

رحلة الاعماق القصية / قراءة في نص الشاعرة ( مليكة الحامدي ) بقلم / الروائي الناقد جمال قيسي

رحلة الاعماق القصية / قراءة في نص الشاعرة ( مليكة الحامدي )
مع ان المضامين التي تبتغيها الشاعرة لا نكاد نفقهها،،لان الجمل ،،تترابط سرديًا،،،انت تلمس الحكي،،دون القصة،،،وهذا لايعني،،انها بلا قصة او قضية،،ولكن ،،شبكة الغموض التي ألقتها الشاعرة على النص أشبه بشبكة ( برمودا) العسكرية المموهة ،،مع امكانية الإحالة المزدوجة في (الفونيمات) ،،الملفوظات ،،بشكل عام النص الذي يشكل في قرائته يصيب المتلقي بعسرة ،،مفهومية،،مما يولد النفور ،،لكن مليكة هنا استخدمت أسلوبًا جديدًا ،،اذ جعلت الجملة الواحدة ،،وحتى الفونيم ،،محمل بتنبير موسيقي آخاذ ،،وكما قلت في معرض تعليقي لها،،هي تنحى ،،بطريقة ،،قريبة لابي تمام وابو نؤاس ،،في الموسقة ،،ويبقى النص بمغاليق ،،صعبة الفهم ،،ولايمكن ان تمسك بمقارباته ،،الا من خلال التعامل معه كنص سردي ،،مع ان السرد واضح المرامي ،،،والهدف،،حتى في اكثر الأساليب ،،عسرة،،الا وهو اُسلوب ،،( تيار الوعي ) ،،مع كل هذا سنحاول قدر الإمكان ،،
 
 
 
 
أُقوًمُ أعوجاج دليلي
و أتجلّى لكَ وضحاً ميسورا
كيما تنعق على تلّة وجعي طويلاً ..
و أنكفئ على الإصغاء مُكوّرة ..
أنا لم أحتج لمكتبة ضخمة
كي أفهم أني كنتُ أمهرُ صدقي
بكذبة مُدمِّرة ..
و أنّي سأحتاج فيما بعد
لانهماك في فلسفة
لا تُقرّ إلّا بوجودي
في اعترافات مُطوَّرة ..
هل تفهمني ؟
أُبرهنُ أنكَ في ضفّة الأنا
ما كنتُ يوماً ثاوية فيها
و ما وَلجتْ إليها بُسرةٌ مُعطّرة ..
مغلوبةٌ خافقاتٌ خَضِلة
تهاجمهن لحاظ ليثٍ على حين لعبة
متهادية الوقع
يتكاثرن نشوة
يُحلّقن في عَروضك سرباً
و ينهمرن فوق أوتار تصعيدك
أنفاساً مُخمّرة ..
سنقترب من المتعة في القراءة ،،التي يتضمنها هذا النص الفخم في شاعريته ( بوطيقا) ،،هنا الشاعرة تخبرنا انها ستحتال على كل المعطيات الحقيقية ،،لتحرفها ،،لصالح من تحاوره ،،مع انها تدرك يقينيا ،،وبالادلة ،،ان الامر مغاير،،مع ان الامر يميتها ،،،اذ تشبهه بانه غراب ينعق ،،على ركامها العاطفي،،والانساني الأنثوي ،،مع تعريها عن كل حقوقها ،،بوضوح استسلامها ،،البسيط،،وتهم نفسها بالانتماء الى الكون الاول ،،الا وهو رحم الام،،،لان الانسان يتكور في الرحم ،،،وهو المكان الذي يشكل مطلق الأمان،،وكل تكور للانسان في الحياة ،،هو محاولة لاسترداد ذلك الحيّز الأمين،،انها ستصغي له ولكذبه ،،وموقفه بالمطلق،،مع علمها انها ،،انها ستكذب على نفسها،،ستغاير عقلها ،،مع الإشارة الى عمق ثقافتها ،،،لكن القلب منفصم عن العقل،،والعاطفة آسرة ،،( سأعود ،،الى محاسبة نفسي وامتلك وعيي ثانية ،،مع إيجاد التخريجات المبررة،،لتداعيات العاطفة ،،،،) ،،والإحالة بسؤال ،،اجراء في منتهى الشاعرية،،احيا المنلوج القاتم ،،ببهجة الانوار العقلية،،،
ترسم موقعه النرجسي،،انت لم تغادر الضفة ،،ضفة منطقة اللاشعور ،،ولم تترك الانا ،،،ترسم لوحة سوريالية ،،اذ تنجح في توصيف فضائها التخيلي ،،مع تأثيث ،،،يشعرك بأنك في عالم منهمر ،،في موجوداته،،،هذا العمق السايكلوجي ،،يسحبك الى لعبة ( تفسير الأحلام ) لسيغموند فرويد،،،،لكنه حلم الشاعر،،هو حلم يقضة،،تهويل ،،للحقائق ،،في الفضاء هناك سُرَّة معطرة،،وليث ،،وطيور،،،والجو بشكل عام ،،مؤطر بانفاس من تحدثه،،في لحظات الذروة،،،،أليس هذا قريب من قصة ( إليس في بلاد العجائب) ،،لكننا لانعرف هل المعني بالخطاب هو الفزاعة ام الحطاب،،،،
................
في النقيض أنتَ منّي
تُذيبُ إثمكَ على مواقد هَديٍ
تشي بالضّد ..
تُطوّح يقيني وهماً
في جزرك و المد ..
جاعلاً هامتي نياطاً لإهاماتك المُكرّرة ..
حينها أقفز إلى جيبك الواسعة
أختلس عملاق الدهاء من بعضك
كي أترك لكَ باباً مفتوحة
تَصلُحَ أن تعتبرها حظّاً عظيماً
أو مسرّات مُقدّرة ..
و في كل مرة تعود عود مسافر
جال طرقات الشهد باقتضاب مشبع التباريح
ثم رمى كهولته على أصباء لهفة مُدمّرَة ..
و أنا .....
أنا المضمومة بفُتحة الكسرِ أسألك
هل ترى بيتنا بديعاً كما تراه عيني ؟
هل تسمع صوت الحب كما يسمعه ضميري ؟
هل اكتفيتَ بتسكين الفاء في الزحف ..
قفْ ..
ما كنتُ أدفأ منكَ
و ما كان مسكني قبّة مُدوّرة ..
لكنّي دفعتُ بالتقارب أدمعي
و جعلتُ ندبة غربتي فيكَ مُسوّرة ..
ليتك تُبصر الآن ورقتنا الصفراء
في فصلها الرابع ..
و تقرأ مُحسّناتي البهية
في ابتسارات عمرنا المُمرمرة ..
ليتكَ تجسّ على ذاكرة تهميشك
مرتين كأقصى حد ..
كي تُدركَ أن سلطانها ما كان إلا عنصراً
لازم فضول الجدل
فأرهق الشمس و الورد .
تتحول لدينا هنا صيغة الخطاب ،،الى الضمير المخاطب ،،،وهنا يكون السرد موضوعيًّا ،،خروج من منطقة الانا ،،في الأفعال ( تذيب،تشي،تطوح ،،) مع اجرائية المقارنة بينها وموقفها الشعوري من موقفه ،،في الجهة المقابلة ،،لتعود الى صيغة الخطاب بضمير الانا،،،مع المشاركة،،اي بمعنى انها السارد العليم لفضائها ،،،ومعرفتها الواسعة النطاق ،،لطبيعة العلاقة الثنائية ،،وهي هنا تذكرني باحد نصوص الشاعرة الأديبة ( نائلة طاهر ) ،،
تعتم علينا ( مليكة ) ،،طبيعة مغامرتها بالاندساس في جيب ،،من تخاطبه،،وماذا تختلس ،،رسائل،،جهاز هاتف،،،مذكرات،،،هدايا،،نقود،،لانعلم،،هو سرها ،،لكن ما اختلسته،،يوشي بعطر،،الغير،،ومغامرات ذكوريّة بائسة،،وفي الحجاج القوي،،،هل تشاركني الموقف ذاته،،الدفء ،،البيت،،المشاعر،،رحلة العمر،،أسئلة حادة ،،لتنهي خطابها،،،اننا في فصل الشتاء من العمر،،،ومع انهماكي في ارضائك ،،من عمليات تجمل،،،لأجلك فقط،،عليك ان تعيد النظر مرتين ،،في إطار وعيك الهامشي ،،،
ربما أمسكنا ،،ببعض مقاربات النص ،،،،المحترف ،،،
 
جمال قيسي / بغداد
تشرين اول
٢٠١٧

 
 
التعليقات
Kudher Abass رائع صديقي الغالي
 
Hassan Ali ربي يحفظك ابوسرا مقامك عالي
 
 غازي احمد أبو طبيخ   جزاك الله خير الجزاء اخي الاستاذ الناقد Jamal Kyse المبدع الكبير..هكذا يكون التحليل قد بلغ مداه،فقد وضعت اصبع الجراح على اهم دلالاته ،ايها الاديب الرائع
 
جريدة آفاق نقدية أنها الأنا تتكلم يا قيسي والأنا الشاعرة حين تصمت تشعل المواقد في نجوم السماء فما بالك اذا تكلمت ...
تكلمت الشاعرة فدَنت من الشمس وما احترقت بل سيرتها إلى دواخلنا دفءا متماهيا مع حقيقتنا
المتعة مزدوجة يا قيسي متعة النص الذي تتضاعف حين يهيمن سحرك على حروفه.

مليكة الحامدي السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ..
Jamal Kyse


استنطاق الروعة في مارثونية نقدية تدّخر متسعها اللغوي الشعوري الواعي و اللاشعوري الإنطباعي بالنص لقفزة تلي سابقتها .. و تمدّد السياق الراصد للأطوار في محاولة لبلورة معمارية نصّي على أرضية منبسطة بإسلوب مهندس دقيق غيّب من مخزوني الثقافي المتواضع مفردات التعقيب و الشكر التي عليها أن تكون لائقة بهذا الهيكل المنتظم ..
فضلاً عن عجز التعبير عن امتناني بما أستزيده من ثقافة في علم النقد على أياديكم الكريمة التي تهِبُ للمارّين بها كنوزاً نقية لامعة بضمير حامل للمسؤولية و الأخلاق الرفيعة ..
و هذا ما يستدعيني للإحتفاء بما ينال من مقامكم اعجاباً و اهتماماً .
الأستاذ الناقد الموقّر جمال القيسي .. لشخصك المحترم و لجهودك العالية و لوقتك الثمين جزيل شكري و احترامي و تقديري دائماً .

مليكة الحامدي جريدة آفاق نقدية

"يغدو ألم البوح كقصر سياحي فائق الدهش حين يتجول فيه سُوّاح الروح القدّيسة و يوقدون بخور الولع في بهوه الفسيح .. حينها فقط تسمح ألسنة الشمس بتجميد كل كائن ألهب الزمكان و الجسد"

هذه الحقيقة صغتها منشوراً على صفحتي و أعيد نسخها هنا لإيماني بها .
أستاذة نائلة طاهر الفاضلة ..
لا أملك بديلاً عن الكلمات لإيصال مدى سعادتي بمعرفة شاعرة و ناقدة لها وزنها الثقيل في عالم الأدب .. و اهتمامها الدؤوب بتلامذتها ..
و و الله إن سعادتي و شكري لأكبر من الكلمات .. فانتقِ من أبجدياتهما أجملها و أصدقها بما يليق بحضرتك .
تحياتي العاطرة و تقديري مع خالص الود .. غاليتي
 
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق