الاثنين، 11 فبراير 2019

العبور الخالد / قراءة في نص. الشاعرة ريم البياتي.. بقلم الناقد/ جمال القيسي



هذا النص الرائع. للشاعرة. ريم البياتي قد أحجمت عن قرائته لفترة مع انه نص. يأسر الألباب لسببين الاول. إن هذا النص قد تم تناوله من كبار النقاد غازي ابو طبيخ وكريم القاسم وشاكر الخياط وحميد عنبر الخويلدي وهم بطبيعة الحال قامات سامقة في النقد عندها سوف لن تجد شيء. لتقوله لذلك ما. سأذكر هنا هو قراءة وليس نقداً ، ثانيًا ، أن الشاعرة ريم البياتي معروفة بنهجها المتبني. للمقاومة وإعلاء صوت المظلومين ، متنكرة. لذاتها ، وهذا اول نص وجداني اقرأه لها الأمر الذي وضعني. في حيرة من هول هذا الخزين المؤلم التي تنطوي عليه ببساطة. نحن نرى الشاعر او المبدع. بصورة مثالية من خلال منجزه وننسى في اغلب. الأحيان انه انسان مثله مثلنا في معاناته بل ان وطأة. الحياة. عليه أكثر قسوة لانه بحس مفرط
يتدحرج بِنَا دولاب الايام ،،ربما نحسبها حركة هوجاء او تعاكس ٌلمقدرات في حيّز التمني ، لكن الاصل في الامر ،هو اننا غالبًا ننزلق من مركبتها تلك اللعينة. المسماة الحياة ، لانستطيع ان نتمسك بهذا الدفق العظيم لها،،وفي لحظات الانزلاق نتشبث بالاحلام ،،نصنع رؤية لما كنّا ان نتمناه،،لكي نطوي الأوجاع ،،المتحصلة من عنفها على مشاعرنا،،ليس بيدنا حيلة ازاء تعسفها،،لكننا ننحت عوالم مرتجاة،لعل في الأمر بعض العزاء،،نوع من الهامش ،،لكنه بثقل الواقع وربما يفوق،،لانه يكسر حاجز الزمن ،،بالتاكيد انا اتكلم عن صناعة الأدب،،وكل أدب لا يحمل أوجاع الإنسان ،،ليس الا لغط ،، وخطاب لا يمتلك شروطه،،الأدب هو خطاب الإنسان في لحظات عزله من الزمن ، عندما تتخطانا الحياة لأي سبب كان،،وبالتأكيد ليس ماديًا،،وإنما بفعل خروجنا من صيرورتها ،،تعترينا وحشة الوحدة،،فنهرع للبحث عن نظير لنا ،،بشغف واستسلام ،،نسميه حبًّا،،وهو ابعد من هذا ،،أنه نوع من المقاضاة ،،لكل وجودنا ،،اعتراض عليه ،،ومحاولة لتغيير وقائعه ،،نوع من تثبيت الحقوق،،وليس مهما أن تنتزع حق،،سنقول قولتنا ونذهب،،فكل شيء سيمضي للمجهول ،،هنا يكون من حقنا. ان نجعل الآفاق مفتوحة ،،نوع من الديمومة ،،ستشحن جفاف الوقائع وقسوتها ،،ببعض مشاعرنا 
، نعبر الحواجز المادية ،،ونتخذ من كل الموجودات ، حتى تلك التي لا يمكن ان تكون طوع أيدينا ،،إلا في عالم الخيال سنسخرها لخدمتنا،،مثلما فعلت هنا الشاعرة ريم البياتي،،مسكت بغمامة شاردة،،لتجعل منها ساعي بريد يقطع الفيافي،،ليبلغ رسالته،،والمعجز أن مفردات الرسالة ،،عبارة عن مشاعر شغوفة لا يمكن أن تنطوي عليها رسالة مكتوبة أو ابجدية اللهم إلا اذا أسقطنا عليها فعل الادب من احالة وإزاحة او ترميز ، لانها تنهدات روح أزلية ، كسرت الزمن،،فهي تذكر من البداية حتى النهاية ،،وترجع تكسر التحديد بالحنين وهو شعور ،،يعتريه المطلق،،أي الديمومة ،،هي في الهزيع الأخير من الليل وربما ساعة الانبلاج ،،لانها تنتظر الصباح،،المسرح الذي تدور فيه،،هو الحلم، حلم اليقظة ،،أعادت تشكيل السماء ،،بصورة حركيّة ،،الغمام كقطيع ،،الأجواء هنا تشبه الشرق الإبراهيمي. القديم،،مثل لوحة توراتية ،،الهية،،تشكيل رائع لبديع السموات والارض،،اقتراب من احدى لوحات الفنان المطلق والاوحد بديع السموات والارض ،،تسري روحها،،مع الغمام ،،وكأن مرسال الاله قد شعر بشغف مشاعرها،،هذه الريم قد صنعت منحوتة على شكل نص ادبي ،،اشبه بتمثال القبلة للنحات العظيم رودان ،،أو إحدى لوحات الرسام وليام جودوارد في تحميله المشاعر الحية والنبض على مخلوقاته الفنية ،،رسمت مسار الرحلة لغمامتها ،،وأسقطت مشاعرها وهي في مكان ناءٍ ،،على امتداد المسافة ،،والمرسل إليه كأنه احد أبناء الآلهة. الإغريقية مع نفس تراجيدي ،،لانها توشي بالعبور ،، فالجسر هو الزمن ،،لن يبقى احد عالق عليه ،،الا المشاعر ،،والأجساد ستسير لاقدارها ،،ستمضي الغمامة والأحبة الى غاية ،،ويبقى سيل المشاعر المعبأ بالاوجاع وحده يرتاد ذلك الجسر ليروي،،حكاية لايفلح التاريخ ولاغيره بتدوينها الا الادب
أ.جمال قيسي /بغداد
مرَّ الغمامُ وكنتُ أنتظرُ الصباحْ ...
يتراكضونَ كأنَّما خلفَ القطيعِ ثعالبٌ ..
وعصا الرعاةِ تدبُّ تُبْعِدَهُمْ، 
وصوت الرعد يجمعهمْ...
فَهَمَتْ دموع الغيمِ خائفةً على كل البطاحْ ..
رَكبتْ جناح الريح لا تدري المصيرْ... 
ونأتْ عن الغيِم الكبيرْ ..
فرنوتُ أرقبها، وترقبُ لهفتي..
ودنتْ لتسألني عن السر الخطيرْ...
فأجبتها ياحلوتي..
لو كنت تدرين الهوى..
غُذّي المسيرْ..
فهناك عند الجسر قلبٌ لاينامْ..
عيناه خابية وزيت ْ..
لاتخطئيهْ..
وستعرفيه لأنه كنخيل بابل والسماوة والخصيبْ.. 
يمشي فيخضرُّالطريقُ ويزهرُ القاع الجديبْ..
كفاه (إنكي) يلمس الصوان ينساب العذيبْ...
يرنو ولايتكلمُ..
وإذا دنا لايصرمُ..
يأتي الحمام لطهره يَتيمَّمُ...
ويحطُّ في دعةٍ فلا يتبرَّمُ...
القلب ساح للسلامْ..
وديار اسراب اليمامْ..
فإذا وصلتِ دياره عند المغيبْ...
فترفَّقي لاُتفزعيهْ..
مري برفقٍ والثميهْ...
وعلى يديهْ..
حطّي بصمت ٍ وأسمعيهْ...
منيّ لعينيهِ السلامْ ... 
بين البداية والنهاية والحنينْ..
جسر وسارية العبورْ..
ويدان تمتلكانِ مفتاح الأزلْ..
والجسر مزهو ويعرف ماحملْ..
يحنو ويحني كتفه،
لتحط أسراب الطيور وتنقد الحَبَّ الذي ألقاه قديِّس الأملْ..
قُبَلَ الخلود على الروابي..
فتعانق الأكوار والأدوار اسرار الخوابي..
يتغلغل الزمن المعتق في دنان الياسمينْ..
ونخيل بابل والسنينْ..
وانا وجسري والفتى..
قيد العبورلمحبسينْ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق