حينما تحيط بالشاعر او الشاعرة ظروف ضاغطة من نوع شامل فلا بد ان يظهر تأثره بها في نتاجه الابداعي بما يؤكد صلته الوثيقة ببيئته ومحيطه الإجتماعي .
هذه المقدمة الموجزة تفسر لنا مانحن بصدده فيما يخص قصيدة الشاعرة Jenan Mohammadالتي فقدت ذات يوم انموذجها الرجولي المتميز المتمثل بوالدها الشهيد الشاعر الذي اغتالته الايادي الآثمة ،في لحظة هي بامس الحاجة اليه،فترك هذا الفقدان القاسي اثره الكبير على بنيتها السيكولوجية،بحيث باتت تسقط صورة هذا الفقيد المحبوب على كل مثال معشوق،واقعي او متخيل..
وقد تتعالق هذه الرؤى الوقادة التي تتضمنها إحدى القصائد المعبرة مع توجهات هذا الرمز الجمالي بما تحتويه من المؤثرات العاطفية والانفعالية ، والتي غالبا ما تكون عملية استنهاض واستذكار في وقت واحد، ولربما تتجلى القصيدة في افق المنادى الغائب فالشوق إلى عزيز يطرب في مواطن الحنين العارمة ، والحزن الشديد يطرب أيضا كما في رثاء عزيز .
ومن خلال ماتقدم توجب الوقوف على النقاط المفصلية المهمة في شعرية د. جنان محمد من حيث الأسلوب وطريقة التعامل مع النص والقيمة الشعرية الرفيعة التي بلغتها من خلال قصائدها الدائمة الحيوية المتجلية في منجزاتها المتتالية ،
وفي نصها الذي أمامي الآن وجود زمني غير محدود من خلال التعامل مع المحيط بحساسية عالية ورهافة من منطلق الأبعاد الانسانية العالية الشاملة.
فهو نص وجداني مفكر في إطار تخليق انموذج بطولي عالي السمات في وسط الركام الهائل من شعر الأيديولوجيات.:
،،،
النص
......
"ثمة رجل":
هذه المقدمة الموجزة تفسر لنا مانحن بصدده فيما يخص قصيدة الشاعرة Jenan Mohammadالتي فقدت ذات يوم انموذجها الرجولي المتميز المتمثل بوالدها الشهيد الشاعر الذي اغتالته الايادي الآثمة ،في لحظة هي بامس الحاجة اليه،فترك هذا الفقدان القاسي اثره الكبير على بنيتها السيكولوجية،بحيث باتت تسقط صورة هذا الفقيد المحبوب على كل مثال معشوق،واقعي او متخيل..
وقد تتعالق هذه الرؤى الوقادة التي تتضمنها إحدى القصائد المعبرة مع توجهات هذا الرمز الجمالي بما تحتويه من المؤثرات العاطفية والانفعالية ، والتي غالبا ما تكون عملية استنهاض واستذكار في وقت واحد، ولربما تتجلى القصيدة في افق المنادى الغائب فالشوق إلى عزيز يطرب في مواطن الحنين العارمة ، والحزن الشديد يطرب أيضا كما في رثاء عزيز .
ومن خلال ماتقدم توجب الوقوف على النقاط المفصلية المهمة في شعرية د. جنان محمد من حيث الأسلوب وطريقة التعامل مع النص والقيمة الشعرية الرفيعة التي بلغتها من خلال قصائدها الدائمة الحيوية المتجلية في منجزاتها المتتالية ،
وفي نصها الذي أمامي الآن وجود زمني غير محدود من خلال التعامل مع المحيط بحساسية عالية ورهافة من منطلق الأبعاد الانسانية العالية الشاملة.
فهو نص وجداني مفكر في إطار تخليق انموذج بطولي عالي السمات في وسط الركام الهائل من شعر الأيديولوجيات.:
،،،
النص
......
"ثمة رجل":
أناجي موقد الحكايا الغافلة ..
أن ربت على كتف الليل ..
قبل أن يهترىء الحلم ..
و تتلاشى الغيوم ..
أن ربت على كتف الليل ..
قبل أن يهترىء الحلم ..
و تتلاشى الغيوم ..
قبل أن تتهجأ الكلمات الحب
بطريقة خاطئة ..
تقرأه من جهة الغبار
المنسي
على سطح الأحرف الصامتة ..
ثمة رجل
أطفأ نجمات الذكرى ..
وأوصد على إصبع الحنين
النافذة ..
ثمة رجل
تلهث وراءه القصائد ..
وما كفت لأجله الفراشات
عن مراقصة الفكرة ..
رجل منذ أن عرفته ؛
وأنا مفعمة بالحدائق
بطريقة معدية ..
لدرجة أنني
كلما بذرت في طريقه :
"أحبك"
تغدو زهرة ..
،،،
ان الشاعرة تمتلك من الامكانيات الشعرية- من حيث الفكر والاسلوب وطريقة التعبير _ ماجعلها في دائرة الابداع والتنامي العميق ، ففي هذا النص بالذات نحت الشاعرة منحيين:
أحدهما يمثل التأريخ الوجداني الماضوي، والآخر يحكي عن سمات البطل المتمثلة بصورة الأب الفقيد الشهيد من خلال ذلك الإنموذج الخفي ، وربما تكون حادثة استشهاده واغتياله هي اللحظة الفاصلة بين دفء المواقد القديمة وصورة الأمل الحالمة الممتدة عبر الزمن القادم.
(ثمة رجل أطفأ نجمات الذكرى
وأوصد على إصبع الحنين النافذة)
ياله من انموذج لبطل وجداني شعري، ذي مواصفات عالية بحيث يستحق أن تخاطبه كأنثى بمركب عملاق حقيقة.
(وكلما قلت
أحبك
تغدو زهرة)
هناك ماضي علاقة وطيد ممتلئ بالدفء،ولكنه تعرض إلى انتكاسة ما ،مع ان هذه النكسة لم تغلق باب الحلم ،
من هنا عبرت الشاعرة بكامل حريتها ووعيها التعبيري عن هذا المشهد الجامع بين احساس الإبنة واحساس العاشقة ،وهو احساس يصعب تصوره والتعبير عنه اصلا..ولولا اطلاعي الشخصي على حدث هذا الفقدان الرهيب،فلربما يصعب الوصول الى فكرة متكاملة عن هذا المحبوب المتداخل مع كل من رات فيه شاعرتنا لمحة منه..
ومن الملاحظ ايضا إن الألفاظ التي وردت في سياق النص توحي بكل تفاصيلها بتجليات هذا الشخص المعني بشكل واضح مما يشي بان حجم الإحساس بالخسارة في كلا الحالتين كان كبيراًجداً.
ويمكن استنباط ما تم ذكره من خلال صور وتراكيب قلما وجدت لها نظيراً حيث كانت مبرزة بشكل مقصود لتركيز انتباه المتلقي عليها ربما لضرورة فنية اقتضاها التعريف مرة ،وربما لصدق الاحساس العارم،وبالتالي لتعميق دلالة التعريف بحيث يصل إلى مستوى قداسة ذلك المحبوب المفقود .
ان مثل هذه التراكيب اللغوية والصورية تمثل المادة الخام في هذا النص، فالشعر كما يقول الجاحظ (صناعة وضرب من النسج وجنس من التصوير)1..
إن مثل هذه الصياغات المميزة المتصاعدة عبر الانتقالات السلسة هي كما قال عبد القاهر الجرجاني في المدخل (تعليق الكلم بعضها ببعض وجعل بعضها سببا في بعض)2.
ولقد ركزت الشاعرة في قصيدتها على خطاب الغائب لاستثارة وعي المتلقي من اجل حسن الإصغاء تماماً ،وسلكت الى هدفها اسلوباً مجازياً يستدعي مراجعة الفكر بدلا من استحضار صورة المخاطب نفسه ،
وقد يعود السبب إلى نظرة الشاعرة الرومانتيكية الإنعكاسية، وطبيعة تصورها للحياة بروح حيوية تجمع بين الحلم والواقع.
أتمنى للشاعرة د.جنان محمد مزيدا من العطاء مع التقدير..
أ.إحسان الموسوي
هوامش:
…………
1كتاب الحيوان/ الجاحظ
2دلائل الاعجاز/ المدخل/عبد القاهر الجرجاني.
بطريقة خاطئة ..
تقرأه من جهة الغبار
المنسي
على سطح الأحرف الصامتة ..
ثمة رجل
أطفأ نجمات الذكرى ..
وأوصد على إصبع الحنين
النافذة ..
ثمة رجل
تلهث وراءه القصائد ..
وما كفت لأجله الفراشات
عن مراقصة الفكرة ..
رجل منذ أن عرفته ؛
وأنا مفعمة بالحدائق
بطريقة معدية ..
لدرجة أنني
كلما بذرت في طريقه :
"أحبك"
تغدو زهرة ..
،،،
ان الشاعرة تمتلك من الامكانيات الشعرية- من حيث الفكر والاسلوب وطريقة التعبير _ ماجعلها في دائرة الابداع والتنامي العميق ، ففي هذا النص بالذات نحت الشاعرة منحيين:
أحدهما يمثل التأريخ الوجداني الماضوي، والآخر يحكي عن سمات البطل المتمثلة بصورة الأب الفقيد الشهيد من خلال ذلك الإنموذج الخفي ، وربما تكون حادثة استشهاده واغتياله هي اللحظة الفاصلة بين دفء المواقد القديمة وصورة الأمل الحالمة الممتدة عبر الزمن القادم.
(ثمة رجل أطفأ نجمات الذكرى
وأوصد على إصبع الحنين النافذة)
ياله من انموذج لبطل وجداني شعري، ذي مواصفات عالية بحيث يستحق أن تخاطبه كأنثى بمركب عملاق حقيقة.
(وكلما قلت
أحبك
تغدو زهرة)
هناك ماضي علاقة وطيد ممتلئ بالدفء،ولكنه تعرض إلى انتكاسة ما ،مع ان هذه النكسة لم تغلق باب الحلم ،
من هنا عبرت الشاعرة بكامل حريتها ووعيها التعبيري عن هذا المشهد الجامع بين احساس الإبنة واحساس العاشقة ،وهو احساس يصعب تصوره والتعبير عنه اصلا..ولولا اطلاعي الشخصي على حدث هذا الفقدان الرهيب،فلربما يصعب الوصول الى فكرة متكاملة عن هذا المحبوب المتداخل مع كل من رات فيه شاعرتنا لمحة منه..
ومن الملاحظ ايضا إن الألفاظ التي وردت في سياق النص توحي بكل تفاصيلها بتجليات هذا الشخص المعني بشكل واضح مما يشي بان حجم الإحساس بالخسارة في كلا الحالتين كان كبيراًجداً.
ويمكن استنباط ما تم ذكره من خلال صور وتراكيب قلما وجدت لها نظيراً حيث كانت مبرزة بشكل مقصود لتركيز انتباه المتلقي عليها ربما لضرورة فنية اقتضاها التعريف مرة ،وربما لصدق الاحساس العارم،وبالتالي لتعميق دلالة التعريف بحيث يصل إلى مستوى قداسة ذلك المحبوب المفقود .
ان مثل هذه التراكيب اللغوية والصورية تمثل المادة الخام في هذا النص، فالشعر كما يقول الجاحظ (صناعة وضرب من النسج وجنس من التصوير)1..
إن مثل هذه الصياغات المميزة المتصاعدة عبر الانتقالات السلسة هي كما قال عبد القاهر الجرجاني في المدخل (تعليق الكلم بعضها ببعض وجعل بعضها سببا في بعض)2.
ولقد ركزت الشاعرة في قصيدتها على خطاب الغائب لاستثارة وعي المتلقي من اجل حسن الإصغاء تماماً ،وسلكت الى هدفها اسلوباً مجازياً يستدعي مراجعة الفكر بدلا من استحضار صورة المخاطب نفسه ،
وقد يعود السبب إلى نظرة الشاعرة الرومانتيكية الإنعكاسية، وطبيعة تصورها للحياة بروح حيوية تجمع بين الحلم والواقع.
أتمنى للشاعرة د.جنان محمد مزيدا من العطاء مع التقدير..
أ.إحسان الموسوي
هوامش:
…………
1كتاب الحيوان/ الجاحظ
2دلائل الاعجاز/ المدخل/عبد القاهر الجرجاني.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق