الجمعة، 3 نوفمبر 2017

المقطع الأخير ،،من رواية حنبصة بقلم / الروائي جمال قيسي

المقطع الأخير ،،من رواية حنبصة ،،،اما باقي المقاطع التي لم انشرها،،،فارجو ،،ان يقرأها الأصدقاء في النسخة الورقية،،التي ،،ستوزع مطلع الشهر القادم،،،،،
 
 

احمرار شاحب،،يؤطر الجو،،سحابة مثقلة بالغبار،،ما أن تهبط سيكون لها ،،وقع آخر ،، يدمدم اسماعيل
(سينثال منا الغبار،،،ينثال منا الزمن،،سينجو منها حنبص،،وعشيرته ،،ربما لانهم من زمن اخر،، أقحموا في حيّزنا المتلاشي ،،ستنضب ،،عصارتنا ،،سننشر ،،عواطفنا ،،هرموناتنا ،،على حبل الاخصاء الأزلي ،، أيامنا جريدة ،،لسباق خَيل قديمة،،سيضحك كثيرًا هذا الحنبص ،،على خيباتنا المتوالية سينجو منها الهؤلاء ،،كل هذا الحمق لاينقصه الغبار،،ربما سيملي بعضًا من ثقوبنا،،ثقوب الارواح ،،لن تسد،،بمطلق الاحوال،،اللعنة اسماعيل،،هكذا انت اشبه بالغربال !!،،)
اجتهد على ان يتخطى قضية الغبار،،ومجمل الإزعاجات ،،وينظر بزوايا مختلفة،،هو مؤمن بان كل شيء،،ممكن ان ترى جماله،،اذا تموقعت،، في زوايا نظر،،مختلفة ،،وأول هذه الزوايا ان ينظر من عمقه ،،ويعيد تشكيل كل شيء افتراضيًا،،فيقلب القبح الى حسن ،،او العكس،،،مع اختفاء الأفق ،،أخذ يتنطع ،،يستنشق الهواء الغباري،،تشبعت رئتيه حد الازدحام ،،
( امسك ،،نفسك أيها الرخوي،الأزلي ،،،مقدسة شعبة الرخويات،، رخوي ومملوء بالثقوب ؟! وهذه. الكمية من الغبار ،،سيتشكل. الصلصال لا محالة ،،،أيها الصلصالي،،مخاض ولادة،،دون المرور بالمضغة او العلقة،، انها تزيد من المرونة ،،والتعاسة ،،الامر سيان ،،لكن كيف ستندلق ؟! ،،انه مجرور كبير،،لاطاقة لك باستيعاب فهمه،،ستخب كالنوتي،،صعودًا ونزولًا ،،في قوامه الآسن ،،)
استدار بشكل مفاجئ بعد لمح صديق له ،،يفترش مجموعة من الكتب ،،على رصيف فقد شارعه،،وأبنية فقدت مبرراتها ،،ومارة ،،تتنكر لها ملابسها
( آه " صارن ثيابي علي غربة " الآن تحققت نبؤتك أيها المتنوب البنفسجي ،،تغضن صوتك،،ربما لم تعلم ؟ الثياب الآن،،تعاني من الزهايمر،،بمطلق الاحوال،،جلودنا ،،ستطلب الهجرة،،وهياكلنا العظمية،،ستعدو باتجاه أخر،،شرط ان يكون معاكسًا،،والبقية ليست ذات قيمة،،
مااجمل هذه المفارقة،،اسماعيل،،تستيقظ ذات صباح ،،ولا حيلة لك بالأمر ،،يفر جلدك باتجاه ،،وهيكلك بأخر،،مجرد كومة رخوية،،عرضة لكل انتهاك ،،لننظر ،،ماذا يوجد عند هذا الحانوتي،،من بضاعة ،،ربما شيء مختلف،،)
اقترب من الكتب المعروضة وتكور في جلسته،،يقلب نظره،،صعودًا ونزولًا على العناوين ،،امتعض من عناوين الصف الاول الأفقي ،،الكون الاحدب،،الف باء النسبية،،الفيزياء المسلية،،مع مجموعة كتب أحصائية
،،( انها نظرة اخرى تحاول تبرير الاخصاء الذي تعرضنا له ،،هذه كتب المندهشين ،،بعضنا يولد فاغر فاهه من الدهشة ،،ويظل على هذه الحالة ،،الى يوم يبعثون ،،ربما ألصقت بهم الصفة منذ اللوح المحفوظ،،هم بناة هذا السخف الذي نسميه الحضارة،،ظلمًا وعدوانًا ،،معززين قدرة الطغاة ،،الم يقم المندهش أنشتاين ،،وانريكو فيرمي وآخرين بصنع القنبلة. الذرية ؟! لانهم يجيدون تنظيم كل أمر ،،ينجحون في كل شيء ربما،،الا في القيادة،،اتباع أزليون ،،الاخصاء الذي لديهم أصيل،،حلم هيجلي أحمق ،الحياة عندهم مستقر كبير،،عكس المتشككين ،،الذي يتصورون بأن الحياة عبارة عن مؤامرة كبيرة ودنيئة ،،
الارتياب جبن كبير،،إسماعيل ،،كلا الطرفين سيّء ،،لن تحتاج ان تطوف على السطح حتى تكون بمنجى او تتمسك بالأعماق ،،ادعاء الحكمة والمعرفة الجوهرية اكثر الامور غباءً وغرابة ،،لنصعد الى الصف الثاني،،افقيًا ،،مجرد تخبط )
خاطبه بائع الكتب
- كيفك صديقي ؟ هل تبحث عن عنوان محدد ربما أساعدك ؟
-عن كل شيء ولا شيء؟
-كل شيء ممكن،،ولكن لاشيء،،امر مستحيل
( آه ،،سندخل في دوامة البلاهة،،هذا الحانوتي لايعرف ،،انه ميت منذ دهر ،،فقط لو يدرك ،،انه بحاجة لأن يُكَفنْ نفسه،،ويحفظ كرامته )
- ليس هناك شيء محدد صديقي،،دعني أقلب امري ؟
- دعك من كل هذا،،وخذ هذه نسخة من رسالة في اللاهوت والسياسة لسبينوزا،،طبعة أولى
- انه رجع بعيد
- نعم ؟!!
- قرأتها قبل اكثر من ثلاثين عام،،ولم افهم منها شيئًا،،ولاأظن اني سأفعل الآن ،،الا ترى بأنهم ضللونا الملاعين ؟!
- من ؟
- معلمينا ومثقفينا،،او هكذا حسبناهم -كم كنّا أغبياء؟
- هذه قسوة في الحكم
- انظر لحالك صديقي ،،كنت الاول بيننا في الدراسة وأنهيت الدراسة بمجموع يؤهلك لدخول كلية الطب او الهندسة،،ولكن ما عبأ برأسك من هراء ،،جعلك تختار الآداب الإنكليزي ،،وها انت مجرد متبطل ،،او لنقل شحاذ أنيق
- أمضي بعيدًا أسماعيل،،ليس عندي لك شيء للبيع ، الآن او غد
انسحب مبتعد،،لانه قدر تأزم صديقه،،ربما ان بقى سيتلقى ما لايحب
( اللعنة اسماعيل،،لم كل هذه الفضاضة،،انت أوغلت سكينًا بجثة هامدة،،لسانك الطويل سيتحول يومًا الى انشوطة،،ليشنقك- وانت تستحق مثل هذا الامر بالتأكيد " لسانك حصانك،،،" - جميل هذا أيها الحوذي ،،ماذا؟! - سيسحبك بهوجه،،ستكون مجرد عربة قمامة خلفه،،يمكنك أيضًا ان تشارك به في سباق الخيل!! لا لا انت مثل " خَيل الشرطة ، بس اول هده " رهان خاسر،، مهزوم قبل خط الشروع - لماذا؟ كيف؟ ماهي الأسباب ؟ جواب واحد فقط،،،هي هكذا!! - " انها لقسمة ضيزى "
ولتذهب انت وما تدعيه الى الجحيم ،،ولكن هل ستحصل على مكان في الجحيم مع هذا الاكتظاظ الغبي ؟ ! سنجد! - جمهورية الصين " الخنفشارية " حتما قلدت نموذجًا للجحيم،،وبآثام تساهمية ،،على الاله ان يحدث أساليبه ،،لمواجهة هذ ا الغول الصيني)
قرر ان يسلك ،،الأزقة المتهالكة ،،صعودًا حتى قلب شارع المتنبي ،، صعودًا حيث الاوهام ،،
( ليس كل صعود يؤدي الى العليّة ،،مقاييس سخيفة ،، تجاذب. خيبات - مالذي تحبه ،،من هذه العطانة؟ ،،،لأنك جزء منها ،، عليك ان تسأل هذا الشفيف حنبص )
يجذبه فيها ،،عدم الانتظام ،،في توزيع البيوت الخاوية،،وتداعي واجهاتها الخشبية ،،يكاد يسمع صوت ساكنيها ،،الذين رحلوا ،،منذ عقود طويلة ،،لكنه يقف محتار امام هذا الشارع المهجور قسرًا ،،( " لله در عصابة نادمتهم"،، اين عصابتك يا حسان بن ثابت ؟ ،،علقوا اسمك على هذا الشارع،،ها انت تقضي عقوبة المنفى هنا " نشيعك الى النسيان " - الكل الى رحيل،،حتى الأحلام قبل ان تبادرنا،،يالها من مهزلة ،،)
عند مدخل الزقاق ،،وقف حنبص متكئًا على اليسار،،على حائط آيل للسقوط،،يقابله مجموعة من النسوة،،تجلس الكبيرة وهي ( القوادة) على مسطبة خشبية عائدة لمقهى ( فريد الأطرش ) ،،عبارة عن محل صغير،،لبيع الشاي بطعمه الفريد ،،الذي يترك خدرًا في الفك،،مع تجمهر لعمال ورش النجارة وملحقاتها،،
( يالهذا القداس؟ ،،هذا الحائط استجار بحنبص،،ليؤخر سقوطه - موالاة،،لكن ايٌ منهم سيكون،،مولى الآخر ؟ ! " في ظلال على الأرائك متكؤن " ،، هناك مهمة،،دائمًا هناك جنة ،، لكن هيهات ان يطالها احد ،،وهذا اللعين لايفصح أبدًا ،،وهؤلاء العاهرات ،،عصابة قاحلة،،بؤس مع يباس هرموني مع " لفة فلافل " من " سعيد المصري " -عندها لامحالة من ان يحال الاله الى " هيئة المسألة والعدالة " ومن للفقراء غيرك أيها المصري،، مع أن أجورهن بالتقسيط،،حل اقتصادي ناجع،،فائض قيمة مرن ،،غلبوك عمنا ماركس !! لك كل العذر،،بحوثك الثورية،،لم تتوقع ان يطالها العهر ،كان عليك ان تجرب ( البراكسس ) في المواخير العراقية،،عقول اليساريين العراقيين المأبونة - ،،حنبص لايمكن استيعابه وفق البراكسس الماركسي ،،انه عضد مهرب من الغصن الذهبي،،السير فريزر وحده يعلم سره،،او ربما الفاضلة " حسنة ملص" ،،الامر سيان اسماعيل،،سواء كان البحث علميًّا ،،او عمليًا،، طالما يتعلق بالارواح المعذبة لايحتاج الى منهج بعينه
- اخترق هذا القوس الالهي - لنلقي انفسنا،،في غياهب الزقاق،،لا طائل من هذا التجمهر - انت وحدك متجمهر،،متحرشف،،متبرر،،آه،،لايتلائم التحرشف ،،مع رخويتك،،مجرد حالة حربائية ،،ستعود سيرتك الاولى،،لكن اي يمين ستلقيك،،بالتاكيد ،،ليست يد نبي،،الغواية ،،سلبت. منك كل مقدس " كاخد وجاسه الماي " )
دخل الزقاق ،،وهو لا يمشي بوتيرة واحدة،،،بسبب الحفريات وبرك المياه الآسنة ،،الصغيرة ،،ومرتادي الدرجات النارية الصغيرة،،المتعاكسين في اتجاههم ذهابًا وإيابًا ،،معظم بيوتات الزقاق المتبرعم هي ورش ،،ومخازن لتجار الطباعة ،،
( مالذي يستهويك في هذا القطع العطن ؟ ربما لأنك تحاول،،ان تركز في تفكيرك - هذا الضنك ،،بتقارب الجدران ،،يقلص المدى،،أيها الحصان العريق،،انت بحاجة الى " هنديري " ماذا؟ هذا حل كبير اسماعيل،،الهنديري سيساعدك ،،على تفادي الكثير،،كان يجب ان تحصل عليه،،مبكرًا،،طريق واحد،،لكن بدون " بندقية " ،، سبق. وان فقدنا الأندلس ،،ومن ثم القدس،،وبغداد،،،ومدن اخرى،،لأننا ،،أوهمنا انفسنا بقضية الطرق،،انظر اسماعيل،،كم هي القضية بسيطة،،مجرد تنظيم مروري ليس الا !! فجأة وجدنا انفسنا في تقاطع طرق،،الغواية كانت اكبر من ان نستدل ،،الخلاص،،وانت في غمرة الحيرة،،هناك من يقول لك هذا طريق الله،،والذي يخالفه،،طريق الشيطان،،لم يحصوها جيدًا،،فقط ذكروا ،،بعض سبعين طريق،،،فرقة واحدة ناجية،،كل الامر هراء،،،طريق واحد هو الصحيح،،،الذي ترغبه روحك ،،،ومع كل ماذهب من العمر،،لازالت الفرصة قائمة،،،
مقطع من رواية ( حنبصة ) ،،يوميات اسماعيل
رقم الإيداع القانوني: المحلي والدولي المخطوطة في دار الكتب والوثائق ببغداد : ( ٢٠٥٥) لعام ٢٠١٧ في ٢٢ /٦/٢٠١٧
جمال قيسي / بغداد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق