البُنى الاستدلالية الواعية،
في اامنجز الشعري للشاعرة زكية المرموق،
(لست سواي انموذجاً):
*******************
في اامنجز الشعري للشاعرة زكية المرموق،
(لست سواي انموذجاً):
*******************
دراسة على وشك الصدور :
:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::
لمعاينة النص ننشره اولا:
...............................
لست سواي
فلا تفاوض النار على صفاتها
الشجر لا يحاسب على أسباب
الحريق
ولا لأنهم صنعوا الفأس
من ضلعه
الحطاب لم يكن يوما
ابن الغابة.
ذا الغريب يحمل نعشنا
فلمن الرصاصة
أيها الخراب؟
فلمن الرصاصة
أيها الخراب؟
وحده الصمت يقول الحقيقة
فلا تعتصم بحبل اليقين
وتفرق بالتساوي على المشهد
قبل أن تدهس الخيل
سنابل الضوء
ولا تحمل العين ما لا يراه
القلب
كناسك تاه عن مناسكه
فتحنط في مسبحة
وامسك بكم المواسم
قبل أن يأكل السؤال
الكفن.
فلا تعتصم بحبل اليقين
وتفرق بالتساوي على المشهد
قبل أن تدهس الخيل
سنابل الضوء
ولا تحمل العين ما لا يراه
القلب
كناسك تاه عن مناسكه
فتحنط في مسبحة
وامسك بكم المواسم
قبل أن يأكل السؤال
الكفن.
أنا غيري إذا غبت
وأنا أنت إذا عدت
لنرفع سقف الكلام بيننا
كي نخرج من قفص اللغة
برئة ثالتة.
وأنا أنت إذا عدت
لنرفع سقف الكلام بيننا
كي نخرج من قفص اللغة
برئة ثالتة.
لست سواك
فلا تتدحرج كطفل أضاع لعبة
ألوانه
فتجعد في الإطار.
فلا تتدحرج كطفل أضاع لعبة
ألوانه
فتجعد في الإطار.
أنا لست سوى ما اقترفته
من شرود
فلا تبحث عن المعنى
في الضباب
من شرود
فلا تبحث عن المعنى
في الضباب
أنا انت
فلا تنكث بالمجاز
كي تخرج سليم الموقد
من المحبرة
واترك للخيال حظه في الصحو
الحكاية أضاعت طريق العودة
إلى البيت
فكيف لا يشرد السارد
وهو يسير في الريح
مأخوذا بمنطق المحو
والجمهور طين عجوز
لم يعد يصلح للنحث
فأين الباب
ايها الخشب؟؟؟
فلا تنكث بالمجاز
كي تخرج سليم الموقد
من المحبرة
واترك للخيال حظه في الصحو
الحكاية أضاعت طريق العودة
إلى البيت
فكيف لا يشرد السارد
وهو يسير في الريح
مأخوذا بمنطق المحو
والجمهور طين عجوز
لم يعد يصلح للنحث
فأين الباب
ايها الخشب؟؟؟
النص رغيف يابس
كلما تحرش بفكرة قاصر
انكسر غصن على سرة قافية
كلما تحرش بفكرة قاصر
انكسر غصن على سرة قافية
الشعر
شجرة ماء
من شرب منها
أصابه هوس التحليق
شجرة ماء
من شرب منها
أصابه هوس التحليق
الجغرافيا لعبة أرقام وأرصدة
فلم هذه الخرائط ياصاحبي؟
فلم هذه الخرائط ياصاحبي؟
الحلم مسافة ترانزيت
بين شهقتين
واحدة على خد زيتونة
في أقصى الأطلس
وثانية على شفاه نخلة تنزف
صلصالها
على صدر بويب
فاتركوا لي بياض الاستعارات
ريثما يأخذ الرماد حصته من دمي
بين شهقتين
واحدة على خد زيتونة
في أقصى الأطلس
وثانية على شفاه نخلة تنزف
صلصالها
على صدر بويب
فاتركوا لي بياض الاستعارات
ريثما يأخذ الرماد حصته من دمي
قلبي سفينة
وقلبك منارة
فاشعل دمك
إني قادمة بجحيمي
رقصة واحدة تكفي
كي يتوحد العطش بالعطش
وقلبك منارة
فاشعل دمك
إني قادمة بجحيمي
رقصة واحدة تكفي
كي يتوحد العطش بالعطش
اقترب
شفاهي غابة قبل...
شفاهي غابة قبل...
زكية المرموق
المغرب
::::::::::::::::::::::::::::::
مدخل:
........في البدء ارى من الواجب ان نقرر امرا بالغ الاهمية هو ان دراسة الشاعر الناضج الذي استكمل ادوات سفره عدة وعددا،وأسّس لنفسه حضورا مميزا،بمعنى تحقيقه لمشهده الشعري الخاص ،وبالتالي تجلي اسلوبه الواضح الملامح،والذي يجعلنا نتعرف عليه بمجرد قراءة نصه حتى اذا لم يوقع بأسمه تحته..بالضبط كما يعرف ملامح احدنا الاخر،من خلال سيماه وجها وجسدا..تختلف عن ساع اخر في طريق الابداع باحث عن التحقق اختلافاً كثيرا..
اما من نتحدث عنها الآن فهي شاعرة مميزة واضحة الخصوصية لكل من خامر نتاجاتها وعايش انجازها،لهذا وجب ان نؤكد ذلك ليكون منطلقا سليما للحديث..
فمعلوم ان هذه السيميوطيقا تشتمل على الاداة التعبيرية للانسان كما اشتملت على ملامحه الشخصية التي تحدثنا عنها آنفا..
وهذه في الواقع ظاهرة شديدة الاهمية لا بد من تحققها ولو بالحدود الدنيا ،وهي على وجه التخصيص ما اطلق عليها الباحثون والنقاد قديما وحديثا اصطلاح (الاسلوب) ،ولقد كررنا عبر كثير من متابعاتنا المقولة النقدية التي ذاع صيتها حتى امست على كل لسان ذي علاقة بعالم الابداع فالامر يتسع ليشمل جميع الادوات التعبيريه اللغوية والحركية والفنية ونعني بها مقولة( الاسلوب هو المبدع) -في افضل ترجماتها غير الحرْفية-..
من هذه المنطلقات نقرر مقدما ان شاعرتنا - موضوع الحوار- قد تمكنت منذ زمن ليس بالقصير من تحقيق الاسلوب البالغ الخصوصية والذي بات معروفا ومشهودا من جبال اطلس حتى باب المندب..
وعليه فنحن حين ندرس نتاجا لاحد زملاءنا المتحققين ابداعيا،فليس من قبيل التقويم وانما من قبيل كشف تفاصيل هذا الاسلوب المتحقق الذي اشرنا اليه..
وقد يحصل ان نقترح على زميلنا او زميلتنا بعض ما نراه اجدى او احرى ،فتلك هي زاوية نظرنا،وله زاوية نظره،حتى انه ليس ملزما على الاطلاق بما نقترحه عليه ،الا اذا احب الالتفات ،او اقتنع بالاقتراح او رغب في خلق مدمج جدلي او مزاج حيوي بين مايراه ومايراه الباحث،ولكن بلغته وبادائه وبالتالي بإسلوبه الخاص الذي يعبر عن سيميائيته ،بل وحقيقته الابداعية المائزة...
هذا الكلام لايخص القصيدة الانموذج التي اخترناها كمثال لدراسة ادب زميلتنا المرموق الفاضلة،وانما هو حديث تنظيري عام فقط
++++++++++++++
مضمون العنونة الخاصة بالدراسة:
........................................
مفهوم البُنية:
................
لقد شاع هذا الاصطلاح في عالم الادب وعموم المشهد المعرفي والثقافي منذ فترة ليست بالقصيرة ،ولكن جذورها العربية ترتبط بالمفهوم النقدي العربي الموروث ونعني به ( المبنى والمعنى) فالمبنى لفظا مشتق من الفعل الثلاثي كوفيا والمصدر بصريا ،ولوضوح فكرة الاشتقاق من الافعال،نقول ان جذر البنية او المبنى او البناء كلها من الفعل: ( بنى) ومعلوم ان دلالته الاولى متعلقة بفعاليات البناء او التشييد العمراني ،ولكن البنبة تعني في ذات الوقت الفكرة المنهجية او الطريقة (المتبناة) اوالتي اقتضى الحال او طبيعة المشغل الذي تحت ايدينا ماديا عمليا نظريا كتابيا ان نتمنهجها كافضل وايسر واكثف الوسائل للوصول الى هدفنا في التشييد او التفكير..
..
من هنا توسع استخدام هذا الاصطلاح بحيث امتد الى مساحات فكرية وعملية مادية ونظرية في جميع انماط الفعل والفكر العلمية منها والادبية في الاقتصاد والسياسة وعلوم الحياة والهندسة والنقد الادبي والفلسفة لانه مفهوم ممكن وميسر الى حدود المرونة..لا يرينا طبيعة الوحدة المتماسكة فحسب ،وانما من منطلق كونه منهجا او طريقة سيرينا طبيعة التحولات التصعيدية او المتلاحقة وصولا الى المبنى الكلي او(البنيوية) الاجمالية للمشيد او للفكرة او للنظرية او للنص الابداعي الفني اوالادبي ...الخ..
انما يمكن ان تكون هذه البنية وحدة تفصيلية في اجمالي عام ويمكن ان تكون هي الاجمالي ذاته،لكنه في كل الاحوال وحدة تتكون من تفاصيل متحدة او متماسكة او نسيج شبكي في وحدة تشبه الى حد كبير الكتلة المصغره..ومن مجموع هذه الوحدات يمكن ان نشيد او نبني عمارة كاملة اونظرية اقتصادية كاملة او قصيدة
اولوحة كامله..
هذه الوحدات الصغيرة او البنى التفصيلية هي التي عرفتنا على طبيعة منهجية المرموق التي رصدناها منذ زمن ليس بالقصير عبر منجزها الاجمالي العام،فهي تخلق وحدات بنيوية صغيرة وتراكمها على بعضها لسببين بالغي الفطنة والذكاء،
*اولهما البرهنة من خلال ضرب البنى الصغيرة كامثلة دلالية ذات اثر فكري لاثبات المنظور او وجهة نظر المبدعة من خلال فعلها الابداعي ذاته ..
* وثانيهما خلق الاسلوب الابداعي الخاص الذي انتج عبر جميع مزاولاتها الشعرية خصوصا صبغة او اسلوبا يكاد يتعرف عليه الجميع ومن خلاله على مبدعته،وهذا ما سنتوجه -بالتفصيل الموجز الشديد التكثيف- اليه..
وخلاصة هذا التقديم نقول:
ان البنية والمبنى ومنهما البنيوية نسبة الى البنية او تحصيل حاصل البنى..ذات مرجعية معجمية عربية يغلط كثيرا من يظنها غريبة علينا حتى لقد شاع قدما مفهوم ،ان الاديب الحاذق،هو الذي يجيد تفصيل المبنى على المعنى،حتى ان اية زيادة هنا لاريب ستؤدي الى زيادة غير ضرورية هناك..
*****
فبنى ..الفعل..شيد..بنى المنزل..اما مجازا فيمكن ان ينسحب على التاسيس والتنمية واقامة المجد،وبنى موضوعه حسب معلوماته ،انشاه،كوّنه،ومنه التفكير الذي يبني ويعمر (نظريا او وعمليا)،
*كما ورد في معجم المعاني الجامع ..
وقد تاخذ معان لاحصر لها ولاضرورة لاستحضارها هنا بحسب ما تضاف اليه من الحروف..مثل بنى ب..او بنى على..وغير ذلك كثير..
..
انما لو تساءلنا ،هل توجد حقيقة مرئية او ملموسة على مستوى المادة او الصورة لاصطلاح البنية ،لكانت اجابة ..شتراوس ..هي الاكثر قربا من الحقيقة،حيث يؤكد ان البنية (مجرد طريقة او منهج يمكن تعميمه على كثير من الدراسات العلمية او الادبية او الفنية..او هي كما اشرنا في اعلاه نسيج يؤول الى وحدة بنيوية متماسكة..
..
وقد يتساءل احد ما،ترى لماذا تستخدمون المنهج البنيوي تحديدا في دراستكم لقصيدة المرموق او ربما هناك من يعترض اصلا ،انحيازا منه الى الطريقة الكلية -اذا جاز التعبير- والتي تدرس النص ككل اجمالي اعتقادا منه ان احالته على التفاصيل او الوحدات الصغرى سيقود الى هلهلة قد تكسر الجمال الكلي للنص ،وربما هناك دوافع ذات جذر ايديولوجي ما،يدفع بهذا الاتجاه ،ولكننا نقول مايلي:
نحن ندرس النصوص وفقا لما يفرضه منهج بناءها بعيدا عن اية مازومية فكرية او موقف مسبق..فلسنا في خصومة مع اي انجاز منهجي يمكن ان يسهم اكثر من غيره في معالجة او قراءة او تحليل النص ،وقد نلجأ الى غيره من المناهج النقدية المتكاثرة في مشروع ابداعي اخر..فالغاية هي الكشف وتبيان الاسلوب والطريقة والمباني ،شكلا،كما والاستدلال بها لكشف المضامين والافكار معنىً..وقديما قيل ( ان لكل مقام مقال ،ولكل حادث حديث) ..
:::::
جديدا: مع البنى الاستدلالية في قصيدة
( لست سواي) للشاعرة المغربية زكية المرموق:
(ح2 ) ------------------
ملاحظة تمهيدية:
::::::::::::::::::::::
في كتابه الشهير ( اثر المبنى ) يثير الجاحظ اشكالية كبيرة بخصوص مايتوجب علينا التركيز عليه في عالم الابداع المكتوب مؤكدا على الشكل باعتبارة محور شغل المبدع الاساس ،بينما يظن ان المعاني مطروحة في الطرقات ،ونحن هنا لا نذهب مذهبه هذا وانما نعتقد بأهمية المبنى في الدلالة على المعنى وربما نستصعب كثيرا احداث شرخ لانجد له ضرورة قصوى بين الشكل والمضمون لأن كلا منهما يؤدي الى الاخر،وربما يعنيه من باب اولى ..من هذا المنشا فإن ماسيراه المتلقي الكريم من الفواصل التي احدثناها بين فقرات نص الشاعرة زكية المرموق التي لم تكن موجودة في اصل النص وانما نحن من وضعها لبيان كل مثال او شاهد او بنية على حده..
وان اهتمامنا بهذا الجانب يتاتى من قوة حضوره في هذا النص المتواتر الدقيق البناء،مستذكرين مقولة عزرا باوند المعروفة القائلة ( ان الشعر هو نوع من الرياضيات الفنية) ،واننا مهما اطلقنا لانفسنا كمبدعين حرية التداعي ،فأن قيمة واعتبار شاعريتنا ستتعرض الى الكثير من الربكة والانفلاش احيانا اذا اهملنا آلية ( اشراف الوعي ) ولو من بعيد..
وعليه نقول ليست هذه الفواصل- التي افترضناها اعتباريا لغرض التحليل والتفكيك والبحث - حاجزا عن وحدة النص الموضوعية ابدا،انما لابد من الاشارة الضرورية الى ان طبيعة الصلة بين هذه الشواهد الاستدلالية او البنى البرهانية فكرية ذهنية هاجسية،وهذا مايعزز امكانية نشر كل بنية بشكل مستقل ،ذلك لانها
ملفوظ ومحمول متسق ومكتنز بذاته مع امكانية اتصاله بما قبله وما بعده..وسوف نختار في سياق دراستنا بعضا من هذه البنى للدلالة وللايضاح ولضربها كمثال اختصارا،فاستعراضها جميعا يدخلنا في الاسهاب ،ونحن نريد ايضاح طبيعة المنهج الذي اشتغلت عليه شاعرتنا قبل كل شئ..
::::::::::::
لست سواي...
*
لست سواي
فلا تفاوض النار على صفاتها
الشجر لا يحاسب على أسباب
الحريق
ولا لأنهم صنعوا الفأس
من ضلعه
الحطاب لم يكن يوما
ابن الغابة.
:::::
ذا الغريب يحمل نعشنا
فلمن الرصاصة
أيها الخراب؟
:::::
وحده الصمت يقول الحقيقة
فلا تعتصم بحبل اليقين
وتفرق بالتساوي على المشهد
قبل أن تدهس الخيل
سنابل الضوء
:::::
ولا تحمل العين ما لا يراه
القلب
كناسك تاه عن مناسكه
فتحنط في مسبحة
وامسك بكم المواسم
قبل أن يأكل السؤال
الكفن.
:::::
أنا غيري إذا غبت
وأنا أنت إذا عدت
لنرفع سقف الكلام بيننا
كي نخرج من قفص اللغة
برئة ثالتة.
:::::
لست سواك
فلا تتدحرج كطفل أضاع لعبة
ألوانه
فتجعد في الإطار.
:::::
أنا لست سوى ما اقترفته
من شرود
فلا تبحث عن المعنى
في الضباب
:::::
أنا انت
فلا تنكث بالمجاز
كي تخرج سليم الموقد
من المحبرة
واترك للخيال حظه في الصحو
الحكاية أضاعت طريق العودة
إلى البيت
فكيف لا يشرد السارد
وهو يسير في الريح
مأخوذا بمنطق المحو
والجمهور طين عجوز
لم يعد يصلح للنحث
فأين الباب
ايها الخشب؟؟؟
:::::
النص رغيف يابس
كلما تحرش بفكرة قاصر
انكسر غصن على سرة قافية
:::::
الشعر
شجرة ماء
من شرب منها
أصابه هوس التحليق
:::::
الجغرافيا لعبة أرقام وأرصدة
فلم هذه الخرائط ياصاحبي؟
:::::
الحلم مسافة ترانزيت
بين شهقتين
واحدة على خد زيتونة
في أقصى الأطلس
وثانية على شفاه نخلة تنزف
صلصالها
على صدر بويب
فاتركوا لي بياض الاستعارات
ريثما يأخذ الرماد حصته من دمي
:::::
قلبي سفينة
وقلبك منارة
فاشعل دمك
إني قادمة بجحيمي
رقصة واحدة تكفي
كي يتوحد العطش بالعطش
:::::
اقترب
شفاهي غابة قبل...
:::::
زكية المرموق
المغرب
..........
******
تحدثنا في المدخل السابق عن معنى البنية بشكل عام،وعلمنا بانها يمكن ان تعبر عن وحدة مصغرة تفصيلية في سياق النسيج العام ،كما ويمكن ان تعبر عن الاجمال ذاته ..
هذا يعني انها يمكن ان تكون مقصورا شعريا واحدا،او صورة تفصيلية ،او سطرا فكريا دلاليا..الخ....بالضبط كما هو حال اللبنة العمرانية..
هذا الحال هو الذي يهمنا في رحلتنا مع المرموق..
ذلك لان وحدات الشغل الشعري عندها قد تراكمت بشكل عمودي نازل او صاعد بحسب فهم المتلقي وقدراته من اجل واحدة من اثنتين:
* البرهنة..من خلال غزارة الامثلة..لاثبات المنطوق الاول ..
( لست سواي فلا تفاوض النار على صفاتها)..
هذا هو المطلوب اثباته بما يحتاج الى ادلة ذات مرجعية واقعية او فكرية او سيكولوجية..
فكانت روحية الاستدلالات ذات نكهة خطابية توجيهية صادرة من دكة معرفية عالية المقام ..اروع مافيها انزياحها الكامل عن اية مباشرة تقريرية في الوصف وطريقة التفكير بل ومفردات الاستدلال ذاتها،كونها جميعا من بنات الفكر الفني المخصب بالنشاط النفساني الذي يمثل البحيرة التي تسبح في امواهها الشعرية الحقيقية..
شاعرتنا اذن استلهمت الموروث الخطابي ( الحِكَمي) ولكنها حولته بحكم وعيها الابداعي الى حكمة فنية جمالية اشراقية المجس والدلالة والمشاعر..
(الشجر لايحاسب
على اسباب الحريق..
ولا لانهم
صنعوا الفاس من ضلعه..
..
ولنا بعد ذلك ان نفتح بوابات المخيال على مصراعيها،فنجعل من كل بنية او مثال او شاهد او دليل رمزا استعاريا واسع النطاق بدلالات فيضية تتصل وثيقا بخصوبة خيال كل منا على حده..
وعلى سبيل المثال يمكن تحميل البنية السابقة بكلية نسيجها المصغر هذا الى استعارة تنوب عن الحاكميات والشعوب بكل سلاسة واتضاح..
فالشجر..هو الشعب..
وليس هو سبب الاحراق،
انما السبب من قطعه وحوله الى حطب ثم اشعله مجرد وقود مستلب الارادة..
هذا الفهم لايحصر هذا المثال الذي اختارته الشاعرة بعناية فائقة وتوظيف ذكي بجغرافيا الحاكم والشعب،انما اردنا القول انه بذاته ممكن التفسير مستقلا،كما ويمكن الاستدلال به على المنطوق والمفروض والمطلوب اثباته الذي اوردناه في البداية..
هذه الامثلة التفصيلية هي ذاتها البنى او اللبنات التي ستشكل برمتها البنية العامة للنص في بعدي الشكل( المبنى) والمضمون ( المعنى) ،فالفصل هنا في حقيقته اعتباري او افتراضي لكون مآله البنيوي الى التصير باتجاه او في اطار البنية العامه..
المغرب
::::::::::::::::::::::::::::::
مدخل:
........في البدء ارى من الواجب ان نقرر امرا بالغ الاهمية هو ان دراسة الشاعر الناضج الذي استكمل ادوات سفره عدة وعددا،وأسّس لنفسه حضورا مميزا،بمعنى تحقيقه لمشهده الشعري الخاص ،وبالتالي تجلي اسلوبه الواضح الملامح،والذي يجعلنا نتعرف عليه بمجرد قراءة نصه حتى اذا لم يوقع بأسمه تحته..بالضبط كما يعرف ملامح احدنا الاخر،من خلال سيماه وجها وجسدا..تختلف عن ساع اخر في طريق الابداع باحث عن التحقق اختلافاً كثيرا..
اما من نتحدث عنها الآن فهي شاعرة مميزة واضحة الخصوصية لكل من خامر نتاجاتها وعايش انجازها،لهذا وجب ان نؤكد ذلك ليكون منطلقا سليما للحديث..
فمعلوم ان هذه السيميوطيقا تشتمل على الاداة التعبيرية للانسان كما اشتملت على ملامحه الشخصية التي تحدثنا عنها آنفا..
وهذه في الواقع ظاهرة شديدة الاهمية لا بد من تحققها ولو بالحدود الدنيا ،وهي على وجه التخصيص ما اطلق عليها الباحثون والنقاد قديما وحديثا اصطلاح (الاسلوب) ،ولقد كررنا عبر كثير من متابعاتنا المقولة النقدية التي ذاع صيتها حتى امست على كل لسان ذي علاقة بعالم الابداع فالامر يتسع ليشمل جميع الادوات التعبيريه اللغوية والحركية والفنية ونعني بها مقولة( الاسلوب هو المبدع) -في افضل ترجماتها غير الحرْفية-..
من هذه المنطلقات نقرر مقدما ان شاعرتنا - موضوع الحوار- قد تمكنت منذ زمن ليس بالقصير من تحقيق الاسلوب البالغ الخصوصية والذي بات معروفا ومشهودا من جبال اطلس حتى باب المندب..
وعليه فنحن حين ندرس نتاجا لاحد زملاءنا المتحققين ابداعيا،فليس من قبيل التقويم وانما من قبيل كشف تفاصيل هذا الاسلوب المتحقق الذي اشرنا اليه..
وقد يحصل ان نقترح على زميلنا او زميلتنا بعض ما نراه اجدى او احرى ،فتلك هي زاوية نظرنا،وله زاوية نظره،حتى انه ليس ملزما على الاطلاق بما نقترحه عليه ،الا اذا احب الالتفات ،او اقتنع بالاقتراح او رغب في خلق مدمج جدلي او مزاج حيوي بين مايراه ومايراه الباحث،ولكن بلغته وبادائه وبالتالي بإسلوبه الخاص الذي يعبر عن سيميائيته ،بل وحقيقته الابداعية المائزة...
هذا الكلام لايخص القصيدة الانموذج التي اخترناها كمثال لدراسة ادب زميلتنا المرموق الفاضلة،وانما هو حديث تنظيري عام فقط
++++++++++++++
مضمون العنونة الخاصة بالدراسة:
........................................
مفهوم البُنية:
................
لقد شاع هذا الاصطلاح في عالم الادب وعموم المشهد المعرفي والثقافي منذ فترة ليست بالقصيرة ،ولكن جذورها العربية ترتبط بالمفهوم النقدي العربي الموروث ونعني به ( المبنى والمعنى) فالمبنى لفظا مشتق من الفعل الثلاثي كوفيا والمصدر بصريا ،ولوضوح فكرة الاشتقاق من الافعال،نقول ان جذر البنية او المبنى او البناء كلها من الفعل: ( بنى) ومعلوم ان دلالته الاولى متعلقة بفعاليات البناء او التشييد العمراني ،ولكن البنبة تعني في ذات الوقت الفكرة المنهجية او الطريقة (المتبناة) اوالتي اقتضى الحال او طبيعة المشغل الذي تحت ايدينا ماديا عمليا نظريا كتابيا ان نتمنهجها كافضل وايسر واكثف الوسائل للوصول الى هدفنا في التشييد او التفكير..
..
من هنا توسع استخدام هذا الاصطلاح بحيث امتد الى مساحات فكرية وعملية مادية ونظرية في جميع انماط الفعل والفكر العلمية منها والادبية في الاقتصاد والسياسة وعلوم الحياة والهندسة والنقد الادبي والفلسفة لانه مفهوم ممكن وميسر الى حدود المرونة..لا يرينا طبيعة الوحدة المتماسكة فحسب ،وانما من منطلق كونه منهجا او طريقة سيرينا طبيعة التحولات التصعيدية او المتلاحقة وصولا الى المبنى الكلي او(البنيوية) الاجمالية للمشيد او للفكرة او للنظرية او للنص الابداعي الفني اوالادبي ...الخ..
انما يمكن ان تكون هذه البنية وحدة تفصيلية في اجمالي عام ويمكن ان تكون هي الاجمالي ذاته،لكنه في كل الاحوال وحدة تتكون من تفاصيل متحدة او متماسكة او نسيج شبكي في وحدة تشبه الى حد كبير الكتلة المصغره..ومن مجموع هذه الوحدات يمكن ان نشيد او نبني عمارة كاملة اونظرية اقتصادية كاملة او قصيدة
اولوحة كامله..
هذه الوحدات الصغيرة او البنى التفصيلية هي التي عرفتنا على طبيعة منهجية المرموق التي رصدناها منذ زمن ليس بالقصير عبر منجزها الاجمالي العام،فهي تخلق وحدات بنيوية صغيرة وتراكمها على بعضها لسببين بالغي الفطنة والذكاء،
*اولهما البرهنة من خلال ضرب البنى الصغيرة كامثلة دلالية ذات اثر فكري لاثبات المنظور او وجهة نظر المبدعة من خلال فعلها الابداعي ذاته ..
* وثانيهما خلق الاسلوب الابداعي الخاص الذي انتج عبر جميع مزاولاتها الشعرية خصوصا صبغة او اسلوبا يكاد يتعرف عليه الجميع ومن خلاله على مبدعته،وهذا ما سنتوجه -بالتفصيل الموجز الشديد التكثيف- اليه..
وخلاصة هذا التقديم نقول:
ان البنية والمبنى ومنهما البنيوية نسبة الى البنية او تحصيل حاصل البنى..ذات مرجعية معجمية عربية يغلط كثيرا من يظنها غريبة علينا حتى لقد شاع قدما مفهوم ،ان الاديب الحاذق،هو الذي يجيد تفصيل المبنى على المعنى،حتى ان اية زيادة هنا لاريب ستؤدي الى زيادة غير ضرورية هناك..
*****
فبنى ..الفعل..شيد..بنى المنزل..اما مجازا فيمكن ان ينسحب على التاسيس والتنمية واقامة المجد،وبنى موضوعه حسب معلوماته ،انشاه،كوّنه،ومنه التفكير الذي يبني ويعمر (نظريا او وعمليا)،
*كما ورد في معجم المعاني الجامع ..
وقد تاخذ معان لاحصر لها ولاضرورة لاستحضارها هنا بحسب ما تضاف اليه من الحروف..مثل بنى ب..او بنى على..وغير ذلك كثير..
..
انما لو تساءلنا ،هل توجد حقيقة مرئية او ملموسة على مستوى المادة او الصورة لاصطلاح البنية ،لكانت اجابة ..شتراوس ..هي الاكثر قربا من الحقيقة،حيث يؤكد ان البنية (مجرد طريقة او منهج يمكن تعميمه على كثير من الدراسات العلمية او الادبية او الفنية..او هي كما اشرنا في اعلاه نسيج يؤول الى وحدة بنيوية متماسكة..
..
وقد يتساءل احد ما،ترى لماذا تستخدمون المنهج البنيوي تحديدا في دراستكم لقصيدة المرموق او ربما هناك من يعترض اصلا ،انحيازا منه الى الطريقة الكلية -اذا جاز التعبير- والتي تدرس النص ككل اجمالي اعتقادا منه ان احالته على التفاصيل او الوحدات الصغرى سيقود الى هلهلة قد تكسر الجمال الكلي للنص ،وربما هناك دوافع ذات جذر ايديولوجي ما،يدفع بهذا الاتجاه ،ولكننا نقول مايلي:
نحن ندرس النصوص وفقا لما يفرضه منهج بناءها بعيدا عن اية مازومية فكرية او موقف مسبق..فلسنا في خصومة مع اي انجاز منهجي يمكن ان يسهم اكثر من غيره في معالجة او قراءة او تحليل النص ،وقد نلجأ الى غيره من المناهج النقدية المتكاثرة في مشروع ابداعي اخر..فالغاية هي الكشف وتبيان الاسلوب والطريقة والمباني ،شكلا،كما والاستدلال بها لكشف المضامين والافكار معنىً..وقديما قيل ( ان لكل مقام مقال ،ولكل حادث حديث) ..
:::::
جديدا: مع البنى الاستدلالية في قصيدة
( لست سواي) للشاعرة المغربية زكية المرموق:
(ح2 ) ------------------
ملاحظة تمهيدية:
::::::::::::::::::::::
في كتابه الشهير ( اثر المبنى ) يثير الجاحظ اشكالية كبيرة بخصوص مايتوجب علينا التركيز عليه في عالم الابداع المكتوب مؤكدا على الشكل باعتبارة محور شغل المبدع الاساس ،بينما يظن ان المعاني مطروحة في الطرقات ،ونحن هنا لا نذهب مذهبه هذا وانما نعتقد بأهمية المبنى في الدلالة على المعنى وربما نستصعب كثيرا احداث شرخ لانجد له ضرورة قصوى بين الشكل والمضمون لأن كلا منهما يؤدي الى الاخر،وربما يعنيه من باب اولى ..من هذا المنشا فإن ماسيراه المتلقي الكريم من الفواصل التي احدثناها بين فقرات نص الشاعرة زكية المرموق التي لم تكن موجودة في اصل النص وانما نحن من وضعها لبيان كل مثال او شاهد او بنية على حده..
وان اهتمامنا بهذا الجانب يتاتى من قوة حضوره في هذا النص المتواتر الدقيق البناء،مستذكرين مقولة عزرا باوند المعروفة القائلة ( ان الشعر هو نوع من الرياضيات الفنية) ،واننا مهما اطلقنا لانفسنا كمبدعين حرية التداعي ،فأن قيمة واعتبار شاعريتنا ستتعرض الى الكثير من الربكة والانفلاش احيانا اذا اهملنا آلية ( اشراف الوعي ) ولو من بعيد..
وعليه نقول ليست هذه الفواصل- التي افترضناها اعتباريا لغرض التحليل والتفكيك والبحث - حاجزا عن وحدة النص الموضوعية ابدا،انما لابد من الاشارة الضرورية الى ان طبيعة الصلة بين هذه الشواهد الاستدلالية او البنى البرهانية فكرية ذهنية هاجسية،وهذا مايعزز امكانية نشر كل بنية بشكل مستقل ،ذلك لانها
ملفوظ ومحمول متسق ومكتنز بذاته مع امكانية اتصاله بما قبله وما بعده..وسوف نختار في سياق دراستنا بعضا من هذه البنى للدلالة وللايضاح ولضربها كمثال اختصارا،فاستعراضها جميعا يدخلنا في الاسهاب ،ونحن نريد ايضاح طبيعة المنهج الذي اشتغلت عليه شاعرتنا قبل كل شئ..
::::::::::::
لست سواي...
*
لست سواي
فلا تفاوض النار على صفاتها
الشجر لا يحاسب على أسباب
الحريق
ولا لأنهم صنعوا الفأس
من ضلعه
الحطاب لم يكن يوما
ابن الغابة.
:::::
ذا الغريب يحمل نعشنا
فلمن الرصاصة
أيها الخراب؟
:::::
وحده الصمت يقول الحقيقة
فلا تعتصم بحبل اليقين
وتفرق بالتساوي على المشهد
قبل أن تدهس الخيل
سنابل الضوء
:::::
ولا تحمل العين ما لا يراه
القلب
كناسك تاه عن مناسكه
فتحنط في مسبحة
وامسك بكم المواسم
قبل أن يأكل السؤال
الكفن.
:::::
أنا غيري إذا غبت
وأنا أنت إذا عدت
لنرفع سقف الكلام بيننا
كي نخرج من قفص اللغة
برئة ثالتة.
:::::
لست سواك
فلا تتدحرج كطفل أضاع لعبة
ألوانه
فتجعد في الإطار.
:::::
أنا لست سوى ما اقترفته
من شرود
فلا تبحث عن المعنى
في الضباب
:::::
أنا انت
فلا تنكث بالمجاز
كي تخرج سليم الموقد
من المحبرة
واترك للخيال حظه في الصحو
الحكاية أضاعت طريق العودة
إلى البيت
فكيف لا يشرد السارد
وهو يسير في الريح
مأخوذا بمنطق المحو
والجمهور طين عجوز
لم يعد يصلح للنحث
فأين الباب
ايها الخشب؟؟؟
:::::
النص رغيف يابس
كلما تحرش بفكرة قاصر
انكسر غصن على سرة قافية
:::::
الشعر
شجرة ماء
من شرب منها
أصابه هوس التحليق
:::::
الجغرافيا لعبة أرقام وأرصدة
فلم هذه الخرائط ياصاحبي؟
:::::
الحلم مسافة ترانزيت
بين شهقتين
واحدة على خد زيتونة
في أقصى الأطلس
وثانية على شفاه نخلة تنزف
صلصالها
على صدر بويب
فاتركوا لي بياض الاستعارات
ريثما يأخذ الرماد حصته من دمي
:::::
قلبي سفينة
وقلبك منارة
فاشعل دمك
إني قادمة بجحيمي
رقصة واحدة تكفي
كي يتوحد العطش بالعطش
:::::
اقترب
شفاهي غابة قبل...
:::::
زكية المرموق
المغرب
..........
******
تحدثنا في المدخل السابق عن معنى البنية بشكل عام،وعلمنا بانها يمكن ان تعبر عن وحدة مصغرة تفصيلية في سياق النسيج العام ،كما ويمكن ان تعبر عن الاجمال ذاته ..
هذا يعني انها يمكن ان تكون مقصورا شعريا واحدا،او صورة تفصيلية ،او سطرا فكريا دلاليا..الخ....بالضبط كما هو حال اللبنة العمرانية..
هذا الحال هو الذي يهمنا في رحلتنا مع المرموق..
ذلك لان وحدات الشغل الشعري عندها قد تراكمت بشكل عمودي نازل او صاعد بحسب فهم المتلقي وقدراته من اجل واحدة من اثنتين:
* البرهنة..من خلال غزارة الامثلة..لاثبات المنطوق الاول ..
( لست سواي فلا تفاوض النار على صفاتها)..
هذا هو المطلوب اثباته بما يحتاج الى ادلة ذات مرجعية واقعية او فكرية او سيكولوجية..
فكانت روحية الاستدلالات ذات نكهة خطابية توجيهية صادرة من دكة معرفية عالية المقام ..اروع مافيها انزياحها الكامل عن اية مباشرة تقريرية في الوصف وطريقة التفكير بل ومفردات الاستدلال ذاتها،كونها جميعا من بنات الفكر الفني المخصب بالنشاط النفساني الذي يمثل البحيرة التي تسبح في امواهها الشعرية الحقيقية..
شاعرتنا اذن استلهمت الموروث الخطابي ( الحِكَمي) ولكنها حولته بحكم وعيها الابداعي الى حكمة فنية جمالية اشراقية المجس والدلالة والمشاعر..
(الشجر لايحاسب
على اسباب الحريق..
ولا لانهم
صنعوا الفاس من ضلعه..
..
ولنا بعد ذلك ان نفتح بوابات المخيال على مصراعيها،فنجعل من كل بنية او مثال او شاهد او دليل رمزا استعاريا واسع النطاق بدلالات فيضية تتصل وثيقا بخصوبة خيال كل منا على حده..
وعلى سبيل المثال يمكن تحميل البنية السابقة بكلية نسيجها المصغر هذا الى استعارة تنوب عن الحاكميات والشعوب بكل سلاسة واتضاح..
فالشجر..هو الشعب..
وليس هو سبب الاحراق،
انما السبب من قطعه وحوله الى حطب ثم اشعله مجرد وقود مستلب الارادة..
هذا الفهم لايحصر هذا المثال الذي اختارته الشاعرة بعناية فائقة وتوظيف ذكي بجغرافيا الحاكم والشعب،انما اردنا القول انه بذاته ممكن التفسير مستقلا،كما ويمكن الاستدلال به على المنطوق والمفروض والمطلوب اثباته الذي اوردناه في البداية..
هذه الامثلة التفصيلية هي ذاتها البنى او اللبنات التي ستشكل برمتها البنية العامة للنص في بعدي الشكل( المبنى) والمضمون ( المعنى) ،فالفصل هنا في حقيقته اعتباري او افتراضي لكون مآله البنيوي الى التصير باتجاه او في اطار البنية العامه..
.لست سواي
في ح3
مع زكية المرموق
***************
لان الفكرة باتت واضحة كما نتصور،سنختار امثلة او بنى استدلالية اخرى من باب الاكتفاء بالنموذج او الشاهد الاول..
* (الحطاب لم يكن يوما ابن الغابة)???..
ابن من هو اذن..بل من هو اصلا?!
*ذا ..الغريب..
يحمل نعشنا..
فلمن الرصاصة
ايها الخراب?!
لايمكن في مثل هذه الحال الاكتفاء باعتبار ما تم اجتزاؤه من النص مجرد شاهد جامد،يدخل في سياق الدلالة على المعنى العام..انما كان مثلا حيويا ديناميا حركيا يقبل الانضمام مع الكل ،كما ويقبل التفسير الحركي المستقل..
.من هو الغريب..
هذا الذي يحمل نعشنا
كل تاريخنا
كل موروثنا
كل مجدنا
كل وجودنا..
كل حبورنا وسعادتنا
من هو
من هذا المنطلق اطلقنا سمة الوعي على البنية المصغرة لتشكل في مجموعها وعيا دعويا تفجيريا واسع النطاق..
وهذه في الحقيقة احدى اهم مسؤوليات الشاعر النبيل..
كل الاستدلالات الرائحة باتجاه اثبات المطلوب،قصائد..!!!
..
لان جميع البنى الداخلية لو قدر لها ان تحضى باطارها المنسجم لاريب عندي انها ستكون نجوما شعرية مميزة لأنهاومضات داخلية
وبنى توعوية مبدعة وبالغة الاثر..
*
الذي لاحظته وفق منظور خاص ان شاعرتنا زكية المرموق قد خلقت ظفيرة جدلية معنوية وبنيوية في ان واحد،ولكنها وظفت في السياق اكبر قدر من احوال الاستلهام الايجابي للخطاب التاريخي للموروث الحي الذي عرجنا عليه انفا..
وهي بذلك قد خلقت حداثتها الخاصة المتجذرة..
ان اصطلاح الحداثة المتداول قد حجز الجغر افيا التي يتوجب ان تكون لما بعد الحداثة ..فقد وصلتنا اغلوطة نقدية منعت عنا رؤية الاصطلاح الاجدى،والادق في التعبير عن معنى التحديث السليم،وليس القافز على الحقائق..
مابعد الحداثة -تكرارا-هي فعاليات التحديث التي تنطلق من الموروث الايجابي الحي،وليس ركله او رفضه بكل مافيه..هذا يعني ان ما بعد الحداثة هو جوهر الحداثة...
ولهذا فإن مفردة او اصطلاح الحداثة بالمعنى السابق يجب ان تتم ازاحته ،من اجل الترويج لمابعد الحداثة باعتباره هو الحداثة كما اسلفنا..هناك اصطلاح زائد بحكم معناه الشائع المتداول وهو محض اغلوطه..في حين اضطر النقاد والباحثون عموما الى استخدام هذا الاصطلاح الجديد واعني مابعد الحداثة من باب ايجاد الحل الممكن،ولكن الحل الاصح يكمن في تصحيح المفاهيم،واعتبار ان الحداثة الحقيقية هي مابعد الحداثة وكفى..
ولقد استلهمت الاستاذة زكية المرموق مفهوم الحداثة الشعرية من الموروث الايجابي الذي تحدثنا عنه ..لاداعي كما ارى الى مصطلح مابعد الحداثة..وانما من الضروري جدا تعديل معنى الحداثة المتداول خطأ بالمعنى الجديد الذي يشتمل عليه مصطلح مابعد الحداثة..فننتهي من ترف المصطلحات غير المجدي،في نفس الوقت الذي نقشع اغلوطة كبيرة مقطوعة الجذور..
( وحده الصمت يقول الحقيقة..
فلاتعتصم بحبل اليقين
وتفرق بالتساوي على المشهد
قبل ان تدهس الخيل
سنابل الضوء)..
مازالت شاعرتنا تستلهم حكمتها الفنية ذات النفس الاشراقي والتصوير البلاغي غير المجوف او المسطح،وانما المكتظ بأدق مفردات حياتنا الواقعية،فضلا عن استلهامها لروح العارف
او العراف احيانا،مع تحوله على يديها الى هذا الرائي المثخن بجراح الوقت والخارح منها بعشبة جلجامش ومسلة الناصح اوالراشد الرؤيوي العابر للمرحلة الزمكانية وعيا،من دون التنكر لها او القفز منها الى حيث وصل وعيه،وانما ترك راسه النوراني يرتحل باحنحة الوعي النوعي بعيدا،مع ابقاء قدميه هنا على ارض الواقع من اجل ان يغترف ويتعايش ويستنبط ،ليقدم حكمته لمن حوله على بساط ابداعي بليغ وجميل..
لكن قد يتوهم احد ما ان الشاعرة حين تطلب مغادرة حبل اليقين هنا بمعنى اليقين المتعلق بالايمان ..كلا ..هي تدعونا الى حسن التخلص من الاستسلام والخضوع للسكونية الموات ،وللسائد المتردي وليس اليقين المعرفي الخلاق..اصلا هي تدعو للثورة على الغفلة والركون الى مالاتحمد عقباه من الهزيمة الحضارية التي طال عليها الزمان..
كل بنية مجدولة با حكام لانتاج او استنطاق او استلهام بنية جديدة فوقها لتكون جميعا بحسب هذا المفاد الاول شواهد وامثلة للاستدلال نثبت من خلالها المنطوق الاول،وهكذا دواليك حتى اخر شواهد هذا النص المبتكر بكل تفاصيله..ولامجال عندنا لعرض كافة البنى المتلاحقة ،ربما يكون ذلك فيما نحن بصدده من كتاب ،تم اختيار هذا النص لكي يكون في اطار جزئه الاول بعونه تعالى..لان جميع البنى الداخلية لو قدر لها ان تحضى باطارها المنسجم لاريب عندي انها ستكون نجوما شعرية مميزة لأنهاومضات داخلية
وبنى توعوية مبدعة وبالغة الاثر..
*...... تكرار توكيدي......*
ان شاعرتنا زكية المرموق قد خلقت ظفيرة جدلية معنوية وبنيوية في ان واحد،ولكنها وظفت في السياق اكبر قدر من احوال الاستلهام الايجابي للخطاب التاريخي للموروث الحي الذي عرجنا عليه انفا..
وهي بذلك قد خلقت حداثتها الخاصة المتجذرة..
ان اصطلاح الحداثة المتداول قد حجز الجغر افيا التي يتوجب ان تكون لما بعد الحداثة ..فقد وصلتنا اغلوطة نقدية منعت عنا رؤية الاصطلاح الاجدى،والادق في التعبير عن معنى التحديث السليم،وليس القافز على الحقائق..
مابعد الحداثة -تكرارا-هي فعاليات التحديث التي تنطلق من الموروث الايجابي الحي،وليس ركله او رفضه بكل مافيه..هذا يعني ان ما بعد الحداثة هو جوهر الحداثة...
ولهذا فإن مفردة او اصطلاح الحداثة بالمعنى السابق يجب ان تتم ازاحته ،من اجل الترويج لمابعد الحداثة باعتباره هو الحداثة كما اسلفنا..هناك اصطلاح زائد بحكم معناه الشائع المتداول وهو محض اغلوطه..في حين اضطر النقاد والباحثون عموما الى استخدام هذا الاصطلاح الجديد واعني مابعد الحداثة من باب ايجاد الحل الممكن،ولكن الحل الاصح يكمن في تصحيح المفاهيم،واعتبار ان الحداثة الحقيقية هي مابعد الحداثة فننتهي من ترف المصطلحات غير المجدي..
الوجه الاخر لمرايا
الاديبة زكية المرموق
ح4 والاخيره:
*******************
***
التراكم الديالكتيكي المنتج :
........................
بعد ان اوضحنا امكانية النظر الى البنى المتلاحقة من زاوية اعتبارها امثلة او شواهد برهنة واستدلال،حتى الناتج الرائع الذي ختمت به قصيدها باعتباره تحصيلا لحاصل او سقفا لجميع التاسيسات السابقة،ذات السمات الحضارية العامة والابداعية الخاصة بما فيها التاسيس لمنهجية شعرية شكلت في النص غلافا او قناعا او تمظهرا بينما عبأت مبدعتنا تحته رؤى ومضامين تضرب على اوتار الحياة في جانب واحوال الترقي المعرفي والسيكولوجي والقيمي في جانب اخر،وصولا الى ضربة النص المدهشة الخاتمة الاخيرة:
(تعال...
...غابة من قبل)..
ويالها من نقطة للبداية في ذات الوقت..
وانطلاقا من كل ما عرضناه نتصور امكانية وجود زاوية نظر اخرى او هو
الوجه الثاني للمرآة الذي يمكن ان يتم تفسير محطات النص ذاته على اساسه باعتباره بنى تراكمية منتجة..
او هي كما يقول انجلز مامعناه ،تحول الكم الى كيف جدليا انطلاقا من قاعدة الهرم وصولا الى الختام الاشمل او الاكمل،فاذا كان نص شاعرتنا بدا بعرض التفاصيل فوق بعضها في متراكم جدلي فقد انتهى بالنوع الاشمل والاكمل بصيغته الفنية المتكاملة التي امامنا ،نصا مبدعا بليغا عميق الدلالات والتلميحات والايحاءات ..
هذا النص وان كان قد استوعب التجربة الغربية لقصيد النثر بكل وضوح،فانه ضرب بجذوره الاصيلة في اعماق الذاكرة المعرفية العربية خاصة والاسلامية عامة كروح دعوية فكرية اشراقية مثالية القيم واقعية المنطلقات..
الاديبة الاستاذة زكية المرموق المبدعة ،كان يمكن ان يكون هذا المبحث اكثر تفصيلا واعمق تاويلا ،انما نكتفي بالامكان املين تمام البيان ،والسلام..
تعقيب الناقدة نائلة طاهر
جريدة آفاق نقدية ماذا بعد الحداثة ؟أستاذ غازي لمح إلى أن نص الرائعة زكية المرموق يؤسس لمرحلة ما بعد الحداثة وبرأيي هو في مقدمة المسيرة التي تجاوزت مصطلح الحداثة بعد أن ركبت قطاره حين تأثرت بالموجة الغربية في الأدب .ونحن نعلم البصمة الغير متكررة في الأدب المغاربي في مجال قصيدة النثر .وبدون إطالة في هذا الموضوع نذكر ان كتاب النثر في المغرب العربي الكبير استلهموا الفكرة الوجودية والرمزية بمختلف اتجاهاتها اللغوية والتعبيرية من الأدب الغربي تماهيا مع طبيعة الثقافة في هذه المنطقة الجغرافية القريبة من أوروبا .لذلك أستاذنا تبقى ميزة حرف المرموق في نجاحها في التوفيق ما بين المكونين الأساسيين لثقافة الشاعر المتأتية من بيئته والمتأثرة بالحضارة الأقرب إليه .وهذا النص نفسه مثال جيد لتحقيق هذه المقاربة والمقارنة الأدبية .وقد كنتَ أستاذ غازي أوردت كل التفاصيل المهمة وحتى الهامشية المتعلقة بأسلوب وصور التعبير في النص مع إضافة منهجية من الأستاذ كريم القاسم.
ماذا بعد الحداثة أجابت عنه المرموق بعدة قصائد وحجج اثابتية أكدت أن الزمن الثاني لرواد قصيدة النثر قد بدأ من حيث انتهى بودلير و واندريه بريتون ومن بعدهم انسي الحاج و الماغوط وادونيس ما بعد الحداثة هم شعراء العراق بعد الغزو الأمريكي هم شعراء ما بعد الربيع العربي هم الشعراء الذين قال عنهم "أندري بريتون:(لِمَ أقفُ صامتًا ولي فم
لِمَ أقفُ ساكنًا ولي قدمان
لِمَ لا أنظرُ ولي عينان
لِمَ لا أصرخُ وأنا غارقٌ في هذه التَّعاسة
لأنَّي مِن حجر.
هم الشعراء الذين لا يمكن أن يكونو ابدا حجرا مهملا في الطبيعة أو في القصور أو في السجون المهترئة جدرانها .
ما بعد الحداثة لها ضرورة أخرى رديفة وهي ما بعد النقد ؟النقد كان دائما هو المنظر للأدب عامة والمحرك الأساسي للعملية الإبداعية .قلت كان والآن له موجة جديدة تجسدت بأقلام عدة نقاد ومنهم الأستاذ غازي كمثل قريب مني الآن .النقد صار على يد المجددين أمثاله فرصة لعرض ملخص مناسب للنظريات المتناسبة مع النص وفرصة لتأريخ الفترة الحاضرة واستذكار السابقة لأن من يرتاد فضاءاتنا الاكترونية لا تتوفر له غالبا الإلمام بتلك المعارف .هذا الأسلوب الجديد الذي طبعا يكون رديفا للنقد الشكلي والبنيوي،والنقد الوظيفي،و النقد الاجتماعي والنقد النفسي دون أن ننسى النقد الوجودي .فأي ناقد يجمع كل هذه الأدوات حين يباشر نصا ما هو ليس ناقدا فقط وإنما هو ناقد ما بعد الحداثة .ناقد عصره، أي مؤسس لفترة تاريخية أخرى في النقد الأدبي الحديث .من أجل كل هذا قيل لكل فرس فارسها ولكل عصر رجالاته.
وهنا اكتفي .
تحياتي للجميع
ماذا بعد الحداثة أجابت عنه المرموق بعدة قصائد وحجج اثابتية أكدت أن الزمن الثاني لرواد قصيدة النثر قد بدأ من حيث انتهى بودلير و واندريه بريتون ومن بعدهم انسي الحاج و الماغوط وادونيس ما بعد الحداثة هم شعراء العراق بعد الغزو الأمريكي هم شعراء ما بعد الربيع العربي هم الشعراء الذين قال عنهم "أندري بريتون:(لِمَ أقفُ صامتًا ولي فم
لِمَ أقفُ ساكنًا ولي قدمان
لِمَ لا أنظرُ ولي عينان
لِمَ لا أصرخُ وأنا غارقٌ في هذه التَّعاسة
لأنَّي مِن حجر.
هم الشعراء الذين لا يمكن أن يكونو ابدا حجرا مهملا في الطبيعة أو في القصور أو في السجون المهترئة جدرانها .
ما بعد الحداثة لها ضرورة أخرى رديفة وهي ما بعد النقد ؟النقد كان دائما هو المنظر للأدب عامة والمحرك الأساسي للعملية الإبداعية .قلت كان والآن له موجة جديدة تجسدت بأقلام عدة نقاد ومنهم الأستاذ غازي كمثل قريب مني الآن .النقد صار على يد المجددين أمثاله فرصة لعرض ملخص مناسب للنظريات المتناسبة مع النص وفرصة لتأريخ الفترة الحاضرة واستذكار السابقة لأن من يرتاد فضاءاتنا الاكترونية لا تتوفر له غالبا الإلمام بتلك المعارف .هذا الأسلوب الجديد الذي طبعا يكون رديفا للنقد الشكلي والبنيوي،والنقد الوظيفي،و النقد الاجتماعي والنقد النفسي دون أن ننسى النقد الوجودي .فأي ناقد يجمع كل هذه الأدوات حين يباشر نصا ما هو ليس ناقدا فقط وإنما هو ناقد ما بعد الحداثة .ناقد عصره، أي مؤسس لفترة تاريخية أخرى في النقد الأدبي الحديث .من أجل كل هذا قيل لكل فرس فارسها ولكل عصر رجالاته.
وهنا اكتفي .
تحياتي للجميع
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق