الاثنين، 13 نوفمبر 2017

حركيّة النص ،،سر نجاحه ،،قراءة في نص (على نية عينيك ) للشاعرة سعاد محمد بقلم / الروائي الناقد جمال قيسي

حركيّة النص ،،سر نجاحه ،،قراءة في نص (على نية عينيك ) للشاعرة سعاد محمد
سأحاول. ان أفلت ،،من الإعجاب ،،مع ان الامر في غاية الصعوبة،،لذلك سأتناول مقطعين من النص الباهر للشاعرة سعاد محمد،،كقارئ ومتذوق بحس نقدي ،،،
 
 
 
في قطاع المنافسة للخطاب ،،اي خطاب،،كان قصب السبق للفن التشكيلي ،،في المنحى السوريالي ،،والتعبيري،،السوريالية مدرسة نهضت ،،على بحوث الفاتح سيغموند فرويد،،والتعبيرية بالإمكان تنسيبها لمدرسة كارل يونغ ،،كان الفن التشكيلي الحقل الاول الذي ،،انطوى على السوريالية والتعبيرية،،بروائع سلفادور دالي ،،ورينيه. ماغريت ،،وريماردوس ڤارو،،وإدفارد مونش ،،واخريين ،،من رواد الحداثة وما بعدها،،ليشكلوا،،الطليعيات في قيادة الحراك التاريخي الحضاري ليضعوا قسمات القرن العشرين والذي يليه. ولسنا هنا بصدد البحث الفكري،،او العمق الفلسفي ،،الذي شكل الارضيّة التى شُيدت عليها ،،هذه المدارس،،لكن المفارقة هي ان يتحول النص الشعري ممثلًا بقصيدة النثر ،،الى حقل يتخطى خطاب اللوحة التشكيلية،،اذ اننا نعرف ان خطاب اللوحة يأتي دفعة واحدة،،بتأويل محدد،،فيما شكلت قصيدة النثر التي اتخذت واسمة السوريالية والتعبيرية ،،تطورًا لافتًا ،، بتأويلات لاحدود لها،،ومع ان هذا الايضاح ،،يتصف بالإيجاز ،،وربما التعسف ،،الا ان الجانب الذي يأسر اللب،،هو الصورة التي تتشكل في القصيدة،،الامر الذي يحيلنا الى مصطلحات علم السرد،،في جانب الوصف والمكان ،،وكذلك صيغ الخطاب ،،والصوت،،
الذي يميز نص سعاد محمد،،انها ابتكرت طريقة لخلط وتداخل هذه الوحدات ،،مع صعوبة مثل هذا الامر،،والذي سنوضحه ،،وعدا هذا الجانب التقني سنؤشر تحقق الشاعرية ( بوطيقا ) ،،في النص ،،وبالذات في المقطعين المختارين،،لأَنِّي لأول مرة المس ،،هذه اللمحات الشعرية ،،في جملتين،،لتضفي الشاعرية على الجملتين وعلى النص مجتمعًا ،،وهي فرادة نادرة،،وصعوبة في إمساك نقاط الارتكاز،،للخطاب ،،وهو ما اعتقده ،،جوهر الأدبية ( البوطيقيا ) ،،بل هو جوهر الروح في حراكها الكوني،،والذي لم تستطيع كل النتائج الباهرة لعلوم الالسنيات ان تمسك به ،،ربما فائض المعنى لدى بول ريكور ،،فقط من استطاع الاقتراب منه ،،وبعض أبحاث يوري لوتمان في المكان،،من التماس الإطاري ،،في حين انشغل باشلار ،،بشاعرية المكان ،،اي صياغة فضاء النص أدبيًّا ،،مما أبعده عن جوهر الروح،،وكذلك فعل العظيم إريك فروم ،،ربما الصرامة العلمية في المنهج ،،أبعدتهم عن مقولة هيجل ( حياة الروح ) ،، لا اعرف،،ربما لان فعل الشعر،،هو فعل ميتافيزيقي. بحت،،
لنعود الى الشاعرة سعاد محمد،،حتى لايكون كلامنا ممل وجاف،،ونؤشر حركة الشاعرية وارتكاز الخطاب،، ولنرى لم تجربتها الشعرية في غاية الأهمية ،،والذي اتمنى على كل من يزاول الشعر،،ملاحظته ،،
في المقطعين الاول والثاني،،للنص شكلت سعاد محمد ،،فضائها النصي،،بعملية وصف ورسم المكان،،ومعشر النقاد والمعنيين بعلم السرد ( لا حاجة لان نذكر بأن قصيدة النثر تنطوي على جمل سردية ) ،،يعرفون ،،ان وحدات الوصف والمكان،،هي عملية توقف للزمن ،،اي بمعنى الزمن يساوي صفر،،اي توقف للفعل ،،وتكون وجهة النظر ( مصطلح سردي يراد به رؤية السارد وهنا نقصد عين الشاعر ) اشبه بالكاميرا التي توثق وتنقل صورة المكان ومسرح الأحداث ،،وكذلك فعلت بالمقطع الأخير للنص ،،، اما في المقطعين الثالث والرابع ،،فهما قلب القصيدة النابض،،أشبه بالتروس ،،او المحرك ،،الذي يولد الحركة ،،في اي نظام ميكانيكي ،
أذكِّركَ بحرامي الوقتْ.. ِ
يتلذّذُ برسمِ بابٍ قبلَ نهايةِ الفكرة
فيركضَ الكلامُ ليسبقَ البابَ
يتعثّرُ ويفقدُ ذاكرتهُ!
نلاحظ هنا الفواعل ( وهي كل ملفوظ يؤدي او ينقل صورة حركة ،،سواء كان اسم او صفة او فعل او فاعل او مفعول به ) فالفعل ( أذكركَ ) يتخذ صيغة المضارع،،او هكذا شعرت به،، وكذلك ملاحظ صيغة الفعل المضارع ( يتلذذ ،يركض ،يسبق ، يتعثر ، يفقد ) ،،والحرامي فاعل والوقت،،اسم يوحي بالحركة وكذلك الكلام اسم يؤدي نفس الغرض ،،والباب اسم يوحي بالدخول الى حيّز اخر ،،او الانتقال لوضع مختلف،،
نلاحظ هناك الطاقة الحركية الهائلة،،بزخم قوي،،ان استخدام صيغ الفعل المضارع ،،هي التي تميز نجاح النص الأدبي،،اذ تشعر المتلقي بانه في آتون حركة ،،وكل مايتصف بالحركة،،يكون رديفًا للحياة في جوهرها ،، وهو ماتتقبله الإذن ،،ويتواشج مع سر الحياة المبهج ،،بطريقة لا شعورية،،،
أذكِّرك بخطّاءةٍ على كرسي الاعتراف
تنهرها أجراسُ الرّغبةَ لتخبرَكَ:
تعجبني,يا رجلُ, فوق طاقتي على الكتمان
فلجمَها تسلّطُ رهبنتِكَ!
في المقطع الرابع أعلاه ،،يعود الفعل ( أذكرك ) ليضفي الرهونية الحاضرة على بقية الجملة ،،المتوقفة في الماضي بحكم الوصف،،وكما قلنا الوصف هو ان يكون الزمن صفرًا،،لتعود في الجملة الثانية لتجعل الصيغة بالمضارع ( تنهرها ) وأجراس ،،هو جمع لاسم جرس،،والجرس اسم يوحي بالحركة،،لتزداد بصيغة الجمع ،،والرغبة هي اندفاع حركي،،وتعود لصيغ المضارع لتخبرك وتعجبني،،وكذلك طاقتي
لتنسحب بهبوط حاد نحو ،،سكونية من تخاطب،،وبرودة موقفه
اتمنى ان تكون الفكرة قد وصلت،،واعتذر سلفًا ،،ان كانت القراءة لا تعجب أرباب اللغة،،لأَنِّي غير مختص باللغة،،وعذري انني أردت ان انبه الى ضرورة ان يتضمن النص الناجح الفعالية الحركية ،،وهو سر نجاح اي نص ادبي
جمال قيسي / بغداد
ت٢ -٢٠١٧
النص
على نيّةِ عينيكَ وبمفعولٍ رجعيٍّ
أعاقرُ هذا اللّيلَ
ليلأ ليس بواردهِ إلا وجهُكَ
يومَ كانَ قلبي في متناولِ صوتِكَ
تضمُّهُ تارةً ثمَّ ترميهِ ككرةِ ثلجٍ في وديانِ اللاشيء!
وعلى سيرةِ الثّلجِ يا سيّدَه
أذكّركَ بمعجزةِ الطّمأنينة
باندلاقِ العينِ في العين
دونَ أن يستيقظَ طفلُ الحذرِ
أو تجفلَ الشبابيكُ السّعيدة
أذكِّركَ بكائناتِ الإلفةِ
تعلّقُ الضحكاتِ على الملامحِ
وتفرشُ سجادَ الكلامِ الملوّنْ
كائناتٍ تشبهُ نبوغَ المعنى في بذرةِ الصّمتِ
الصّمتِ الوديعِ كسُحنةِ أمنيةٍ تحتَ سطوةِ الصّلاةْ!
أذكِّركَ بحرامي الوقتْ.. ِ
يتلذّذُ برسمِ بابٍ قبلَ نهايةِ الفكرة
فيركضَ الكلامُ ليسبقَ البابَ
يتعثّرُ ويفقدُ ذاكرتهُ!
أذكِّرك بخطّاءةٍ على كرسي الاعتراف
تنهرها أجراسُ الرّغبةَ لتخبرَكَ:
تعجبني,يا رجلُ, فوق طاقتي على الكتمان
فلجمَها تسلّطُ رهبنتِكَ!
أذكِّركَ بغريبين:
رجلٍ قدَّرهُ الرّبُّ ليلةَ عيدٍ
وامرأةٍ ولدتْ في طفرةِ عزًّ
فسُكِبَ في شرايينها بدلَ الدّمِ نبيذ!
غريبين قالا:
مرحباً..
ثمَّ ضاعا!.
،، اللوحة للفنانة العظيمة ريماردوس ڤارو

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق