الجمعة، 12 أكتوبر 2018

مقطع ..من رواية يوميات اسماعيل للروائي جمال قيسي



مقطع ..
من رواية يوميات اسماعيل للاستاذ Jamal Kyseمع التقدير...
،،،
كيف لك ان تحتمل ؟! كل هذا اللغط - لتغذ الخطى ليس عليك ان تتمهل ، قط ،،ليس هناك غير ان تلذعك الحياة بمشاهدها القاسية - لا تبالغ اسماعيل مناسيب الكآبة المرتفعة لن تجني منها شيء مجرد إشارة لنفاد الصلاحية عندها عليك ان تبحث عن اقرب مكب. نفايات
عليك ان تواصل محاججتك للإله جراء هذا الاخصاء او ان تبحث عن وسيلة للتخلص من هذا الوعي المريض
يجب ان يعاد النظر بمجمل الاتفاقية ، لانها لم ترقى للمعاهدة ،،ببساطة فيها تكمن الخديعة ،،الطرفان او على الاقل احدهم لم يكن. بنية حسنة ، بالتاكيد الطرف القوي. يقع على عاتقه انهيار الاتفاق مع انه. قد تم تحذيره من الملائكة قالوا له بصريح العبارة " أتجعل. فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء " - لا اعرف كيف يراد منا ان نعمر الارض وقد تقطعت بِنَا الأسباب ،،أسبابنا الداخلية،،عندما تعطب الروح لن يبقى منا الا كتلة عضوية عطنة ربما حتى دود الارض يأنف ان يضعها ضمن مفردات قائمة طعامه لاحقًا ،،
كان النور ينهمر بشكل عجائبي يُضيء الزقاق الذي لانهاية له وأبنيته تبدو متصلة في أعلاها لدرجة ان لا سماء هناك ويرتفع الزقاق الى ما لانهاية في وسطه سلم لايتذكر هل انه في بدايته ام انه قد تخطى قبل موقفه السلالم الغير منتهية،،النباتات المتدلية من الشرفات على الطراز الفكتوري تضفي لونًا ساحرًا على الطابوق المكون. للجدران ،،هو واقف بدون حراك لكنه يشعر كأنما في حالة صعود،،الشرفات تضج بالحركة وأصوات ضحكات نسائية بصدى و كلام غير مفهوم لغة اخرى لكنها تبدو مألوفة ،،يحاول ان يرتقي السلم لكن رجله متسمرة لاتطيع إرادته
كان هذا حلمه. في الليلة الفائتة ليس سيئًا وبنفس الوقت لايعد سعيدًا ،،( انه اللاشيء - لحظة ، لحظة ! - انه شبيه بال ،،، )
تذكر احدى الوقائع
في احدى رحلاته الإلزامية الكريهة إبان. ،،سنوات الحرب
صدر امر نقله الى الجبهة الشمالية. لايعرف اي تسلسل لهذا الامر،،ربما الخامس او السادس،،بمطلق الاحوال جبهة كردستان افضل من جبهة الجنوب في تلك الايام اللعينة ، والوطن اللئيم حين تتهافت فيه الآمال
كان الصعود الى الربيّة ،،يتطلب مهارة خاصة ليست متعلقة بالإمكانية او بالجهد البدني ، تصلبت عضلاته بعد اقل من شهر لالتحاقه إنما ما يحتاجه امر مختلف،،عليه ان يحتفظ بذاكرة تصويرية لطبيعة الميسم المتعرج بين الربيّة والوادي عليه ان يحفظ صورة كل الأشياء في ذاكرته. اليومية عند النزول الى الوادي ويقارنها عند الصعود اي تغير يطرأ هو لحظة حاسمة بين الحياة والموت او فقدان احد. الأطراف ان لم يكن كليهما ويزداد الامر تعقيدًا استغراقه بالانتشاء خلال الساعتين التي يقضيها في أسفل الوادي الضيق الذي يتوسطه نهر صغير بخرير هادر ،عرض الوادي لايتجاوز العشرين. متر مع كل هذا ينطوي على حياة بسعة مدينة ليس بالعدة والعدد وإنما بطبيعة النشاط طبعًا على رأسها عنفوان الذباب والدبابير والطيور ، وربما استغراقه في هذا الوادي المقدس يوحي له بما يوحي ، المقهى البسيطة في كل شيء تكمن في قلب الوادي هناك عارضتان جبليتان بارتفاع صغير ربما تحسبها هكذا وانت بالوادي لان البقعة بالأساس. هي قائمة على مرتفع عالٍ ، والحقيقة إنهما في غاية الارتفاع ، وسفحا الجبلين ينحدران بتداخل حيث يشكل احداهما منحنى لدرجة يبدو انه يحتضن الاخر والمساطب المدرجة التي صنعها المزارعون على السفحين اشبه بالجنائن المعلقة لكنها الى الداخل ، زرعت بأنواع مختلفة من الأشجار اغلبها من الجوز واللوز ،،والعرائش الغير منتظمة ،،باستثناء العريشة التي تسقف المقهى والمطعم بصفقة واحدة ،،عندما كان يجلس لتناول الفطور والشاي ،،يشعر ان عشرات العيون تراقبه من كلا السفحين ،،وسامته كانت محط جذب فضول الفتيات على الاقل هو. وسيم مقارنة برفاقه من الجنود ، رغم زيه العسكري البغيض ،،يسمع اللغط والهمسات التي يضخمها الوادي باللغة الكردية التي لم يفقه منها الا بعض كلمات ،،يتباطأ بتناول فطوره،،قبل رحلة الصعود الى الربيّة محملاً هو وبعض زملائه بالمؤن والبريد ،،ضوء الشمس لايزاور. مركز الوادي الا بعد منتصف النهار ، ليس اكثر من ساعة ( لو كان هناك اصحاب الكهف لفضلوا الرقود آبد الدهر ) ومع هذه الزيارة التي. على استحياء للشمس الا أن الضوء يملأ المكان بتناغم مع الوان الأشجار وملابس الفتيات ذات الألوان. الصارخة والواضحة المكان أشبه بالكبسولة الكبيرة ، كون منفرد لا علاقة له بالعالم الخارجي ،،ومع حذره الشديد بالتفاعل مع سكان القرية لانه بمطلق الاحوال يعتبر من قبل القرويين فرداً من قوة محتلة،مع ذلك لم يستطع مقاومة كل هذ الجمال البري للفتيات الممشوقات الجسم انخرط بعلاقة لا تتجاوز تبادل الإشارات. والابتسامات مع إحداهن لم تكن لغة الاتصال بينهما الا الجذب الهرموني متخطيًا كل التعليمات التي زودوا بها في مقر الفوج والتي مؤداها ان اي علاقة مع القرويين ممكن ان تؤدي الى كمين ،،لكن شغف الشباب لغة تتخطى كل الاوهام والحواجز ،،
مع كل هذا لاتحسب ان الصورة مكتملة فالجبل بعد ان يحل الظلام يولد شعورًا بالكآبة شديد الوطأة ،،والليل هناك بكل الاحوال طويل عدا أن القرويين يقومون بزرع الألغام. الصغيرة في المياسم. بين الربايا والوادي يزيد عن كل هذا الفوانيس النفطية بضوئها وسخامها المقرف ورائحة النفط التي تملأ الربيّة والخروج لاستنشاق الهواء يتطلب عناء كبير اذ عليه ان يردد كلمة السر الليلية عند الانتقال من موضع الى أخر ،،اما اسوء ما في الامر كان التدخين،، فدخان النفط بالربية لايسمح بمشاركة دخان السيجارة والتدخين خارج الربيّة يتطلب مراسيم في غاية الحذر ببساطة جمرة السيكارة تشكل هدف للقنص ليلًا والأكراد لديهم مهارة عالية في هذا الامر وهم الخصم الأقرب. من الآخر الذي يتمترس خلف الحدود المسافة. نوعًا ما بعيدة ،،هكذا تهرب المسرّات الصباحية عند غروب الشمس ،لكن اجمل الأوقات كانت عندما يكون واجبه خلال النهار او العصر حيث ينشغل بالناظور العسكري القوي والذي يدير وجهته بمراقبة البيوت في القرية وينشغل بالحركات العفوية للنساء ، بعد عدة واجبات اتخذ من احد البيوت هدفًا للمراقبة البيت في منتصف الجبل على جانبه الخارجي للوادي ومنعزل فيه ثلاث فتيات ورجل عجوز يخرج للرعي من الصباح الباكر وامرأة كبيرة ويلصق عينيه بالناظور ويتنفس كل الحركات وبما ان المكان منعزل كانت الفتيات في غاية الحرية لدرجة انه ينسج قصة لكل واحدة منهن معه في سريرته،،هكذا تتسع آفاقه بالمطلق مع محدودية المعطيات،،وتجمح الرغبة لديه لتتمطى في الأحلام فتارة يتخذ من الصغرى زوجة او الثانية او الاخرى ،،وأحياناً عشيقات متخيلًا نفسه ( كراكولا،،) الوقت المتثاقل يسمح بكل هذا القوس العاطفي والاخلاقي المتذبذب ، الامر كله مرتبط بموقف القرويين في الليلة السابقة ، اذ لم يحدث ان يرموهم بقذائف الهاون بعد العصر او لم يزرعوا الألغام ستكون رغبته اخلاقية ،،هكذا يتخذ موقعه في التمني بعلاقته مع الفتيات ، كان تواجده في هذا الرواق المعزول نتيجة لعقوبة عسكرية من قبل أمر الفوج ليس لسبب محدد فقط لانه لم يرق له
( ياللبؤس اسماعيل ما معنى كل ما مررت به ؟ - كيف سمحت لتلك اللحظات بأن تسفح ريعان شبابك ؟ - ببساطة كان يمكن ان تدير ظهرك لكل هذا الهراء المسمى وطن ،،فقط فقط كنت بحاجة الى ان ترسل نظرك ابعد من موقع قدميك بالتأكيد كنت ستنظر الى كل الأشياء بضوء مختلف - لا فائدة الآن من هذا اللوم )
توقف لشرب الشاي وحرق سيكارة عند اهم اطلال الحيدر خانة ،،عند بوابة مقهى حسن عجمي لايتجرأ. الدخول ، يشعر بأنها ستنهار باي لحظة مع ان هذه اللحظة عالقة بالانتظار منذ عقود طويلة ،،بناية يهودية تعود لبدايات القرن العشرين او ربما لزمن يوشع بن نُون انتبه لسجال بين شخصين تخطا الخمسين عمرًا ،،قال الاول - ان موعد اذان العصر هو الساعة الثانية و٢٢ دقيقة فيما اجاب الآخر بتعسف - انت مخطئ إنما و ٢٣ دقيقة ،،
وحدث نوع من المشاجرة والتعنت بينهما فتدخل قائلاً بتهكم - اجعلوا الامر مناصفة " واحفظوا لمكة هيبتها " فنظرا اليه شزرًا مما جعله ينسحب مسرعًا وهو يدمدم ( ياللعبط - احدنا بالمكان الخطأ على الأرجح انا او هؤلاء ،،ولم لايكون الرب ؟ ! التموضع سعد يا اسماعيل - ليشرأب عنقك حتى يكون لذة للسكين وأطفاءً لرغبة " ابراهيم " - مجرد حلم اراد ان يجعل منه جريمة - اراد ؟!! بل فعل ،، مجرد تشريع دور الأُضحية جريمة- والآن انت اسماعيل أخر - ياترى كم هو تسلسك بهذا الهدر الاسماعيلي )
مقطع من رواية ( حنبصة ) ،،يوميات اسماعيل
رقم الإيداع القانوني: المحلي والدولي المخطوطة في دار الكتب والوثائق ببغداد : ( ٢٠٥٥) لعام ٢٠١٧ في ٢٢ /٦/٢٠١٧
جمال قيسي / بغداد


هناك تعليق واحد:

  1. قراءة ممتعة في صفحات هذه الوريقات من الرواية البديعة ،، بوركت استاذ جمال قيسي ،،،،

    ردحذف