الجمعة، 12 أكتوبر 2018

قراءة نقدية لقصيدة غازي الموسوي (مونواوج ) بقلم الاديب الناقد كريم القاسم

لأنّهُ ليسَ تعليقاً وحسبْ،
فمن الإنصاف
ان يتمّ نشره مستقلاً..
،،،
سفر سعيد وعود أحمد،ونحمد الله على سلامتك أخي الاستاذ الناقد النبيل كريم القاسم الغالي ،مع خالص المحبة وعظيم التقدير..
،،،
النص النقدي:
................
هذا النص المركّز الوافر النماء الذي يحمل حديثاً وحواراً ذاتياً كبيراً قد اوضحه وترجمه عنوان النص (منولوج) ... ورغم ان العنوان يميل الى كفة حوارالذات في فن الرواية ، إلا ان شاعرنا قد ابدع في توظيف هذا المصطلح للانطلاق بقطعة شعرية تصور فكرة حوارية تخاطبية رائدة بدَت مشرقة في هذا الابتداء الاستفهامي والمطعم بالقسم الكبير المهيب :
( أحَسِبْتَ
أنّكَ مُدْرِكٌ غاياتِهِ
لا..
والذي سوَّاهْ من آياتِهِ )
ــ وهذا الابتداء تخاطبي قوي اللهجة لابتدائه بالاستفام (أحسبتَ) .
ثم يبتدأ بالمقطع الثاني بحوار تحدٍ عندما وجّه الخطاب بفعل الامر (اعرج) ومراد الشاعر (انك لن تقدر) الى الوصول الى كنه وحقيقة هذا النور والعلم والرمز الذي طَغَتْ سماته على الثقافة البشرية المعهودة . والذي كعادته شاعرنا الموسوي يميل الى الرمز القوي والايحاء ليترك للقاريء فسحة لاستنطاق استدراكه لتصوير الهدف والفكرة والمرام من الخطاب ، لكنه لايلبث ان ينثر اشاراته التعريفيه في اشطر متفرقة بين ثنايا المقطع فيأتي بأشطرٍ مثلاً :
" بدمائهِ جدَّ الجديدُ وذاتِهِ "
" جَنْبَ النبيِّ وآلهِ وسُراتِهِ"
ثم يردف بصفات الرمز (ضيغم ـ الصيد .... وغيرها ) حتى ينسج اكثر من مقطع يصف ذلك الألق الخالد ، ولايلبث ان يصل الى مرحلة التصريح المباشر عندما يعلن صادحاً :
" هذا الحسينُ
ولستُ أوّلَ شاخِصٍ
عيناهُ عالقتانِ في مأساتِهِ "
نعم انه (الحسين) رضي الله عنه وأرضاه ، ومن غيره يحمل هذه السِمات التي ابهرت كل من أراد ان يتتلمذ في دواوين الفداء والقيادة المخلصة الرافضة للطاغوت والباطل ، وقد قابل الشاعر هذا النهج وهذه الرسالة برسالة ونهج المسيح عليه السلام ، فرسالة الحق تتجدد في كل عصر كلما نهض قرن الباطل ، وقد اجاد في تصوير هذا التقابل الرائع :
" هذا المسيحُ
وكلُّ فادٍ راعِفٍ
في كلِّ عصْرٍ جدَّ مِنْ راياتِهِ"
حتى ان الشاعر وظّف مقطعاً كاملا لهذا التشبيه ، عندما أشار فيه الى هذا الصراع المتجدد في كل عصر وبدأه بـ (كأن) لتقريب فكرة الصراع المتجدد :
" وكأنَّ قافلةَ الدهورِ
مواكبٌ...
تمشي على طولِ المدى برفاتِهِ "
ــ وكم اعجبني واستوقفني هذا المقطع المهيب :
" ما أعظمَ الفادي
وأعظمَ موتِهِ
بطلٌ حَمَى سِفْرَ الهدى بحياتِهِ."
فالمتلقي لهذا النسج قد لايجد الانبهار في الشطرين الأوليين كون الموت سنَّة الحياة لاغريب فيها ، لكن الشاعر لابُدَّ لهُ من ان يضع سبباً لهذه العظمة التي أشار اليها ، فنسجَ الشطر الثالث ( بطلٌ حَمَى سِفْرَ الهدى بحياتِهِ ) وهذا هو الهدف الذي جعل (الحسين) سامياً علماً القاً على مرّ الدهور والعصور ، نعم ... انه حمى ودافع عن هذا السِفر المُشرِق ، وطريق الحق الذي لا يحيطه الرين والزيغ والعطب .
وهكذا نص لابد ان يكون الشاعر نبيهاً ذكياً لكي يعطره بخاتمة تليق بالهدف ويحمّله بصورة شعرية كعصارة الشراب الذي تسبق نكهته طعمه ، وفعلا هذا ما وجدته في مسك الختام :
" فإذا الذينَ استفردوه
جميعُهم...
نكِراتُ قبْرٍ وهْوَ في جنّاتِهِ "
نعم ياله من نول ناسج ضخم ، فلا يليق بوصف العازفين عن هذا النهج وهذا الوهج الخالد الا بمفردة ولفظ (نكرات) وخاصة عندما سبق اللفظ بلفظة (جميعهم) فالاستثناء غير موجود فعلا ولن يوجد ، فحجم تضحية (الحسين) من يقرأها متجرداً من الدغش والغبش سيجد نفسه في بركة دماء زكية طاهرة مناضلة خالدة لم يجد التاريخ لها مثيلا ...
نعم انه سفر آل بيت الرسول ، هم منارة الحق ولواء الفداء وقرن الحق .
لقد اجدتَ أيها الشاعر ، وقد رَعفَ قلمكَ بمداد متلأليء متوقد كشهب السماء .
وافر التقدير والاعجاب عزيزي الأستاذ الاديب غازي الموسوي..
الاستاذ الناقد

كريم القاسم


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق