الثلاثاء، 29 أغسطس 2017

(سمير صالح بين شتاء العربات المدور ولغة الفرادة) قراءة نقدية بقلم / الاديب جاسم السلمان

(سمير صالح بين شتاء العربات المدور ولغة الفرادة) 
 
 
 
هو شاعر ومبدع متمرس دائما ما تضيع انفاسه المتسارعة في امواج لهاثها الحار يشهق ويزفر بعمق ليطرد من روحه الغدر والكابوس والكأس التي تعاند شاربها يتمترس بأعترافية في الخندق الصح دفاعا عن الحياة تنهمر فيه الطفولة وفوضى السكون منبهر بكل حزن جديد وبكل جرح جديد، من جيل الستينات الذهبي كان يعبث مع جان دمو وعقيل علي وفاضل العزاوي والكثير من المبدعين سواءا في بغداد او في مدينته الناصرية التي احبها حد الهيام وشوارعها التي يتسكع فيها حد الثمالة..
شتاء العربات المدور؛؛ قصيدة تضج موسيقى شعرية طاغية ومتنوعة هي شاملة بالوعي المشوب باللاوعي بالواقع الذي هو في جوهره اسطوري او الاسطوري الذي هو في جوهره واقعي صيرورة وذكاءا وجوهرا وروحا، هذا النص مغموسا في دواة خاصة واصابع شاعر تعزف على وتر الصورة والخيال مستلة من خواص الذهن وذهن الخواص هي دفء وهدوء صوت خفيض وفكر هادئ وعقل متأمل وقلب متصوف زاهدمنسجم مع أحزانه وأوجاعه .
القصيدة عند سمير صالح بنية كلية تقوم على الايقاع والصورة واللغة والمحافظة على الثوابت منفتخة شرهة مابينالتراث والمعاصرة كلها غموض شفاف يضع المتلقي في دائرة التأويل والدهشة وبعيدا عن التعثر كثيرا ما تضخ دمها وعرقها وايمانها لتكشف الوظائف الجمالية الخاصة وتخلع الصفات والحواس المعنوية عليها حيث الربط الانفعالي من جهة واللغة والصورة والخيال من جهة أخرى؛ حيث واجهنا بأول الأستفهامات ،
لماذا تسأل عن وجه النهار عن الموعد البربري؟
لم أختر؛
للثلج لونا
وللبرد صوتا
وفي رقصة الرمل موتا
وفيها يضئ
اذا تدحرج من شرفة الأرتباك
وقال له النزع
هلا اختصرت المسافة بعد الرقاد
وهلا منحت خيوط الفجيعة لون الرماد
تساءل معمق وبخاصية معبرة وقدرة واضحة في التجريدالمادي مع خصائص المعنوية المعيارية التي تستبطن وتحرر الحواس ومزاوجة غير المألوف والأرتداد الى اللا وعي وغللاته من الغموض الشفاف فهو مثل الثلج وصوت البرد فهو برئ مثل رقصة الرمل لانه ببساطة عبقري برقصة زوربا واجوائها وجنونها الساحرة!!
أن اجتياح فيض الشعر التلقائي والمهارة في صقل النص وتأسيسه اضافة الى حالة التمرد التي دائما ما تقدم عالم الضباب المبعث من فتحات المجاري وموسيقى الصخب المختنقة بالسعال تدحرجك ميتا والنزع ما أثقله من شرفة الارتباك أنها في المهب لانها تختصر المسافة وكأنها على ساريةمهملة تزامنا مع الفجيعة وخيوطها لانها هي المخافات والمقصلة لذلك أعتقد انها تتطلب فهما وقدرة ووعيا عميقا وكبيرا بسايكلوجية الشاعر ..
فكل المنازل تحت خواء القناني
وزحف الوجوه الاخيرة
تجر تعاويذها في الجراح المريرة
-لماذا اسقام على طحلب اليأس ضوء الجزيرة
وفي موكب الشيخ
في خطوة الشيخ
كل المنازل
كل القوافل
حتى حطام الهواجس
حين تعرت على مذبح الأحتمال
اقام بها الجرح مرة
وضاع بها الجرح مرة
تشبيه بلاغي مجنح والتي تكشف قراءة جديدة خلاقة تعيد تركيب الجزئيات المتناثرة باشكال مميزة ومعالجة عقدها وعمق اشكالاتها بذهنية نستطيع ان نسميها اتباعية أي وحسب فهمي المتواضع تستلم للمصطلح النقدي السائد وتتعامل معه بسهولة وعدم أكتراث . صرخة أخرى وتسآل آخر هذه المرة تحت خواء القناني وزحمة الوجوه وزحفها وتعاويذها البالغة الشر والتي توغل وتلغ في الجراح وتسلخ عنها دائما شفائها وبلسمها وأندمالها وابعادها عن لحظات الفرح الغرائبي والذي هو مولود من أعماقها لذلك نرى ان الجزيرة وضوئها واليأس وطحالبه وحدة الزمن هي لجة وحوارات الذات ازاء وجع الحياة اليومي الذي دائما ما نراه يتأهب للأنفلات من هذه المعاناة
،

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق