السبت، 12 أغسطس 2017

تحولات عناصر الخلق
بين المجس الموسيقي والهاجس (السيكولوجي)  العميق..
في قصيدة الشاعر غسان الحجاج..
..نيوب القحط..
..........................................

تكتظُّ
 مناسيبُ شجوني
بتزاحمِ آهاتٍ خرساءْ
تمكثُ
بسجون الصمتْ
كشعوبٍ
ضمّخها ادمانُ خنوعٍ ازليٍّ!!
صُلبتْ
في جوف الجبتْ
ستظلُّ تفورُ مواسمُ وجداني
الدائمةُ الحزنِ
الشاحبةُ الاحلامْ
وسبيلُ لقائكِ
يا عمري
مذبوح الخطوةِ
كالأيامْ....
يتعكّزُ
فوق سكاكين معاناتي
فالسعيُ اليكِ
كتمتمةِ الودقِ المهدورِ
من الغيم المنكوبِ
لقد خطفتهُ الريحُ الصفراءُ
 الماجنةُ اللبِّ
الحسناءُ الثوبْ..
ريحٌ
قد اوقدها الشيطانُ
لتأكلَ كلَّ بيادرنا
بنيوب القحطْ
فعروشُ بلادي
الملعونةُ
 ميزانُ الشرْطْ
والكفةُ
لن ترجحَ ابدا،
 حتى تشرع بالتلويح
وداعاً
آخر قطرة نفطْ
قلبي المشدوه
بقايا أجراسٍ
لكنيسةِ قداسٍ
ملقاةٍ فوق رمادٍ
سربُ امانٍ
ضيّْعَ اجنحةَ التحليقِ
وقهقهةٌ
تسري في قشة املٍ
حين يدغدغها الموجُ
وشامتُك المرصوفة
في اعلى الوجنة
ثقبٌ اسودُ
يطوي همس حمائم رمشي
افلتَ كوكبُ حظّي العاثرِ
 كالبندولِ
جزاءَ تعلّقهِ بخيوط الوهمِ
ليُطردَ
نحو الليلِ الداجي
روحي خِرْقةُ عَلَمٍ
 في أيدي بطلٍ
مصروعٍ
ابّان الحرب الأولى
تتناسل تلك الحربُ
 جحيمَ وباءٍ
مذ علّمَ قابيلَ
غرابٌ اسودُ
كيف يواري السوأةْ
من اين سينفذ نورُ الحبِّ
والظلماءُ
ضجيجُ
تطرّفِ عالمنا
المتأرجح
فوق الجرف الهارِ
فحتّامَ اناضلُ...
واليأسُ المنبوذ
افاعٍ
تلتفُّ
لتعصرَ
آلامَ صبابةِ صقْرٍ مجروحٍ
خطواتُكِ
نهرُ النيلِ الجاري
وانا اللبلابُ
على الضفتين
يُداري تسلُّقَ دهشتهِ
كيف ابادرُ
والاغلالُ حشودُ حياءْ
وانا
جذوةُ نار هزيمٍ
ظنّتْ وجهك غيمَ شتاءْ
مذ شُحنتْ
في الطيف
تراقصَ قلبي
يا حواءْ
فليس سبيلُ وصالٍ
 يربط
ذاكَ الجسرَ
المقصوفَ بطائرةِ الأعداءْ
مازالت ذاكرتي
تسألُ كالإزميلِ
 وتحفر
في أعماق ضميري المبحوحْ
الحبُّ
بلا ارضٍ تسند اقدامكَ
يا ولدي
اطلال قباءٍ
درستْها الريحْ
فالغربةُ
موتُ الاحياءْ
والموتى
ليس لهم
في رئة الحبِّ هواءْ
ما زلتُ
أعيشُ الندبةَ
في وطن الطوفانِ الأحمرِ
منتظرا نوحْ..!!!

غسان الحجاج 8/8/2017
***************
سنتابع في قصيدة الاديب غسان الحجاج ،عناصر الخلق التي سترافقنا على طول مشوار هذا النص الشعري الهاجسي المموسق،
ولكننا لابد من ان نذكر امرا غاية في الاهمية يتعلق بالجانب الموسيقي لهذا النص كمدخل للحوار وبشكل متسارع على الوجه التالي :
.....
البنية الموسيقيه للنص:
.............................
من الواضح بدء ان هذا القصيد الحر مكتوب على تفعيلة (الخبب)( فعلن ساكنة العين)  بزحافاتها وجوازات اشباعها( سيب..و) ومضايفاتها من ذات الدائرة ( شجوني..فعولن) من بحر المتقارب،ثم العودة الى الخبب نفسه مباشرة ( بتزا..فعلن) المتحركة العين وهو  زحاف الخبب كما يعلم المتابع الكريم..
ولما كان قد اختار التسكين في نهاية الفقرة او المقاصير الطويلة هنا وهناك،فإنه لم يكتف باستضافة المتقارب وحسب،وانما استضاف المتدارك ايضا..فهو قد وقف على مفردة..(خرساء ْ)،ليبدأ  بسطر جديد ومع كلمة ( تمكث ُ)..( فاعلُ).. وهذا زحاف المتدارك محذوف النون،فاصل التفعيلة ( فاعلن ) مثلما نعلم..ثم يعود الى الخبب ،وهو البحر المحوري الذي يتحرك بين ضفتي النص حتى الختام....
ومن الجدير بالذكر ان هذه الظاهرة في البناء الموسيقي،هي ما اشرنا اليه خلال دراستنا لقصيدة الاديبة Sara El Zein قبل فترة ليست بالبعيده..واعني قصيدة الدائرة العروضية ،التي تنتمي عروضيا الى منشأ موسيقي واحد..ولايشترط في مثل هكذا مضايفات الا وحدة الايقاع بعيدا عن اية فجوة موسيقيه..وهو امر لايجيده الا من حازوا على رهافة عالية في اذنهم الموسيقيه..
.....
مانوع وحدة الموضوع في هذا النص :
.........................................
وعودا على ذي بدء نؤكد اننا لم نركز على تحولات عناصر خلق النص لو لم نتلمس بكل وضوح وحدة موضوعته التي اخذت بعدا شعوريا على وجه التخصيص،فوحدة الموضوع كما نعرف ذات منحيين:
*وحدة موضوع فكرية ..
* وحدة موضوع هاجسيه..
ولهذين المنحيين شروحات لسنا بصددها الان..
ولكننا لابد من ان نشير الى إحالة النص على المنحى الثاني،الذي يتضمن في طياته من دون شك بعدا رؤيويا او فكريا ما..كما وان المنحى الاول مغمس  هو الاخر بماء الشعور والاحساس والهاجس الحيوي،والا خرج عن كونه ادبا..
فالفصل هنا في مجمله اعتباري بغاية الفهم واعتمادا على الصفة المتغلبه...
ومن الواضح ان هذا الامر يكاد يكون سمة عامة لكل مبدع بحسب طبيعة بنائه السيكولوجي..
ولانه فضل الخيار الثاني ،فسيكون لنا تلمسات نكشف من خلالها- وعبر ذات الهاجس- كيف تعاقب حدثه وعناصر بنيته المتصاعدة رويدا رويدا..
*
*
متابعةتحولات عناصر الخلق ..
.....................................يتبع.......................

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق