الثلاثاء، 22 مايو 2018

السلام يبدأ من النفس أولاً حبيب السامر

للحديث عن السلام وخصوصيته في النفس البشرية وما توارثناه من مفاهيم مترسبة في دواخلنا ،تعيد الى اذهاننا انه الاطمئنان الى ازالة عوالق الصراعات والخصومات والتشبث بمفهمومية القيم الراسخة والعادات والمواقف التي تربينا عليها بدءً من العائلة الصغيرة التي تبنى على اساس متين من الاحترام المتبادل واعطاء الحرية وتبادلها مع الاخرين من خلال اساليب ممنهجة تقتضي تبادل الآراء وعدم اللجوء الى فرض الرأي بالقوة والتركيز على اعطاء فسحة من الحوار ، كي تتجسد مفاهيم الحياة المتاحة بحرية .
من هنا ،لو توسعنا اكثر لنشمل في حديثنا المفاهيم العريضة مع وسع الرقعة للمجتمع ، منطلقين من تعريف المؤرخ البريطاني أرنولد توينبي ( عِش ودع غيرك يعيش ) هذا يعني ،ان تمنح لنفسك وتدعها تعيش بسلام ،إذن دع لغيرك فسحة متقابلة من السلام لينعم بهدوء وراحة بال مطمئنة في عالم يسوده الضجيج المتصاعد، ولنتذكر جيدا ان الهدوء والركون الى السلام هما نعمة بشرية هائلة تنطلق من خلالها الامور الميسرة في المناجي الاجتماعية والاقتصادية الأخرى بروح متفانية بعيدا عن ثقافة الخصام والنظر من خلال الزاوية الضيقة لحريات البشر، والاقرار بالثقافات المتعددة والدخول في حوارات منفتحة للوصول الى غايات الانسجام .
ولو نظرنا الى القابلية البشرية في تحويل الاشياء الرديئة الى امور نافعة والعمل على تعزيزها من خلال السلام والطمأنينة على فعلها المثابر دائما، منطلقين من مفهوم الطبيب النفسيّ الألمانيّ ألفريد إدلر، وتركيزه على تحويل اثار الحروب المتعاقبة الى بناء جديد ونشر روح التسامح والعمل على تعميم حالات الجمال ،كما لو تطرقنا الى بعض نصوص الميثاق التأسيسيّ لليونسكو في ديباجته ومنها(لما كانت الحروب تتولّد في عقول البشر، ففي عقولهم يجب أن تَبني حصون السّلام).
وفقا لما تقدم نجد من النافع ان نستلهم الدروس والعبر من واقعنا المعيش لننطلق من خلاله في رسم بؤر الحياة المعطرة بأزاهير السلام لينتشر عطرها الى العالم ، وكما قيل سابقا ان المحافظة على النجاح والفوز اصعب من افوز نفسه ، وتجري الحالة ايضا على ان المحافظة على نتائج السلام واشعاعه الدائم على حياتنا بنور متجدد ، يستوجب ان نغرس له الف فسيلة محبة كي تنمو من ماء محبتنا وتدر ثمارها على الناس جميعا، كما ان الانسان المسالم والذي يتمتع بقدر كبير من المحبة ينظر الى قلوب الاخرين وهي تشع فرحا وحياة بسيطة مفعمة بالحب والجمال ، هكذا يتمتع المجتمع ببؤرة اشعاع منيرة ينتشر ضوء المحبة فيها بشكل متسارع ليعم الجميع لأن السلام والمحبة عملان تربويان ينبعان من الروح ،والأجدر بنا المحافظة عليهما من خلال العمل الدائب لمراعاة ظروف تمتعهما باتجاه غرس المفهومين الدالين على نشاط الجمال وترسيخه اكثر، وما يتمناه من السياسيين ان يبتعدوا عن ممارسة دورهم تجاه اشعال الحروب وبث روح التفرقة والطرق على اوتار تزحرح السلام وتهدم مفاهيم المحبة، ويحاولوا ان يرّسخوا مفاهيم الأمان والحرية والاطمئنان الى فتح نوافذ الجمال لو استطاعوا الى ذلك سبيلا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق