الثلاثاء، 22 مايو 2018

التفعيلة المفكرة عند ريم البياتي.. للناقد/ غازي الموسوي

واضح ان هذا النص الذي بين ايدينا الان طويل نسبياً ،على قصيدة حرة،مكتوبة على عروض بحرالكامل( متَفاعلن)بجوازاته المعروفة،ولكن السبب الذي قاد الى هذا الامتداد يكمن في ما ضخته شاعرتنا من المحمولات العميقة على مستوى ثلاثي الابعاد:
*موضوعة النص واطروحته ومفاده..
*الحشد الشعوري والعاطفي الكثيف..
*محاولات الشاعرة المتكررة لتفجير طاقات وصور وتراكيب قصيدة التفعيلة المعتادةتوسيعاً لقدراتها على استقبال اكبر قدر من المفاد الفكري والرؤيوي والشعوري..
إن رهافة الإذن الموسيقية موهبة كبيرة لاينبغي ابداً التفريط بها،بل ينبغي تطويعها وترويضها لكي تكون ذات متسعة مرنة وسلسة متفاعلة مع روح العصر ،غير متنازلة عن تجربة زمنها في اخر لحظاته الراهنة التي يعيش او تعيش المبدع..ة،في حومانتها،بغاية التعبير عنها بمثل ما تحاوله شاعرتنا -صاحبة هذا النص-بحدب دؤوب وعزم حثيث،خاصة والملاحظ على الاجمالي العام لقصائد هذه الشاعرة ان خطابها الادبي يكاد يتخصص بالتعبير عن الروح الوطني والقومي بشكل يعبرعن نوع نادر من الشعور بالمسؤولية الثنائية التاريخية والابداعية في آن واحد..
أختي أ.ريم البياتي الفاضلة..تقديري الكبير..
................................
معاجن الاعمار:
ريم البياتي
.......................
من ألف عامٍ
قد عشقتُ غمامةً
تأتي مساءً
عندما تأوي الخليقةُ
للمنام...
فأمد كفاً كي أصافحَها
وتمد غرّتها
لتلقي بالسلام
هي ألف عامْ
ماعدت أدري ربّما
تلك الذوائبُ
قد غزاها الشيبُ
أو ضاعتْ
على مزقِ القميصِ
وأوغلتْ
بين البطينِ
وبين أوردةٍ سقامْ
ماعدت أعلم حين تأتيني
أتأتي
كي تغازلَ فاقتي
أم ذاك
مذ ولجتْ خيوطُ الروحِ
سم الإنعدامْ
هو ذاك ما صارتْ اليه غمامتي
من ألف عامْ
....
نثر الهلالُ ضفيرتيهِ
على حقولِ الغيمِ
في كبدِ السماءْ
فبدتْ كأغمارِ السنابلْ
متراقصاتٍ
حولَ ساقِ الليلِ
لاتخشى المناجلْ
وأطلّ وجهُ غمامتي
لا لم يكن مثل الغمامْ
ذاك الذي يأتي إليّ
مسامراً
من الف عام
بل كان وجه الله
مثل الله
ينبض بالمحبة والوئام
لا مثل ما قالوا
بأن الله يمسك سيفه
ويجز أعناق الانام
ورأيت في عينيه
ذاك الحب
في أحداق أمي
إذ كنت محموماً
وتلمس جبهتي
وتنام عند وسادتي
سبَّحت للوجه
الذي ملأ السماءْ
وأزاح ارزاء العناءْ
فتزاحمت في خافقي
كل المسائلْ
رباهُ
ذاك قميصيَ البالي
سألقيه على كتف الغمام
هو كل أمتعتي...
إليك...
خذه لِيُدْفِئَ منكبيك
ألقيته يوما دثارا للصغير
لكنَّ نابَ البرد
بعض خصال والينا الامير
يسري كذئب
في خيام المدقعين
خذه وألقيه دثارا
فوق كتف الزمهرير
شمسا تظل على المدى
تعطي الضياء
لأصدقائي الطيبين
ويعود أطفالي الصغار
من الغياب
من خلف أسوار المدافن والخرابْ
متعانقين كما تعانق
لهفةُ الصحراء
أسرارالجداولْ
.....
بالأمس قالت جدتي
إن الاله يبارك الخبز المغمس بالندى
فوق الجبين
وأنا وأهلي
مذ خلقت البر
نسقيه الندى
ونريقُ
فوق معاجن الأعمار
دمعا من وتينْ
حتى استباح القحط
كل شعابنا
ماظل في التنور
يارباه
من حطب
وذاك النمل يأتي
تحت جنح الليل
يبحث عن طحين
هم كسرتان من المرار
خبأت إحداها هناك
يقال أن النمل يخشى
من مصاحبة الجرار
وهنا بكفي كسرة
خذها
كفافاً للجياع الصائمين
في كل يوم
يوقد النمرود
والمسحوق من اهلي
(ابا الضيفان)
فاجعلها سلام البائسين
.......
رباه اغفر جهل أسئلتي
لكنني..
من ألف عام أو يزيد
مازلت أبحث عن جواب
مازلت أسكن
في زواريب المذاهب
في زوايا الاغتراب
مازلت
أرسم وجهك القدسي
في رئتي
إذا حل المساء
وأخطأت عنقي الحراب
فأراك قربي
مثل مصباحي الوحيد
ووجه أمي
والرغيف
هو أجمل الأسماء
ماحملته أمي
وأطهر الصلصال
ماكانت بلادي
أنا مثل عشب السفح
أنمو في الربيع
وعندما ياتي الحريق
أموت صادي
ومتى أحب
يضق رحاب الكون
أن يحوي ودادي
في ناظري
أراك نورا أقتفيه
وفي فؤادي
هو ذاك
عشق الحر للأحرار
يارباه
لاأرجو رغيفا
أو قميصا
رغم جوعي
رغم بردي
كل ما أرجوه
يارباه
أن تحنو
وتسكن في خفوقك
مااسميه بلادي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق