الأربعاء، 17 يناير 2018

دعاء النواعير.. بقلم الشاعر/ شاكر الخياط



نادَمْتِ روحي كي ابوحَ سِرَّها 
ياذا الهوى لستُ الذي مَنْ سَرَّها
مازال همي كيف أنضو سُرَّها 
ياذا الجنان والهوا ... ما سِرُّها؟!
روحي تذوب حولها...
ياماءها... 
من شدوها، اغنية تثاقل السحاب في سِقائِها...
رفقا بها ياسيدي، رفقا بها يامُلْهِمي ..
لا تَبْخَلَنْ في شَأوِها دربَ النُهى..
لعل يَسري ليلُها في وجدِها..
كي تستعير لحنها من جُرحها..
آه ... وألفُ آهِهَا في صَمْتِها..
ياذا الجنان والهوا.. 
متى اللقا؟..
ناجيتُهُ !..
كانت مراسيم الرُقا...
انشودةً..
حِكراً على ماضٍ شَقا..
ياليتها.. 
هامتْ على سرٍّ طَوى...
غابت مَواعيدُ النَقَا ..
ناحَتْ نواعير الفراتِ دمعُها في أضلُعي
البوحُ مقرونٌ بها ...
من رأسها حتى القَدَمْ ..
غَنَّيتُ حيناً شَدوَها، 
أَنَّتْ على وقْعِ النَدَمْ..
بَكَتْ رحيلَ الاهلِ عن نخيلها، وشطها.. 
ويومَها ...
تَجَرأَ المشيبُ في مَرابعي...
ناديتُها...
لَعلَّها تُصْغي الى صوتِ الانينِ المُقْرِعِ...
لا لم تُجِبْ...!
صمتٌ يطوِّقُ الجفونَ في نَشيجٍ شَحَّ فيهِ دامعي..
في وَلَهٍ لمْ الحَظِ النزفَ الْجَرَى..
في مُقلَةٍ لاذَ الحنينُ حَوْرَهَا بأربُعي
سَلاهُ وَجدي ليته ما أبصَرَاْ..
وَشَاحَ عَنهُ يومَ لاقاهُ الدَّعِي..
في نَكلَةٍ من زَمِّ صَبرِ المُفزَعِ... 
يامَن تراتيلُ الجَفاْ..
ناءَت على قرعٍ هَفاْ..
هَلَّتْ مَواعيُد الوفا..
ياآية العشق اهبطي من عالياتٍ في الشَرى ...
في قلعة الله* التي لم تحتمل جهل المغول او لهيب المقصلة..
كان الصدى صوتَ صُراخِ الجُلْجُلَة *..
سُعدى* تناديني أنا..!
ياشوقَها مِنْ مَهربٍ .. 
ضَجَّ الفلا ..
هذا صهيل الخيل قد صد البلا ..
دَمعٌ على نَأي المسافاتِ انْبَرَى ..
في مِحنةٍ أو مُحزِنٍ مما جَرَى ..
مَنْ مُخبِرٌ جُرحي بِنزْفٍ قد وَرَى ..
مَنُ مُبلِغٌ قلبي بِشوقٍ لاهبٍ ..
أرنو الى السُحْبِ التي ماقد رَوَتْ في غَيثِها بِيدَ التَجَلّي في الثَرَى..
ها قَدْ دَعَاني كوكبٌ ذاتُ عُلَا..
ياليتني كنتُ الذي سرَّالجَلا..
شَرِّيجَةً* قلبي تَبَنَّاهُ الولا..
هيمانُ حولَ قُوقِها* يامَن تَرى ..
ياملهمي شوقا... 
الهي ... 
مَنْ أنا؟.. 
ما كُنْهُ حالي يا تُرى...
حتى أُلاقي البَرْقَ في عالي الثُرى؟!

• شرّيجَة = مجموعة من سعف النخيل بعد ان يجرد خوصه، تثبت على محيط الناعور وتعمل كـ ( زعنفة) يضربها الماء فيدور الناعور، عددها طبقا لمحيط الناعور.
قلعة الله او (بيت الآلهة) كما يُطلق عليها في السريانية اشارة الى مدينة هيت التي تقع على الضفة اليمنى لنهر الفرات في العراق بقلعتها الشاخصة الى الان.
• جُلْجُلَة = ( الديانات ) موضع في القدس يدّعي المسيحيّون أنّ السيِّد المسيح صُلب عنده ويُسَمَّى كذلك جبل الجُلْجُلة ، وفي رواية ان الجبل هو الذي تقع عليه قلعة هيت وقد كانت تحتوي على كنيسة عامرة ، وما تعارف عليه الهيتيون ان 40 وليا من اولياء الله الصالحين موقعهم في تلك القلعة.

• قُوْقْ = ( انبوب) أناء من الفخار مغلقٌ احد طرفيه، يربط على محيط الناعور من الخارج مواجها لماء النهر، يقوم بغرف الماء من النهرحتى يمتليء ثم يبدأ بسكب الماء عند ساقية في اعلى الدالية المثبت عليها الناعور حيث ينساب الماء الى البساتين بشكل طوعي. عدده يعتمد على محيط الناعور.
• سعدى = (كما تناقلتها الاساطير لدى الهيتيين) الفاتنة الهيتية التي زُفَّتْ الى الامير البصري عبر النهر الذي تم حفره كمهر لها من هيت حتى البصرة، وآثاره مازالت قائمة ويعرف بـ (كري سعدى) الى الآن. لم تحتمل البعد عن النواعير حيث كان مسكنها بالقرب منها، فعادت تاركة كل شيء الا سوارا ربطته في احدى خشبات النواعير منشدة بعض الشعر..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق