الجمعة، 12 يناير 2018

تعقيب على تعليق بقلم / الاديب سنان الخلف

تقديم كتبه الاديب المهندس الاستاذ Cinan AH Al Khalaf ردا على تعليق سنورده تحت نص ( فرلين)موضوع الحوار
---------------------------




عزيزي الأستاذ الفاضل غازي أبو طبيخ المحترم
باسترجاع واقع الحياة الأدبيّة عامّة والشعريّة خاصّة أصبحنا في موقف محرج فالشعر يبدو وكأنه يخسر من جرفه الكثير لصالح أجناس الأدب الأخرى ليس لأنه يفقد حاجة الناس له ولكن ربما وهذا ما أحب أن أتطرّق له ؛ بسبب إغتراب الشعراء والتغريب الحاصل بين معطيات واقعنا المحلّي والعربي وبين اللهاث وراء تجارب الشعر والشعراء في امم طبع حياتها وواقعها وإيقاعها ما انتجه التقدّم التقني والصناعي والرقمي أيضا ، إنبهر شعراؤنا بما يكتب شعراء تلك الأمم رغم الفروق الجوهريّة بين خصوصيات شعرنا وما وصلوا له من شعر وتعقّد الأمر كثيرا وضرب كثير من الشعراء على أنفسهم عزلة ثقافية واجتماعيّة قاسية ومضوا بعيدا في التنظير واعتناق المذاهب الفكريّة التي تشيع في حياة الأمم الأخرى ثقافيا وللأسف حصر بعضهم إجتهادهم في بضعة شعراء اتخذوا منهم نماذج يحتذونها ولو راقبنا وحلّلنا هذه الموجات التي دفعتهم للإغتراب لوجدنا أنها تنحصر في توماس إليوت وإزرا باوند وبعض شعراء فرنسيين كبودلير وسان جونز بيرس وهكذا وهذه مدارس فنيّة مغرقة بالذاتيّة بالإضافة للفكر الفلسفي الوجودي الذي هو الآخر فكر ذاتي بشكل عام والغريب أن من انطبع بهذه الظواهر من الشعراء يكثر بينهم ماركسيون وهذا تناقض لم نشهد له مثيل فالماركسية أفكار موضوعيّة ماديّة وليست ذاتيّة ولا نعلم كيف كيّفوا التوفيق بينهما ولكن هذا هو ما حدث فعلا وأصبح الشعر ميدان لصراع الأفكار الفلسفيّة وكأن الشعر هو فقط شعر فلسفي وعقائدي فتحللوا من جمال وصف الطبيعة وتقريب الجمال والحب وابتعدوا عن مهام الشعرواغراضه الأخرى والشعر الذي ألفنا طيلة قرون وهجروا البلاغة والبيان والبديع إلى مصطلحات ومفردات يُراد بها عرض ما يفخرون به من ميراث الحضارة الحديثة ولم يحصل كل هذا بأصالة وإخلاص بل بكثير من الزيف والإستعراض ، لم يعد أحد يكترث لما كتبه حتى شعراء الأمم الأخرى في الطبيعة والجمال والعلاقات السامية مع ما يُحيط بنا ولا يجد كثير منهم شعر ووردزوورث مثلا يناسب العصرولا ما تركه لامارتين وغيرهم في حين أن ما كتبه البحتري وأبو تمام مازال يستحوذ على قلوب سامعيهم بكل قوّة وكذلك ما كتب إيليا أبو ماضي أو أبو شبكة أو بدوي الجبل أو شعراؤنا المعاصرون كالزهاوي والرصافي والجواهري وتحوّلوا إلى فضاءات تنظر لشعر من ذكرنا وكأنه شعر متخلّف وهذا غبن كبير واستهتار بتراثنا ولهذا يسعى عدد من شعراء اليوم لاهثين وراء ادونيس في حين لا نجد أنه حتى يقف شاعرا كسواه من شعراء عصرنا فضلا عن من قبلهم بسبب التغريب ومحاولات تسويق الغموض رغم مطلب الشعر الخالد في الغنائيّة والتلقائيّة والبساطة الممتنعة والموسيقة المنسابة ، إنهم للأسف يسحقون موسيقانا الشعريّة بسبب اللهاث وراء شعر أمم أخرى وليتهم يفعلون مثلهم فمن يقرأ جاك بريفيير وبول إيلوار وناظم حكمت وغيرهم يجد أن الشعر مازال شعرا كما نفهم ولا حاجة للهاث وراء ما هو غامض أو مبهم أو وراء نصوص تريد أن ترتقي مرتقى ليس من مهام الشعر أعني وكأنهم يريدون أن يحاكون الكتب المقدسة في لغتها وأسرارها وهذا ليس محالا فقط بل غير مطلوب في الشعر فالقصيدة برأيي أغنية وقد تكون أغنية طويلة أو قصيرة ولكنها تبقى أغنية علينا أن نصوغها ليطرب لها السامع والقارئ كما ينتفع بمحتواها وأن نتوقف عن تقديم قصيدة تحاكي نشيد الإنشاد أو نصّا من نصوص الكتب المقدّسة
الحديث يطول يا أستاذ والهم كبير وأبيتُ أن أقرأ ملاحظاتكم وتعقيبكم دون أن أرد بشئ وإلاّ فأنا أرى أن الصمت أجدى أزاء هذا الحركات التي تعبث بتراثنا وتاريخنا باسم التقدّم مع أنني تقدّمي أيضا ولكن يبدو أنني افهم الأمور على خلاف ما يفهمها البعض الآخر ،إذ أنني ارى حركة التاريخ غائيّة فيما يجدها كثيرون عدميّة ولكن عذري هنا أنني قلت يوما أنني لا أصلح ناقدا للأسف فعندما أكتب يملأ لساني وقلبي حماس غير مرغوب في النقد ، تقبلوا وافر تقديري واحترامي
*******************
نص الشاعر( فرلين):
+++++++++++
يا إلهي لقد جرحتني بالحب
( بول فرلين)
........................
يا إلهي لقد جرحتني بالحب
وجرحي مازال ينضح
يا إلهي لقد جرحتني بالحب
.
يا إلهي طرقتني خشيتك
وحرقتي ترعد لم تبرح
يا إلهي طرقتني خشيتك
.
يا إلهي عرفت أن ما في الدنا دنيء
ومجدك في روحي قد استقر
يا إلهي عرفت أن ما في الدنا دنيء
.
فأغرق روحي في خضم نبيذك
وأقم حياتي على خبز مائدتك
أغرق روحي في خضم نبيذك
.
إليك دمي الذي ما أهدرته
ولحمي الذي ليس للعذاب
إليك دمي الذي ما أهدرته
...............................
ترجمة محمد محمد السنباطي
عن موقع دنيا الوطن
++++++++++++++
تعليقنا ،على نشر الاستاذ سنان للنص اعلاه:
++++++++++++++
نحن بحاجة الى مثل هذه القراءات اخي الاستاذ Cinan AH Al Khalafالغالي،على الاقل يعرف اصحاب التجارب هنا كيف ان كتابة الشعر لاتعني الغرق في الاحجيات والطلاسم اللغوية الخزفية،وانما هو البراءة والنضج معا ..
اعلم ان طبيعة هذا الموشح تستدعي الترديد،وان اصله موزون ايضا..كما واعلم ان للترجمة اثرها في اعادة الصياغة بحيث يحافظ المترجم على روح النص ..واضح انه حرص على فكرة الشاعر فرلين الكبير،حتى وان تبسطت العبارات وفقدت الاوزان..يبقى روح النص العرفاني او لنقل الصوفي متوافرا حاضرا بقوة تدعونا للانسجام والتفاعل والخشوع..لك منا خالص الامتنان والعرفان ايها المبدع النبيل،والسلام..
 
 
التعليقات 
Shakir AL Khaiatt الاستاذ الفاضل سنان الخلف المحترم، بالغ تقديري لهذا الكلام الجميل والراي المسؤول، ولا اجانب الحقيقة عندما اؤكد على ماجاء من حرف اسعدني وأناب عن حرفي بكل ماتملك الكلمة من معنى، وليس بالضرورة ان اضيف او اعيد تكرار ما ذكرتم، ماجاء في نصكم اخي الكريم يؤلمنا جميعا امثالك من لازالت لديهم تلك الاعمدة التي ذكرت وتلك الاسس العالية للبناء الشعري الرائع، والاعلام المبدعين في الادب العربي قديما وحديثا، شعرا كان ام غيره من الاجناس الادبية والثقافية، ولاعطاء الفن حقه بعد الذي ذكرت، اتمنى ان اصغي الى الاراء الان بعد ان تفضل علينا السيد غازي ابو طبيخ مشكورا بنعم الراي، وهنا اتمنى التأسيس الى المطلوب من المنتمين او النقاد او المهتمين من ادباء وفنانين بهذا الشان، وهي اشبه بورقة عمل قد لا تفرض مايلزم الاخرين على بنودها، لكنها على اقل تقدير ربما تفتح لنا ابوابا نحن في حاجة من خلالها الى العودة الى الوجه المشرق مما نمتلكه والذي هو فخر يعتز الاخرون الغرباء به قبلنا لجهل الكثيرين منا نحن به او ربما بسبب التمرد غير المسؤول في نفوس البعض ظنا انه هو الصحيح، لعدم تفهمهم وادراكهم حيثياته... تحية طيبة لجنابكم الموقرواشد على يديك الكريمتين، شكرا للاستاذ ابو نعمان على أمانة النشر والجهد الميمون كما عهدناه وفيا دائما.... تحيتي
 
Cinan AH Al Khalaf حضرة الأستاذ شاكر الخياط العزيز
تحية طيبة وبعد
لقد قرأت يوما لقاءمع الفنان جواد سليم على صفحات مجلة الآداب البيروتيّة يوم كان اسمها الآداب والفنون وفي العدد الخاص بالفنون والصادر عام 56 كما أتذكّر أنه قال في معرض سؤال عمّا يجب على الفنان العربي والعرا
قي أن يفعل ؟ قال: أهم شيء أن نترك ما يجب أن نفعل و نعمل ثم نعمل وحينذاك سنكتشف أننا وجدنا الجواب
اليوم على الجميع أن يعملوا ويكتبوا كما هي قدراتهم عليه مع مواصلة الإطلاع والقراءة وليس مهما أن نتأثّر ولا أن نحذر التأثّر بل نترك كل الشروط و الوجائب ونبدأ وبعد حين سنجد أننا وجدنا الطريق ووجدنا الإجابة ولكن بشرط أن نكتب ونكتب ونعمل ونعمل
 
الشاعرة والناقدة هدلا القصار كل الشكر لراي من تفضلوا بما وجب عليهم قوله لكن اسمحوا لي ان اضيف حادثة طيبة حصلت معي تخص اجناس الشعر الحديث
حين كنت في الصف الخامس ابتدائي كنت اسجل شعوري بما يدفعني اللجوء لدفتر كنت اعتقد ان ما اكتبه مجرد مذكرات الى ان اتي يوما بينما يشرح لنا است
اذ اللغة العربية والتعبير ذكر للتلاميذ امثلة بين الشعر العمودي والنثر واحضر لنا امثلة استوقفني جملة قالها في ذلك الوقت (حين ياتي الشعور بالكتابة لا تحسبوا نظم القافية اوتركوا القلم ينطلق بما في المخيلة ..... وبعد نقاش عميق في حصة الدرس طلبت من الاستاذ الحديث معه في ساحة الملعب كيلا اقتل الوقت بحوار خاص انوي الاستفسار عنه في حين احمل بيدي دفتر كتاباتي لا تفارقني
واثناء حديثي مع الاستاذ قلت له ما يحصل معي بكتابة ما يريحني وعن ما اشعر به اثتاء الكتابة فقلت له ببرائة طفلة تجهل ما معنى الشعر " انظر يا استاذ حين اكتب ما تقول عنه شعرا وانتهي منه اشعر بتعب وبالم في احشائي ... لكن حين اكتب مذكرات اشعر بسعادة ورجفة في عظامي لا ادري لما؟ فاخذ الدفتر من يدي ونظر لما اشير له فابتسم وضحك وربت على كتفي وقال مبتسما لا تكتبي شعرا بل اكتبي مذكراتك فقط .... فقلت له لا اقوى على مقاومة مسك القلم للنوعين من الكتابة فقال لا تجهدي نفسك .. فعلى ما يبدو لاحظ في قلمي الشعري شيئ ما
وحين كبرت وعلمت انه شاعر تعمدت رؤيته واعادة السؤال لما ابعدني عن كتابة الشعر حسب مفهومي فقال يا ابنتي انت تملكين صور شعرية ولغة عفوية ولانني علمت ان ما تعانيه من الم في احشائك هذا يدل على عدم اكتمال ولادة ما تبغين تفريغه على الورق ....

وايضا لاحظت ان جميع ما كتبت لم يكتمل ولادته وان على ما يبدو كانت القافية معيقة بالنسبة لطفلة مثلك و أيضا رايت في كتابتك اشياء اكبر من اللغة والالتزام بالقافية ...
وانا الان اقول يجب ان نحترم ملكة الوحي والشعور والتلقائية وحر المخيلة بما تحمل ولا يجب ان يقيد الشاعر نفسه بالحطة والعقال لارضاء الاخرين وان اجناس الشعر ليست لقيطة بل وليدة مخلوق مهجن من تحديث واقع الحياة والتعاطي وهي ما زالت تحمل بذرة الشعر العربي .. لذ يجب ان نقارن الماضي بالحاضر لكي نرى تاثير العالم بالبئية والمجتمعات المؤثرة على اللغة والعالم وتعاطيها مع الواقع
فنحن اليوم نكتب من خلال الحاسوب وليس على القماش او اوراق صفراء كما كانت الشعوب تسافر على الاحصنة واليوم تسافر افخم السيارات والطائرات .... لذا يجب ان نتماشى مع المعقول
و ان نحترم اجناس الشعر الحديث طالمة يحمل مقومات النص الادبي المميز بمجمله وطالمة يحمل مقومات التص الادبي المكتمل الخلق والتكوين بعيدا عن الزخرفة او التصنيع. ....
لكم كل مني فائق التقدير لاسلوبكم الراقي والتميز استاذ سنان وللباحث والناقد الاستاذ غازي ابو طبيخ لكما كل الود والاحترام لذا الطرح الذي يدفعني لاحترام اصحاب الراي والمعرفة ويدفع اضافة تسجيل او اضافة راي الآخر
 
Cinan AH Al Khalaf أعجبني جدا قولكم :
"وانا الان اقول يجب ان نحترم ملكة الوحي والشعور والتلقائية وحر المخيلة بما تحمل ولا يجب ان يقيد الشاعر نفسه بالحطة والعقال لارضاء الاخرين وان اجناس الشعر ليست لقيطة بل وليدة مخلوق مهجن من تحديث واقع الحياة والتعاطي وهي ما زالت تحمل ب
ذرة الشعر العربي "
وقولكم : "و ان نحترم اجناس الشعر الحديث طالما ( كذا ) يحمل مقومات النص الادبي المميز بمجمله وطالما( كذا ) يحمل مقومات النص الادبي المكتمل الخلق والتكوين بعيدا عن الزخرفة او التصنيع. "
فأنا مازلت لا أجد الشعر ولا القصيدة إلاّ في التلقائيّة وقدر أدنى من الغنائيّة والعفويّة وأن تكون خلوا من التخطيط المسبق ويهمني أن تكون القوافي إن كانت مستخدمة غير متكلّفة بل وكأنها مولودة ولادة طبيعيّة .
ما يميّز الشعر عن سواه من الأجناس هو ما تفضلتم بتسميته بالوحي إن هناك عمليّة أؤمن بها وهي نضح العقل الباطن عبر فجوات غير معرّفة في العقل الظاهر وذلك النضح هو الذي يجعلنا نقول : الله الله ، إستحسانا وانبهارا
شكرا لمروركم وتعقيبكم وتقبلوا وافر تقديري.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق