النقد..
بين معرفة المبدع
والتعرف عليه......
...
قراءة في نص الشاعر علي الجياشي المنشور في ( آفاق نقدية) تقدم بها الزميل الناقد الاستاذShakir AL Khaiatt،مع خالص التقدير..
::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::
لاباس ان نعيد القراءة ثانية لكي لا نبتعد عن مشاعر النص ومشاعر المبدع، وما تراه عيوننا من تحولات مهمة ميزت هذا النص على وجه الخصوص:
.......
نص الشاعر:
===
ليتَ الموسيقى
تسمعُني
حينَ يصفقُ جنحايَ
أو حينما
تغرّدُ اضلاعي،
شجني والنايُ
نهرانِ
يجريانِ في دمي
وحبيبتي
تكتنزُ الهطولَ
فتُسعِفُ حزني
اذا داهمَهُ اليبابُ،
انا...
وتلكَ الآتيةُ
مِنْ وراءِ الجموحِ
مُشرّدانِ
في صحاري القلقِ
نبحثُ
عن متعةِ الفصولِ
علَّ العصافيرَ
تستدلُّ بنا،
وتُورِقُ
في أكفِّنا
سويعاتُ الأرقِ،
ٱلمراكبُ
لا تستوي
لأنَّ الحياةَ كالامواجِ
تحتَها..
وقبضاتِ المجاذيفِ
تصقلُها الأكفُّ،
أخشى كثيراً
أن يراني النهارُ
مُسودّاً..!!
أو يحسبُني
جزءً من اللّيلِ..!!
ثمّةَ فرقٌ كبيرٌ
بينَ المرايا والنجومِ
وبيني..
حينَ أكونُ،
وبيني..
حينما لا أكونُ..!!
أعشقُكِ
أيتُها الآتيةُ،
فأنتِ وانا
وجهانِ
في السطوع..
*****
منذ فترة يراودني سؤال مهم ويلح علي باصرار ان اكتب في موضوع نقدي قد يكون بعيدا نوعاً ما عن الاكاديمية في اسلوبه..
وما يمنعني من ان اخوض غمار هذا المشروع والتجربة المتفردة لمجموعة من الاقلام حكمتها ظروف لم يمر بها احد من قبلهم، ولم تتوفر لاحد من قبلهم فرصة كالتي اتيحت لهم في الالتقاء، والتماهي والابداع المنهمر بحس وشعور اظنني في حقل الصدق دائما ان قلت ان ما مر به هؤلاء غريب، حصل في القرن العشرين، ولم يحصل من ذي قبل ولا اظن ان القادم من هذا الزمن الذي تبدو ملامحه بعيدة عن القصد المنشود سيحمل الينا مثل هذه التجربة الواعدة، مايمنعني هو الانحياز البديهي لقلمي حين ابدا بالكتابة عن موضوعة جديدة في عالم النقد، رغم انني ساختلف مع المنظرين قبلي او معي او بعدي، لكن انحيازي مشروع، لانني احد هؤلاء، ومنهم وفيهم، فانا ولله الحمد احدهم، وبعظيم الفخر والشعور بالرفعة ان اكون قد التقيت من التقيت منهم لفترة من الزمن ليست بالقليلة في امدها، وليست بالسهلة في مجريات احداثها، الموضوعة التي تشدني دائما وما اراه انا كاستنتاج يستند الى خبرة عقود من الزمن الثقافي والعمر الادبي ان ( هناك علاقة بين النقد والنص اي بين الناقد و بين الكاتب ) اي ان تاثير العلاقة بين الاثنين وتاثر النص النقدي بها له اثر بالغ في نفس الناقد، مثلما هو الاثر المعكوس ايجابا على الكاتب نفسه، ومن هنا اجد ان النص العام -اي نص كان- الذي يتناوله الناقد سيخضع الى اشتراطات النقد ومستلزماته المعروفة، دون الحاجة الى الهرولة او الجري وراء الكاتب والبحث عن ماهيته وكينونته بل وحياته الشخصية ربما والفكرية وماضيه ومعتقده ووو الخ الامر...
هذا الامر ينسحب هنا في هذا النص على الكاتب نفسه واراني ساكون قريبا من النص ومن صاحب النص للاسباب المذكورة الان، الكاتب صاحب النص الاخ ( علي الجياشي) شاعر متمكن ومحنك وهو يجيد فن التلاعب بالكلمات مثلما يجيد فن الكتابة على انواع الشعر العربي المتعددة ( العمود، الحر، المؤتلفة) اضافة طبعا الى براعته في تناول مواضيع عديدة في الشعر الشعبي...
النص قيد البحث يجعلني بعد القراءة المستفيضة والمتكررة له ان اتحدث عن الكاتب والمكتوب، الكاتب يتحدث في هذا النص عن روحه هو وعن وجدانه هو ومرة يضع نفسه امامه كأنه الاخر فيحاكيه بتساؤلات واضحة اعطى لنفسه شرعية السؤال عندما كان هو وشرعية الاجابة عندما اصبح الاخر، شخصية وكينونة النص تختلف عن شخصية وكينونة الكاتب صاحب النص، لكنهما يتفقان وينسجمان في لمحة واحدة ان النص وصاحبه روح واحدة ولايستطيع من يعرف ( علي الجياشي) شخصيا وقد عاشره لفترة طويلة من الزمن ان يفرق النص عن روح صاحب النص، فتداعيات العمل تداعيات حدثت ولم تكن من بنات الافكار ولاهي مثار الخيال الذي حرك الشاعر ان يقول، ولو امهل النص صاحبَه لقال غير هذا الشكل من التداعي المتعاقب الايقاع، والمتواتر الحدث، والمتماسك الفكرة، بحيث لايستطيع اي ناقد ان يفصل شطرا عن اخر او مفردة عن اخرى، فالعمل كان وحدة واحدة، استطاع الاستاذ ( علي) ان يمسك به في اللحظات الاخيرة قبل الانفلات من السيطرة والذهاب ربما الى الحر المموسق، او من يدري ربما انا اشعر كان سياخذه الى عمود ايقاعي موسيقي صاخب، نعم، صاخب، لانني لمست ورايت روحية الشاعر التي اوشكت ان تجهش بالبكاء قريبا من الخاتمة كانت تدفعه نحو لون آخر يعشقه الشاعر اصلا ويحب الكتابة على منواله دائما...
حاولت ان اقتنص من النص شطرا شطرا للاستدلال والتشبيه والارتكاز لكي اقول، لكنني تفاجئت ان النص بدرجة من التماسك انني لم استطع التوقف عند استراحة هنا او هدوء هناك، منذ ان بدا:
( ليتَ الموسيقى
تسمعُني)
نعم، انه دعاء ورجاء واستخدام "ليت" يُظهر كم من التضور والتمرد الداخلي، والحزن المخبوء في روح الشاعر، ولم يسال لكنه تساءل من جواب السؤال دون ان يظهر السؤال
( متى تسمعك الموسيقى) هذا هو الجواب:
(حينَ يصفقُ جنحايَ
أو حينما
تغرّدُ اضلاعي،)
ياسلام.. اي افصاح وصدق اعلى واسمى من هذا، ومن يستطيع ان يقول هذا دون بكاء؟ لماذا؟:
(شجني والنايُ
نهرانِ
يجريانِ في دمي)..
هذا الجواب مقطوع لان الاعلى منه سيلي:
(وحبيبتي)..
اية حبيبة؟ هل هي من نسج الخيال؟ ام انها التي لازالت تسكن الجوارح بل هي من تحركها وما على السيد ( علي الجياشي) الا الامتثال والرضوخ لاوامرها التي كان قد اتفق معها مسبقا على ان تكون هي وهو واحدا لاينفصم، لكنني اريد هنا ان ارى لربما انا مخطيء او قد ذهبت بعيدا عن الحال ولكي اكون اكثر اقترابا من النص في حقيقته مثلما انا ( الناقد) قريب من ( الكاتب) شخصيا:
(تكتنزُ الهطولَ
فتُسعِفُ حزني
اذا داهمَهُ اليبابُ،)
لاحظ هنا عمق المناشدة، من هي التي تكتنز الهطول؟ وماذا يعني الهطول هنا؟ هل هو المطر الذي يتامله وينتظره الجفاف ام هو المطر العادي الذي سيروي الزرع او من المحتمل قد يغرقه؟ الجواب بلا تردد ( اليباب) وهو يباب الروح وجفافها ونضوب الدمع من مقل العيون واحمرار وتورم الجفون عمن رحلت دون استئذان، وليس الا لكي تسعف الحزن وتنقذه من هذا المآل..
(انا...) مطلقة صارخة ممدودة، وليت شعري كأني به وهو يصرخ ( انا...) منفردة هكذا لوحدها اكاد اسمع صداها يتردد بين جانبي الوادي الذي ينتظر الغيث.. ومن معه ( انا...) ؟
(وتلكَ الآتيةُ
مِنْ وراءِ الجموحِ )
ياسلام.. لو اجيز لي لقلت انني قرأتها قبل ان الفظها، من هي ياترى (الاتية من وراء الجموح)؟؟ احسنت يا (علي)،
( مُشرّدانِ
في صحاري القلقِ) ..
قلقان راكضان في صحراء القلق، ماذا تريدان؟ الجواب واقف بالانتظار
(نبحثُ)،
نعم تبحث، ولكن عمّاذا ؟
- (عن متعةِ الفصولِ )
لك الله ياعلي انا اعرف ماذا تعني متعة الفصول ساحتفظ بها لنفسي اكراما لك ولها..
(علَّ العصافيرَ
تستدلُّ بنا،
وتُورِقُ
في أكفِّنا
سويعاتُ الأرقِ، )
الى ان يصل الى مرحلة الكشف بعد هذا العرض السريع المتتالي دون اذن الشاعر:
(ٱلمراكبُ
لا تستوي
لأنَّ الحياةَ كالامواجِ) ..
هذا هو تعريف القلق واي قلق اعلى من هذا سوى ( كأن الريح تحتي)؟ هنا يلتقي الجياشي والمتنبي في ذات القلق وفي نفس المشاعر لكن الفرق هناك تفاخر وتباه، وهنا امتداد للحزن والجرح وانين الفصول..
( تحتَها..
وقبضاتِ المجاذيفِ
تصقلُها الأكفُّ،)
بين معرفة المبدع
والتعرف عليه......
...
قراءة في نص الشاعر علي الجياشي المنشور في ( آفاق نقدية) تقدم بها الزميل الناقد الاستاذShakir AL Khaiatt،مع خالص التقدير..
::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::
لاباس ان نعيد القراءة ثانية لكي لا نبتعد عن مشاعر النص ومشاعر المبدع، وما تراه عيوننا من تحولات مهمة ميزت هذا النص على وجه الخصوص:
.......
نص الشاعر:
===
ليتَ الموسيقى
تسمعُني
حينَ يصفقُ جنحايَ
أو حينما
تغرّدُ اضلاعي،
شجني والنايُ
نهرانِ
يجريانِ في دمي
وحبيبتي
تكتنزُ الهطولَ
فتُسعِفُ حزني
اذا داهمَهُ اليبابُ،
انا...
وتلكَ الآتيةُ
مِنْ وراءِ الجموحِ
مُشرّدانِ
في صحاري القلقِ
نبحثُ
عن متعةِ الفصولِ
علَّ العصافيرَ
تستدلُّ بنا،
وتُورِقُ
في أكفِّنا
سويعاتُ الأرقِ،
ٱلمراكبُ
لا تستوي
لأنَّ الحياةَ كالامواجِ
تحتَها..
وقبضاتِ المجاذيفِ
تصقلُها الأكفُّ،
أخشى كثيراً
أن يراني النهارُ
مُسودّاً..!!
أو يحسبُني
جزءً من اللّيلِ..!!
ثمّةَ فرقٌ كبيرٌ
بينَ المرايا والنجومِ
وبيني..
حينَ أكونُ،
وبيني..
حينما لا أكونُ..!!
أعشقُكِ
أيتُها الآتيةُ،
فأنتِ وانا
وجهانِ
في السطوع..
*****
منذ فترة يراودني سؤال مهم ويلح علي باصرار ان اكتب في موضوع نقدي قد يكون بعيدا نوعاً ما عن الاكاديمية في اسلوبه..
وما يمنعني من ان اخوض غمار هذا المشروع والتجربة المتفردة لمجموعة من الاقلام حكمتها ظروف لم يمر بها احد من قبلهم، ولم تتوفر لاحد من قبلهم فرصة كالتي اتيحت لهم في الالتقاء، والتماهي والابداع المنهمر بحس وشعور اظنني في حقل الصدق دائما ان قلت ان ما مر به هؤلاء غريب، حصل في القرن العشرين، ولم يحصل من ذي قبل ولا اظن ان القادم من هذا الزمن الذي تبدو ملامحه بعيدة عن القصد المنشود سيحمل الينا مثل هذه التجربة الواعدة، مايمنعني هو الانحياز البديهي لقلمي حين ابدا بالكتابة عن موضوعة جديدة في عالم النقد، رغم انني ساختلف مع المنظرين قبلي او معي او بعدي، لكن انحيازي مشروع، لانني احد هؤلاء، ومنهم وفيهم، فانا ولله الحمد احدهم، وبعظيم الفخر والشعور بالرفعة ان اكون قد التقيت من التقيت منهم لفترة من الزمن ليست بالقليلة في امدها، وليست بالسهلة في مجريات احداثها، الموضوعة التي تشدني دائما وما اراه انا كاستنتاج يستند الى خبرة عقود من الزمن الثقافي والعمر الادبي ان ( هناك علاقة بين النقد والنص اي بين الناقد و بين الكاتب ) اي ان تاثير العلاقة بين الاثنين وتاثر النص النقدي بها له اثر بالغ في نفس الناقد، مثلما هو الاثر المعكوس ايجابا على الكاتب نفسه، ومن هنا اجد ان النص العام -اي نص كان- الذي يتناوله الناقد سيخضع الى اشتراطات النقد ومستلزماته المعروفة، دون الحاجة الى الهرولة او الجري وراء الكاتب والبحث عن ماهيته وكينونته بل وحياته الشخصية ربما والفكرية وماضيه ومعتقده ووو الخ الامر...
هذا الامر ينسحب هنا في هذا النص على الكاتب نفسه واراني ساكون قريبا من النص ومن صاحب النص للاسباب المذكورة الان، الكاتب صاحب النص الاخ ( علي الجياشي) شاعر متمكن ومحنك وهو يجيد فن التلاعب بالكلمات مثلما يجيد فن الكتابة على انواع الشعر العربي المتعددة ( العمود، الحر، المؤتلفة) اضافة طبعا الى براعته في تناول مواضيع عديدة في الشعر الشعبي...
النص قيد البحث يجعلني بعد القراءة المستفيضة والمتكررة له ان اتحدث عن الكاتب والمكتوب، الكاتب يتحدث في هذا النص عن روحه هو وعن وجدانه هو ومرة يضع نفسه امامه كأنه الاخر فيحاكيه بتساؤلات واضحة اعطى لنفسه شرعية السؤال عندما كان هو وشرعية الاجابة عندما اصبح الاخر، شخصية وكينونة النص تختلف عن شخصية وكينونة الكاتب صاحب النص، لكنهما يتفقان وينسجمان في لمحة واحدة ان النص وصاحبه روح واحدة ولايستطيع من يعرف ( علي الجياشي) شخصيا وقد عاشره لفترة طويلة من الزمن ان يفرق النص عن روح صاحب النص، فتداعيات العمل تداعيات حدثت ولم تكن من بنات الافكار ولاهي مثار الخيال الذي حرك الشاعر ان يقول، ولو امهل النص صاحبَه لقال غير هذا الشكل من التداعي المتعاقب الايقاع، والمتواتر الحدث، والمتماسك الفكرة، بحيث لايستطيع اي ناقد ان يفصل شطرا عن اخر او مفردة عن اخرى، فالعمل كان وحدة واحدة، استطاع الاستاذ ( علي) ان يمسك به في اللحظات الاخيرة قبل الانفلات من السيطرة والذهاب ربما الى الحر المموسق، او من يدري ربما انا اشعر كان سياخذه الى عمود ايقاعي موسيقي صاخب، نعم، صاخب، لانني لمست ورايت روحية الشاعر التي اوشكت ان تجهش بالبكاء قريبا من الخاتمة كانت تدفعه نحو لون آخر يعشقه الشاعر اصلا ويحب الكتابة على منواله دائما...
حاولت ان اقتنص من النص شطرا شطرا للاستدلال والتشبيه والارتكاز لكي اقول، لكنني تفاجئت ان النص بدرجة من التماسك انني لم استطع التوقف عند استراحة هنا او هدوء هناك، منذ ان بدا:
( ليتَ الموسيقى
تسمعُني)
نعم، انه دعاء ورجاء واستخدام "ليت" يُظهر كم من التضور والتمرد الداخلي، والحزن المخبوء في روح الشاعر، ولم يسال لكنه تساءل من جواب السؤال دون ان يظهر السؤال
( متى تسمعك الموسيقى) هذا هو الجواب:
(حينَ يصفقُ جنحايَ
أو حينما
تغرّدُ اضلاعي،)
ياسلام.. اي افصاح وصدق اعلى واسمى من هذا، ومن يستطيع ان يقول هذا دون بكاء؟ لماذا؟:
(شجني والنايُ
نهرانِ
يجريانِ في دمي)..
هذا الجواب مقطوع لان الاعلى منه سيلي:
(وحبيبتي)..
اية حبيبة؟ هل هي من نسج الخيال؟ ام انها التي لازالت تسكن الجوارح بل هي من تحركها وما على السيد ( علي الجياشي) الا الامتثال والرضوخ لاوامرها التي كان قد اتفق معها مسبقا على ان تكون هي وهو واحدا لاينفصم، لكنني اريد هنا ان ارى لربما انا مخطيء او قد ذهبت بعيدا عن الحال ولكي اكون اكثر اقترابا من النص في حقيقته مثلما انا ( الناقد) قريب من ( الكاتب) شخصيا:
(تكتنزُ الهطولَ
فتُسعِفُ حزني
اذا داهمَهُ اليبابُ،)
لاحظ هنا عمق المناشدة، من هي التي تكتنز الهطول؟ وماذا يعني الهطول هنا؟ هل هو المطر الذي يتامله وينتظره الجفاف ام هو المطر العادي الذي سيروي الزرع او من المحتمل قد يغرقه؟ الجواب بلا تردد ( اليباب) وهو يباب الروح وجفافها ونضوب الدمع من مقل العيون واحمرار وتورم الجفون عمن رحلت دون استئذان، وليس الا لكي تسعف الحزن وتنقذه من هذا المآل..
(انا...) مطلقة صارخة ممدودة، وليت شعري كأني به وهو يصرخ ( انا...) منفردة هكذا لوحدها اكاد اسمع صداها يتردد بين جانبي الوادي الذي ينتظر الغيث.. ومن معه ( انا...) ؟
(وتلكَ الآتيةُ
مِنْ وراءِ الجموحِ )
ياسلام.. لو اجيز لي لقلت انني قرأتها قبل ان الفظها، من هي ياترى (الاتية من وراء الجموح)؟؟ احسنت يا (علي)،
( مُشرّدانِ
في صحاري القلقِ) ..
قلقان راكضان في صحراء القلق، ماذا تريدان؟ الجواب واقف بالانتظار
(نبحثُ)،
نعم تبحث، ولكن عمّاذا ؟
- (عن متعةِ الفصولِ )
لك الله ياعلي انا اعرف ماذا تعني متعة الفصول ساحتفظ بها لنفسي اكراما لك ولها..
(علَّ العصافيرَ
تستدلُّ بنا،
وتُورِقُ
في أكفِّنا
سويعاتُ الأرقِ، )
الى ان يصل الى مرحلة الكشف بعد هذا العرض السريع المتتالي دون اذن الشاعر:
(ٱلمراكبُ
لا تستوي
لأنَّ الحياةَ كالامواجِ) ..
هذا هو تعريف القلق واي قلق اعلى من هذا سوى ( كأن الريح تحتي)؟ هنا يلتقي الجياشي والمتنبي في ذات القلق وفي نفس المشاعر لكن الفرق هناك تفاخر وتباه، وهنا امتداد للحزن والجرح وانين الفصول..
( تحتَها..
وقبضاتِ المجاذيفِ
تصقلُها الأكفُّ،)
(أخشى كثيراً
أن يراني النهارُ
مُسودّاً..!!
أو يحسبُني
جزءً من اللّيلِ..!!) ..
من يستطيع ان يصل بذاته الى حد الانصهار بين السواد في وحشته وبين اتحاده في الليل الموحش؟ هذا التعبير المغلف الذي لم يبح به الكاتب هنا كان ارقى وأجرأ مما لو اباح لنا وفض بكارة المكنون، احسنت هنا ايضا اخي الحبيب علي،
( ثمّةَ فرقٌ كبيرٌ
بينَ المرايا والنجومِ
وبيني..
حينَ أكونُ،
وبيني..
حينما لا أكونُ..!! ) ..
غاية الابداع وقمة الرقي، هنا بين ان اكون وان لا اكون هو بنائية الانسان وجبروت عظمته، ترى هل كان يريد من هذا ان يقول انه كالمرايا اذا (يكون) وهو كالنجوم حينما ( لا اكون)؟؟ اسئلة مشروعة ليس لي انما للقاريء، انا ويقيني يخبرني ان القاريء يتوقع ان ( اكون ) في ماقصده الشاعر هو الغاية، لكنني اقول هو كان يقصد ( ان لا اكون) هي المرايا وليست النجوم البعيدة، وهذا ايضا حس شخصي نابع من معاناة الشاعر اسال الله ان يجبر الخواطر وان يهديء العواطف، فليس للحزن في دواخل علي حد او سد،،،
لاحظ العودة الى التماسك الذي ابتدأ به القول في اول المتن
((وتلكَ الآتيةُ
مِنْ وراءِ الجموحِ ))
وهنا
(( أعشقُكِ
أيتُها الآتيةُ،
فأنتِ وانا
وجهانِ
في السطوع.. ))
نعم صحيح، وهنا وكما قلت بسبب معرفتي بصاحب النص اعرف وادرك من هي الاتية التي ركز عليها في البدء وفي الختام....
عمل رائع وابداع كبير ومميز لاخي الصديق والحبيب الشاعر علي الجياشي، واتمنى بل انتظر منه الحضور الدائم فهذا هو مكانك وهذا هو موئل كلماتك... مثلما ارجو الله ان يمن علينا باللقاء، احييك على البعد فانت لم تغب عن البال، ومازلت ومازال حديثك المبتسم رغم القهر الذي عشنا سنينا ماثلا في خاطري،
اهنؤك على هذا النص، بانتظار القادم يقينا...
مودتي...
أ.شاكر الخياط
أن يراني النهارُ
مُسودّاً..!!
أو يحسبُني
جزءً من اللّيلِ..!!) ..
من يستطيع ان يصل بذاته الى حد الانصهار بين السواد في وحشته وبين اتحاده في الليل الموحش؟ هذا التعبير المغلف الذي لم يبح به الكاتب هنا كان ارقى وأجرأ مما لو اباح لنا وفض بكارة المكنون، احسنت هنا ايضا اخي الحبيب علي،
( ثمّةَ فرقٌ كبيرٌ
بينَ المرايا والنجومِ
وبيني..
حينَ أكونُ،
وبيني..
حينما لا أكونُ..!! ) ..
غاية الابداع وقمة الرقي، هنا بين ان اكون وان لا اكون هو بنائية الانسان وجبروت عظمته، ترى هل كان يريد من هذا ان يقول انه كالمرايا اذا (يكون) وهو كالنجوم حينما ( لا اكون)؟؟ اسئلة مشروعة ليس لي انما للقاريء، انا ويقيني يخبرني ان القاريء يتوقع ان ( اكون ) في ماقصده الشاعر هو الغاية، لكنني اقول هو كان يقصد ( ان لا اكون) هي المرايا وليست النجوم البعيدة، وهذا ايضا حس شخصي نابع من معاناة الشاعر اسال الله ان يجبر الخواطر وان يهديء العواطف، فليس للحزن في دواخل علي حد او سد،،،
لاحظ العودة الى التماسك الذي ابتدأ به القول في اول المتن
((وتلكَ الآتيةُ
مِنْ وراءِ الجموحِ ))
وهنا
(( أعشقُكِ
أيتُها الآتيةُ،
فأنتِ وانا
وجهانِ
في السطوع.. ))
نعم صحيح، وهنا وكما قلت بسبب معرفتي بصاحب النص اعرف وادرك من هي الاتية التي ركز عليها في البدء وفي الختام....
عمل رائع وابداع كبير ومميز لاخي الصديق والحبيب الشاعر علي الجياشي، واتمنى بل انتظر منه الحضور الدائم فهذا هو مكانك وهذا هو موئل كلماتك... مثلما ارجو الله ان يمن علينا باللقاء، احييك على البعد فانت لم تغب عن البال، ومازلت ومازال حديثك المبتسم رغم القهر الذي عشنا سنينا ماثلا في خاطري،
اهنؤك على هذا النص، بانتظار القادم يقينا...
مودتي...
أ.شاكر الخياط
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق