الجمعة، 28 أبريل 2017

( الومضة الشعرية) بقلم / الاديب كريم القاسم

( الومضة الشعرية )
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
البعض من الاخوة والاخوات يكتب نصاً ما فيعتبره (ومضة شعرية ) . إلّا ان المتتبع

لهذه النصوص يجدها بخلاف ذلك . إنما هي نصوص نثريه قصيرة أو مقطوعة شعرية


...
قليلة الابيات ،لذا سنوضح في هذا المقال وبشرح مبسط وموجز جدا (وبتصرف) لتقريب
الفكرة ، وليكن طريق استدلال للمتعاملين مع (الومضة الشعرية) .
ــ ان العالم شهد خلال القرن العشرين وما تلاه من السنوات تسارعا رهيبا في مفردات
وجزئيات الحياة حتى اصبح الفرد لايطيق نفسه ، نافراً من كل مايجلب له الملل والاطاله
في الوقت للتعامل معه . لذا لابد من توافق لمفاصل الحياة الفكرية عالمياً مع هذا التطور
السريع ، حيث اصبح القاريء لايستسيغ قراءة القصيدة الطويلة او الرواية الطويلة ، كونه
مرتبط بأشغال ومواقف حياتية كثيرة قد اختزلت معظم وقت فراغه ، فأخذ يبحث عن مقال
صغير او كلمات قليلة او فكرة مختصرة متوافقة مع وقته القصير الثمين ، ومن هنا انبثقتْ
فكرة ( الومضه الشعريه) .
ــ الكثير من الباحثين يميل الى ان الومضة الشعرية انتشرت في السبعينات من القرن
العشرين ، واستقلَّتْ شكلا شعريا خاصا . الا ان المتتبع الحصيف يجد خلاف ذلك ،
ففي كثير من مقولات العرب والمسلمين انتهجت فكرة الومضة ، وخاصة في امثلة
لمقولات الامام علي (كرَّم الله وجهه) كنا قد نشرناها في مقال سابق .
ــ معنى الـ ( وَمضة ) في معجم المعاني : هي (اسم) ، جمعها وَمْضات و وَمَضات .
وَمْضة النُّبوغ : التماعته ، ظهوره المفاجئ والعابر.
وَمَضَ البَرْقُ : لَمَعَ لَمَعَاناً . فهو وامض .
ــ الومضة الشعريّة ، هي عبارة عن موقف معين او مشهد واحساس شعري خاطف يتخيله
الكاتب ليقولبه بقالب لغوي ذو الفاظ قليلة مختصرة جداً ، وذات معاني مركزة تكاد
تتفجر . فهي تعتبر شكلاً من اشكال التجدد والتحديث الشعري ، وهي تجاري التطور
الحاصل في مجريات الحياة الجديدة . حيث انها تعبّر عن رؤى الكاتب وهمومه وشجونه
او هموم الشعب وعلاقات الافراد في مجتمع ما ، وتعكس صورة او زاوية مشهد من حياة
المجتمع .
من اهم مميزات الومضة الشعرية هي :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- الاقتصاد اللغوي .. اي لابد من من القصد والتركيز وتكثيف المعنى ، وعند حذف
حروف العطف او الوصل مثلا ، سيبرز لدينا مظهر شعري يحمل صفة الومضة .
2- السرعة واللمعان .. حيث تخطف وجدان القاريء وتبرق وتلمع مَعناً وبلاغة ولغةً.
3- الخيال الخصب والارهاف الحسي لدى الكاتب والشاعر . بحيث يستطيع رسم صورة
شعريه رائعة لزاوية او مفصل من الحياة ، او للحظة تأثر او انفعال وجداني.
4- الابتعاد عن المفردات التي لالزوم لها ، والحشو والزيادات اللغويه .
5- التركيز على انتقائية المفردة واللفظ ، كي تبدو ومضة رصينة هادفة .
6- لها القدرة على التأثير في القاريء او المستمع وجلب انتباهه .
7- ان تحتوي على عبارات او جمل مقتضبه وقوية السبك ومترابطة ، كي تبدو وحدة
واحدة غير مجزّأة .
8- ان تمتلك الومضه عنصر المفاجئة .
ــــ لذا فليس كل ما ينشر من الومضات تدخل في عنوان الومضة الشعرية الصحيح ، بل
هي مقاطع من نثر او شعر .لان الومضة الشعريه كيان لغوي متكامل تحدّه اركان وتتصف
بصفات لا تنطبق على غيرها ..
( تقديرى الكبير لاخواتي واخوتي القرّاء )


تعقيب غازي احمد أبو طبيخ الموسوي
آفاق نقديه انت ناقد تضع اصبعك على الجرح يا ابا عمار.من دون اطالة او اسهاب.وبوضوح شديد..
وكلنا بحاجة الى هذا الايضاح الرائع.. اجدت اخي الاستاذ
كريم القاسم العزيز..
وكم كنت اتمنى ان تعرج من خلال الومضة على قصيدة الهايكو..ذات المنشأ الياباني..وقصيدة النانو لرائدها ا
لاديب Asaad Al-Jabbouri..وهل هما ومضات ايضا..ام انهما يختلفان عنها..هذا مبحث مهم كما اتصور, واعتقد جازما انك الاقدر على ازالة هذت الغموض..خالص التقدير اخي االغالي..تحياتي ومودتي.


رد كريم القاسم

كريم القاسم الاخ والاستاذ الحبيب ابانعمان ، شكرا جزيلا لكرم الثقة ، وكما تعلم بأن الهايكو أدخله بعض الاخوة الادباء في فضاء الومضة ، وهو مقارب لها من حيث الاكتناز في المعنى ، اما من حيث الاقتضاب في المفردات ، فهو خاضع الى قواعد كان يتعامل معها اليابانيون بمنتهى الدقة معتمدون عدد معين من المقاطع الصوتية وثلاثة اسطر ، بينما الومضة هي فن قائم بذاته متناسب مع اسمها ، اما صديقنا الاستاذ أسعد الجبوري ، فهو كعادته لايكتفي بالقديم ، بل يعشق الابتكار والابداع ، فابدع بلفظة(النانو) وكانت مفردة مناسبة جدا لعالم الومضة الحديثة ، اي انه دعا الى ضرورة الاقتضاب الاكثر والاختصار والرشاقة حد الدقة في المعنى واللفظ ، وسنقدم ماطلبتموه إن سنحت الفرصة بعون الله تعالى ... محبتي واحترامي ايها الغالي .
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق