السبت، 29 أبريل 2017

نفرتيتي  الصعيد ،،،ضوء يسطع في عالم الادب / قراءة في نص عائشة عبد العليم ( ملكة نرجسية ) 
--------------
ملاحظة / من يشعر بالملل من القراء،،،تخطي المقدمة ،،وتناول القراءة في نهاية المقال ،،مع اعتذاري من ثقل المصطلحات 

فن السرد،،،والرواية جنس ادبي واسع الآفاق لان قوامه الخيال ،،ومقياس نجاح اي عمل روائي ،،هو قدرة الروائي  على  سحب القارئ الى هذا العالم المختلق ،،و  ،،منذ ان دشن صموئيل  ريتشادسون هذا الفن الأدبي  في روايته ( باميلا) عامْ 1740  ،،شغل  هذا الفن المكانة الرفيعة ،،والتي رافقت التغيرات الاجتماعية العميقة ،،في  الغرب،،وكان للرواية  الإسهام الحيوي كخطاب لعب الدورين معاً،،التأثر ،،والتأثير

ويمتاز  فن السرد ،،ان بأمكانه ان  ينطوي على مجمل الاجناس الاخرى كتوظيف أو احالة او استعارة او اقتباس   دون المساس بهويته من حيث هو جنس  متميز،،

كان الأثر العميق الذي احدثه الشكلانين الروس ،،منعطفاً حاسماً في تشكل علم السرد ،،مع البحوث اللامعة للسويسري عالم الالسنيات الأشهر( فرديناند دي سوسير) ،،،قد فتح الافاق للإمساك ،،بالأطر النظرية ،،لهذا الفن الأدبي ،،الذي ضَل حبيس التبعية ،،لفن الشعر،،،لفترة طويلة،،حتى ظهور دراسة( فلاديمير بروب) في مؤلفه الشهير ( الحكاية الخرافية ) ،،وتلاحقت التطورات  سواء في حلقة موسكو او سان بطرسبرغ ،،ثم براغ لاحقاً،،،ولايمكن لاي دارس لفن الرواية دون المرور ،،على أبحاث  بروب ،،او ايخنباوم ،،او باختين،،او ياكبسون ،،ورغم احتواء هذه الأبحاث الدراسية بحكم الاستبداد الستاليني،،الا انها مثل الشرارة التي انطلقت ،،ليقوم لاحقاً تيزيفان تودروف ،،بنقل هذه الأبحاث المهمة من اللغة الروسية الى الفرنسية ،،مع جهوده هو شخصياً،،وكرستيفا ،،ليشرع معهما الباحث جيرار جينيت وغريماس ،،واخرين لاحكام هذا العلم ( علم السرد ) ،،علمياً،،وفق الفلسفة البنيوية ،،وروادها كلٍ من رولان بارت،،وجاك دريدا ،،وميشيل فوكو ،،قبل نزوعهما،،الى التفكيك والسيمولوجيا ،،

مع ان الكلام قد يصيب القارئ بالملل ،،،،ولكن ،،ما اريد أن أصل اليه،،،هو ان ماقام به الشكلانين الروس ،،وسوسيير ،،هو مغامرة جميلة وحيوية مثلها مثل اكتشاف القمر،،والفتوحات العلمية  الفيزيائية ،،اذا هم اتجهوا ببحوثهم الى العمق،،،والى اهم ،،الصيغ الترابطية  الانسانية  ،،اذا ان حقل اللغة ،،هو مايربط كل مدركاتنا ،،وتواصلنا اجتماعياً،،ان مايميزنا عن كل المخلوقات ،،هي لغتنا المعقدة،،،التي تنطوي على كل شيء،،،نحن نحدد موقفنا الوجودي،،ونعبر عن ماهيتنا ،،باللغة ،،وهي المحتوى لوجودنا الانساني  بالمجمل ،،من خلال تبليغنا باللغة،،واقدامنا على فعل ،،لانستطيع توصيفه ،،الا باللغة،،،كانت جهود الالسني  دي سوسير قد افضت،،الى اعتبار اللغة بنية شعورية،،،وعالم كبير ومترابط ومترامي  ،،،يعمل وفق ثنائيات ،،، دال/ مدلول ،،كلام / لغة ،،التزامن/ التعاقب،علاقات التتابع والترابط،،،،

وبما ان الكلام  في هذا المقال،،لا يمكنه ان يغطي ،،سعة الأبحاث ،،في علم السرد ،،ولكني سأكتفي بثلاث ،،قضايا،،من اجل الشروع في قرائة نص  عائشة عبد العليم ( ملكة نرجسية ) ،،،

القضية الاولى /  لماذا نهتم بالتحليل المنهجي ،،للنص ؟  وما فائدة ذلك للقارئ ،،؟ ربما تعني الناقد بحكم وظيفته ،،لكنِ المصطلحات الفنية والمفاهيمية ترهق ،،المسامع،،،
أقول ان التحليل المنهجي البنيوي للنص،،هو كشف اللعبة الفنية للنص الأدبي،،،وكيفية أشتغاله ،،من خلال تسليط الضوء على البنى والعلاقات بينها ،،وبالتالي ستتوضح طريقة عمل النص،،ومن هنا سيكون القارئ مشارك ،،للمؤلف في التفاعل والتأويل ،،،وبذلك تسقط المسافة بينهما ( المؤلف - القارئ) ،،ولا يكون القارئ بموقع  سلبي او التبعية لتسلط المؤلف،،والذي يأسره،،انها نوع من الهيمنة ،،التي يجب ان تتحطم،،،،ان التفاعل المتكافئ بين المؤلف والقارئ،،هي عملية جدلية ،،،تؤدي الى صياغة الثقافة وصناعتها،،،

القضية الثانية /  مفهوم ( وجهة النظر) ،،وهو مصطلح تقني في علم السرد ،،،المقصود به ،،العين التي ترى وتصف داخل النص الروائي ،،من خلال الراوي ( والراوي هنا ليس المؤلف ،،وإنما الصوت الذي يروي الأحداث ،،وربما يكون اكثر من واحد)  ،،وهذا المصطلح أشار اليه الروائي الإنكليزي  هنري جميس ،،وقام بتوضيحه بيرسي لوبوك ،،كان لهذا الاكتشاف الدور الكبير في تبلور علم السرد،،وصياغة الأُطر النظرية ،،لتحليل النص الروائي،،،وقام بتطويره. الباحث جيرارد جينيت ،،الى مفهوم ( التبئير ) وهو تشبيه للعدسة المسلطة  على بؤرة  الأحداث  والوصف ،،،وأحيانا تكون هذه العدسة داخل الفضاء النصي،،اي مشاركة بالاحداث من الداخل ( التبئير الداخلي ) واُخرى. خارج الفضاء النصي ،،اي ترى من الخارج وتصف،،في حين ان الشخصيات في الرواية هي التي تتحدث وتفصح عن نفسها،،( التبئير الخارجي ) ،،،ومع كل الأبحاث الكبيرة والمهمة في علم السرد،،،بقى مفهوم وجهة النظر ،،صامداً،،

القضية الثالثة /  في موضوع ( الحوار ) وهو مصطلح سردي اخر ،،وهو الحوار الذي يتم بين الشخصيات داخل الرواية،،،وأحياناً وهو مايهمنا الحوار الذاتي ،،للراوي والذي يطلق عليه ( المنلوج ) ،،الذي يتخذ صيغة التداعي الحر،،وفِي ابداع روائي ظهر بعد شيوع  مدرسة العبث في الادب،،، عندما يكون هذا الحوار،،على شكل كلمات غير مترابطة ،،او جمل مبتورة ،،تحيل القارئ الى البحث عن معانيها،،او الفراغ البلاغي،،،الذي يتوجب على القارئ ملئه،،نوع من المشاركة المضنية ،،التي تلزم مشاركة وعي القارئ ،،في بناء الصور والأفكار ،،لعالم النص الروائي،،وسمي هذا النوع من الحوار ب ( تيار الوعي ) ،،وهو طريقة جميس جويس ،،في رائعته( عوليس ) ،،وفرجينيا وولف في (السيدة دلاووي ) ،،وهناك طرق اخرى كثيرة ،،لاتعنينا هنا في هذا المقال المحدود،،،،

رحلة قراءة،،،في نص عائشة عبد العليم ( ملكة نرجسية ) 

مع ان مصر ،،هي صاحبة الريادة في علم السرد،،من ناحية المبدعين ،،ويكفي ان الروائي العالمي نجيب محفوظ،،،العربي الوحيد الذي فاز بنوبل ،،،هو ابن مصر،،،وكذلك النقاد والدارسين ،،على كثرتهم ومقدرتهم العالية ،،أقول لم ينتبه احدهم،،الى هذا الضوء اللامع ،،الذي يتوهج من الصعيد،،،بالنصوص المبدعة لعائشة عبد العليم ( ملكة نرجسية ) ،،،وبالرغم ان تجربتها في بدايتها ،،،وبحكم الظروف القاهرة التي تحيط بها ( هكذا أقدر انا ) الا انها تجربة لو كتب لها ان ترى النور،،،ستصبح إنجازاً. باهراً ،،في فن الرواية العربية،،،وفِي مصاف الاعمال الكبيرة للأدب العالمي ،،،
فهي تستخدم ( تيار الوعي ) بطريقة فريدة،،،،،تجمع بين كافكا وجويس،،،ومارسيل بروست ،،مع أضاءة للأمكنة ،،بشكل عجيب وآخاذ،،،
هي تجعل من الدمية التي تصنع في الريف من النشأ والماء،،،الراوي ،،الذي يتوجه بحوار داخلي،،،وتداعي ،،ونقد ،،للواقع،،بصورة سوريالية محلية ،،،لتكشف خصب البيئة المصرية الريفية،،،،برؤية حداثوية،،،
تصيبك بالذهول،،،والإعجاب ،،،تصنع عالمها المتخيل ،،بإعادة تفكيك بيئتها ،،،ان وجهة النظر،،،لديها من خلال عين الدمية المحلية الصنع،،ابداع ،،،وحالة تقمص روحها ،،لهذه الدمية لتبث فيها عوارض الحياة،،،،ومحاججتها للمقدس ،،والموروث،،،،سلمت يديك عائشة ،،،وكم هو  نشاط أدبي بائس الذي لا يعرفك ويتبناك،،،،

جمال قيسي / بغداد

نص ملكة نرجسية 

[ ان تصبح محلي الصنع إلى حد كبير بكل الافكار المريضة، والعادات الغير مقصودة ،والموروث الذي تكون في بويضة جامحة عشية يوم الغدر ،سلطة ما يتخذها اصناف من البشر ،لإعادة خلقك بألوان شتى ،من ذرات نشأ وماء ،حيث يجلس احدهم علي كرسيه الهزاز ،امام المعبد بزاوية تميل قليلا عن الإله  ،كي يشهد الله رسمه الهزلي، حيث يضعك على راحتيه بشكل سيئ ، تجد رأسك محل مابين فخذيك حيث تستمني رأسك في كل لحظة ،ترشح لزوجة بقدر ما تحمله رأسه البلهاء  ،تجد عينيك مكان قدمك ، تخرج قدمك اليسري من عينيك بأصابع غير متناسقة ،تزحف في رحلة شاقة ببطئ فوق سرواله الطويل الانيق،تلهث،تتعطش،فيزيدك من الماء الممزوج بالعرق لتصبح اكثر ليونة ،  ،تزحف بقدم غير متناسق وبطن متآكل من ذرات نشأ وعرق ، تتشبث بإطار سرواله العريض بكل ما اوتيت من قوة الي ان تسقط من فوق قدمه المهتز المرتعش ،الي ارض المعبد يشهد الله مأساتك ،يشهد الله رعونية ذلك الابله الذي يمرح الآن بصنعه ،كما انا الآن ازحف بعين واحدة والأخري تبحث عن رأسي التي لم اعرف اين ألقاها احدهم ربما فوق نافذة المعبد ،تغتسل في اشعة الشمس حيث يري الله ماتحمله من قاذروات لم يكن لها يد في ذلك ]
#قلمي

هناك تعليق واحد:

  1. كل الامتنان للناقد والروائي العراقي جمال القيسي لما يقدمه من مجهودات للنهوض بالأدب العربي

    ردحذف