\
ان للشعر الرسالي الملتزم سمات يتسم بها صدقا وايمانا ، وعندما يكتب
كاتب ما مقالة او قصيدة في هذا المجال نجدها منيرة بالصدق والعاطفة
الجياشة والأدب الملتزم ، لذا فإننا نجد النص لايتوقف عند حدٍ ما بل
يخترق التاريخ والمستقبل ، ويترك نورا واثرا بليغاً عبرعاديات السنين .
فنجد ذلك النص منارا ادبيا وزادا فكريا وحرفا نبيلا في زوايا البحث ،
ومنبرا ثقافيا في عرصات الدراسة ، لذا نجد انفسنا اليوم امام قلم عراقي
اصيل ملتزم شاعر (فوري ) ... ذلك القلم هو عبد الباقي العمري الذي
كتب عينيته الرائعه في حق الامام علي بن ابي طالب (كرم الله وجهه)
فطـُرزَتْ في سقف قبته الكبيرة وهي تحمل حروفا تصدح بالحقيقة
والحق. وليس غريبا ان يتسابق فحول الشعر والكتابة في مدح هذه
الشخصية ، فلقد انطوت تحت جوانحه كل معالم وسمات الفروسية
والنبل والايمان مما جعل فضائلها تنافس شعاع الشمس اتساعا ونور
القمر إمتدادا .
عبد الباقي العمري ، هو عبد الباقي افندي بن سليمان بن أحمد العمري
الفاروقي الموصلي يمتد نسبه إلى عاصم ابن الخليفة عمر بن الخطاب
رضي الله عنه ، حيث انه من ابرز ما انجبت الاسرة العمرية الشهيرة
في العراق .
والشاعر عبد الباقي العمري ، هو عم والد سامي باشا العمري الفاروقي
وقائد الحملة العثمانية التي جهزتها الدولة العثمانية لمحاربة ابن سعود .
ولد في الموصل عام 1204هـ/ 1787م، وولي فيها ثم وليَّ ببغداد
أعمالاً حكومية رفيعة ، ويُعَد الشاعر عبد الباقي العمري من ابرز
الشعراء في مدح آل البيت ، حيث اجاد في مدحهم بشعرٍ كثير شَغل
معظم ديوانه الشهير (الترياق الفاروقي) اضاقة إلى ديوانه (الباقيات
الصالحات) . وهو أول من اطلق لقب (الملائكة) على عائلة الشاعرة
الكبيرة نازك الملائكة . ولقد دُوِنَ شعر عبد الباقي العمري في ديوانه
المعروف بـ (الترياق الفاروقي) والذي طبع طبعتين في مصر وطبع
طبعة أخرى على مطابع النعمان في النجف الاشرف .
وكان عبدالباقي العمري يلقب (بالفوري) لإنشاده الشعر على الفور .
توفي الشاعر عبد الباقي العمري عام 1278هـ/1861م ، ودفن في
مقبرة الحضرة الكيلانية في بغداد.
قصيدة ... (انتَ العليُّ ) .... نقرأُ منها :
للشاعر / عبد الباقي العمري
انت الـعليُ الـذي فـوق الـعُـلا رُفـِعــا .. بـبـطـن مكـة وســـط الـبـيـت اذ وُضِــعا
ســمَّـتـكَ أُمــك بـنت الـلـيــث حـيـدرة ً... أَكــرِم بلــبوةِ لـيـث ٍانـجبـت سـبُعا
وانــت َحـيــدرةُ الـغـابِ الـذي أ َســدُ .. الـبرجِ الـسمـاوي عـنه خـاسئـا ً رجـعا
وانـت بـابٌ تـعـالى شــأنُ حــارســه .. بـغـيـر راحــة روح الـقـدس مــا قـرعـا
وانـت ذاك الــبـطـيـن الـمـمـتلي حكماً .. مـعـشارهــا فـلكُ الافلاكِ مــا وسـعا
وانت ذاك الهـزَبـرُ الأنـزعُ الـبطلُ ...الـذي بمــخلــبهِ للـشرك قــد نَزعــــا
وانــت نـقـطـــةُ بــاء مــعْ تـوحدهـا ... بــها جميع الذي في الذكر قد جُمعا
وانت والـحـق يــا اقـضى الانام بهِ ... غداً علي الحوض حـقا تُحشران معا
وانـت صـنـو نـبي غـيـر شرعــتـه ... لــلانـبـياء الـه الـعـرش مـا شـرعـا
وانت زوج ابـنـة الهادي الـى سُننٍ ... مـن حـاد عنه عداه الـرشد فأنخدعا
وانــت غـوث وغـيـث فـي ردى ونــدى ..لــخــائــفٍ ولـراجٍ لاذ وانـتـجـعــــــا
وانــت ركــنٌ يــجــيـر الـمـستجـير بــه .. وانــت حصــنٌ لـمن مـن دهـرهِ فَزعــا
وانــت عـيـنُ يـقيـنٍ لـم يـزدهُ بـــهِ ..... كشـــفُ الغطـــاء يقينـــا أيـة ُ انقشعـا
وانــت مـن فـجـع الـدين المـــبين بــه ... ومـن بــأولاده الاســلام قـد فـُجـعــا
وانــتَ انــتَ الـذي مـنـه الـوجـود نضى ...عــمود صــبح لــيافوخ الـرجا صُدعــا
وانت انت الـذي حـُطّـت لــه قــــدمٌ ..فـي مـوضـعٍ يـدهُ الـرحمن قـد وضَعـا
وانــت انــت الـذي لـلـقـبـلـتـيـن مــــعَ ... الـنبيِّ أول مـن صـلّى ومـن رَكَـعـــا
وانــتَ انــتَ الذي فــي نفـس مضجعه .... فـي لـيلِ هـجرتِـهِ قـد بـاتَ مُـضـطجِعـــا
وانــت انــت الـذي آثـارهُ ارتـفـعــتْ .. عــلى الاثـيـرِ وعــنه قــدرهُ اتـضعا
حـكَّمتَ في الـكفرِ سيفـا ً لـو هويتَ بـهِ ... يـوما ًعلى كَتـِـفِ الافلاكِ لانخلَـعا
عــالجتَ بالبيضِ امراضَ القلوبِ ولو .. كـان الـعـلاجُ بـغـيرِ الـبيضِ مـا نـَجعــــا
وبــابُ خـيـبرٍ لـو كــانتْ مـسامــرهُ .... كــلّ الــثوابـتِ حـتى القطــبِ لانقلعا
بـاريـتَ شمس الضحى في جنةٍ بَزغتْ ... في يـومِ بـدرٍ بزوغ الـبدرِ إذ ْ سَطـَعا